"حركة الأحرار اليمنيين والبحث عن الحقيقة " 3-3

عن محسن الحاشدي ،والحاج مرشد :
 
لقد كان للاسودي دور مباشر في الكثير من محاولات اغتيال الامام أحمد حسب قوله ،منها دعمه لمحاولة سعيد حسن إبليس ،الذي كان مكلفا من قبل الشيخ حسين الأحمر وابنه حميد ،ثم قيامه بتجهيز الحاج محسن الحاشدي واعطائه قنبلتين ومسدسا ،الاّ أن جمرك دار سعد قبضوا عليه وأرسلوه إلى لحج ،ليحكم عليه بسنتين سجن ،وبعد تخفيف السجن عليه عاد إلى البلاد سرا .كذلك عمل الأسودي على دعم مرشد السريحي "مساعد أحمد الثلايا في ثورة 55م ونجا بفسه إلى عدن وبحثت له عن عمل حراسة في خور مكسر إلى أن قامت ثورة 62م وهو رجل واع ومؤمن ثوري من الدرجة الأولى "112ص.وعن الحاج مرشد يتحدث القاضي عبد الله بن عبد الوهاب المجاهد الشماحي ،في كتابه اليمن ،الانسان والحضارة "واصفا شجاعته ،وإصراره على قتل الامام أحمد في انقلاب 55م ،لكن سيف الاسلام عبد الله رفض فكرة القتل ،فكان أن فر بعد فشل الانقلاب إلى عدن لما يتميز به من قوة بدنية ساعدته على النجاة ،على عكس الثلايا الذي تم القبض عليه في شرق تعز بقرية العدنة بصالة ،بعد أن تعرف عليه الرعية هناك ،وسلموه للامام أحمد ...
عن عهد الارياني :يرى الأسودي أن حالة الشمال بعد النكسة1967م كاد أن يفقد كل المكاسب الثورية "وكانت الرجعية الحاكمة في الشمال قد بدأت هي الأخرى تقترب من الأعداء وتحاول التفاهم معهم لتحقيق أحلامهم ،ولكن الأعداء انفسهم لم يعودوا يعتنون بهذا التفاهم الذي كان أقله مشاركتهم في الحكم ...إنما أرادو القضاء على الثورة نهائيا فكان أن زجوا بكل قواهم من الأسلحة والرجال .."122ص.وقتها كان الأسودي وعبد الغني مطهر وآخرون في سجون الارياني والمجلس الجمهوري لجمهورية 5 نوفمبر "مما اضطر الارياني وشلته إلى إطلاق سراحنا مرغمين ونزلنا إلى تعز وجندنا الآلآف من الشباب من لواء تعز ومن جبهة التحرير وكنا نرسلهم يوميا بالطائرات إلى أتون المعركة،ليأخذوا دورهم إلى جانب شباب اليمن كله "122ص.يصف الأسودي الارياني وحكومته ب"بأنهم فتحوا البلاد على مصراعيها لأعداء البلاد الذين كانوا يحاربون الثورة وفي نفس الوقت عملوا على تصفية العناصر الوطنية فكنت أنا واحد منهم ،فنفوني غصبا عني وعينوني سفيرا في الجزائر ..."123ص.بالنسبة للأسودي فإن عهد الارياني عهد "ردة وتقهقر بالبلاد إلى الوراء ،ولولا الثورة التي قام بها الحمدي لكانت البلاد قد اصبحت ملكية باسم الدولة الاسلامية "123ص.لكن القوى الرجعية من وجهة نظري وبعد ان تخلصت من المقاومة الشعبية والقوات المسلحة ذات العقيدة الوطنية ،تخلصت بعد ذلك من حسن العمري ،القائد العام ،والذي ينتمي للقوى المحافظة في الجيش ،وبعد ذلك تخلصوا من الشيخ أحمد عبد ربه العواضي محافظ لواء تعز ،وهمشوا المشايخ الوطنيين من أمثال الشيخ "مطيع دماج "وبعد أن تمت تصفية القوى الوطنية حتى القوى المحافظة التي كانت على علاقة تحالف مؤقت معها ،-تم التخلص من الرئيس الارياني بعد أن أصبح سقف تنازلاته قد بلغ أقصى ما يحتمله ...
