تقرير لصحيفة الأولى عن قيام وزير المالية بصرف مبالغ خيالية خارج إطار القانون .

رغم اعتراضات واسعة، سياسية وقانونية، أقدم وزير المالية في حكومة “الوفاق الوطني، صخر الوجيه على صرف ما يزيد عن ملياري ريال من خزينة الدولة لمصلحة مؤسسة حزبية تعمل في رعاية شهداء وجرحى “الثورة”.
وبدأت مؤسسة “وفاء” الخيرية، المحسوبة على التجمع اليمني للإصلاح، يوم الخميس، صرف مبالغ مالية من الخزينة العامة لأسر الشهداء والمعاقين، قائلة إن ما بدأت صرفه هو جزء من مبلغ مليارين و248 مليونا و380 ريالا تسلمتها من وزارة المالية.
ويأتي تسليم المبلغ من المال العام لجمعية حزبية، بالمخالفة للقانون وضدا على قرارات مجلس الوزراء الذي كان قد أنشاء لجنة خاصة بجرحى الأحداث وخول لها صرف المبالغ المخصصة للجرحى في موازنة الدولة والتي تزيد على ثلاثة مليارات ريال.
وشهدت الأسابيع الماضية جدلا كبيرا داخل مجلس الوزراء بسبب إصرار صخر الوجيه على تحويل كامل المبلغ المخصص للجرحى والشهداء إلى مؤسسة “وفاء”، وخلال ذلك هدد وزير الصحة أحمد العنسي ووزيرة الدولة جوهرة حمود، بتقديم استقالتهما في حال نفذ الوزير الوجيه قراره هذا.
وعلمت “الأولى” من مصادرها إن وزير المالية قام بما يشبه محاولة الإرضاء للجنة الحكومية عبر صرف 100 مليون ريال فقط إلى حساب اللجنة مقابل صرف ما يزيد على ملياري ريال للجمعية الحزبية (وفاء).
وزير الصحة الدكتور أحمد العنسي، قال مساء أمس لـ”الأولى” إن وزير المالية وجه قبل أيام بصرف 100 مليون ريال للجنة المكلفة من رئاسة الوزراء بملف جرحى أحداث العام 2011.
وذكر العنسي أن “المبلغ محول إلى البنك المركزي اليمني، ونعمل على سحب الشيكات من أجل معالجة الجرحى”، منوهاً إلى أن المبلغ مخصص لعلاج جميع جرحى أحداث العام 2011 من عسكريين ومدنيين.
وقال الوزير العنسي، رئيس لجنة جرحى الثورة، إن اللجنة ليس لها علم لا من قريب أو من بعيد عن صرف مبلغ الملياري ريال لمؤسسة وفاء، منوهاً إلى أنه سمع بالخبر من وسائل الإعلام.
وأضاف: “هذا الإجراء تم مباشرة بين مؤسسة وفاء ووزير المالية، وليس لنا علم به”، منوهاً إلى أن اللجنة منشغلة بقضية الجرحى المعتصمين والمضربين أمام مجلس الوزراء منذ، وتبحث عن حل لهم.
وفوجئ الجرحى ومناصروهم المضربون عن الطعام منذ خمسة أيام احتجاجا على إهمال الحكومة لهم؛ فوجئوا الخميس بوسائل إعلام التجمع اليمني للإصلاح تنقل خبر تدشين مؤسسة “وفاء” لفعاليات ما أسمتها “مواساة أسر الشهداء والمعاقين”؛ معلنة أن قيمة هذه المواساة حوالي مليون ريال لأسرة كل شهيد ومثلها لكل مصاب بشلل كلي ونصف مليون لكل مصاب بشلل نصفي.
وتجاهلت المؤسسة كليا أكثر من 11 جريحا مصابين بإصابات بليغة تنقل وسائل الإعلام معاناتهم يوميا منذ قرروا الإضراب عن الطعام أمام مجلس الوزراء، واتهمت وسائل إعلام الإصلاح الناشط والنائب في البرلمان أحمد سيف حاشد، الذي يرعى احتجاجات الجرحى، بأنه يستغل قضيتهم لأهداف سياسية، وهو ما فسر تجاهل المؤسسة الإصلاحية للجرحى المضربين، ما يعكس الاستخدام السياسي الواضح لأموال الخزينة العامة.
مؤسسة وفاء قالت أثناء صرفها المبالغ المالية إنها تصرفها تنفيذا لتوجيهات الرئيس هادي ورئيس الوزراء باسندوة ووزير المالية صخر الوجيه.
غير أن معلومات “الأولى” تعزز ما قاله وزير الصحة من أن المبلغ تم صرفه دون علم الحكومة، وتضيف المعلومات أن الرئيس هادي أيضا لم يصدر أي توجيه يخول المالية إيداع مبالغ مالية كبيرة هذه لمصلحة مؤسسة وفاء.
شوقي الميموني، رئيس مجلس أسر الشهداء في مؤسسة وفاء، أوضح في تصريح صحفي، أن صرف المبالغ يأتي متابعة للجهود الحثيثة من قبل لجنة التنسيق والإعداد للمواساة ممثلة بمؤسسة وفاء ومجلس أسر الشهداء واللجنة التنظيمية والمستشفى الميداني والجمعية الطبية, والتعاون الكبير من قبل رئيس الوزراء ومعالي وزير المالية صخر الوجيه.
وأوضح أن جميع المبالغ المالية سيتم صرفها عبر مكاتب البريد الحكومية في مختلف محافظات الجمهورية, وأنه تم الاتفاق مع الهيئة العامة للبريد على تحديد أماكن مخصصة من فروع البريد في العاصمة ومختلف المحافظات، لصرف هذه المبالغ الحكومية لأسر الشهداء والمعاقين.
وأكد أن هذه المواساة يأتي صرفها فقط كجزء من مساهمة الحكومة في التخفيف من معاناة أسر الشهداء والمعاقين، مضيفا أن “هذه المواساة لا علاقة لها بتعويضات الشهداء والمعاقين, كون تعويضات أسر الشهداء والمعاقين مرتبطة بقانون العدالة الانتقالية التي ستصدرها الحكومة لاحقا”.
إلى ذلك كان النائب البرلماني عبد الكريم جدبان قد طلب من مجلس النواب استدعاء وزير المالية ومسائلته بشأن صرف هذه المبالغ لمؤسسة وفاء.
وقال جدبان إنه تواصل مع وزير الصحة فأفاده بأن الحكومة كانت شكلت لجنة خاصة لملف جرحى الثورة برئاسة وزير الصحة د/ أحمد العنسي، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء جوهرة حمود ثابت نائبا، وعضوية د/ عبد الله دحان مستشار وزير الصحة، وأن اللجنة أصرت على على فتح حساب في البنك المركزي لصالح الجرحى، ودار نقاش حاد بين اللجنة ووزير المالية الذي يصر على تسليم المبلغ إلى جمعية وفاء التابعة لحزب الإصلاح لعلاج الجرحى.
وسأل جدبان: ” ما هي مبررات الأخ وزير المالية لتسليم المبلغ لجمعية حزبية،مع وجود هذا اللجنة، وعدم اطمئنان كثير من الجرحى لسلوك هذه الجمعية؟”