حيث يتكرر الطغيان.. يتكرر الحسين

الاسلام محمدي الوجود .. حسيني البقاء "
هذه المقولة المشهورة و الخالدة لم يستطع بنو امية أن يمنعوا وصولها الينا اليوم بعد ان قتلوا الحسين و مثلوا به و أسروا نساءه و أطفاله و امعنوا في مواصلة التنكيل بأبنائه و كل حملة مشاعل الثورة و الإباء من أبناء البيت النبوي امتدادا لحقد بني امية التاريخي على الإسلام و رفضهم التسليم لما جاء به من قيم تجعل الناس على مستوى واحد من العزة و الرفعة و الكرامة و الحقوق و الواجبات .. ، ذلك لأنه حتى و إن ظن الباطل و الطاغية انه انتصر على الثائر و احتال على التاريخ فإن التاريخ لن يرحمه و سيضعه في خانة المغضوب عليهم و المكروهين و لا يترك منه سوى الذكرى السيئة و المقيته و المنهج المرفوض و المستهجن ،
تخيلوا لو لم يخرج شباب الثورة و يضحون و يواجهون السلاح بصدور عارية ، هل كانت ستقوم قيامة النظام و تتشقق أركانه و تتساقط مكوناته و يتخلق كل هذا الوعي و الأمل و الصمود و العزيمة في اسقاطه و تعود للناس الجرأة و الشجاعة في ان يطالبوا و يستنكروا و يرفضوا و يصرخوا ، و يغيروا وجه الواقع و يحركوا جمود الزيف و يكسروا رتابة الطغيان .. الخ ؟
كذلك الحال .. تخيلوا لو لم يخرج الحسين عليه السلام في كربلاء و يضحي تلك التضحية الخالدة بنفسه و أهله و بقية ماترك بيت النبوة من رجال ونساء .. كيف كان سيكون الاسلام اليوم و كيف كانت عقلية الحكم اليوم و كيف كانت ستكون قداسة الأسرة السفيانية في الوعي التاريخي ، و كيف كانت ستكون النظرة الى نظام الحكم الملكي و الأسري الذي كانت الأسرة السفيانية ستكرسه في الذاكرة ..؟؟؟؟؟؟
الحسين عليه السلام .. قدم تلك التضحيات العظام لأجل يسقط مشروع تلك الأسرة الرامي إلى تقديم الإسلام وفق ما يرونه و يتوافق مع أحقادهم التي لم تنظفيء ساعة استسلموا في فتح مكة على الإسلام كخصم ظلوا يحاربونه حتى آخر لحظة  و لم يكن جديرا بهم أبدا أن يكونوا محل ثقة في حمل رسالة كانت بالنسبة لهم عدوا حتى آخر يوم ، بل إنهم بلاشك سينتقمون منها و سيكيدون لها المكائد ، و هذا ما كان يدركه الحسين الذي بلاشك كان يأخذ توجيهاته من جده النبي و يعرف متى سيحين دوره .
الحسين عليه السلام .. حين سطر تلك الملحمة الخالدة صنع ثورة تاريخية في الوعي الاسلامي و جعل الكل يعيد النظر في كل ما تفعله تلك الأسرة و تركها تغرق في جريمتها الشنعاء التي لم يكن لأحد أن يتجاوز عنها حتى و لو بحمل الأمانة التاريخية للأجيال .. فسقطت قدسية الأسرة السفيانية و من ثم الأسرة الأموية و من بعدها الأسرة العباسية و بالتالي فشلت تلك الممالك من أن تصبغ تحكمها في السلطة و الأمة و تملكها للحكم بصبغة القداسة و لم تستطع ان تقنع التاريخ انها تحكم بتفويض الهي و لا حتى باسم الدين الاسلامي ..
الحسين عليه السلام ..حين خرج في تلك الملحمة يدرك أن يزيد بن معاوية قد بلغ ذروة الطغيان و أصبح على استعداد لأن يفعل أي شيء و يقول اي شيء و يزيف أي شيء و يحرف اي شيء سيما و أنه صاحب توجه حاقد على الإسلام و يعينه في ذلك مستشاريه من اليهود و الروم الذين كانوا يمررون عبره مشاريعهم التي تخلخل الإسلام من الداخل ، فكانت تلك هي لحظته التي كان ينتظرها لينقذ التاريخ و الأمة حتى اليوم .
الحسين عليه السلام .. أعاد الاعتبار للنضال و للثورة و للرفض و للإباء و فجر في الذهنية الإنسانية معاني خلاقة و مبادئ مضيئة و عناوين حفظت للإنسان حقه في الحرية و الرفض و رسمت له طريقا ليصل إلى حيث يستعيد عزته و كرامته و حقوقه من بين مخالب الطغاة ..

الحسين عليه السلام .. رفع الغشاوة عن عيون البشرية التي كادت ان تقدس غاصبيها و جلاديها ، و أعاد الأمل إلى قلب أمة كادت أن تستسلم لسياسة الأمر الواقع ،  فحيث يتكرر الطغاة و المستبدون ، يتكرر الحسين ، و حيث يتكرر الحسين ، تتكرر الثورة و تسقط الأقنعة.
الحسين عليه السلام .. قال للناس المحبطين و اليائسين و المستضعفين و المتخاذلين و المنبطحين ، أن بإمكانهم أن يهزوا عروش الطغاة و يسلبوهم الأمان و يسقطون اقنعتهم و زيفهم و يغيرون وجه الواقع .
هذا هو الحسين عليه السلام .. و هذا هو دوره في بقاء الإسلام حتى اليوم .. فالحسين جسد انموذج الثورة و الإباء و التضحية ، و يزيد جسد انموذج السلطة المستبدة و الطاغية و المحتالة على حقوق الناس و الخائفة من أن تطبق أحكام الشريعة و مبادئ الإسلام و قوانين الفطرة البشرية عليهم ، انوذج الحسين يتكرر دائما بتكرار المستبدين و الظالمين الذين يرون انفسهم فوق القوانين و فوق المساءلة و يعتبرون السلطة ملكهم و خاصة بهم و يستضعفون الناس و يستعبدونهم و يصادروا حقوقهم في  الحرية و العزة و الشجاعة و العيش بكرامة ، و المتأمل سيجد النموذجين ماثلان أمامه بجلاء .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
6 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.