"انفصام" في فهم وتطبيق نظام الكوتا النسائية

تؤطئة:
إن الدول العربية تعاني من " انفصام" في التعامل مع "الكوتا النسائية"، فبعضها في الواقع يوردها في الدستور لمجرد تجميل صورة النظام أمام المجتمع الدولي، أو خوفاً من الاتفاقيات والعهود والمنظمات الدولية ذات العلاقة، التي وقعتها، أو تحفظت على بعض موادها، أو خوفاً، أو (مغالطة) من انتقادات المنظمات المهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة
• نظام الكوتا النيابية : لو بحثنا في أي قاموس أو معجم عربي عن معنى كلمة "كوتا"، لما عثرنا لهذه الكلمة من وجود في اللغة العربية، لأنها في الأساس لاتينية الأصل؛ وتلفظ بالإنكليزية (Quota)ومعناها اللغوي بالعربية "النصيب" أو "الحصة". وقد انتقلت بلفظها الإنكليزي إلى العربية في العصر الحديث. ويقصد "بالكوتا النيابية" عموماً، ضمان "كوتا" حصة من مقاعد المجلس النيابي لبعض الفئات المجتمعية؛ وذلك من أجل تعزيز مشاركتها في الحياة السياسية، ولو بطريقة إلزامية في أغلب الحالات .. ولكن بأسلوب منظم، ويحد هذا النظام من حرية الناخب في اختيار ممثليه بمشيئته المطلقة. إذ تعمد السلطة، بموجب نظام الكوتا (الحصة) الإلزامية، إلى تخصيص نسبة معينة من المقاعد النيابية إلى فئة أو فئات محددة بالذات؛ حتى لا يكون بمقدور الأكثرية حرمان إحدى الأقليات أو الفئات المجتمعية من ممارسة حقها في التمثيل النيابي. وهكذا تظهر "الكوتا" النيابية بأشكال عدة ، منها: "الكوتا الإثنية"، "الكوتا النسائية"، "الكوتا الشبابية"، "الكوتا الطائفية"، "الكوتا الفلاحية"، "الكوتا العمالية" وغيرها. وبناء عليه، يمكن تعريف الكوتا بشكل عام، بأنها إجراء تدخلي لضمان حصول فئة معينة على نسبة محددة من المقاعد النيابية. وعليه شاع استعمال مصطلح "الكوتا النيابية".
• تعريف الكوتا النيابية النسائية :
"الكوتا النسائية" تحديداً، وبمعناها الاصطلاحي، هي أحد أشكال "الكوتا النيابية" أو إحدى صورها الأكثر شيوعاً في العالم حالياً. ويتم اللجوء إليها من أجل تشجيع المرأة على التعاطي في الشؤون السياسية، ومعالجة إشكالية تفعيل ممارسة حقها القانوني في التمثيل النيابي بالتساوي مع الرجل. ولذلك، تأخذ عدة دول في العالم حالياً بهذا النظام، بعدما اقتنعت بضرورة الإسراع في مساندة المرأة، كي تأخذ مكانها بين نواب الأمة وصنّاع القرار السياسي. وتشدد هنا صوفي عبد الحي بأن هذه الدول تطمح من خلال تطبيقها "نظام الكوتا النسائية"، إلى التوصل إلى تعزيز ثقة المجتمع بقدرات المرأة من أجل لعب دورها في التمثيل السياسي على أحسن وجه، من جهة؛ وتفادي هدر طاقاتها وإمكاناتها في إنماء المجتمع وتطويره،من جهة أخرى. وتعتبر "الكوتا النسائية" في الدول الديمقراطية، طريقة استثنائية في تكوين المجالس النيابية؛ لأنها تعتمد أسلوب الاقتراع المقيّد في اختيار "النوعية الاجتماعية" الممثلة للشعب. ولذلك، من المفترض ألا تطبق هذه الطريقة بصورة دائمة، بل مؤقتة؛ وهذه الفترة عبارة عن مهلة تعطى، من جهة للمجتمع لكي يألف وجود المرأة على الساحة السياسية ويوقن أنها مساوية للرجل في الإدراك والطاقات العقلية والذهنية، فيثق بقدرتها على العمل السياسي؛ كما تعطى للمرأة الفرصة .. كي تتزود بالخبرة الضرورية في هذا المجال العام .. وتتمكن من أن تؤدي قسطها من العمل السياسي في مجتمع حر ديمقراطي يؤمن بأهمية المشاركة السياسية بين كافة أفراد المجتمع. (أنظر تفصيلاً: هنا صوفي عبد الحي، المجلة العربية للعلوم السياسية تصدر عن الجمعية العربية للعلوم السياسية بالتعاون مع مركز دراسات الوحدة العربي،ص "47" وما بعدها،العدد،23،2009م).
• وهناك "أنماط للكوتا النسائية" نذكر منها على عجالة، ومنها:
(1)  : "الكوتا النسائية الإلزامية في تكوين المجلس النيابي" والمجالس المحلية، ويدخل في نطاقها:
- الكوتا النسائية المغلقة.
- الكوتا النسائية المفتوحة.
(2) "الكوتا النسائية الحزبية" ويدخل في نطاقها :
- الكوتا النسائية الطوعية على صعيد الهيكلية الداخلية للحزب.
- الكوتا النسائية الطوعية على صعيد تشكيل لوائح الترشيح الحزبية.
- الكوتا النسائية الإلزامية على صعيد تشكيل لوائح الترشيح الحزبية.
- الكوتا النسائية التحفيزية: التي تأخذ بها على سبيل المثال لا الحصر فرنسا بنظام " الكوتا" أو "المحاصصة" على أساس المناصفة وذلك استناداً إلى القانون الصادر في يونيو/2000م، المعروف بقانون المناصفة. وبمقتضى هذا القانون، يتبع المشرّع الفرنسي نمطاً خاصاً في إلزام الأحزاب بتطبيق العدالة في اختيار مرشحيه من بين الذكور والإناث.
(3) "الكوتا النسائية" الخاصة بالوظائف السياسية والقيادية والوظيفية العليا ونظام القبول في الجامعات.
•  وربما نتحدث عن بعض التجارب في الدول العربية والإسلامية إذا رغب البعض في ذلك. وخاصة التجربة الباكستانية، والتجربة المغربية ونظام المناصفة فيها "تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة". ولضمان تنفيذ ومحاربة كل أشكال التمييز بينهما تم إحداث هيئة للمناصفة والمنصوص عليها في الدستور المغربي الجديد. وكذلك تاريخ وتطور التجربة المصرية في نظام الكوتا. ومن البديهي سيتم التطرق إلى التجربة اليمنية ومدى معاناة المرأة اليمنية من استغلال صوتها الانتخابي فقط، دون منحها "نظام الكوتا" في مجال التمثيل النيابي والمجالس المحلية، وذلك وفقاً للتقارير الوطنية والدولية المحايدة حيث سنرى العجب العجاب. كما يمكن أن نتحدث عن أهم الاتفاقيات الدولية والمساعي العربية للنهوض بالمرأة وخاصة في مجال "الكوتا النسائية".

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
1 + 6 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.