عنوان المرحلة المقبلة

كان خطاب السيد عبدالملك الحوثي بمناسبة تطورات الاحداث في فلسطين وفي الداخل اليمني يوم الاحد بتاريخ 3/8/2014م عميقا وشاملا حول الصراع مع العدو الصهيوني لن نستطيع الالمام بكل تحليله في هذا المقال ولكن سنركز على موضوع واحد فيه ، فبالنسبة لمواجهة المقاومة مع العدو فالامر محسوم سلفا بالنصر للمقاومة فهي تقوم بدورها كما يجب ويبقى على الشعوب دعمها ماليا وسياسيا ومعنويا، وان لجاء العدو الى قتل الاطفال والنساء فهو يعبر عن فشله في مواجهة المجاهدين الابطال

وقد ركز الخطاب على جانب مهم من جوانب الصراع وهو الوضع العربي الشعبي وتعاطيه مع قضية فلسطين ومقدساته ، حيث نجد ان العدو قد اوصل الشعوب العربية الى حالة اللامبالاة والتنكر والاهتمام بفلسطين ومستوىً كبيرا من تغييبها في وجدان ومشاعر واهتمام الشعوب العربية واصبح شغله الشاغل اليوم ان تبقي هذه الحالة كما هي ، لذلك سلط الخطاب على الصراع المستقبلي والجدي مع الشعوب العربية التي بالتاكيد هي سبب فيما يحدث في فلسطين ولو تحركت لمنعت الكثير عن شعب فلسطين ، ولعل ما يدعم هذا الجانب تصريح رئيس كيان العدو شيمون بيريز قبل ايام كما ورد عنه انه لا توجد شعوب عربية حية في المنطقة

في غياب الرؤية والنموذج لدى الشعوب العربية قدم السيد حلا لما يمكن ان تقوم به الشعوب من خلال التحرك العملي وجعل القضية الفلسطينية اولوية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتحركاتهم الاجتماعية وخلق سخط في نفوس الشعوب ضد العدو الصهيوني ، وقدم نموذجا حيا ( قد يكون الوحيد في المنطقة ) عمل على الاهتمام بالقضية وجعلها اولوية القضايا لديه وهم نموذج انصار الله في اليمن الذين اتخذوا خطوات عملية كرفع الشعار المعادي لامريكا واسرائيل والمقاطعة للبضائع الامريكية والاسرائيلية وعودة الناس الى الثقافة القرانية التي خلقت مجتمعا يمنيا واعيا وقويا في مواجهة اعداء الامة  ، ففي غياب المشاريع العملية يعتبر هذا نموذجا يستحق الاقتداء به والذي اثمر نتائج طيبة شاهدناها في خروج الشعب اليمني ( الوحيد في المنطقة ) للتضامن مع الشعب الفلسطيني والمقاومة بشكل متواصل منذ بداية الاعتداء الصهيوني بما مثل حالة فريدة في العالم العربي

في الشأن الداخلي: كان الخطاب قويا في رسائله واضحا في توصيفه فقد اكد الخطاب ان الجرعة السعرية نتيجة لسببين هامين اول التدخل الخارجي الذي لا يريد لليمن اي استقرار او خير والثاني الوضع السياسي الداخلي الفاشل ، وليس كما تدعيه السلطة وتحصره في الجانب الاقتصادي فقط ، بل وحدد المشكلة والحل ،  فالمشكلة في كل ما تمر به اليمن من ازمات وحروب وفقر متمثلة في العصابة التي تدير البلد حاليا لمصالحها ولا تأبه بالشعب نهائيا ، والحل هو ان يتحرك الشعب لتغيير الواقع السئ الذي يمر به ، وبعد هذا التوصيف الدقيق لمشاكل اليمن لن تنفع المسكنات او المغالطات باسباب اخرى ادت الى تدهور الوضع المعيشي والاقتصادي والسياسيى للمواطن يوميا .

المعركة سياسية

بعد خسارة اوراقهم الميدانية من مشائخ وقبائل ومعسكرات والقاعدة والتكفيريين وسقوط عمران الاستراتيجي وحروبهم العسكرية الخاسرة  وسقوطهم الاخلاقي والاعلامي والتحريض والمذهبي والطائفي لم يبق لهم الا الجانب السياسي كورقة اخيرة متمثلة في الحكومة الحالية .

اقرار الجرعة السعرية القاتلة للشعب كانت الرصاصة الاخيرة في بقية جسد هذا النظام ، وباصدار القرار فقد انتقلت المعركة من المواجهات المسلحة الى المعركة السياسية التي هي عنوان المرحلة المقبلة بعد توقفها في مؤتمر الحوار الوطني ، فإسقاطهم سياسيا من خلال إسقاط الحكومة يعني استكمال مرحلة إسقاط النظام الذي خرج الشعب لإخراجه منذ عام 2011م والذي سيترتب عليه كثير من الامور الهامة لصالح الشعب منها رفع الغلاء عن كاهله واسترداد ثروات اليمن منهم وتحويلها لصالح الشعب وهذه اهم نقطة في المواجهة القادمة ، فإسقاطهم ميدانيا وسياسيا بحاجة الى إسقاطهم اقتصاديا لكي يرى الشعب الخير والعزة والكرامة ، ومن هنا تأتي اهمية استمرار الشعب لانتفاضته ضد هذه العصابة اللئيمة ومواجهة الشائعات بكل وعي حتى وان حاولوا تفجير حروب وصراع هنا او هناك لإلهاء الشعب عن انتفاضته ومطالبه المشروعة

خيارات مفتوحة

بداية معركة جديدة ستنتهي حتما بانتصار الشعب . السلطة في موقف محرج بعد خطاب السيد القائد فإن تراجعت عن الجرعة فسيكون انتصارا جديدا لانصار الله ضدها وسيزداد الشعب اكثر تمسكا بهم لرفع كل انواع المظالم عنهم ، وإن عاندت واستكبرت ورفضت الاستجابة لمطالب الشعب فالخيارات المفتوحة هي التي ستحدد وجهة المعركة القادمة ، والتي بالتأكيد ستنتهي لصالح الشعب المظلوم وستؤدي الى نفس النتيجة السابقة

ولذلك فالسلطة بهذه المواجهة هي خاسرة في كلتا الحالتين ولم يبق امامها الا الرحيل بماء وجهها إن كانت تحترم نفسها