قطر من " محظية " أمريكية إلى محمية إيرانية ( تقرير)

ذكرت وكالات إيرانية أمس الثلاثاء أن إيران وقطر وقعتا على وثيقة للتعاون الدفاعي بين البلدين، ونقلت عن  رئيس أركان القوات المسلحة القطرية اللواء حمد بن علي العطية قوله  أن "التعاون الدفاعي بين قطر وإيران يعزز أمن المنطقة".

 

ورأى المسؤول القطري أن توقيع الجانبين على هذه الوثيقة سيؤدي إلى تقوية التعاون بين البلدين بالإضافة إلى أنه سيكون لصالح دول المنطقة كافة.

 

ورأى وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد حميدي الذي يزور قطر حاليا، أن النموذج الراهن للعلاقات بين إيران وقطر يجب أن يتحول إلى قدوة لدول المنطقة نظرا للإمكانات الكثيرة المتوفرة لديهما.

 

وشدد الوزير الإيراني على رغبة طهران في تعزيز علاقاتها الدفاعية مع دول الخليج. وأشار إلى العلاقات الطيبة القائمة بين طهران والدوحة في كل المجالات، خاصة الدفاعية، ورأى أن تطابق وجهات النظر بين إيران وقطر في القضايا الإقليمية المهمة ومشاورات الجانبين والتعاون البناء بين البلدين، يعتبر من الأسباب الرئيسية لمزيد من تعزيز هذه العلاقات.

 

ونشرت تسريبات صحفية أن قطر وبموجب الاتفاقية ستسمح للحرس الثوري الايراني بالتدخل في الاقليم البحري القطري والتصدي لأي عمل ارهابي باعتبار أن إيران في المقام الاول تحمي نفسها.

 

الاتفاقية التي وقعت بحضور العميد قاسم رضائي قائد حرس حدود ايران تمنح قطر حماية إيرانية لحدودها البحرية، وتنص كذلك على مساعدة وتدريب ايران للقوات البحرية القطرية في جزيرة قشم الايرانية .

 

وكانت آخر اتفاقية أمنية موقعة بين قطر وإيران في العام 2010 تضمنت التعاون في حراسة الحدود ومكافحة تهريب المخدرات والأقراص المؤثرة عقليا ومكافحة الجرائم التي تقع داخل وخارج البلدين.

 

الجدير ذكره ان الاتفاق يأتي كثمرة للتطبيع المتوقع بعد الاتفاق النووي المبرم بين إيران والغرب، وقد كشفت  قطر بعيد توقيع الاتفاق أن الدوحة كانت 'أول الداعمين والمشجعين' على تسوية الملف النووي الإيراني. وبعدها أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الاتفاق النووي بين بلاده والقوى العظمى سيؤدي الى تقوية العلاقات مع قطر.

 

وقال روحاني إنه تحدث هاتفيا مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وعبر عن اعتقاده بأن الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية سيحسن العلاقات مع دول الجوار، لا سيما هذا البلد. وكتب بعد ذلك على حسابه الرسمي في تويتر "لا شك أن الاتفاق سيؤدي إلى علاقات أوثق مع دول الجوار وخاصة قطر".

 

وكان وزير الخارجية القطري خالد العطية قد أكد  بأن الاتفاق النووي "أمر إيجابي ليس بالنسبة للعالم فحسب وإنما لدول المنطقة عموما".

 

وأشار العطية في تصريحات لشبكة سي ان ان الأميركية إلى أن "قطر كانت أول من دعم وشجع على أن تتم تسوية هذا الملف بطريقة سلمية".

 

وذكر العطية أن "الخلاف القطري الإيراني ليس اختلافا ثنائيا بقدر ما هو اختلاف إقليمي فنحن لدينا علاقة تاريخية بإيران، لكن الخلاف الوحيد هو حول التموضع الإيراني في العراق واليمن وسوريا"، مستطردا "نأمل في أن تكون إيران مطمئنة أكثر لتتقارب أكثر مع دول المنطقة".

 

من جهة أخرى تشير دلالات الاتفاق الأخير بين طهران والدوحة إلى عمق الانقسام داخل البيت الخليجي، ففي الوقت الذي تشن فيه قوى التحالف العربي بقيادة السعودية حربا على اليمن بدعوى الحد من تمدد النفوذ الإيراني، تأتي قطر لتعلن موقفاً مغايرا من إيران، الأمر الذي سينعكس على مشاركتها في العدوان على اليمن.

 

وعرضت قطر نهاية الشهر المنصرم رعاية حوار إقليمي بين الجمهورية الإسلامية ودول الخليج، في رد – ولو متأخر- على دعوة إيرانية سابقة طالبت بحوار إيراني – عربي، تكون الحالة اليمنية على رأس أجندته.

 

ولا تنفصل الخطوة القطرية عن شعور الدوحة بانكشاف الظهر جراء تراخي القبضة الأمريكية وانسحاب واشنطن التدريجي من المنطقة، الذي أفضى إلى التفاهم مع طهران بشأن الملف النووي، وسمح لروسيا بالاندفاع والتدخل العسكري المباشر في سوريا.

 

الاتفاق الأمني أيضا يأتي كدلالة على عمق التخوف القطري من تأثير الانسجام الإماراتي السعودي في الملفات الإقليمية، وتهميش الدور القطري الراعي للإخوان المسلمين في المنطقة. ولا تنسى الدوحة أن للرياض وابوظبي مطامع قديمة في الإمارة الغنية بالنفط التي كانت منذ نشأتها محمية بريطانية ثم غدت محظية أمريكية في زمن العهر العربي، واليوم باتت محمية إيرانية، ولا نعرف في أي أحضان سترتمي غداً!