صواريخ كوريا الباليسيتة.. اللّغة التي يستوعبها الأمريكيون!

”أولاد الزنا الأمريكيين لن يكونوا مسرورين كثيرا بهذه الهدية التي أرسلت في ذكرى الرابع من جويلية ..يجب علينا أن نرسل إليهم هدايا بين الفينة والأخرى كي نساعدهم على التغلّب على مللهم.” الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

 

أقدمت كوريا الشمالية يوم عيد الاستقلال الأمريكي على اختبار ناجح لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات ممكن أن يصل إلى ألاسكا وهاواي، ما اعتبر إنجازا تاريخيا هو الأكبر في تاريخ البلاد، رغم تهديدات الرئيس دونالد ترامب المتعاقبة ومضاعفات تلك التجربة إقليميا ودوليا.

 

الصاروخ الذي أطلقه الكوريون الشماليون يبلغ مداه 8000 كيلومتر ويمكن تحميله برأس نووي، يشكل أكبر تحد مباشرا لأمريكا، ولرئيسها دونالد ترامب شخصيا وهو المتعهّد “بمنع انتاج مثل هذا النوع من الصواريخ”، ووهو الذي “حرّك سفنه ومقاتلاته الحربية للتوجّه إلى شواطئ شبه الجزيرة الكورية”، والذي لا يزال يجري جملة من الاستعراضات العسكرية مع كوريا الجنوبية والمختبر لمنظومة ثاد، Terminal High Altitude Area Defense ، في الألسكا!

 

الزعيم الكوري كان يعي جيدا ما يقول ويدرك حقيقة السياسة الخارجية الأمريكية وخباياها التي يتعامى عنها أبناء هذه الأمة، حين صرّح موجها خطابه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إننا “لسنا عربا لتحتلّوا بلادنا أو تعتدوا علينا ونبقى صامتين ونستقبلكم في أرضنا، سنحرق الأرض بكم وندمّر جميع قواعدكم العسكرية إذا تجرأتم بتنفيذ أي اعتداء”!

 

كما سبق أن أكّد أنّ “الوضع الدولي اليوم يشبه قانون الغاب” حيث “البقاء للأقوى فقط”، موضحا أنّ “نظام صدام حسين في العراق ونظام معمر القذافي لم يتمكّنا من الإفلات من مصير التدمير، بعدما تم حرمانهما من أسس نموهما النووي، وتخليا عن برنامجيهما النوويين بمحض إرادتهما”!

 

بيونغ يانغ  أعلنت محقة أن كلاّ من صدام والقذافي “ارتكب خطأ التخلّي عن برنامجه النووي بضغط من الولايات المتحدة”، مشدّدة أنها “لن نرتكب الخطأ نفسه”!

 

كيم جون اون هدّد، خلال كلمته التي ألقاها خلال الاستعراض العسكري الكبير، “باستخدام كل ما تملكه بلاده من ترسانة عسكرية ونووية للتصدي للمعتدين” مؤكدا على ان “عواقبه ستكون وخيمة على الأمريكان وحلفائهم”!

 

 كوريا الشمالية التي تعتبر تجربتها النووية الأخيرة “حدثًا ضخمًا” يمنحها قدرة ردع كافية لحماية حدودها من أي قوى معادية، أوضحت أنّ “التاريخ يظهر أن قوة الردع النووي هي السيف الأمضى لإحباط أي عدوان خارجي”!!

 

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يهدد ويرعد ويزبد صباح مساء أنه “سيعالج مشكلة كوريا الشمالية”، وسيرسل “حاملة طائراته كارل فينسون مصحوبة بعدة سفن حربية إلى شواطئ شبه الجزيرة الكورية”، يعلم أن تهديداته هذه لا تعني كثيرا كوريا الشمالية ولا تخيف زعيمها الذي سخر منه، مؤكّدا أنه “على استعداد للرد بالسلاح النووي، أو أي هجوم مماثل قد يستهدفها”!

 

لسنا من أنصار النظام الكوري الشمالي ولا سياسات زعيمها كيم جونغ أون الداخلية ولكن اللغة التي يخاطب بها العسكريين الأمريكيين هي اللغة التي يفقهها هؤلاء الذين ما دخلوا حربا إلا وهم يعلمون علم اليقين أن من يحاربون منهكين عُزّل أو مسلوبي السلاح محاصرين وهزيمتهم مسألة وقت لا أكثر. كيم جونغ أون استوعب الدرس العربي المر الذي يتغاضى عن استيعابه أشاوس العرب و”حكام”هم وهو يدرك جيدا معنى أن تتخلى كوريا الشمالية عن سلاحها النووي أو فقط تستسلم لتهديدات خرقاء!

 

موقف كوريا الشمالية لخصته صحيفة “رودونج سينمون، Rodong Sinmun ” الرسمية الكورية الشمالية في “أن التدريبات العسكرية المشتركة بين القوات الكورية الجنوبية والأمريكية “ستضيف فقط الوقود إلى المتفجرات الجاهزة للانفجار”، موضحة أنّ “أي سوء تقدير بسيط أو خطأ ربما يؤدي إلى اندلاع حرب نووية”، وأن “نشر قاذفات استراتيجية في شبه الجزيرة الكورية هو بالضبط تصرف جنوني للعب بالنار على قمة خزانة ذخائر”!!

 

لا يغرنّكم وعيد الجنرال تيرنس اوشونيسي، Terrence O’Shaughnessy، بسلاح الجو الأمريكي إن “تصرفات كوريا الشمالية تشكل تهديدا لحلفائنا وشركائنا ووطننا”، ولا تهديده الفج “دعوني أكون واضحا نحن مدرّبون ومجهّزون ومستعدّون لإطلاق العنان للقوة الفتّاكة الكاملة لقواتنا الجوية المتحالفة”! تسمع نفس الجعجعة منذ 2010..اللّغة التي يستوعبها الأمريكيون!

 

نبيل نايلي/ باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.

 

 

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.