اليمن : انصار الشريعة ورقة في الصراع السياسي بقلم جاسم محمد
رغم انتخاب عبدربه هادي رئيسا جديداً لليمن وتشكيل حكومة وفاق وطني إلا أن الملف الأمني يمثل أبرز التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة ، التحدي الامني هو الاصعب في وجه حكومة هادي الذي تم تنصيبه نهاية شهر شباط 2012 .
الخلافات السياسية في ظل حكومة وفاق وطني ستفرض بضلالها داخل البرلمان ، اما التطورات الامنية فكانت تتصاعد عكسيا وتزداد تدهورا مع الملف السياسي ووصلت ذروتها بانتخاب هادي عبد ربه.
و ماحدث في مدينة زنجبار ورداع واخيرا في شبوة وعزان من تطورات امنية مطلع شهر اذار الجاري 2012 ابرزها اعلان جماعة انصار الشريعة ولايتهم على بعض المناطق وخاصة جنوب اليمن ، لم تكن وليدة اليوم ابدا بل جائت مؤقتة مع العد التنازلي لرحيل صالح رسميا عن السلطة . تستغل القاعدة الفراغ السياسي فخلال الاسبوعين منذ تنصيب الرئيس هادي نفذت "جماعة أنصار الشريعة" هجمات عدة في جنوب اليمن.
صعود جماعة انصار الشريعة
ظهرت انصار الشريعة تماما مع تصاعد ثورة التغيير الشعبية في اليمن مطلع عام 2011 ولا نستبعد ان تكون احدى وسائل علي صالح لبث الفوضى بعد رحيله وتزامن عملياتها برحيله يرجح هذا الرأي .
تاتي تسمية انصار الشريعة محاولة لكسب القبائل اليمنية والشباب اليمني بعد ان واجهت القاعدة مشاكل مع القبائل في المحتمعات الحاضنة ويبدو كانه نسخة لما يسمى بدولة العراق الاسلامية ، وهو اسلوب لجئت اليه القاعدة خلال السنتين الاخيرتين لفرض وجودها من خلال تلك التنظيمات معتمدة على كاريتزمايتها التنظيمية ورموزها .
انصار الشريعة بقيادة طارق الذهب كانت اصلا موجودة منذ اشهر طويلة وباتفاق مع حكومة علي صالح وماتم اعلانه من امارات وولايات اسلامية هو توزيع الادوار بين علي صالح والقاعدة و تنظيم انصار الشريعة ، والا كيف نفسر استسلام جيش نظامي امام مجموعات انصار الشريعة وتتحول معداته والياته الى غنائم حرب ؟
يختلف مقاتلو انصار الشريعة عن مقاتلي تنظيم القاعدة فاغلبهم من اليمنيين ،رغم وجود بعض المقاتليين الاجانب وهي سياسة اتبعتها انصار الشريعة لمنح الهوية اليمنية واغلب مقاتليها من الشباب غير المتعلم .
انصار الشريعة تعتمد العمل الشعبوي
ان شعور تنظيم القاعدة بغياب تأثيره على القبيلة اليمنية دفعه إلى اللجوء إلى اعتماده العمل الشعبوي بدلا من العمل النخبوي الذي يتضمن الاعداد والتدريب والمبايعة لولي الامر لتحبيب الناس بالشريعة في المناطق التي تسيطر عليها القاعدة وفقا لاحد قيادات انصار الشريعة المعروف باسم ابو العباب الزبير واعتماده قيادات قبلية يمنية من ذات المناطق مثل طارق الذهب وبات التنظيم يقدم بعض الخدمات للمواطنيين محاولة منه للاستفادة من فراغ السلطة الذي كان موجودا اصلا قبل رحيل علي صالح .
وفي تحليل الباحث اليمني المتخصص في شؤون الإرهاب فارس غانم أن "البنية الفكرية لهذه الجماعة قائمة على الفكر الجهادي وأن معظمها نشأ في أفغانستان غير أن تعدد ولائها وارتباطها بالنظام جعل تنظيم القاعدة في اليمن يفك ارتباطه بها مع الإبقاء على اتصالات محدودة مع بعض قياداتها المرتبطة بمصالح اقتصادية بالقاعدة".
انصار الشريعة والمحافظات الجنوبية
كان توزيع الادوار مابين القاعدة وانصار الشريعة والسلطة احد اساليب السلطة للضغط على الغرب وتوزيع خارطة وجود انصار الشريعة وتنظيم القاعدة في الجنوب محاولة من السلطة لفرض الفوضى لتكون شبكة عازلة بوجه الحراك الجنوبي .
