"جمهورية الاصلاح".. مشروع تطوير التعليم الاساسي بالكامل يسقط لادارة اصلاحية

كشفت مصادر بوزارة التربية اختيار الدكتورة بلقيس الشرعي، أستاذ مساعد أصول التربية بكلية التربية جامعة صنعاء، مديراً لمشروع تطوير التعليم الأساسي، الممول من البنك الدولي لدعم استراتيجية الحكومة في قطاع التعليم.
واختيرت الدكتورة الشرعي، وهي عضو جمعية الإصلاح الخيرية، من قبل لجنة شكلت من وزير التربية (الإصلاحي) عبد الرزاق الأشول، وممثل عن وزارة المالية وآخر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وشكلت اللجنة التي ترأسها وزير التربية، لغرض اختيار وتحديد مدير لمشروع تطوير التعليم الأساسي.

ووقع الاختيار على الدكتورة الشرعي من بين 6 أشخاص كانوا قد رشحوا لدخول المنافسة على هذا المنصب من بين 136 متقدما لشغله.
عملية الاختيار والتحديد جرت في أجواء من التستر والتكتم الشديد من بداية عملية فحص ملفات المتقدمين التي شكلت في وزارة التربية، وانتهاءً بإجراءات المقابلة مع لجنة الاختيار، التي يقع عليها اختيار وتسمية الشخص لهذا المنصب.
وأفادت معلومات مؤكدة أن الوزير هدد بمحاسبة الموظفين في حال الإدلاء بأي معلومة للصحف طالبا إياهم بالتكتم، وعدم التحدث عن سير الإجراءات التي رافقت عملية الاختيار.
ويفترض بإجراءات مثل هذه أن تتم في وضوح وشفافية مع إتاحة فرصة متساوية لكل المتنافسين، لكن ذلك لم يحدث في اختيار إدارة لواحد من أهم المشاريع الحيوية المتعلقة بمستقبل البلاد وأجيالها وهو تطوير التعليم الأساسي.
كما لم يتم الإعلان في إعلام الحكومة عن إسناد هذا المنصب لبلقيس الشرعي رغم أن ذلك تم في 18 يوليو الماضي.
وتكشفت لـ"الأولى" خطوط القضية في حينه وظلت تتابعها وتنقب لدى مصادرها في الوزارات الثلاث حتى اكتملت الصورة اليوم.
أحد الموظفين المقربين من الوزير أورد مبررات للتكتم والسرية وقال إن السرية سببها إبعاد أي تأثير على عملية اختيار إدارة للمشروع، ولكنه لم يجب على سؤال لماذا استمرت السرية حتى بعد عملية الاختيار.
وقال الموظف المقرب إن عملية الاختيار تمت بعد أن أُجريت مقابلات منفردة مع اللجنة لـ6 أشخاص تم انتقاؤهم من بين ملفات المتقدمين البالغ عددهم 136 متقدماً، وهم: سلطان العزعزي، إنصاف عبده قاسم، محمد يحيى السنيدار، محمد عبدالله عبدالرزاق، بلقيس غالب الشرعي، ومحمد حاتم المخلافي.
وأضاف الموظف أن اللجنة بعد أن أنهت المقابلات كتبت تقريراً قيمت فيه المرشحين وتضمن عدد العلامات التي منحتها لكل شخص، وقدمته إلى البنك بغرض الاطلاع والموافقة على سير العملية ونتائجها، واعتماد الشخص الذي اختارته اللجنة، ومنحه التكليف بمزاولة مهامه كمدير للمشروع.
هذه اللجنة ستتولى مهام تطوير وتحديث وتأهيل قطاع التعليم الأساسي من خلال إدارة المشروع والمراقبة، والإشراف على التمويل الممنوح من البنك الدولي لوزارة التربية والبالغ قيمته 82 مليون دولار ضمن المرحلة الثانية من تمويل قطاع التعليم الأساسي، لمدة 5 سنوات.
وتنتمي الدكتورة الشرعي لحزب التجمع اليمني للإصلاح، ووفقاً للسيرة العملية والعلمية لها فإنها تنقلت بين عدة مهام قيادية في الإصلاح،وكانت سابقاً المسئول الثقافي والإعلامي لجمعية الإصلاح الخيرية بصنعاء واستمرت لمدة 4 سنوات (93/1997)، وعضواً في عدة منظمات إسلامية.
الانتماء الحزبي، طبقا لمصادر "الأولى" المؤكدة، كان المعيار الرئيس لاختيارالشرعي مديرة للجنة.
أما لماذا؟ فلأن اللجنة التي تم تكليفها باختيار مدير للمشروع هي نفسها لجنة مكونة من شخصيات إصلاحية.
