إعادة أمل أم إعادة فشل
يقولون بأنّ الشخص عندما يكون في مركز قوة لا يشعر بما يجري حوله، بل قد يرى أنّه لا يوجد على هذه الأرض من سيسلبه قوته وجبروته.
ففي إحدى قاعات الدراسة ذكر لنا أحد الأساتذة بأنّ حاشية الملك الإيراني محمدرضا شاه بهلوي كانوا يقولون له بأنّ الشعب الإيراني سيقوم بثورة فما كان منه إلا أن قال: "الإيرانيون في جزيرة السبات". لكنها لم تمض فترة من الزمن إلا وقد انتفض الشعب الإيراني وقامت الثورة الإسلامية.
كذلك ما يجري في اليمن، حيث كان يظن أصحاب الفخامة والسمو أنّهم سيغلبون الشعب اليمني ويركعوه في غضون ساعات، فما كان منهم إلا أن أطلقوا عاصفتهم المزعومة بـ "عاصفة الحزم" والتي هي في الواقع عاصفة جرم لإنّها إجرام بكل المقاييس في حق شعب بأسره، فمن قتل إلى ترويع وتشريد ودمار وحصار لشعب يرزح أكثر من نصفه تحت خط الفقر، وهذه هي ربما كانت "القشة التي قصمت ظهر البعير"، حيث أذهل هذا الشعب العالم من حوله، فبرغم ما يحمله من فقر وحرمان، لكنه كان ولا يزال أكثر صموداً وشموخاً ضد المعتدين، كما بدا أكثر توحداً وتماسكاً، إلا ما شذ لأنّ لكل قاعدة شواذ.
كما تسبب هذا الصمود في تخبط قوى العدوان، فقد كانت تراهن على ما لديها من قوة وعتاد، لكنها كلما أسرفت في جرمها كلما ازداد هذا الشعب صموداً وثباتاً.
فعندما وجدت أنّها لم تحقق إلا فشلاً من عاصفة جرمها، لم يكن منها إلا أن شنت عاصفة أخرى تحت مسمى "إعادة أمل" وهي امتداد لبقية إجرامها. حيث تشير الأحداث أنّ الإحباط الذي سببه فشلهم جعلهم يطلقون هذا الاسم المزعوم لمرحلتهم الأخيرة، وهم بهذا يريدون إعادة الأمل لأنفسهم وليس للشعب اليمني، يريدون إقناع أنفسهم أنّهم حققوا انتصارات في عدوانهم على اليمن، ذلك العدوان الفاشل الذي لم يحقق سوى المزيد من الإسراف في سفك دماء الإبرياء من شتى الفئات، ودمار للممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية المتواضعة لهذا الشعب الأبي الصامد.
فهو أمل مبني على وهم، وسيستيقظون منه على لعنات تلك الدماء التي سُفكت والتي ستظل تلاحقهم في كل زمان ومكان إلى أن تدمرهم.
فلا التشريعات السماوية ولا إنسانيتنا كبشر تؤيد ما يقترفون، وسيظل التاريخ يسطر جرائمهم جيلاً بعد جيل، وسيترك هذا العدوان حرارة في قلوب اليمنيين لا تبرد. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)
- قرأت 255 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