الخريف العربي وكشف الحقائق

بدأت شرارة ثورات الربيع العربي في تونس عندما أقدم البوعزيزي على حرق نفسه كإحدى الوسائل (التي قد لا تكون مناسبة ) للتعبير عن ظلم وجبروت الحكام الطغاة المستكبرين في إنحاء الوطن العربي ، وكنتيجة طبيعية للحالة المزرية والمهينة التي وصلت إليها الشعوب العربية بفعل تسلط دول الاستكبار وعملائها على خيرات ومقدرات تلك الشعوب ، وتوظيفها بما يخدم أمن واستقرار كيان العدو الإسرائيلي ، وفي غضون أسابيع امتدت رياح ثورات ذلك الربيع إلى كلاً من مصر وليبيا والبحرين واليمن .
    واستبشرت الشعوب العربية خيراً بهذا الربيع حين تهاوت عروش الطغاة الظالمين ، الذين فروا هاربين وضربت عليهم الذلة والمسكنة ، وقتلوا جزاء بما كانوا يكسبون ، وتطلعت تلك الشعوب صوب ولادة مستقبل جديد ومشرق تسترجع فية الأمة العربية والإسلامية كرامتها وعزتها المسلوبة ، وتعيد مقدساتها التي دنسها أعداء الله أمريكا وإسرائيل ، وسطو على أراضيها ، وقتلوا أبنائها ، وأساءوا  لنبيها محمد صلوات الله علية وعلى اله .
   ولكن سرعان ما تحول هذا الربيع العربي إلى خريف عربي انكشفت فية الحقائق ، وظهرت الوجوه المزيفة والعملية على حقيقتها بكل وقاحة وبلا حياء , تلك الوجوه التي لطالما كانت ترفع شعارات العروبة والقومية العربية ، وتتغنى بالقضية الفلسطينية (التي هي قضية كل العرب والمسلمين ) بغية جمع الأموال والتبرعات   .
  وتبين انها مجرد أدوات ساعدت وعملت بكل ما أوتيُت من قوة ومال على إجهاض ذلك الربيع وتحويله إلى خريف تجني ثماره دول الاستكبار أمريكا وإسرائيل ، من خلال أعادة إنتاج تلك الأنظمة الظالمة والعملية التي سقطت ، وتلك التي كانت على وشك السقوط وذلك بنكهة أخوانيه ، بما يضمن استمرار تلك الأنظمة التي تم إنتاجها في (مطابخ سفارات  دول الاستكبار) في تنفيذ المشروع الصهيوامريكي بوتيرة عالية أكثر من السابق.
   فهاهي تونس مهد ثورات الربيع المسلوب فقد تبنى حزب النهضة عملية إجهاض النهضة بشتى مجالاتها التي كان يحلم بتا شباب تونس الثائر ، فما زال القمع مستمرا ، وتواصل مسلسل الاغتيالات للقيادات الحرة التي عارضت بشدة عملية إعادة الإنتاج تلك .
    وفي مصر فقد تم استبدال نظام فرعون حسني بنظام فرعون مرسي ، الذي أستمر في استكمال سياسة القمع والقتل والسحل ضد من يعارض نظام الفراعنة الأخوان ، وساهم بوتيرة عالية في دعم القضية الفلسطينية وحصار عزة من خلال هدم الأنفاق وإغراقها بالمياه .
  وفي البحرين فقد صدرت الفتاوى بأن الثورة نائمة لعن الله من أيقضها  ، وجزاءه القتل برصاص الشوزن والقمع بالقنابل المسيلة للدموع، والاعتقال والمحاكمة بتهمة الخيانة والعمالة للخارج .
أما في سوريا فحدث ولا حرج ، فقد تجلى بوضوح حقيقة استثمار دول الاستكبار لما يسمى بالربيع العربي في هذا البلد المقاوم لهم ، والذي أصبح مسرحاً للصراع بين محور الاعتدال والعمالة ومحور الممانعة والمقاومة ، وظهر للقاصي والداني زيف وعمالة الأنظمة العربية وعلى رأسها الدول الخليجية بزعامة "الموزه قطر" التي سارعت إلى تقبيل أيادي أسيادها المستكبرين ، وتبنت الحرب بالوكالة عنهم في سوريا ، وسارعت في كل الاتجاهات لتحقيق ذلك ، فعلى صعيد  تدمير سوريا فقد قامت بحشد وتمويل المقاتلين استنادا إلى( فتاوى علماء الدفع المسبق ) وإرسالهم إلى سوريا للجهاد لتحرير القدس الشريف وهضبة الجولان المحتلة – عفوا لإسقاط النظام السوري من خلال قتل الأبرياء من مدنيين وعسكريين وشيوخ دين ، وهدم منازلهم ، وانتهاك الأعراض وقطع الطرقات وكل هذا يدخل  في سياق جهاد المناكحة .
    وعلى صعيد السياسة فقد سعى العملاء إلى فرض عزلة سياسية للنظام السوري وتدبير المؤامرات من قعر الجامعة العربية ، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في تسمية هذه الجامعة ، وإعادة تسميتها " بالجامعة العبرية " من خلال إضافة مقعد جديد لما يسمونه دولة إسرائيل من منطلق حرصهم الدائم على الحفاظ على أمنه واستقراره ،لاسيما وأن اوباما قد صرح من عمق الأراضي العربية المحتلة بما  يوحي ذلك ، والعميل تكفيه الإشارة.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
6 + 13 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.