حتى لا تعود كربلاء!
كربلاء لها بعدان، بعد مأساوي، وبعدٌ قيمي مبدئي متصلٌ بالله وبرسول الله وبالإسلام والقرآن والإنسان على مدى الأزمان.
وما نقصده من العنوان (ألا تعود كربلاء) هو ألا تعود مآسيها، ومآسيها في هذه المرحلة المعاصرة هي مشاريع تقسيم تمزق الشعوب بسيف أمريكي يحمله في الأغلب عملاء من داخل الأمة يتوهمون أن تكون لهم سلطة على أشلاء مبعثرة من المحيط إلى الخليج.
والعدوان على اليمن مثالٌ صارخ يبين مساعي تركيع الشعب اليمني وإخضاعه كليا للأجنبي الآتي من وراء البحار.
وقد فشلت تلك المساعي بما سطره شعبنا اليمني من صمود عظيم يتطلب وعيا أكثر وإسنادا ورفدا للجبهات، وحركةً نشطة على كل الصعد لمواجهة تصعيد عدوان تتولاه أمريكا، ويقوده نظامٌ سعودي تكشفت أمورُه على نحو لم تتكشف من قبل، وقال عنه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “بأنه -أي النظام السعودي وأمثاله- يكتفون بركعة صلاة في البيت الحرام، بينما ركوعهم مطلقٌ في كل شؤون الحياة للبيت الأبيض”.
وذلك التوصيف يمثل أبلغ مقولة عاشورائية أطلقها السيد القائد في خطابه يوم أمس، موصفا على نحو دقيق للغاية جوهر الصراع، وماهية النظام السعودي وطبيعة سلوكه النفاقي، ودوره في المنظومة الأمريكية الاستعمارية.
ولأن مصطلح “الركوع” يتضمن معاني الخضوع والتذلل المطلق، فالعدوان على اليمن تطبيق عملي سعودي إماراتي لإرضاء أمريكا وإسرائيل من خلال تركيع الشعب اليمني.
وهذا التحدي التاريخي والاستثنائي وبقدر ما تقف ورءاه من قوة تدعى الولايات المتحدة كامبراطورية هي الأطغى على وجه الأرض، فإن في “الحسين” ووقفته الكربلائية أقوى ما يكون من سلاح لدى شعبنا والأمة لمواجهة أمريكا وألف امبراطورية مثل أمريكا.
وما ارتفع اسم “الحسين” إلا بعد أن بلغ السيلُ الزبى، وانهارت جميع التيارات الفكرية والسياسية أمام أمريكا. كما أن “الحسين” لم يبرز في هذه المرحلة (موقفا ومسؤولية) إلا لانعدام الخيارات أمام الأمة الموضوعة بين خيارين اثنين فقط، إما أن تستسلم وما لذلك من تبعات قد تصل إلى حد التلاشي والانقراض، أو تتصدى وتقاتل كما قاتل الحسين، ففاز برضوان الله، وأعظِم بذلك فوزا وقربة، وبقي اسمه خالدا رغم مرور ألف وأربعمائة سنة، فكيف بالأمة حين تنهض نهضة الحسين، فإنها حتما ستضمن بقاءها على هذه الأرض بسيادة وعزة وكرامة وإلى أن تقوم الساعة.
وخلاصة الأمر، إن العدو لا يطمع من الأمة فيما لها من “مكان” (جغرافيا) فقط، بل يستهدف المكانة. وبيد الأمة أن تطرد العدو من المكان، وتغير مكانتَها من تبعية إلى مكانة متمكنة.
ولن يتأتى للأمة أن تحافظ على مكانها وتطرد المحتلين، وتغير مكانتَها إلى استقلال واستقرار إلا بالمضي على درب الثائر العالمي الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.
- قرأت 186 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