جماعة انصار الله " الحوثية" كمهدد للجمهورية : عبدالملك العجري
كان ميكيافلي ينصح للسياسي إذا كان لزاما عليه ان يجد سبيلا للخلاص من شخص ما أن يلتمس مبررا مناسبا وساميا
ذكرتني نصيحة ميكافلي بحالة الرهاب الذي يبتغي فريق واسع من السياسين والكتاب اليمنيين من حاملي مقاصل الثورة والجمهورية ,تكريسه عن النوايا السيئة لأنصار الله المتربصة شرا بالثورة والجمهورية
خمسة عقود من عمر الجمهورية ومقصلة الثورة الرهيبة لا تتوقف عن العمل والعصور الذهبية لها تتجدد باستمرار,وتنتظر المزيد من الضحايا وشفراتها الحادة تطلب المزيد من الرؤوس المتهمة بمساعيها لتلويث طهارة وصفاء الثورة وتعكير مزاج المبجلة "الجمهورية".
في العام 2004م كان رأس الحوثي لجهات ودوائر في الداخل والخارج لأسباب يعلمها الراسخون في الراسخون في وكما ينصح الشيخ ميكافلي ليس مهما ألا يكون السبب كاذبا بل أن يكون المبرر مناسبا وساميا .
لم يكن ثمت ما هو أفضل من الجمهورية التي يتحرش بها الحوثي ويقذفها بأقذع الشتائم
تم نصب مقصلة الثورة (آلة الموت الرهيبة )في الساحات العامة وصار رأس الحوثي مطلوبا حضوره على وجه السرعة
وفي سبيل تحقيق رغبتها في الخلاص من الحوثي ومناصريه قادت أطراف تحالف النظام السابق عبر دوائرهم وأجهزتهم المختلفة حملة منظمة تنكر كل شرعية وجودية أو أخلاقية لجماعة انصار الله كمقدمة ضرورية لتصفية وجودهم الفعلي
وفي هذا السياق ظهرت الكثير من الفرضيات والتأويلات والقراءات ذهبت كل مذهب واظهر نفر من الكتاب الولع بكل ما هو عجيب وخارج عن مألوف البشر وطبائع العمران ,وغيرها من القراءات الغرضية ذات النزوعات العدوانية التي تقاربها بعقلية بوليسية أمنية لاستصدار أحكام دائنة وتتعسف قراءة الواقع لانتزاع اعترافات مطابقة لقناعات مسبقة ,بهدف التشويه المنضم لجماعة أنصار الله وإلصاق كل المساوئ الأخلاقية والنقائص الدينية والانحرافات الإيديولوجية بها.
هذه التحليلات ترتبط بفكرة المكافحة أكثر من ارتباطها بمطلب الفهم والتحليل العلمي والتفهم العقلاني ,وتقوم على إنكار حقها في الوجود كقوة سياسية ورفض مشروعيتها الدينية والوجودية والتعامل معها كحالة مرضية غير مرغوبة فيها والنتيجة التبرير للحلول القمعية والأمنية .
والمحزن أكثر القراءات المتواطئة التي تصدر عادة عن بعض الكتاب المستقلين والنخب الليبرالية واليسارية (القوى الناعمة بزعمهم) عندما لا تقرؤها إلا انها مؤامرة تتربصا شرا بالثورة والجمهورية وردة سياسية ضدا لعملية التحول الذي أحدثته ثورة السادس والعشرين من سبتمبر1962
وأنها تشكل فعلا استئنافا لكيانات اجتماعيات وسياسية بالية (الامامة السياسية)وتكرارا رثا وهزيلا لتنظيمات لا تاريخية موروثة تخطط جماعة انصارالله لاستحيائها .
هذه النظرة ليس المشكل فيها استاتيكيتها وسكونيتها حيث تفترض أن مسار حركة المجتمع اليمني مسار جامد وثابت يعيد تكرار أبنيته بطريقة ميكانيكية .أو انه يمكن أن ينحكم لرغبة فردية و مؤامرة مخططة متفلتا من كل القوانين والشروط التي تحكم حركة الاجتماع الإنساني فضلا انها لا تلقي بالا لحقيقة ان سقوط اي نظام سياسي تعني انتهاء مبررات وشروط بقاءه واستمرار .
المشكل الأخطر في هذه الاقترابات أو التحليلات انها تلتقي مع السابقة –عن قصد أو بدون قصد- في التبرير للحلول الأمنية بتعاملها معها كنشاز اجتماعي ونكوص سياسي وبالتالي - على حد عبارة برهان غليون في كتابه "نقد السياسية الدولة والدين" –اعتبارها ظاهرة من خارج المجتمع أو من خارج التاريخ لا تملك نصيبا من الحقيقة السياسية أو الأخلاقية تجعلها تستحق المعاملة كحالة طبيعية ,والنتيجة الضرورية التي تقود إليها غير رفض الاعتراف بمشروعيتها الوجودية إنها تدفع بوعي وبدون وعي إلى تطوير موقف سلبي عدائي و رد الفعل الطبيعي في هذه الحالة هو الرد الأمني والقمع الفكري والسياسي والعسكري
هؤلاء بصرفهم أي اعتبار لرؤية انصار الله لبناء الدولة ,والإصرار على قراءة نوايا الحوثي المبيتة -على طريقة المنجمين - بمثابة تشجيع مبطن على العنف ضد انصار الله واستمرار اشتغال مقصلة الموت الرهيبة , و تلقي بظلال كثيفة من الشك في ازعومة رغبتهم بتحول انصار الله إلى قوة سياسية وجماعة مدنية سلمية تعمل ضمن نطق مشروعة بل بالعكس تصنفها ووضعها في خانة المهددات السياسية والوطنية وضمن الوجودات غير المرغوب فيها وبالنتيجة حرمانها من اي شرعية وجودية و أخلاقية ووطنية ......
- قرأت 735 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