إغتيال الخيواني محاولة لاغتيال الثورة اليمنية
جريمة اغتيال الصحافي والناشط الحقوقي اليمني الشهيد عبدالكريم الخيواني ، هي رسالة دموية ، معروفة الجهة التي ارسلتها ، والجهة التي اوصلتها ، والجهة التي اُرسلت اليها ، فالمُرسِل السعودية ، والرسول القاعدة ، والمُرسل اليه جميع القوى والاحزاب والتيارات والشخصيات اليمنية الوطنية التي تؤمن باستقلال وسيادة اليمن ، والرافضة لارتهانه وتبعيته لاي قوة اقليمية او دولية.
ان اغتيال شخصية وطنية بحجم الشهيد الخيواني ، جاء لاستكمال خيوط المؤامرة التي تُدبر لليمن واليمنيين ، بهدف وضع العصي في دولاب الثورة اليمنية ، لحرفها عن مسارها او ايقافها ، للحيلولة دون الوصول الى اهدافها في التحرر من الهيمنة والتبعية للسعودية ، وإسدال الستار على المسرحية الطويلة كتبت فصولها في السعودية في زمن الملك محمد بن سعود ، والتي فرضت على اليمن دور التابع الضعيف ، والمسكون بانعدام الامن والفوضى ، والمحتاج دوما للخارج بهدف دفع شبح الجوع عنه.
ان الثورة اليمنية على الارتهان والتبعية بقيادة انصار الله والقوى اليمنية الاخرى ، لم ترق للسعودية ، التي ترى في اليمن القوي السيد ، تهديدا لامنها ودورها في المنطقة ، وهو ما يفسر كل هذا التدخل السافر في شؤون اليمن ، والذي يهدد حتى وحدة اليمن ، عبر استخدام الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ، الذي نقل العاصمة من صنعاء الى عدن باوامر صدرت من الرياض ، دون ان تفكر الاخيرة بالنتائج الكارثية لهذا الاجراء الذي يشكل بداية لتقسيم هذا البلد ، عقابا له على تمرده ورفضه اليمنة السعودية.
بالاضافة الى استخدامها شخصية ضعيفة مثل الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي لتمرير هذه الاجندة الخطيرة ، نشطت السعودية فرع القاعدة باليمن ، وباقي مرتزقتها المكشوفين كحزب الاصلاح وال الاحمر ، واشترت ذمم ضعاف النفوس من زعماء بعض القبائل ، للقيام بمهام ضرب الامن والاستقرار في العاصمة صنعاء ، للاحياء للراي العام اليمني والراي العام العالمي ، بان قادة الثورة فشلوا في فرض الامن في العاصمة ، بل هذه المهام شملت ايضا القيام بتصفيات جسدية لكل الشخصيات اليمنية المنادية بالوحدة والرافضة للتقسيم ، والداعية الى تعامل العالم لليمن على مبدا الاحترام المتبادل والندية ، فكان اول حصاد لهذا الدور التخريبي للسعودية في اليمن بعد نقل العاصمة الى عدن ونقل سفارة السعودية الى هناك ، هو اغتيال الشهيد الخيواني ، والذي يمكن ان يكون بداية لسلسلة تصفيات جسدية تتعرض لها شخصيات يمنية وطنية على يد القاعدة واخواتها في اليمن بامر من السعودية.
الملفت ان جريمة اغتيال الخيواني على يد مرتزقة السعودية من القاعدة ، حصلت بعد يومين من لقاء اجرته معه قناة "العالم" الاخبارية ، والتي وضع فيها اصبعه على الجرح اليمني النازف ، عندما اعلن وبصراحة : "ما يجري في اليمن سيجبر السعودية قريبا على فتح قنوات الاتصال والتعامل مع اليمن كدولة ندية وبعلاقات متكافئة مع الحفاظ على حق الجوار، اضافة الى اعتراف الرياض بهذه الحقوق واصلاحهم لاخطائهم السابقة ضد المغتربين اليمنيين واصلاح سياساتهم المرتكزة على التجسس والعمالة داخل اليمن ووقفهم للدفع بالدواعش لتخريب اليمن".
هذا الكلام الذي قاله الشهيد الخيواني ، نيابة عن الشعب اليمني ، بالاضافة الى مواقفه المعروفة الاخرى ، لم ترق لزعماء السعودية ، فقرروا تصفيته جسديا بعد ان عجزوا عن مجاراته منطقيا ، فارادوا من خلال هذه الجريمة ارهاب باقي القيادات الوطنية الاخرى ، واثارة الفتن بين ابناء الشعب اليمني ، والوصول عبر ذلك الى فرض التقسيم كامر واقع.
