اليدومي ينسف نقاط الحزب الاشتراكي ال12 ويؤكد أن حرب 94 م كانت دفاعاً عن العرض والمقدسات " 1-2 "
رداً على ما جاء في مقابلة محمد اليدومي مع قناة سهيل :
في البداية لا بد من توجيه تحية للأستاذ محمد اليدومي على صراحته التي افتقدناها كثيراً في بقية قيادة الإصلاح, اضافة الى طرحه الهادئ والرزين والموضوعي في لقائه الأخير على قناة سهيل .
وبالانتقال الى مضمون المقابلة يمكننا تسجيل الكثير من الملاحظات والتناقضات التي وقع فيها اليدومي, فبدلاً من اعترافه ببعض الأخطاء التي وقعوا فيها خلال عملهم على مدى العقود الماضية حاول تبرير كل مواقفهم وتجييرها بأنها كانت في خدمة الوطن والدين وكأنهم معصومين من الأخطاء موقعاً نفسه في تناقضات لا حصر لها نتيجة خلطه بين الدين والسياسة, كما أنه اصدر حكم نهائي ببراءة كل الفاسدين والمجرمين الذين انضموا للثورة قائلاً " لو كان هؤلاء فاسدين لضلوا مع الفاسدين أنا في تصوري أن هؤلاء من الطهر ومن التضحية ومن الرجولة ما دفعهم الى أن يقفوا في صف الثورة " فهنيئاً لعلي محسن وآل الأحمر وزملائهم هذه الشهادة وهذا الغفران والتطهير من الذنوب .
ويمكن تقسيم التناقضات التي وقع فيها الديلمي بحسب المواضيع الى :
أولاً / في ما يخص النضال السلمي :
قام بالتنضير طويلاً للنضال السلمي مستعرضاً تجارب الآخرين في مصر والجزائر مع أنه لم يدن العنف الذي مارسته الجماعات الاسلامية بل برر له, ثم قال وبالحرف الواحد " اتخذنا قرار النضال السلمي وهذا القرار بعد أن اتخذناه أصلنا له من الناحية الشرعية ", والتأصيل هنا معناه البحث عن الأدلة الشرعية الداعمة لهذا القرار, وهذا المنهج الذي اعترف به اليدومي في " زلة لسانه " فيه خطورة كبيرة, فهم يتخذون القرار بناء على المعطيات على الأرض ووفقاً لمصالحهم ثم بعد ذلك يبحثون عن الأسانيد الشرعية لقرارهم ليبرروه للعامة, هذا هو دين الاصلاح أو فهمه للدين, يتخذ الموقف ثم يأتي دور التلبيس على الناس عبر البحث في الموروث الديني لما يساند ذلك الرأي وتمريره بلباس ديني, وهنا تكمن الخطورة على الدين وعلى الوطن, الخطورة على الدين تكمن في ارباك البعض الى درجة تَشَكُيكهم في الدين نفسه بسبب ظهور تناقضات في المواقف السياسية بناء على تغير المصلحة فتنعكس تلك التناقضات على الدين نفسه لأنه تم التأصيل لتلك المواقف السياسية شرعاً ما يظهر الدين وكأنه متناقض, هذا الخلط بين الدين والسياسة هو سبب بعد الكثيرين عن الدين لأنهم لم يتمكنوا من التمييز بين الدين وبين من يستثمرونه, وخطورة ذلك المنهج على الوطن في انه يكفر الطرف الآخر أو يبيح دمه ويجعله في مواجهة الدين لا في مواجهة مواقف سياسية يمكن الاعتذار عنها, مما يُصعب التراجع عن المواقف والاعتراف بالخطأ ويثير في النفوس جروح عميقة يصعب محوها, وفتوى الديلمي التي لا زال يتترس خلفها الى اليوم خير دليل على فداحة ذلك الأثر .
