مواجهة باردة بين روسيا والولايات المتحدة حول القدرات عسكرية
دخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى خط المواجهة الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، المتمثلة بمحاولة واشنطن تخزين أسلحتها الثقيلة على الأراضي البولندية والليتوانية وإرسال مقاتلات "F-22" إلى أوروبا، تمهيداً لفرض هيمنتها على المنطقة وعزل روسيا ومحاصرتها عسكرياً من جهة، واعلان بوتين تعزيز ترسانته النووية بنشر أكثر من 40 صاروخاً جديداً عابراً للقارات بحلول نهاية العام من جهة أخرى.
ورداً على ما أوردته تقارير اميركية حول عزم الولايات المتحدة تخزين اسلحتها في أوروبا، اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستعزز ترسانتها النووية بنشر أكثر من 40 صاروخاً جديداً عابراً للقارات بحلول نهاية العام، مؤكداً أن "روسيا ستدافع عن نفسها في حال كانت "مهددة"، مشيراً إلى أن "الأطلسي بات على حدودنا".
وأضاف بوتين "إذا وضع أحد ما بعض مناطقنا تحت التهديد فهذا يعني أن علينا أن نوجه قواتنا المسلحة وقواتنا القتالية الحديثة نحو تلك المناطق التي يأتي منها التهديد"، معتبراً "أن الحلف الأطلسي هو القادم إلى حدودنا ولسنا نحن من تحرك إلى أي مكان".
وقال بوتين أثناء المعرض العسكري "الجيش-2015"، "هذا العام سينشر في إطار القوات النووية الروسية أكثر من 40 صاروخاً بالستياً جديداً عابراً للقارات قادراً على مقاومة أنظمة الدفاعات الجوية الأكثر تطوراً".
وعبّر الرئيس الروسي عن ارتياحه لتحسين القدرات العسكرية للقوات الجوية والأسطول الروسي حالياً، مذكراً بشكل خاص بأن غواصة جديدة مجهزة لإطلاق رؤوس نووية باسم "فلاديمير مونوماخ" ستوضع في الخدمة هذه السنة.
منسق مديرية المفتشين العامين لدى وزارة الدفاع الروسية الجنرال يوري ياكوبوف، حول هذه التقارير الاميركية، قائلاً إنه "إذا ظهرت الأسلحة الأمريكية الثقيلة، بما في ذلك دبابات ومنظومات مدفعية ومعدات قتالية أخرى، في دول أوروبا الشرقية والبلطيق فعلاً، فسيعد ذلك الخطوة الأكثر عدوانية من قبل "البنتاغون" و"الناتو" منذ انتهاء الحرب الباردة في القرن الماضي".
وفي تصريح لوكالة "انترفاكس" الروسية، أضاف ياكوبوف "في هذه الحال، لن يبق أمام روسيا خيار آخر سوى تعزيز قواتها ووسائلها العسكرية على الاتجاه الغربي الاستراتيجي"، مرجحاً أن "تكون الخطوة الروسية الأولى في هذا الاتجاه مرتبطة بتعزيز القوات المنتشرة في الشريط الحدودي غرب البلاد، بما في ذلك التشكيلات الجديدة في صفوف قوات الدبابات والمدفعية وسلاح الجو".
الناتو: واشنطن ستطلع الحلف على خطط نشر أسلحة ثقيلة في شرق أوروبا الأسبوع القادم
من جانبه، أعلن الأمين العام لـ"الناتو" ينس ستولتنبرغ أن "وزير الحرب الأمريكي سيطلع الحلف الأسبوع القادم على خطط واشنطن المتعلقة بنشر معدات عسكرية ثقيلة في شرق أوروبا"، معتبراً أن "رفع مستوى التواجد العسكري في شرق أوروبا يتم رداً على تغير الوضع الأمني وتصرفات روسيا في أوكرانيا".
الأمين العام لـ"الناتو" ينس ستولتنبرغ
وفي ختام لقاء أجراه في بروكسل مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، قال ستولتنبرغ إنه يرحب "بكل الجهود الرامية إلى تعزيز أمن الحلفاء"، مضيفا أن كل ما يفعله الناتو "يتماشى تماماً مع التزامات الحلف الدولية".
هذا، وفي تبرير لما أسماه إجراءات هادفة إلى حماية الحلفاء "من التهديدات كافة"، انتقد الأمين العام للناتو تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين عن تعزيز قدرات القوات النووية الروسية، واصفاً "الخطاب النووي" لموسكو بـ"غير المقبول والخطير".