و جاء اختيار مدينة حطاط وجعار والمحافظات لجنوبية لنشاط القاعدة حليفة نظام صالح لتكون مصدر تهديد لباب المندب الذي يعتبر احد الممرات البحرية الستراتيجية لحركة التجار العالمية .
لذلك سعت بعض الدول الاوربية وخاصة ايطاليا بتسيير فرقاطاتها لحراسة السواحل اليمنية جنوب اليمن عند باب المندب تاركة الارض الى انصار الشريعة وهي عكس مشهد تنظيم الشباب في الصومال الذي يمسك البحر ويترك اليابسة .
اما الوحدة الاميركية الخاصة بمعالجة تنظيم القاعدة داخل اليمن فيبدو انها مازالت معطلة وسط الفوضى التي تجتاح اليمن ولا يوجد لديها دور ميداني رغم احتمال استعادتها مع اي استقرار سياسي ولو كان طفيفا .
وفي استطلاع لاراء بعض اليمنيين حول الوضع الامني في المحافظات الجنوبية اكد المواطنون بان الامن سوف لا يستعيد الا باعادة هيكلية الجيش والمؤسسات الاستخبارية ومنها الامن السياسي التي مازالت تتعاون مع التنظيمات المسلحة وتمثل اجندة علي صالح رغم رحيله ، ان وجود عائلة علي صالح في السلطة بعد رحيله لايمثل مخاوفا لليمنيين وحدهم فحسب بل الى الادارة الاميركية ذاتها .
وفي هذا السياق نقلت صحيفة الـ "وول ستريت جورنال" عن الكولونيل جيم غريغوري ، المتحدث باسم البنتاغون قوله إن "الجيش الاميركي قرر تعليق أنشطة التدريب في اليمن العام الماضي 2011 بسبب عدم الاستقرار السياسي . " لكنها أضافت : " إلى ان إحدى النقاط الشائكة في خطة التدريب وهي أن تبقى العلاقة مستمرة بين الولايات المتحدة وأقارب الرئيس المخلوع علي صالح ، الذين ما زالوا يتمتعون بالسلطة " .
حكومة الوفاق الوطني
يبدو ان تعقيدات الملف السياسي في اليمن سيدفع بثقله على المشهد الامني ، و تجربة حكومة الوفاق الوطني ستكون قريبة من مشهد حكومة الشراكة الوطنية في العراق وان صح ذلك فيعني ان اليمن ستشهد تدهور امنيا شديدا وسط غياب السلطة وانشغال السياسيين في خلافاتهم داخل البرلمان بعيد عن اي مشروع وطني او اعادة بناء ، والاخطر ان يتم توظيف تنظيم القاعدة وانصار الشريعة من قبل حزب المؤتمر في صراعه السياسي .
ان استطلاعات الشارع اليمني تفيد بان حزب الاصلاح بزعامة الزنداني سيكون له الحصة الاكبر في التوافقات السياسية بالاشتراك مع حزب المؤتمر و تبادل ادوار المعارضة والسلطة بين الزنداني وحزب المؤتمر وكأن ثورة الشباب و التغير لم تأتي بشيء لتثبت مقولة انقلاب القصر الذي لايتعدى تغير راس السلطة . اما الحوثيون فيعتمد على قرارهم بالاشتراك في العملية السياسية او الابقاء على حركتهم المعارضة .
تنظيم القاعد هو الاخطر
يستفيد تنظيم القاعدة وانصار الشريعة من الفراغ السياسي ليكون الاكثر تناسلا حتى من معقله في افغانستان مستغلا دور القبيلة في المجتمع وفي المؤسسة السياسية . و يعتبرتنظيم القاعدة في اليمن هو الاخطراقليميا وسط تراجع التنظيم المركزي ، لذلك يعتبر تهديدا للمصالح الغربية مباشرة ، هذا التهديد لايتمثل في الممرات البحرية وباب المندب بقدر ما يكون مقرا لانطلاق مقاتليها خارج اليمن .
تكمن خطورة القاعدة في اليمن ليس بالقلق الاميركي فحسب بل يتعداه الى المملكة السعودية التي تعتبر اكبر شريك للولايات المتحدة في مواجهة تنظيم القاعدة بالاضافة الى امتداد حدودها مع اليمن وتسرب قيادات التنظيم من والى المملكة ، وكذلك احتمالات تمدد شبكة القاعدة مع تنظيم الشباب في الصومال والقرن الافريقي .
نقلا عن الوطن
- قرأت 390 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