من يسكت السفير الأمريكي ؟!
تابعنا وتابع العالم أجمع تدخلات وتصريحات كاوبوي السياسة الأمريكية في اليمن , المندوب السامي وبريمراليمن السفير جيرالد امفرستاين بغرابة ودهشة شديدة , واصبحت الصحافة اليمنية ومواقع الاخبار المحلية لا همُ لها الا الحديث عن تحركاته و تصريحاته وخطاباته الرنانة ورسم سياساته في اليمن وربما في المنطقه ككل , وكان على مدى عام من الثورة اليمنية لا يكل ولا يمل من التدخل السافر في كل شاردة وواردة في الشؤون اليمنية الخاصة , وبدون تردد او ادنى احترام للسيادة اليمنية , ودون ادنى اعتبار لخصوصية المجتمع اليمني المسلم وعاداته وتقاليدة الحضارية والتأريخية , يطلق الوعود , ويخاطب الجماهير , ويقيم المؤتمرات الصحفية , ويقابل السفرآء والوزرآء وابواب قصر السبعين ومجلس الوزراء والدوآئر الحكومية مفتوحة له على الدوام يدخل متي ما شاء ويخرج متى ماشاء , رفع عنه الحجاب وكشف عنه الغطآء , وذهب الى ابعد من ذلك فانتهك خصوصية القبيلة اليمنية وأصالتها , وتلاها بزيارات غير رسمية ميدانية وريفية بين المحافظات لأسباب مجهولة وأخرى معلومة , ومنذ حال تولية المنصب رسميا في اليمن في ديسمبر من العام 2010 حين كانت الحرب على الارهاب في أوج شدتها , بالرغم من وجودة قبل ذلك التأريخ بكثير في ظل السفاره , يترك كثير من اللغط السياسي والتساؤل والتعجب عن اسباب وجودة وعن تعيين هذه الشخصية الصفرآء في وطن آمن مثل اليمن .
ومن لايعرف سعادة السفير فقد تبوأ مناصب ومراكز عديدة عليا في الادارة الامريكية خاصة فيما يتعلق بملف مكافحة الارهاب في الامن القومي الامريكي , وتنقل بين عواصم الشرق الأوسط من بيروت الى مسقط الى الرياض واسلام اباد قبل ان تحط به الرحال الدبلوماسية في اليمن , وكما شغل منصب نائب المنسق المساعد لشؤون البرامج في مكتب مكافحة الإرهاب, فتأريخة الحافل في هذا الشأن , اعطاه المؤهلالات الديناميكية والحيويه لتبوؤ منصب السفير الامريكي القادم في اليمن , وحسب درايتة في المنطقة ومعرفتة بسياساتها وتقلباتها الجيوسياسية وخصوصياتها الأنثروبولوجية والثقافية , اعطتة دفعة قوية اكثر ورضا البيت الابيض عنه ليتم تعيننه في اكثر المناطق والبؤر الملتهبة بالارهاب والعاصفه بالاحداث والمواجهات الدامية بين الجماعات المسلحة وتنظيم القاعدة ليشغل حينها نائب السفير الامريكي في باكستان , وربما هذه التربيه البنيوية و الشخصية لسلوكيات الادارة السياسيه والدبلوماسية لانسان يحمل فكر مقارعة الارهاب ومصارعتة , جعلته يتعامل بهذه العقلية الانفرادية والسلوك المعادي في التعامل مع الملف اليمني , ويرسم سياساته على هذه الاساس من انه يحيا في صدام مرير مع القاعدة , وخولته على التعامل المفرط مع الثورة اليمنية على انها مجرد ملف إرهاب , لذا كانت تصريحاته النارية إبان الثورة الشبابية وفي أوج زخمها وفتوتها , تعبر عن العقلية الانفصامية والجهل في فك شفرة الواقع اليمني وسياساته المتقلبة.