خطط لإرسال لواء لـ"الناتو" إلى دول البلطيق
وأعلن القائد العام لقوات "الناتو" في أوروبا فيليب بريدلاف أن مسألة إرسال لواء للحلف إلى دول البلطيق الثلاث بطلب من وزراء دفاعها لا يزال محل بحث "عسكريا وسياسيا" من قبل الحلف، لكن القرار النهائي بهذا الشأن يعود إلى القيادات السياسية للدول الأعضاء في "الناتو".
وفي رده على سؤال عمّا إذا كانت خطط الولايات المتحدة لنشر معدات عسكرية ثقيلة في دول البلطيق منسقة مع حلف شمال الأطلسي، قال بريدلاف إنه يتفق مع قرارات قمة "الناتو" في ويلز (العام 2014).
واشنطن قلقة من قرار روسيا تعزيز ترسانتها العسكرية
من جهتها، أعربت واشنطن عن قلقها بشأن قرار الرئيس الروسي تعزيز ترسانته العسكرية، حيث وصف وزير الخارجية الاميركي جون كري هذا القرار بانه "خطوة الى الوراء".
واشار كيري في حديث صحفي إلى "اتفاقية ستارت (الموقعة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق الموقع في تموز/يوليو 1991 لخفض الترسانة النووية في البلدين)، قائلاً: "لقد كان بيننا تعاون هائل منذ التسعينات بشأن تدمير الاسلحة النووية التي كانت في الاراضي السوفياتية السابقة. ولا أحد يرغب في أن يرى رجوعاً خطوة الى الوراء"، مضيفا :"باعتقادي لا احد يريد العودة الى وضع الحرب الباردة".
وزير الخارجية الاميركي جون كيري
وأقر كيري بأن هذا التصريح ربما كان "يقصد منه التحدي (...) بسبب مخاوفهم (في روسيا) من التحركات العسكرية التي يقوم بها الحلف الاطلسي"، وتابع "ولكن لا يمكن لأحد أن يسمع مثل هذا الاعلان من زعيم دولة قوية ولا يشعر بالقلق من تبعاته".
واشنطن تدرس إرسال مقاتلات "F-22" إلى أوروبا وموسكو تحذر من إطلاق سباق تسلح جديد
يذكر أن موسكو أكدت انها ستتقدم برد مناسب على تعزيز قوات "الناتو" قرب حدودها، بما في ذلك إمكانية نشر مقاتلات "F-22 Raptor" أمريكية من الجيل الخامس في دول أوروبا الشرقية.
وقال أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسي على هامش معرض "الجيش-2015" الذي افتتح الثلاثاء "سنرد بالصورة المناسبة، وقبل كل شيء سنراقب الإجراءات التي سيجري اتخاذها (من قبل الولايات المتحدة وحلف الناتو) وسنرد عليها نظراً للمخاطر التي ستظهر (بسبب تلك الإجراءات) وستهدد الأمن القومي لروسيا".
مقاتلات "F-22 Raptor" الأمريكية
وقد أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بأن واشنطن قد ترسل مقاتلات "F-22 Raptor" إلى أوروبا في إطار زيادة قواتها في القارة على خلفية توتر العلاقات مع روسيا.
ونقلت الصحيفة عن وزيرة القوات الجوية الأمريكية ديبورا لي جيمس قولها إن "خطوات روسيا تعتبر "أكبر خطر""، داعية حلفاء واشنطن في "الناتو" إلى زيادة نفقاتها الدفاعية، وأعربت عن قلقها من نيَّة بعض الدول الأوروبية، خاصة بريطانيا، تخفيض نفقاتها العسكرية.
تجدر الإشارة إلى أن التصريحات الأخيرة المنسوبة إلى وزيرة القوات الجوية الأمريكية حول دراسة "البنتاغون" لإمكانية نشر المقاتلات الأمريكية الأكثر حداثة في أوروبا الشرقية، تأتي بعد سلسلة من التسريبات الصحفية والتصريحات المعادية لروسيا والتي نوهت باحتمال نشر صواريخ مجنحة ومخازن أسلحة أمريكية ثقيلة في أوروبا الشرقية ودول البلطيق وحتى إعادة الأسلحة النووية الأمريكية إلى أراضي بريطانيا.
- قرأت 564 مرة
- Send by email