التداعيات الخطيرة لجريمة اغتيال الشهيد الخيواني ، يدركها كل من لديه اطلاع على الاوضاع في اليمن ، فالجهة التي تقف وراء الجريمة هدفها الاول والاخير هو تمزيق اليمن وتشتيت اهله ، وهذا الامر اكده مستشار الامين العام ومبعوثه الخاص إلى اليمن، جمال بنعمر، في بيانه الذي ندد فيه بالجريمة "الجبانة والخسيسة" بقوله : "في الوقت الذي يحاول اليمنيون التوصل الى حل للأزمة الحالية من خلال الحوار السلمي، يأتي هذا العمل الجبان والدنيء ليستهدف، من خلال اغتيال شهيد الكلمة الحرة، الحوار السلمي ودق إسفين الفرقة والشقاق بين أبناء الشعب اليمني الواحد، وجرهم إلى دائرة العنف والفتنة”.
المعروف ان سلاح الشهيد الخيواني كان الكلمة ، والكلمة فقط ، وهذا الامر هو الذي دفع منظمة بعثة السلام والعلاقات الدبلوماسية للمجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية في مايو 2014 سفيرا للنوايا الحسنة والعلاقات الدبلوماسية، تقديرًا لجهوده وإسهاماته في المجالات الإنسانية، وأنه أول يمني يُمنح هذا المنصب.
وبسبب دفاعه عن الانسان وحقوقه ، منحته منظمة العفو الدولية عام 2008 الجائزة الخاصة بالصحفيين المعرضين للخطر ، وهي الجائزة الخاصة بصحافة حقوق الإنسان المعرضة للخطر، وكان يقبع حينها في السجن.
ودفع الشهيد الخيواني ثمنا باهظا لكلمة الحق التي كان يرددها دفاعا عن شعبه واستقلال وطنه ، دون خوف او وجل ، وبسبب كتاباته سُجن أواخر 2004، واستمر اعتقاله لمدة عام إثر صدور حكم قضائي بحقه على خلفية تهم عديدة بينها إهانة والمساس بذات رئيس الجمهورية.
الشهيد الخيواني ، كان قد تعرض من قبل لمحاولات اغتيال عديده ومنها في العام 2007 عندما عُثر عليه، في منطقة دار سلم الواقعة جنوب العاصمة صنعاء بعد تعرضه للاعتداء بالضرب، بعد ان اختطف من قبل مجموعة بعد أن أجبرته بالقوة على الصعود إلى سيارة تستقلها بينما كان بصحبة عدد من زملائه في شارع الزبيري بالعاصمة صنعاء.
كانت تربطه علاقة وثيقة بالسيد عبد الملك الحوثي ، فمقاله قبل الاخير جاء تحت عنوان "إنصافاً للقائد الإنسان …. من أجل الحقيقة والأخلاق"، حيث دافع فيه عن المواقف الوطنية والمبدئية للسيد عبد الملك الحوثي، فكان السيد يناديه بلقب "أخي"، وذكر الخيواني ذلك وعقب عليه بأنه "أحب لقب ولفظ إلى قلبي وأنا أحبه ومستعد أفديه براسي ، أثق به وبأخلاقه وعدله وحكمته".
ان على قيادة الثورة اليمنية وخاصة حركة انصار الله وباقي القوى الوطنية ، الا يمروا مرور الكرام امام جريمة اغتيال الشهيد الخيواني ، فهذه الجريمة تؤكد على ان السعودية ماضية في مخططها التدميري لليمن ، ولن تتوانى عن تنفيذ ابشع الجرائم بحق الشعب اليمني بهدف دفعه للعودة الى الحظيرة السعودية مرة اخرى ، لذلك على هذه القوى ان ترد بسرعة وبالشكل المطلوب ، على ممارسات مرتزقة السعودية من القاعدة و"داعش" واخواتها ، فعدم الرد سيجعل هؤلاء المرتزقة يتمادون ، وقد يسقط المزيد من الشهداء ، وهو ما اكده الناطق الرسمي لحركة انصار الله محمد عبدالسلام، في اول تعليق حول اغتيال الخيواني ، عندما اعتبر جريمة الاغتيال محاولة بائسة لإغتيال الثورة ، مؤكدا أن دم الشهيد الخيواني لن يذهب سدى وسوف يكون لعنة على قاتليه ومن تآمر معهم ، مثلما كان مداد قلمه ومواقفه الأبية عطاء ثوريا وزادا أخلاقيا ومعرفيا لكل الثائرين الأحرار في مواجهتهم الإستبداد والفساد.
- قرأت 881 مرة
- Send by email