فخلال مسيرة الحياة أتى على لسانه يومها انها مجرد جماعات مسلحة ومنشقه تريد القدوم الى صنعاء لإثارة الرعب وارتكاب الاعمال الاجرامية والتخريب , ومن حق الدولة مواجهتها بقوة السلاح , واعطى الغطآء الشرعي للنظام بارتكاب اكثر المجازر خلال العملية الثورية ضد الثورة الشبابية السلمية والمسيرات الراجلة كالحياة والكرامة وغيرها , وبرر ذلك بحجة انها جماعات مسلحة ارهابية , حينها لاقت تصريحاته موجة غضب شديدة , وانتقادات واسعة من جميع مكونات الثورة , وصلت لحد المسيرات الصاخبة والمطالبات بطرد السفير الامريكي , وماحدث مؤخرا من شحذ وتوجة المظاهرات الى السفارة الامريكية للمطالبة بطرد السفير , والمطالبة بعدم التدخل في شؤون اليمن بهذه الصورة المشينة والفجة , التي تضرب في عمق السيادة الوطنية وتصيبها في مقتل , الا دليلا واضحا على التمادي في استفزاز الشارع اليمني .
حينها كان أسياد السياسة اليمنية لا همُ لهم الا تقاسم المناصب والحصص الوزارية , والانشغال بالاحتكاك والصراع السياسي القائم , متناسين المسؤولية الوطنية والجسورة بالحفاظ على سيادة الوطن وكرامتة , من التدخلات والانتقاص في حق الوطن اليمني , وايقاف السفير عند حدودة الدبلوماسيه والسياسية , وكانت اكثر الاحزاب السياسية حينها ومازالت تتبع اسلوب الديماغوجية السياسية والشعبية , متسولة على أعتاب ابواب السفارة الامريكية لتنال مطامع و مكاسب سياسية اخرى ليرضى عنها العم سام , اسلوب التلون السياسي والتنازل المفرط المتبع كلف الوطن ثمنا باهضا من مكانتة الأممية والإقليمية و قيمته ومقامة بين دول العالم , وكلف المواطن الكثير من الجهد والاعياء في ظل ضنك المعيشة الحاصل لوطن يغرق مركبه دون شعور, حين توافدت الاحزاب وفرقآء الامس افواجا الى السفارة الامريكية ووضعت مشاكلها بين يدي السفير الامريكي و سلمت زمام امرها اليه دون تردد او مراعاه للرأي العام , واعطتة التوكيل المطلق في حل تعقيداتها وخلافاتها المتفاقمة , تركت أجوآء من الفوضى وانعدام الارادة المستقلة و إنعدام الحرية , ومعرفة الحدود والامكانيات المتاحة للوطن وفق القدرات والمؤهلات الوطنية , وتركته رهينة التقلبات والصراعات والتدخلات الخارجية سواء العربيه منها او الدولية , وهذا ما بدا واضحا في المبادرة الخليجية واتباع اسلوب الترغيب والترهيب من قبل السياسه الامريكية عبر سفيرها لفرض الرأي والسياسه الخليجية الامريكية عنوة في اليمن بما يلبي مصالحها واطماعها في المنطقة , وسرد الاملآءات الخارجية بصفاقة , افقدت الوطن اغلي ما يملك من الحرية واستقلالية القرار والسيادة المطلقه على اراضيه وقراراته وسياساته .
كان الصوت الشبابي الحر هو الندآء الوحيد المتمثل في انقاذ اليمن من هكذا تدخلات واسفاف بحق الوطن , ترجمتة التحركات الشبابية والثورة الشعبية والمسيرات الجماهيرية , وذهب السفير الامريكي في تصريحاته اللامسؤولة الى ابعد من ذلك حين قال انة لايمكن استثنآء اولاد الرئيس أو أقاربة من أية مناصب قيادية قادمه في الجيش , وهذا ما بثته اكثر المواقع وما سحب بعدها وتم الاعتذار لكون الترجمة لم تكن موفقة وصحيحة لبنود ونصوص الحوار بعد موجة الغضب الشبابية ضد السفير وهذا الطرح الجرئ , متناقضة مع ما اكددته بعض المصادر من صحة تصريحاته المستفزة , وهو فعلا ما تم تناقله في دهاليز وأروقة السياسة ما كان لها ان تظهر للعلن لولا نفحة الشجاعه الصحفية , وما تم طرحة الا جسا لنبض الشارع اليمني ومدى ردة فعله وتفاعله مع الموضوع من قبولة او عدمة واستيعابة , بغض النظر عن الجدل في هذه التصريحات ولكن لسان حال السياسه الامريكية في اليمن تسير في هذا الاتجاه من تثبيت سياساتها وحمايتها عبر اياديها السابقة وسياساتها المتبعة , وإنقاذ النظام وحمايتة من السقوط والتآكل , خاصة بعد ان بذلت الاموال الطائله من الخزينة الامريكية في هذا الشأن , ليتحول الامر في مجملة الى ضرب الإرادة الشعبيه الطامحة للتغيير .
