حقيقـــةٌ يجهلها كثيـــرٌ مـــن النـــاس؟

غالباً مايتمّ تجاهل أو تشويه دور قبائل اليمن في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية منها، والتحليلات السياسية العامة على حدّ سواء، إذ غالباً ما تَعتَبِر النظرة الشائعة والمزيفة لوصف "اليمن السعيد" بلداً ينعدم فيه القانون واعتبار القبيلة اليمنية عائقاً أساسياً! بوصفها وحدات سياسيه صغيرة، تعرقل وجود وامتداد الدولة إلى مناطقها، ويصف البعض هذه القبائل في كثير من الأحيان بأنها «مستقلّة بشراستها» للدّلالة على كرهها للدولة!

 

  وكما يُقال في كثيرٍ من الأحيان أن الدولة ضعيفه لأن القبائل تقاوم حضورها!  لكن وعلى النقيض  تماماً من هذا الافتراض التقليدي،  فإن ضعف هذه المؤسسات يعزو إلى العديد من الاسباب أهمها الاستهدافات الممنهجة للمنظومة القيمية الاجتماعية لليمنيين طيلة العهود الماضية والمتمثلة بــ "أعراف واسلاف القبائل" خصوصاً ما بعد ثورة 26 من سبتمبر 1962م! وبالتالي فإن السبب الحقيقي لضعف الدولة هو عدم وجود دولة أصلاً! بل  سيطر عليها عدد من مراكز القوى التقليدية والشخصيات النافذة التي لم تقدم مشروعاً وطنياً حقيقياً يحظى بثقة الشعب ليلتف حوله! لتكون هذه المراكز هي من خلقت البيئة المناسبة لاستشراء الفساد وضعف مؤسسات الدولة.

 

مع ان  قبائل اليمن قد تغلبت نوعاً ما على هذه المؤامرات  - باعتبار أغلب التركيبة السكانية للمجتمع اليمني قبائل- ووفّرت الاستقرار والدعم الاقتصادي لأفرادها على مدى قرونٍ متعاقبة ،  فالقبائل اليمنية توفّر نظاماً اجتماعياً راقياً خارج النظام الرسمي وتتصرّف القبائل والعرف القبلي وفق تعابير وفلسفة العديد من الباحثين السياسيين والفلاسفة الغرب  كالباحث السياسي  "دانيال كورستانج" الذي وصفها بــ «ثاني أفضل البدائل عن دولة غائبة أو ضعيفة » ، والناس عادةً  يرضون بالقبيلة لأنها توفّر نموذجاً سلساً ومبسطاً عن حكم القانون من خلال  تسوية النزاعات وتنظيمها.

 

بالتالي فإنه يمكننا تعريف القبيلة بإنها "وحدةٌ اجتماعية مدنية تكتسب شرعيتها من مجموعة من القواعد العرفية التقليدية التي تشكّل عقداً اجتماعيا فريداً بين أفراد القبائل، وكذلك بينها وبين مشايخها وقبائلها وبينها وبين السلطات الحاكمة إن وجدت، وينظّم هذا العقد الاجتماعي، أو العرف القبلي، الشؤون العامة، ويحمي المصالح المشتركة، ويقدّم الحماية والدعم الاقتصادي لأفراد القبيلة ".

 

 وعلى الرغم من أن بعض جوانب العرف القبلي قد ضَعُفت، مثل حماية الأماكن العامة " التهجير " والطرق الرئيسة من الاعتداء على حرماتها واحترام الهدنة والصلح! فإنها لا تزال فعّالة إلى حدٍ ما، بل إنه ما يزال بالامكان ترسيخها وتفعيلها بما يخدم المجتمع والبلد باعتبارها قيم قبلية أصيلة في حال وجود دولة عادلة تهتم بهذا الجوانب الهامة ،وكون دور القبيلة هاماً ومحورياً في مساندة ودعم الدول على غرار ما هو موجود في البلدان الأخرى ، فقد مثلت القبيلة اليمنية الدور الأبرز في بناء الدول والحضارات العظمى على مر العصور والازمان.

 

فيعتبر فهم هذا الدور من قبل أي نظامٍ سياسيٍ حاكمٍ - دور القبائل - حاسماً في وضع مقاربة لبناء الدولة بما يمكنها ان تسهّل عملية الانتقال السياسي  واحكام منظومتي الأداء الرسمية والشعبية بطريقة تستجيب للطبيعة القبلية المركّزة والمتميّزة لليمن ، خصوصاً في ظل إحتلالها - القبيلة اليمنية - الدور الريادي البارز في إشعال ثورة ال 21 من سبتمبر وتصدرها مقدمة الصفوف في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي الغاشم ،  في ظل سقوط الكثيرين من دعاة الوطنية والمدنية الحديثة المتشدقين بحب الوطن والقومية والعروبة وارتهانهم لقوى الرجعية والامبريالية العميلة لقوى الطغيان والاستكبار العالمي  .

 

وسيكون من الخطأ أن نهمل أو نتجاهل النظام غير الرسمي "الشعبي - المجتمعي" الذي توفّره القبائل وأثره على النظام الرسمي خلال أي مرحلة انتقالية مقبلةٍ؛ فقبائل اليمن ليست متنوّعة عرقياً! بل هي وحدات متجانسة ثقافياً.. بيد أنها تشترك في اداء المهام نفسها، سواء من حيث دورها في تعزيز خدمة أفرادها والدفاع عن وطنها، أو من خلال آليات ونظم عرفية راقية تمكنها من التعامل بحكمةٍ وبصيرةٍ في مختلف الظروف والأحوال .

 

 

للإشتراك في قناة الرابط تيليجرام على الرابط التالي :

http://telegram.me/thelinkyemen

_____________________________

 

 

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.