المال الايراني "الحرام".. والمال الأميركي "الحلال"!
السلطة الفلسطينية تعيش حالة من الغضب غير مسبوقة، ليس بسبب الاعدامات الاسرائيلية الميدانية لشبان وشابات في عمر الورود، ثاروا ضد العنصرية والظلم الاسرائيليين، وانما لان ايران اعلنت عن عزمها تقديم سبعة آلاف دولار لكل اسرة شهيد، وثلاثين الف دولار كتعويض عن كل بيت تنسفه سلطات الاحتلال انتقاما من الشهداء والمقاومين.
المتحدث باسم السلطة السيد نبيل ابو ردينة عبر عن هذا الغضب عندما قال "كان الاجدى ان ترسل ايران الاموال بشكل رسمي الى مؤسسة الشهداء والاسرى بدل اللجوء الى طرق ملتوية غير مشروعة".
جاء كلام السيد ابو ردينة ردا على اعلان السفير الايراني في لبنان محمد فتحعلي بان بلاده ستقدم سبعة آلاف دولار لعائلة كل شهيد في انتفاضة القدس، وثلاثين الف دولار لكل اسرة هدم الاحتلال بيتها لمشاركة احد ابنائها في هذه الانتفاضة ضد المحتل.
فالسيد ابو ردينة لا يرى ان تصريحات السفير الايراني مرفوضة لانها “تشكل تجاوزا للشرعية الفلسطينية فقط، وانما لانها تشكل خرقا لكل القوانين، بما فيها القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول، كما انها تعتبر تدخلا مرفوضا في الشؤون الداخلية الفلسطينية والعربية”.
جميل هذا الحرص من قبل السيد ابو ردنية على القانون الدولي، والاجمل منه اعتباره مثل هذه الخطوة الايرانية تدخلا مرفوضا في الشؤون الداخلية الفلسطينية والعربية، وكأن القانون الدولي يلقى كل الاحترام والتقدير من الحكومة الاسرائيلية التي باتت السلطة الفلسطينية احد ادواتها في حماية احتلالها ومستوطنيها، وفقا للتنسيق الامني.
المتحدث باسم السلطة الفلسطينية يرى ان هذه الاموال “حلال” اذا ذهبت الى خزينة السلطة ومؤسساتها، ويعتبرها “حراما” اذا ذهبت لاسر الشهداء مباشرة، فالمشكلة لا تكمن بالاموال الايرانية، وانما اين تنتهي، وعبر اي وسيلة او طريق.
ما شاء الله.. الشؤون الفلسطينية مقدسة، ومصانة من اي تدخل في شؤونها الداخلية، ولهذا يجب التصدي بكل قوة لهذا الاختراق الايراني للقوانين الدولية، وليمت اهل الشهداء من الجوع، وليعيش هؤلاء في العراء فوق انقاض منازلهم التي نسفتها المتفجرات الاسرائيلية التي تحترم هذه القوانين الدولية، وتعمل وفق بنودها.
ندرك جيدا ان هذه السلطة تتخبط، ولم تعد تتأثر، او حتى تهتم بأي نقد، كما انها لا تعرف العيب، وكل ما يهمها هو ارضاء "اسرائيل"، ومن خلفها الولايات المتحدة، وبعض الدول العربية “المعتدلة” التي تتسارع خطواتها التحالفية والتطبيعية مع الاحتلال الاسرائيلي.
رضوخ السلطة بالكامل لاموال العار الاميركية التي تفرض عليها الخنوع والاذلال، وتستخدم كورقة ضغط عليها للاستمرار في التنسيق الامني المعيب الذي لم تقترف خطيئته، وتعمل به، حتى روابط القرى، امر مقبول وشرعي، اما اي دعم للشهداء واسرهم، ايا كان مصدره، فهو في نظرها يشكل دعما مرفوضا ومدانا للمقاومة المتمثلة في انتفاضة القدس التي تعيد للشعب الفلسطيني والامة الاسلامية بعض ما تبقى من كرامتها.
نشعر بالاسى والحزن، ونحن نرى السلطة الفلسطينية، التي تحكم باسم حركة “فتح”، تتبرأ من السيد عباس زكي عضو لجنتها المركزية، والسفير السابق في لبنان الذي بارك هذه الخطوة الايرانية، وساعد على اتخاذ الحكومة الايرانية لها، اثناء زيارته الى طهران، وبعد اخذ اذن رئيسه.
ان السيد زكي هو الذي يمثل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة “فتح”، ولا يشرفه ان يكون ممثلا للسلطة، وبيان هذه السلطة الذي قال انه لا يمثلها بشرفه ولا بدينه، بل يدين ادوات الاحتلال واعداء انتفاضة القدس، والمتباهين بالتنسيق الامني باعتباره انجازا للشعب الفلسطيني.
ابطال قطاع غزة الذين صمدوا في وجه العدوان الاسرائيلي، ودفعوا بأكثر من اربعة ملايين اسرائيلي باللجوء الى الملاجيء، ووصلت صواريخهم الى قلب مطار تل ابيب، لم يفعلوا ذلك بفعل المال الاميركي “الحلال”، ولا بصواريخ المحور العربي “السني”، وانما بفعل الدعم العسكري والتدريب الايرانيين، وهذه كلمة حق يجب ان تقال، في هذا الزمن الذي ساد فيه التضليل والاصطفاف الطائفي البغيض.
فلسطين قضية عربية واسلامية، وتحريرها مسؤولية كل العرب والمسلمين، ايا كانت عقيدتهم ومذهبهم وديانتهم، ويجب ان تظل فوق كل التقسيمات الطائفية والعرقية، ومن لا يعجبه ذلك فليشرب من البحر الميت.
المصدر: “راي اليوم”
- قرأت 1724 مرة
- Send by email