وثائق حصلت عليها صحيفة "الأولى"، تفيد بانتماء أعضاء اللجنة الثلاثة إلى الإصلاح وعلى رأس الثلاثة (وهو ما لا يحتاج لدليل) الوزير عبد الرزاق الأشول، والعضو الثاني شرف الفودعي، مستشار وزير المالية، والمكلف من المالية لعضوية اللجنة، والثالث عبد القوي نعمان وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
وزارة المالية رشحت لتمثيلها في لجنة الاختيار هذه، شرف الفودعي، أحد قياديي حزب الإصلاح، وذلك بعد مذكرة من وزير التربية إلى وزارة المالية يطالبها فيها بتسمية ممثل لها في لجنة اختيار مدير مشروع التطوير الأساسي، وأصدر الأشول مذكرة للمالية خالية من الرقم والتاريخ تفيد بأن وزارة التربية، قامت بتشكيل لجنة للمشروع، وتطلب من المالية أن ترشح موظفاً ليمثل الوزارة ضمن اللجنة، وتحمل الوثيقة (1) توجيه معالي وزير المالية، عطفا على مذكرة وزير التربية، إلى قطاع العلاقات بترشيح أحد الموظفين على وجه السرعة، فرشح قطاع العلاقات بالمالية حسب الوثيقتين (2،3) الموظف محمد عبدالغني السقاف، والذي يشغل منصب مدير عام الدين الخارجي بالمالية، كما أنه كان عضو لجنة تسيير مشروع تطوير التعليم الأساسي نفسه، حسب المذكرة التي ما لبث الوزير صخر الوجيه أن شطبها وألغاها إذ لم يكن اسم السقاف مرغوباً لديه، فشطب على الاسم ولم يوافق عليه، وطلب ترشيح شرف الفودعي، وهو المعروف بانتمائه الحزبي للإصلاح، حسب إفادة الموظفين في وزارة المالية، والذي يقولون إنه كان يشغل سابقاً منصب رئيس مصلحة الضرائب في فترة التقاسم الحكومي بين المؤتمر والإصلاح عام 95، وظل شاغلاً للمنصب حتى عام 2001، كما أنه رئيس شركة التأمين الإسلامي المملوكة لحميد الأحمر.
ولم يعتمد وزير المالية صخر الوجيه ترشيحات أخرى رفعت إليه من قبل قطاع العلاقات الخارجية في الوزارة، وهو القطاع المعني بالأمر، وقد قام بترشيح الموظف هاني عنان مدير عام المساعدات الخارجية (الوثيقة رقم 4)، وقد اعتمده الوزير الوجيه في البداية لكنه وبعد أن وقع على مذكرة ترشيحه تمهيدا لإرسالها إلى وزارة التربية؛ عاد (الوجيه) مرة ثانية وشطب المذكرة ملغيا لها.
لم يقدم الوزير الوجيه أي مبررات لتراجعه عن انتداب عنان مثلما لم يبرر تراجعه عن انتداب السقاف وكلاهما من كبار الموظفين المهنيين في وزارة المالية، لكن مصادر "الأولى" في المالية أكدت أن تواصلات تمت بين الوزيرين الأشول والوجيه (وكلاهما يمثلان مصالح التجمع اليمني للإصلاح) أفضت إلى ترشيح   الموظف الإصلاحي الفودعي، وهو ذات الشخص الذي كان يلح عليه الوجيه منذ البداية كلما رفعت إليه قطاعات الوزارة ترشيحات بأسماء أخرى.
وزارة التخطيط والتعاون الدولي، رشحت بدورها وكيل الوزارة عبدالقوي نعمان، ليكون ممثلاً عنها في اللجنة، واكتمل تشكيل اللجنة التي انفرد بها، وزير التربية ومستشار وزير المالية.
وبهذا التمثيل الإصلاحي يكون حزب الإصلاح قد سيطر على أهم وأكبر مشاريع تطوير قطاع التعليم في البلاد والممول من البنك الدولي ضمن المرحلة الثانية، والذي يبلغ تمويله 82 مليون دولار.
وكانت وزارة التربية قد شكلت لجنة أخرى داخل الوزارة بغرض فحص وتحليل ملفات المتقدمين لشغل وظيفة مدير المشروع، تتكون من: عبدالله الأغبري مدير مكتب وزير التربية –رئيساً، وجمال غيلان مدير عام تقنية المعلومات بوزارة التربية –عضواً، وأبو بكر وحشان مدير الرقابة والتقييم بوحدة تطوير مشاريع التعليم –عضواً، وأحمد الهمام القائم بأعمال مدير المشروع –عضواً.
وأفاد أحد الأعضاء، أنه تقدم 136 شخصاً للدخول ضمن طلبات إجراء المفاضلة والاختيار للمنصب، وقال "إن اللجنة رفضت 86 شخصاً من المتقدمين ووافقت على 50 شخصاً من حملة الماجستير وشهادات عليا، تم قبول ملفاتهم لتحليلها وفحصها وإجراء عملية المفاضلة"، مضيفاً أن لجنة الفحص لم تعتمد في النهاية غير 6 ملفات فقط من المتقدمين، رشحتهم للمفاضلة.