عن البيضاني واتفاقه مع الانجليز :
"أما الدكتور البيضاني فقد استطاع في تلك الفترة المحددة أن ينصب من نفسه وكيلا مطلقا للشعب اليمني ويلعب دورا بارعا متجاوزا فيه حدود المعقول مستغلا بذلك طيبة الأخوة المصريين وايمانهم بمساعدة شعب اليمن في محنته وخاصة عبد الناصر ونائبه السادات وقد حصل على أموال طائلة منهم باسم القضية ،كان يأخذ تحت أسماء زملائه على أساس أن توزع على الضباط الثوار كما كان يدعيه .."179ص.لكن الأسودي عمل على فضح البيضاني،بما لدى الأسودي من علاقات بشخصيات في عدن قريبة من الانجليز ،ف"يوم كان البيضاني في عدن يساوم الانجليز على ضرب الثورة تحت أي عذر أو أي وسيلة كان الانجليز قد ضربوا دار الحكمة في حريب واحتلوا نصف وادي حريب ثم إنه كان يعلم وقد حضر الاجتماع الذي عقد في صنعاء وحضره عبد الله جزيلان وزير الدفاع يوم ذاك ورئيس الجمهورية عبد الله السلال وسفير الاتحاد السوفيتي وأنا بخصوص التقرير الذي أتيت به من عدن حول التحرك الانجليزي وحول المؤامرة التي ذكرتا والتي عقدت في بيحان وحضرها كما ذكرت الغادر وزملاؤه "181ص.يقصد التقرير الذي "يفيد بأن الشيخ الغادر والشيخ أحمد الزايدي ومحمد الجهمي ورابع لا زال يسرح ويمرح يملك عشرات الملايين وكان بإمكاني أن أذكر اسمه ولكني أعرف أن أحدا لن يحاسبه ،أو قادر على مسه بسؤ وأن له حظوة كبيرة ومصحوبة بنفوذ ...أما الشيخ الزايدي الذي كان مكلفا بالقضاء على حملة صرواح فقد كشف في حينه وقبل أن يتم جريمته قضي عليه وعلى بعض زملائه بعد أن وجدوا معه كل الوثائق التي تثبت خيانته ،أما علي الغادر فقد التزم بالتخريب بين خولان وصنعاء وقد أدى دوره إلى أن قضي عليه في مذبحة بيحان على أيدي الجنوبيين حين ساقه طمعه وشراهته للمال إلى هناك ولم يكفه ما لديه من المال والسلاح أما علي الجهمي فقد كان مكلفا باغتيال الزبيري وكان يوم ذاك خطيب الحملة وقد تم انقاذه في حينه كما أن الرابع الذي نوهت عنه سابقا كان ملتزما بالتخريب بين الجوف وصنعاء ،ربما يذكره بعض الذين كانوا مسئولين في ذلك الوقت 179-180ص .كان يفترض على الأسودي أن يذكر اسم الرابع ،وهو الحريص في الكثير من المواضع على ذكر الاسماء ،لكنه في بعضها يكتفي بالتلميح دون التصريح !من ذلك قصة التاجر الذي كان يأخذ الأموال من المصريين منذ ما قبل الثورة بأربع سنوات ،وكان لا يعطي منها للثوارالاّ بعض الهدايا ،ويعطي للمشايخ بعض الأموال والكثير يحتفظ به لنفسه ،إضافة إلى تسليم المصريين الكثير من السلاح قبل خروجهم من اليمن في تعز ،بحجة أن الحكام في صنعاء سيستضعفونهم بعد خروج المصريين من اليمن ،ومع ذلك لم يصرح باسمه !
بالرغم من علم البيضاني بالتقرير السابق الذكر فقد ذهب إلى عدن "يساوم الانجليز على ضرب الثورة تحت أي عذر أو أي وسيلة "181ص.لكن الرئيس عبد الناصر قام بارسال زوجة البيضاني إلى عدن "مع الزامها بعودته فورا ،ويوم عودته كان مصيره السجن الحربي وسبحان مقلب القلوب ومصير الأمور "180ص.
