توافق وتوفيق واتفاق

كما تعلمون، لا توجد جلسات حوار يومي الخميس والجمعة، رسميا بالقاعة؛ لكن ثمة لقاءات كواليس خارج القاعة، وللأمانة لقد انتظمت بمقيل الرئيس, وفي إطار أجواء الحوار، وعن جدول أعماله ومهامه .
اللائحة الداخلية لمؤتمر الحوار ينظر إليها البعض كمقدس لا يجب المساس به, ومقرر أنها لا تطرح للنقاش بالقاعة, وتستغرب من الدفاع المستميت عنها من غير بعض أعضاء اللجنة الفنية الذين أنجزوا اللائحة, وبعضهم يعترف بوجود ثغرات ومطبات داخلها, ويبررون لذلك. وصحيح اللائحة حوت أشياء جيدة وأخرى سلبية؛ لكن من حق المؤتمرين نقاشها، ولا يكفي التسليم بها "كواليسيا" كقرار رئاسي ملزم .
السياسة تعرف بفن الممكن, واحيانا بفن المستحيل؛ لكن باليمن أضيف تعريفا جديدا, هو أن السياسة فن "الكولسة", أو "الفهلوة"، وهو ما يجيده اللاعبون السياسيون، أيام صالح وبالوقت الراهن, وهو الذي أدى بالبلد إلى هذا النفق, والسياسي الجيد هو "المكولس" الجيد .
يبدو سيصدر قرار رئاسي ببدائل أسماء المتغيبين, وهم أكثر من 40، بينهم بعض المتغيبين من حصص الأحزاب, وهم قلة, كان هناك خلاف حول 6 أسماء، وتم حسم الأمر بأن يقتسمها أحزاب المؤتمر الشعبي والمشترك الذي تباكى كثيرا على المستقلين والشباب والمرأة. المهم أصابت البلد حمى التوافق, ويوشك أن يصاب بحمى التوفيق, بلافتة اتفاق. ومن التوافق إلى التوفيق إلى الاتفاق، كلها نتيجة كواليس, وربنا ينجي البلد من حمى الكواليس.
المستقلون مايزالون محل مزايدة كبيرة, ولا أعرف من هم المستقلون, أو كيف أجد تعريفا محددا للمستقل، مواقفه وانحيازاته, وربما ولاءاته ومصالحه, وعندما يهتم قادة أحزاب بالمستقلين أكثر من أحزابهم فثمة سبب، وسبب وجيه جدا!!! سأعود إليه لاحقا .
المهم نصت اللائحة على لجنة اسمها لجنة التوفيق, وهي لجنة لها مهام بالمؤتمر للتوفيق بين الأطراف عند الخلاف؛ لكن لها مهام خطيرة باللائحة, فهذه اللجنة التي تتكون من الرئيس ونوابه ورؤساء الفرق الـ9, حسب محاور المؤتمر الوطني للحوار, يرأسها رئيس الجمهورية, ومهامها تمتد لما بعد الحوار, لذا فالرئيس مهتم جدا بها, فهي أداته للتحكم بمخرجات الحوار, وهي صاحبة الحق بتفسير النصوص، والمتابعة !!!
بعيدا عن المؤتمر، يناقش رؤساؤها، بعد أن صارت تتكون حسب المعلومات من الرئيس وهيئة الرئاسة الـ8, ولا أعلم هل ذلك موجود باللائحة أم لا! وهو عادي لكن المهم أن للرئيس حق إضافة عدد يختاره تحت مسمى التوازن، ولا أدري أي توازن يقصد هنا, ما يعني أن اللجنة قد تكون 25, وربما أكثر, وبالكواليس يناقش مقترح أن يكونوا رؤساء الفرق الـ9 من المستقلين, وضده مقترح آخر أن ينتخبوا باللجان, ما يعني أن بعض المكونات قد يكون من حصته أكثر من رئيس لجنة .
عرضت أسماء، وبين الأسماء أسماء مستقلة فعلا ومحل احترام، بعضها, وبعضها لا يخلو من تحيزات؛ لكن يبدو أن مقترح المستقلين بطريقه للتوافق, ودعوني أرجع لقضية الحرص على المستقلين, وأعتقد أنها ليست بريئة، فالأحزاب تريد ألا تتحمل بعض مسؤوليات لجنة التوفيق, مثلا كالتمديد  للرئيس, الذي يرأس لجنة التوافق, والتي مهمتها متابعة تنفيذ مقررات الحوار بعد الحوار, والتي ستمتد بعد انتهاء فترة العامين, وقد يأتي الاقتراح بالتمديد منها في حالة أي إرباك، حد تفسير أحد قيادات المشترك النقية والثورية .
وهكذا الأحزاب عمليا لن تخرج بمقترح المستقلين؛ لكنها لن تتحمل أي مسؤولية، بينما مكونات أخرى هي التي ستخسر وستشعر بخسارتها لاحقا بعد انتهاء شهر عسل الافتتاح والكولسة. أما المقترحة أسماؤهم كمستقلين فلا أعلم سوى أن ما يحدث ليس حبا بالبعض, بقدر ما قد يكون إحراقا لهم، أخشى عليهم. أما آخرون فقد يكون طرح أسمائهم كنوع من المكافأة على تمرير قضايا باللجنة الفنية, وبعد أن أثبتوا فاعلية في التمرير والتبرير .
أما آخر ما توصلت إليه الكواليس فهو إعلان أسبوع إجازة للحوار، ينجز خلالها طبخة الكولسة, ويعود بعدها أعضاء الحوار إلى ما أنجز. غدا السبت يوم جديد نريد أن نقف فيه أمام ما حدث بالجنوب, أمام ما تعرض له حاشد والجرحى الذين سقط شهيد منهم أمس, ونريد أن نرى حلا لمدخلات الكواليس قبل مخرجاتها .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.