وأشار إلى أن اللجنة استقبلت ملفات 136 شخصا وفق الشروط التي أعلنتها في إحدى الصحف الرسمية بتاريخ 9 مارس 2012م وهي كالآتي:
1. أن يكون حاصلاً على درجة الماجستير على الأقل في التخصصات الآتية: الهندسة، التربية، إدارة الأعمال، الاقتصاد أو أي تخصص له علاقة بهذا المجال.
2. خبرة مهنية طويلة في إدارة المشاريع.
3. الإلمام بأدوات إدارة المشاريع وتخطيطها.
4. الإلمام بإرشادات وإجراءات البنك الدولي.
5. مهارات تواصل قوية، والقدرة على إدارة وتجهيز الموظفين.
6. إجادة اللغة الإنجليزية نطقاً وكتابة.
7. إجادة استخدام الكمبيوتر.
8. القدرة على تطوير الاستراتيجيات وخطط العمل التنفيذية.
ربما كانت الدكتورة الإصلاحية مسنودة بمعجزات سماوية لتستطيع الحصول على المنصب من بين 136 متقدما!! ولكن لماذا المعجزات، مادام الوزير إصلاحيا مثلها وأعضاء لجنة الاختيار كلهم إصلاحيون؟!!
مشروع تطوير التعليم الأساسي يعد واحداً من ضمن 3 مشاريع تتبع وحدة تطوير التعليم في اليمن: مشروع تطوير التعليم الأساسي، مشروع تطوير التعليم الثانوي، مشروع منحة المسار السريع، وهي مشاريع ممولة من قبل البنك الدولي، وينفرد كل مشروع بتمويل خاص.
وكان مشروع تطوير التعليم الأساسي قد نفذ المرحلة الأولى على مدى 7 سنوات من مارس 2005 حتى يونيو 2012، إلا أنه تم تمديده حتى 31 ديسمبر 2012 حسب تعبير المصدر.
ويشرف المشروع على التمويلات المالية المقدمة من المانحين الدوليين لوزارة التربية، وضمان تنفيذ مشاريع التعليم التي تنفذها الوزارة، وفق إجراءات البنك الدولي، بهدف بناء وإعادة تأهيل المدارس وقاعات الفصول الدراسية، التوسع في أعداد المعلمات، تقديم حوافز نقدية بهدف زيادة نسبة التحاق البنات بالمدارس، تطوير نوعية التعليم الأساسي من خلال: مراجعة وتنقيح المناهج والكتب الدراسية، دعم وتعزيز برامج تدريب المعلمين وتحسين أساليب توظيف المعلمين وتوزيعهم، بناء قدرات مدراء المدارس على إدارة المدارس، تحسين نوعية وظيفة التفتيش المدرسي، وضمان انتظام هذه العملية.
ويولي المشروع اهتماماً خاصاً لزيادة مستوى التحاق الفتيات وبقائهن في العملية التعليمية، وتشجيع المساواة في كافة مراحل التعليم الأساسي من خلال ضمان استيعاب جميع الأطفال ذكوراً وإناثاً في نظام التعليم وخاصة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما يتضمن المشروع برنامج ما يسمى بالحوالات النقدية المشروطة التي يقدمها للطالبات في المحافظات النائية لتشجيعهن على الالتحاق بالمدارس والتقليل من تسرب الفتيات من التعليم.
وعبر خبراء في مجال التربية والتعليم عن تخوفهم من تحول المشروع التعليمي وأهدافه، إلى تحقيق أهداف حزبية بعد سيطرة حزب الإصلاح عليه، من خلال بناء المدارس وتأهيل المدرسين وإعادة تأهيل المناهج الدراسية وفقاً للاتجاهات التي تخدم أيديولوجيا الإصلاح ورؤاه المتطرفة.
وكان وزير التربية والتعليم عبدالرزاق الأشول تحدث في وقت سابق، في ختام الاجتماع مع البنك الدولي بالعاصمة الأردنية عمان، أن البنك الدولي خصص 82 مليون دولار أمريكي لدعم المرحلة الثانية من مشروع تطوير التعليم الأساسي، وأضاف أن الوزارة ستعمل في إطار هذا المشروع على اختيار ما بين 500 و1000 مدرسة للتدخل المتكامل، من أجل تحسين البيئة المدرسية والبيئة الصحية فيها، وتطوير العمل المؤسسي، وتطوير أنظمة التعليم بالمدارس التي تستهدفها وزارة التربية.
باختصار شديد؛ التعليم الأساسي في اليمن تتم إعادة بناؤه الآن بأيدي الإخوان المسلمين ودون شراكة أو رقابة من أي مكون وطني آخر.
نقلا عن صحيفة الاولى