طائفية جمهورية 5نوفمبر :
يتحدث الأسودي عن ملحمة 62 سبتمبر 1962م والحرس الوطني الذي كان يتدفق بالآلاف من عدن وتعز إلى صنعاء ،وكيف تمت تصفيتهم بعد الانقلاب على السلال "إنها مؤامرة لتصفية الوطنيين الشرفاء الذين ناضلوا سنيين طويلة ولم يهنوا ويستكينوا ولم يساوموا على قضيتهم وكانت الحصيلة مائة مناضل يعتقلهم المجلس الجمهوري الجديد برئاسة الارياني وكلهم من لواء تعز وكنت واحدا منهم ،وكأن لوا تعز كان معقلا للملكية أو وكرا للخيانة الوطنية التي باشرها كثير من الناس واثروا ثراء فاحشا موزعة الآن في بنوك العالم "187ص."وإذا كان هذا الشباب من الحرس الوطني قد باع نفسه وما يملك في سبيل بلاده ودفاعا عن ثورته فإنه من المؤسف أن بعض قيادة الوطن كانوا يعتبرونهم أشبه بالأجانب أو دخلاء على الثورة ،فقد حكي عن هادي عيسى ومجموعته الذين كانوا قادة هذا الحرس أنهم كانوا يتعمدون إيرادهم موارد التهلكة في مواجهة العد وفقد الآلاف منهم .."189ص.وعندما يقارن بين ثورة الجنوب على الانجليز وثورة الشمال على المملكة المتوكلية التي تميزت بالخيانات والثراء من العمالة وتصفية الوطنين ،فإن ثورة الجنوب تميزت بوحدة الصف وتصفية الجواسيس العملاء ،لما تميزت به الجبهة القومية من التخطيط السليم ،في حين كانت ثورة الشمال تكرم العملاء ،وتعطيهم الأموال والمناصب !
حكاية الشيخ الكبير الذي حول لصرف مبلغ من خزانة الدولة :
"ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن شيخا كبيرا حول على الخزانة مبلغا من المال لخمسة أشخاص من أتباعه وذهبوا إلى إدارة المالية وكان يومئذ وزير الخزانة عبد الغني علي وهو متخرج ودكتور في الاقتصاد وكان من حسن حظه أنه غير موجود ولكن وكيله صالح محسن صعصعة كان موجودا في الادارة وعرضوا عليه أمر الشيخ ولكنه رفض طلبهم لأن هذه خزانة وليس بنكا ولا يحق لأي أحد أخذ مال بهذه الطريقة فما كان من هؤلاء البرابرة إلاّ أن ضربوه ضربا مبرحا أخذ اثر ذلك إلى المستشفى "207ص.ولم يستطع مدير الأمن العام عبد الله بركات أن يلقي القبض عليهم ،بل خاف وذهب يستنجد بمجلس الوزراء ،وعندها استنجد الرئيس السلال "بشيخهم وعدة مشايخ ليحلوا المشكلة بالطريقة القبلية "207ص.
إن الذهنية الطائفية والمناطقية لم تكن حكراعلى العقلية القبلية فقط لا غير ،بل إنها كانت تصدر من بعض القادة العسكريين من أمثال العمري والسلال ،ففي مصر عام 1964م وبعد نقاش جرى في قصر العروبة وكانت الوزارة موجودة كلها ،فحدث اتهام للأسودي بأنه يتآمر مع المصريين ،وهو من ناحيته طالب بالعودة إلى صنعاء قائلا"أنا موافق مبدئيا على تشكيل محكمة لمحاكمة كل من تثبت خيانته وسأقدم نفسي ضمنهم"213ص.ولكن السلال وبعد صمت طويل ،وبعد أن "صمت دهرا ونطق كفرا "كما يقول المثل حسب تعبير الأسودي ،رد عليه وقال "اسكت يا أسودي أنت زودتها كثيرا .هل نحن الذين قمنا بالثورة أم أنتم !!؟وأدركت يومها أن الثورة في نظر الناس لم تكن ثورة شعبية لليمن كله ،وإنما كانت مجرد انقلاب ضد الإمامة الفردية ،لتحل محلها إمامة جماعية باسم جمهوري "213ص.
ينتقد الأسودي السلوك الطائفي في تشكيل الوزارات فيقول "وكان كلما تشكلت وزارة جديدة نقتسمها بالتساوي بين شافعي وزيدي ،إنه سلوك مخجل من أبناء وطن واحد ويفترض أن يكونوا ثوار كلهم ابناء ون واحد .وكان يفترض بدلا من هذا التقسيم المخجل أن نبحث عن الكفاءات والتخصصات بقدر الإمكان ومن أي منطقة كانت والتي هي مقومات أي حكومة ديمقراطية ثورية "215ص.
