القبيلة اليمنية وخياراتها المستقبلية


خلال المراحل الماضية تعمدت بعض القوى إظهار اليمن بصورة الفوضى والفشل والجهل والعنف والصراع وغيرها من الصور السلبية، محاولين التأكيد على ان المجتمع القبلي هو المسؤول عن تدهور أوضاع البلاد بسبب عرقلته للعملية السياسية و وقوفه في طريق العملية التنموية كونه يستهدف الدولة وقطاعاتها وأجهزتها المركزية و اللامركزية، بل اكثر من ذلك سارت هذه القوى المحلية والإقليمية في طريق التقسيم العنصري والطائفي والمذهبي للقبيلة عبر تقديم دعم مالي وسياسي لطرف على حساب الاخر ما اسهم في إيجاد حاله من التحدي والصراع الذي أورث الثارات والتشرذم وسمح بالتفرد بها واستغلال مواردها من قبل مجموعه من الفاسدين ما رفع مستوى الفقر والضعف الاقتصادي في المجتمعات القبلية وجعلها طعماً سهلاً للاصطياد من قبل الجماعات المتطرفة، 

وبالعودة الى تاريخ القبيلة اليمنية نجدها قد تجسدت فيها اسما القيم والمبادئ حيث تميزت عن غيرها من القبائل والعشائر العربية بما تمتلكه من خصائص الانتماء الوطني وقدرتها على تقدير مصالحها الجغرافية والسياسية و الاقتصادية والاجتماعية فهي لا تقبل التقسيم والتجزئة الجغرافية كونها تدعوا الى الوحدة الوطنية والعربية وهي خاصية تلبستها منذ القدم في تاريخها السبئي والحميري والحديث حيث ظلت الجغرافية اليمنية واحده رغم تعدد أنظمتها المختلفة، وعلى المستوى السياسي تميزت القبيلة اليمنية بالتوافق مع أنظمتها السياسية بما يحقق وحدة البلد وعدم التقسيم لكنها تختلف معها اذا ما تدرنة بالفساد ومارست الظلم في أساليب الحكم السياسي، وعلى المستوى الاجتماعي يبرز دور القبيلة الممثلة لكل الأطياف والمكونات في عدم السماح بتجذير الصراعات المذهبية والصراعات ذات الأبعاد الطائفية والمناطقيه كونها قد رأت الاسلام من منظوره الحقيقي المتجسد بالسماحة ونبذ العنف والتطرف،

وانطلاقا من عمقها التاريخي وبعدها الاجتماعي والسياسي تقاطرات القبائل اليوم الى اجتماعات تشاوريه لمناقشة مستجدات الأحداث السياسية والاجتماعية، حيث أكدت رفضها لمشاريع التقسيم والشرذمة كما أكدت على تمسكها بالخيار الثوري للخروج بحلول مناسبه تجنب اليمن رغبة العبث والتدخل الخارجي، كما أبدو الإصرار على تغيير الأوضاع نحو الأفضل والتصميم على ازالة الفساد والمفسدين والإسهام في بناء وطن خالي من الأزمات والطائفية والعنصرية وإسقاط كل المشاريع و الاجندات المشبوهة التي تسعى الى زج اليمن في أتون الصراعات والفقر وتعميق حالة الفرقة والتقسيم والصراع، و هو ما يكشف صوره جديده إيجابيه غير التي تم رسمها خلال الفترات السابقة و يكشف مدى الوعي الوطني و الثوري و السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تزخر به هذه المجتمعات القبلية و مدى الاستجابة والتفاعل مع تحقيق المطالب الشعبية وكذلك مدى الانضباط والالتزام و والتضحية بالمال والنفس،

اخيرا لم يسبق ان شهدت اليمن في تاريخها حراكا شعبيا وقبليا بهذا المستوى من الزخم والتفاعل والتوحد في الأهداف والغايات، لكن وكما يبدو ان الخارج و النظام الحاكم لم يستوعبوا بعد ما يجري الى الان ولم يفهموا الحقيقة كونهم يفتقروا الى الخلفية التاريخية والاجتماعية و إن وجدت فهي سطحيه طائفية عنصريه وليست وعي وفهم، ولهذا لا تستغربوا ان فشلوا في قراءة الرسائل الشعبية مره اخرى واعتقدوا بإمكانية السيطرة والتلاعب على هذا الحراك الشعبي المنقطع النظير،

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
6 + 6 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.