وليس بعيدا تناقلت وسائل الاعلام تصريحات جديدة ومقتضبه للسفير الامريكي, عن أحقية الرئيس السابق وأولادة في الترشح لمنصب الرئاسة بعد عامين من الفترة الانتقالية , لقد وصل الاستفزاز بمشاعر الشعب وأسر الشهدآء الى درجة كبيره لا يمكن تخيلها من التدخل السافر, وبلغ امتهان الوطن وسيادتة وارادتة المستقله الى حدود لا تطاق من الانتهاك , واطلاق نار التصريحات الهوجآء جزافا دون ايه اعتبارات او رادع اخلاقي او سياسي , وربما مستقبلا المضي قدما الى تطبيق هذه السياسات المرسومة على ارض الواقع , حينها لم يصمت ضميرالشباب اليمني الحر , فانتفضت الساحة الثورية مجددا مطالبة بطرد السفير واخراجة من اليمن كشخصية غير مرغوب فيها , شخصية ليس لديها أدنى المقومات في التعاملات السياسية واحترام الدولة المضيفة ومعرفة حدودها ومقامها الخاص.
وما ظهوره بهذه الصوره المستفزة والمبالغ بها اعلاميا في وسائل الاعلام إبان الحملة الانتخابية للرئاسة وفي مجلس النواب وخلال مراسم التنصيب وفي مقدمة الصفوف الاولى وبتلك الابتسامة الصفراء الساخرة التى لا تفارق محياة ابدا , الا امعانا في امتهان ارادة الشعب ورفضة القاطع لوجود شخصية غير مرغوب فيها , وان كان وجود السفير الامريكي مطلب سياسي ملح بحكم العلاقات الدولية , فهناك حدود وقوانين وبروتوكولات خاصة ومعينة ودولية متعارف عليها تسيس وتقنن العلاقات بين الدول في حدود معينة مع احترام سيادة الدولة المضيفة , مع الحفاظ على حدود التعامل وفن ولياقة أداب الحوار ووصف السياسه بما تتماشى مع مكانة الشعوب وخصوصياتها , هذه العوامل جميعا يفتقدها السفير الامريكي بشدة , وما تدخلاته في عدم اطلاق سراح الصحفي عبدالالة حيدر شائع مؤخرا الا برهانا آخرا لافتقاد السياسة اليمنية ادنى مقومات حماية قرارها واستقلاليتة , و تصريحات السفير الامريكي حول قضية حيدر التي اصبحت قضية رأي عام , والتي قال فيها ان حيدر معتقل على ذمة قضية جنائية وليست قضية رأي , رغم اصدار اوامر رئاسيه حينها بالعفو عنه و اطلاق سراحة ورفض السفير الامريكي حينها بشدة , و طالب السلطات اليمنية بعدم إطلاقة وذلك بعد أن أوصت الولايات المتحده الأمريكية الحكومة اليمنية بإبعاده عن العمل الصحفي, ولم يكن عمله كصحفي الا في اطار تغطيتة للحرب على القاعده والغارات الامريكية واستهداف الأسر والمنازل وقتل النساء والاطفال جرآء الاعتدآء على أمن اليمنيين فيما يسمى بالحرب الأمريكية على الارهاب .
لذا نوجه دعوة عامة وعاجلة الى الضمير اليمني الحي والحر والمسؤول بإنقاذ البقيه الباقيه من ماء وجة الوطن والحفاظ على كرامته واستقلالة ورفعته , وايقاف تدخلات السفير او طردة او المطالبه بتغييرة او ايقافه عند حدودة الدبلوماسيه المتفق والمتعارف عليها دوليا , او على الاقل وفي اسوأ الحالات اسكاته ,احتراما لكرامة الوطن وسيادته وعلو شأنة وعظمتة, وإعادة لليمن كرامته المسلوبة ومكانتة الحضاريه والتأريخية السامية بين الأمم .
- قرأت 518 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