مشايخ وعساكر.. ووحدها المرأة!
في خبر نشرته "الشارع"، السبت الماضي، عن خلاف بين مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الدفاع والأمن، اللواء علي محسن الأحمر، وقائد المنطقة العسكرية الثانية، اللواء محسن ناصر، وبعيدا عن سياق الخبر؛ لفت نظري ما قال مصدر الصحيفة إنه من أسباب الخلاف، والمتمثل في قيام قائد المنطقة العسكرية الثانية بإيقاف شركات اصطياد، يملكها "سنحانيون"، عن العمل في مياه حضرموت.
ما لفت نظري في الأمر هو: بأي صفة يقوم قائد عسكري بمنع شركات اصطياد من ممارسة عملها؟!
نعم، قد تكون تلك الشركات (بل وبالتأكيد) تعمل بالمخالفة للقانون، وربما للقيم! وإذن، فما هي مهام ومسؤوليات وزارة الثروة السمكية مثلاً، أو السلطة المحلية بالمحافظة...؟!
اللواء علي محسن الأحمر إذ (أو إذا) ساءه إيقاف تلك الشركات، فذلك ما عملتْه -وتعمله- يداه، أو ما عملته أيدي علي عبد الله صالح، وهو إحدى تلك الأيدي!
ما يحدث في هذا السياق، هو نفسه في سياقه العام.
لقد كان 5 نوفمبر 67 هو المنعطف الحاسم (بالنسبة لنظام الجمهورية العربية اليمنية طبعا، لكنه اليوم هو أيضا نظام الجمهورية اليمنية). فنظام 5 نوفمبر هذا ما كان له من إله سوى النفوذ والمال. كان بلا إحساس، ولا حساسية، تجاه أي شيء آخر. ألم يكونوا بلا إحساس ولا حساسية إزاء تلك الوصمة التي ألحقها باليمن وأهله غرورٌ سعودي أجوف، ساهمت في "امتلائه" هزيمتنا المذلة أولا، ثم تبعيتهم الأذل لبرميليه الأساسيين: برميل نفط، وبرميل دين؟!
هل كان لهم من مشكلة في إعادة رموز، بل وبعض أركان النظام الإمامي، الذي تسبب في تلك الوصمة، وأراد سبتمبر الإطاحة به؟!
اليوم أيضاً ثمة "وفاق"، "حوار"، "مصالحة"... وثمة مؤتمرات أيضاً، وتشبه تماماً تلك التي سبقت 5 نوفمبر (أو أنها هي هي).
فمن (محراب!) "المؤتمر اليمني لنصرة الإسلام والحفاظ على اليمن"، مثلا، خرج علينا الشيخ الزنداني بتقليعته الجديدة: "الخُمُس: حق فقراء آل البيت". من بين كل ما تعانيه اليمن من كوارث، بدا ذلك هو الهم الزنداني الوحيد! "وفيه اختزل "نصرة الإسلام (من أي هزيمة يقصد؟!) والحفاظ على اليمن (من ماذا؟! والجواب هو الأغرب)".
طبعاً قد يظن البعض أنني أبالغ في الأمر. حسناً كنت سأفعل الأمر نفسه لو لم أعرف حيثياته.
أحد المشايخ الذين شاركوا في "المؤتمر الزنداني" (وهو شيخ أحب وأحترم شخصه كثيرا، وأخالفه كثيرا طبعاً)، وفي معرض تبريره للشيخ الزنداني (تبريرا لم يمنعه من تلميح إلى مخالفته، في التوقيت على الأقل)، قال إن "الخمس" هو ضرورة يقتضيها واقع الحال، بغرض تحصين "فقراء آل البيت ضد المال الرافضي"!!!
أراد الشيخ أن يكحلها فأعماها! هو كشف، ومن حيث لا يعلم، حقيقة الدوافع الزندانية ، أو دوافع المؤتمر الزنداني (وهي المكشوفة أصلا). يخطئ -إذن- من يظن "فضيلته" مهموماً بفقر أو فقراء "آل البيت"، ويخطئ أيضا من يحاول انتقاده بسبب اهتمامه بهم وحدهم! فحتى فقراء "آل البيت" إنما أراد الزنداني "تحصينهم" فقط؛ ولولا تهديد "المال الرافضي" لكانوا "مش من البيت"، وليذهبوا إلى الجحيم، مثل بقية الفقراء اليمنيين!
اهتمام "العلامة"، "فضيلة الشيخ"، "الداعية الإسلامي"، بفقراء "آل البيت" لم يكن -إذن- سوى: مراوغة سياسية.
القبيلة أيضاً لم تغب عن مؤتمر الزنداني؛ فهي تبحث أيضا عن أي موطئ قدم (تناله أو تحافظ عليه). وبعد أن كانت قد أزاحتها العائلة "الصالحية"، أحد شركائها في نظام 5 نوفمبر، منذ منتصف التسعينيات تحديدا (فترة قوة العائلة)؛ ها هي الفرصة تنفتح لمن دبّ، لا لمن هبّ.
المرحلة حالكة، مربكة، مخيفة... الزنداني ينادي بالخمس! قائد عسكري "يحمي" يطأ الدستور بقدميه حماية للثروة الوطنية! وآخر يحتل حديقة عامة ويريد أن يعمل صياداً محتكراً ذلك أيضا! مؤتمر حوار "وطني" وكل همه تقسيم (أو بالأحرى اقتسام) الوطن! "وطني" وينفذ فقط أجندة خارجية: أممية، إقليمية، وحتى "عُمرية" (نسبة إلى بن عمر)!
لكن، ومن بين كل هذا، تأتي أصوات، نسائية في الأغلب، لا يسعك معها إلا أن تقول: هذا بالضبط ما نحتاجه؛ أن نسمع مثل هذا! نعم، مازال قلب اليمن نابضاً! وسينتفض حتماً!
هل يمكن القول بأن صوت الأستاذة ألفت الدبعي، القيادية الإصلاحية، واحد من تلك الأصوات؟
("الشارع"، الاثنين، 7/ 10/ 2013)
- قرأت 311 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