الحوثيون يقاتلون الإرهاب.. والسعودية تصعد الإرهاب
لا تنفك وسائل إعلام السعودية وحلفائها تتحفنا هذه الأيام بهجومها المستمر على جماعة "أنصار الله" في اليمن، لتجريدهم من أي صبغة ثورية واستغلال كل حدث أمني أو عسكري وتجنيده بما يخدم مصلحتها بشيطنة "الحوثيين" ووضعهم في خانة الإرهابيين والاستغلاليين وغيرها من الاتهامات التي لا أساس لها. جهد الحوثيين للوصول إلى "الحديدة"، التي تقع على مسافة 230 كيلومتراً إلى الغرب من صنعاء، يقطنها أكثر من مليوني نسمة، وثاني أكبر المدن بعد مدينة تعز في وسط البلاد، والحصول على موطئ قدم لهم في المحافظات المتواجدة على البحر الأحمر بهدف قتال تنظيم "القاعدة" والتكفيريين الذين يمتلكون قواعد عسكرية هناك، وضربهم قبل أن يتوسع انتشار رياح "داعش" وفكرها التي تعصف بسوريا والعراق، فيكون قتالهم هذا جزء مهم في إطار التوجه الإقليمي والدولي للقضاء على "داعش" وكل الجماعات التكفيرية والإرهابية في المنطقة. المواجهات بين الحوثيين والقاعدة لا تزال قائمة في منطقة رداع، حيث يخوض الحوثيون حرباً ضروس ضد تنظيم القاعدة ومن يؤيده من الأطراف اليمنية أدّت إلى مقتل الكثير من الحوثيين ومن مسلحي القبائل التي تواجههم. وتأتي محاربة الحوثيين للقاعدة في ظل نشاط هذه الأخيرة في اليمن خصوصاً في ظل الدولة الضعيفة والقوى والجماعات المتحالفة معها، وفي ظل الهجوم المستمر للدولة المجاورة التي تسعى إلى ترويج صورة للحوثيين على أنهم جماعات خطرة تهدد النسيج الإقليمي ورواية عن مخاوف مصرية من سيطرة الحوثيين على باب المندب، على قاعدة أنّ خطوة كهذه تهدد الملاحة في قناة السويس وبالتالي الأمن القومي المصري خلق فتنةً وعداءً من الرأي العام العربي والمصري بشكل خاص تجاه الحوثيين في اليمن وفي الوقت ذاته دق إسفين في العلاقات المصرية الإيرانية. إذاً يأتي جهد الحوثيين في هذه المحافظات على المستوى الداخلي، لتخليص اليمن من المجموعات التكفيرية وبعض الجماعات الدينية والعسكرية التي تعتبر الداعم الأساس لـ"الجنرال العسكري علي محسن الأحمر" والشيخ عبد المجيد الزنداني" الذين يمثلون منابع الفساد، والذين باتوا يشكلون تهديداً للمجتمع اليمني بسبب السلوكيات والتصرفات التي يقومون بها في دعم وتبني بعض الجماعات الدينية المتشددة في اليمن والممولة من بعض دول الخليج خصوصاً قطر والسعودية. ويساهم التقدم العسكري الاستراتيجي الذي حققته جماعة أنصار الله الذين يعتبرهم الغرب حلفاء لطهران، إضافةً إلى سقوط أحزاب الإخوان المسلمين في العالم العربي كما في مصر وتونس الذي كان العامل الحاسم في سقوط آل الأحمر إقليميًا ودوليًا، يساهم بتصاعد حدة الهجوم السعودي على اليمن عبر محاور ثلاثة: الأول، دعم التنظيمات التكفيرية بالمال والسلاح لمقاتلة الثورة الشعبية الجديدة تحت عنوان حرب مذهبية ضد الشيعة، على زعم أنّ الثوار كلهم ينتمون الى هذه الطائفة. فتثار الفتن في هذه الحالة ويأخذ الصراع الطابع المذهبي الصرف كما تحاول بعض الجهات العربية والغربية أن تصبغ الصراع المستعر في سوريا والعراق بأنه صراع مذهبي وبأنه يتوجب على أهل السنة أن يقفوا إلى جانب هذه الجماعات التكفيرية لحمايتها من الخطر الشيعي وغيره من الأقليات. والثاني، رفع العطاءات لشيوخ القبائل لاستعادة ولائها، بعدما أيدت غالبيتها الانتفاضة الشعبية التي يتزعمها عبد الملك الحوثي. فالسعودية تخشى على نفوذها في اليمن، وخاصةً في ظل إحراز الحوثيين تقدماً في المدن اليمنية، فهي تقوم بكل ما في وسعها لمنع الحوثيين من التوسع باتجاه حدودها، أو باتجاه المناطق التي تضم حقول النفط اليمني. وثالثاً، دعم التيارات والأحزاب الانفصالية خاصةً الجنوبية منها بإغداق الأموال عليها. وقد ظهرت إشارات هذا الدعم من خلال تصريح وزير الدفاع في الحكومة الجديدة محمود الصبيحي المقرّب من "الحراك الجنوبي" الذي توعّد فيه المجموعات الإرهابية والتخريبية في إشارةٍ وتلميح إلى الحوثيين. بل أكثر من ذلك، تسعى السعودية إلى الامساك باليمنيين المقيمين في الخارج وتجنيدهم لصالح معركتها. فعلى سبيل المثال، تفيد معلومات مؤكدة أنّ اجتماعين عقدا خلال الأيام القليلة الماضية في السفارة السعودية في القاهرة، ضمّا مسؤولين فيها و55 طالباً يمنيًا يقيمون في العاصمة المصرية. وتضيف المعلومات أنّ السعوديين دفعوا لكل من هؤلاء مبلغاً وقدره 1500 دولار أميركي في محاولة لتشجيعهم للانضمام إليهم في جهودهم ضد الانتفاضة الشعبية في اليمن. واللافت أنّ السفارة استحصلت على أسماء هؤلاء اليمنيين من إدارة التعليم العالي المصرية وذلك بعلم الأجهزة الأمنية التي لم تمانع. كل هذه التدخلات السعودية تشكل زعزعة أمن واستقرار اليمن ومحاربة مادية واعلامية على كل حركة إصلاحية يمكن أن تنشأ فيه والقضاء عليها من خلال تأليب الرأي العام العربي والدولي على الحوثيين أو من خلال الدعم المادي للحركات الانفصالية. والهدف إبقاء الوضع الأمني في اليمن غير مستقر ما يمكنها من استمرار بسط نفوذها على المناطق اليمنية وخصوصاً الحدودية منها، واستخدام هذه الورقة في اللعبة السياسية الدولية.
- قرأت 296 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