إشارات شحيحة عن عبد الغني مطهر :
لم يشر محمد علي الأسودي لرفيقه عبد الغني مطهر في كتابه سوى إشارات متواضعة لا تعكس الدور الوطني الذي قام به عبد الغني مطهر في دعم الحركة الوطنية منذ أواخر الخمسينيات ،ففي إحدى إشاراته تحدث عن عادته في الخروج برفقة عبد الغني مطهر ،وذلك بعد فك الحصار عن صنعاء ،ورفضه الذهاب سفيرا لليمن في الاتحاد السوفيتي ،يقول عن خروجه "عصر كل يوم إلى الضواحي بمرافقة عبد الغني مطهر ،وفي ذات يوم مررت على عبد الغني مطهر فقال إنه غير مستعد للخروج وصحبني الاستاذ عبد القادر عبد الإله وبينما كنا قاعدين في منطقة المسبح في سفح الجبل وكانت الشمس مؤذنة بالغروب وإذا بالرصاص ينهال علينا ...وسقطت حوالي 25 طلقة رشاش وأخطأت كلها "188ص،
،يبدو من العدد الكبير من الرصاص أن المقصود هو تخويف الأسودي ليقبل بالخروج من اليمن ،وقد حدث وقبل بأن يذهب سفيرا لليمن في الجزائر ...ويشير الأسودي إلى عبد الغني مطهر بعد خروج السلال وانقلاب الارياني وأصحاب جمهورية 5 نوفمبر ،حين تم القاء القبض على 100 واحد من لواء تعز،واعتقالهم للاسودي والعقيد محمد مفرح والنقيب علي الشعبي والزميل علي الكهالي ،وعبد الغني مطهر ،ثم يسرد تجربتهم في السجن ،وكيف تم وضع القيود في أرجلهم وسجنهم مع المساجين المتعبين نفسيا ،ويذكر أنه طلب منهم دفع مبلغ لمدير السجن ليفك عنهم القيد ،ومبلغ آخر ليضعهم في خلوة ،ومبلغ ثالث لتنظيفها من القاذورات ...وبعد ذلك يشير إلى أن المجلس الجمهوري حين شعر بعد أربعة أيام من حصار صنعاء ،بضرورة إخراج عبد الغني مطهر والأسودي من السجن ،ليساهما في الدفاع عن الجمهورية ،تم إخراجهم من السجن ،وكان لا بد لهم من أمر يصدر من المجلس الجمهوري يسمح لهم بالنزول إلى صنعاء ،وقتها اشترط الارياني والعمري أن يوقع محمد علي عثمان على الامر قبلهم ،ورفض محمد علي عثمان التوقيع الاّ بعد أعطوه خمسة الف ريال حسب طلبه ،وتم دفع الفين ريال للوسيط بينهم وبين محمد علي عثمان الشيخ منصور شايف ،والف ريال لمدير الأمن حتى يوقع لهم على التصريح،وينفي الأسودي أن يكون الرئيس الارياني له نصيب من الرشوة على عكس ما ذهب إليه عبد الغني مطهر ،وهكذا يكون المبلغ الذي دفعوه رشوة كي ينزلوا إلى تعز ،ويدفعوا بالشباب من جبهة التحرير ومن تعز للدفاع عن الثورة وحماية صنعاء من السقوط ،هو ثمانية الف ريال ،تقاسموها نصفين هو وعبد الغني مطهر حسب رواية الأسودي ...راجع 379-380ص..
المنفيين من الضباط بعد أحداث اغسطس والسفير الأسودي :
يروي الأسودي حادثة النفي للضباط المشاركين في أحداث اغسطس إلى الجزائر ،وينفي أن تكون حكومة صنعاء قد اعطته خبرا بمجيئهم ،وأن الجزائريين لم يكن لهم علم كذلك ،بل إنهم توقعوا أن هذه الدفعة من الضباط قد جاؤا من أجل تأهيلهم وتدريبهم ،ويتحدث عن رسالة كانت مع حسين الدفعي وزير الدفاع السباق من الارياني إلى الرئيس هواري بومدين ،وأن الدفعي رفض تسليمها للسفير الأسودي لعدم وجود الثقة بينهما ،ثم قام الدفعي وزملاؤه بفتح الرسالة وتمزيقها حين وجدوها خدعة... ،ويتحدث عن عدم وجود ميزانية لاستضافتهم ،وكيف بحث لهم عن فندق هناك لأحد اليمنيين من إب ثم بعد ذلك عادت المجموعة كلها عن طريق القاهرةوبعضهم عن طريق عدن إلى صنعاء بعد أن شعروا بالخديعة ...،وفي صنعاء حدث ما حدث من تصفية لبعضهم وعودة الآخرين لمناصب قيادية في الجيش والداخلية !لكن الأسودي لا يتطرق لأحداث أغسطس ،ولا لعملية التصفية لبعض الضباط بعد العودة من الجزائر ،ربما لعدم وجوده في صنعاء عند الأحداث وبعدها ،فقد كان سفيرا في الجزائر وقتها

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.