اضافة الى ما سبق فأن اتخاذهم قرار النضال السلمي يتناقض مع :
1 ) تفجيرهم للمواجهات في ارحب بسبب محاصرتهم للحرس الجمهوري وذلك باعتراف منصور الحنق في لقائه مع صحيفة الجمهورية والذي وضحت ملابساته في مقال لي بعنوان " أرحب ضحية علي محسن والحنق " .
2 ) عسكرتهم للثورة في تعز عبر تبني ودعم صادق سرحان وحمود المخلافي مبررين ذلك بالدفاع عن الساحة, متناسين قرار النضال السلمي .
3 ) اعتداءاتهم المتكررة والمنهجية على زملائهم وزميلاتهم في ساحات الثورة والتي لم يعتذروا عنها او يعترفوا بها, الى أن جاء اعتذار الدكتور ياسين سعيد نعمان في مقاله " عفواً يا أروى ..لَكنً كل الاحترام "
ثانياً / في ما يخص علاقتهم بصالح وصفقاتهم معه :
قال انهم وقفوا مع صالح خدمة للوطن ودفاعاً عن المقدسات مثل الوحدة ووقف المد اليساري في المناطق الوسطى, ثم عارضوا صالح أيضاً خدمة للوطن والدين, متناسياً أن تغير مواقفهم كان نابعاً من مدى مراعات صالح لمصالحهم, ففي الوقت الذي يشاركهم صالح في السلطة أو يسمح لهم بالمعاهد العلمية يتقفون معه ويؤصلون شرعاً لوقوفهم معه, وعندما يستبعدهم ويوحد التعليم بإلغاء المعاهد العلمية يعارضونه ويؤصلون لمعارضتهم شرعاً أيضاً, وهنا أقول لليدومي أن صالح ثابت منذ 33 عاماً اللهم الا ظهور بعض التجاعيد وأن مصالح الوطن و الدين ثابته والمتغير الوحيد في الموضوع هو مصالحكم أنتم, فلا تُفصلوا الدين ومصالح الوطن على مقاسكم ومصالحكم .
وفي منهجية جديدة تضاف الى منهجية التأصل الاحق ظهرت زلة لسان أخرى لليدومي عندما حاول تبرير موقف الشيخ عبدالله الأحمر الداعم لترشيح صالح ضد بن شملان فقال " الشيخ عبدالله اعلن دعمه الشفهي اللفظي لصالح لكنه عملياً دعم حملة بن شملان بالمال والرجال وهذه شهادة للتاريخ " واذا كان هذا صحيحا فإنه يظهر مدى التناقض في مواقف كبار قادة الاصلاح اللفظية والعملية ويثير تساؤلاً هل مواقف اليدومي وقادة الاصلاح التي يعلنونها ليست الا مواقف لفضية بينما عملياً فأنهم يفعلون النقيض, وطالما مدح اليدومي موقف الأحمر وأعتبره موقفاً تاريخياً فأنه بالتأكيد يمارسه ويتبنى منهجية " التقية " التي يتهمون بها غيرهم, في نفس الوقت الذي يتبنونها منهجاً بل ويتفاخرون بها .
ثالثاً / في ما يخص موقفهم من القضية الجنوبية وحرب 94 م :
اصر اليدومي - وبصراحة أحترمه عليها - على مواقفهم التقليدية من حرب 94 م التي حاول بعض الاصلاحيين خلال الفترة الماضية التلاعب بعواطف الجنوبيين, عند ما قال حميد الأحمر مثلاً في لقاء سابق مع الجزيرة ان صالح ورطهم في الحرب ولم يكونوا مطلعين على الحقيقة, جاء اليدومي لينسف كل تلك المراوغات وليؤكد ما قاله الديلمي لا ما يصرح به حميد أو محمد قحطان, فقد أكد اليدومي شرعية الحرب بل ودافع عنها قائلاً وبالحرف " كنا شركاء مع صالح في الحفاظ على الوحدة اليمنية وهذا شرف لنا ولكل القوى التي سعت للحفاظ عليها " وقال " كانت مواقفنا مع صالح نتيجة قناعات " وقال أيضاً " ان دخولنا الحرب هو من أجل بلادنا من أجل شعبنا من أجل عرضنا وقضية الوحدة بالنسبة لنا كإصلاح قضية مقدسة " وعند تذكيره بالنقاط ال 12 التي قدمها الحزب الاشتراكي وتشمل الاعتذار وأقرها المشترك لاحقاً قال متهكماً " كل واحد يقدم حتى مئة نقطه " وعندما الح عليه المذيع في موضوع الاعتذار قال : " لم نشارك في ظلمهم حتى نعتذر ", وبذلك فاليدومي أكد صحة فتاوى الديلمي والزنداني معتبراً الحرب مقدسة و كانت دفاعاً عن الوحدة والعرض, وهنا أتساءل الى متى سيضل إخواني في الحزب الاشتراكي يوقعون اتفاقات مع الاصلاح ثم يتراجع الاصلاح عنها علانية ؟ وما جدوى اقرار المشترك للنقاط ال 12 طالما نسفها اليدومي في لقائه ؟ الى متى سيضل الاشتراكي يتعامل بحسن نية مع مثل هؤلاء ؟ اليس ذلك تكراراً لسيناريوا التوقيع المستعجل على الوحدة بينما الطرف الآخر كان يعد لشيء آخر ؟ أتمنى أن أكون مخطئ في ذلك .
وهنا أسأل اليدومي هل كان اعلان الانفصال نتيجة للحرب أم أن الحرب قامت نتيجة لإعلان الانفصال ؟ أيهما سبق الآخر ؟ ألم يكن قرار الحرب أسبق يا يدومي ؟ الم يدفع علي سالم دفعاً ليعلن الانفصال بعد أن استبحتم الجنوب أرضاً وإنسانا ثم أباحت فتاواكم قتل حتى النساء والأطفال والمستضعفين بحجة تترس القوات الجنوبية بهم ؟ ماذا كنتم تتوقعون ردة الفعل على التنصل من اتفاقية الوحدة والشروط الواردة فيها ؟ ألم يعترف عبدالله الأحمر في مذكراته بأصل المشكلة التي أدت الى حرب 94 م قائلاً وبالحرف الواحد " قال لنا الرئيس صالح : كونوا حزباً يكون رديفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر. إضافة إلي أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها، وعلي هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح " الا يكفي ذلك الدليل على اثبات تآمركم مع صالح على اتفاقية الوحدة بعد التوقيع عليها مباشرة ونيتكم المبيتة لإقصاء الجنوبيين ؟ أيهما أسبق يا يدومي تآمركم ذلك في عام 90 م قبل انشاء حزبكم أم اعلان الانفصال في عام 94 م ؟ كفاكم ايهاماً للناس وتغريراً عليهم باسم الدفاع عن الوحدة ومحاربة الانفصال .
رابعاً / في ما يخص موقفهم من الدولة المدنية والمرأة :
عندما تكلم عن الدولة المدنية تكلم عنها بتهكم معتبراً أن الدولة المدنية حكمت العالم العربي لمدة 60عام بعد خروج المستعمر متسائلاً ماذا حققت هذه الدولة المدنية ؟, وعندما الح عليه المذيع في السؤال عن مفهوم الاصلاح للدولة للمدنية قال نحن لم ندعوا لها وعلى من دعا لهذا المصطلح أن يقدم مفرداته, مضيفاً وبالحرف الواحد " ان الظلم والاستبداد وضياع الارض والثروة للامة العربية وهزائمها في كل المعارك كل هذا في ضل حكم الدولة المدنية ", ويظهر أن اليدومي حصل عنده التباس أو سوء فهم أو أنه لم يطلع على التاريخ, فمتى حكمت الدولة المدنية البلاد العربية ؟ وأعتقد أنه خلط بين المدنية والقومية, المهم أنه أظهر رفضاً واضحاً للمدنية وحاول تشويهها وتحميلها كل الموبقات, ثم ناقض نفسه بعد دقيقة واحدة فقط وقال " نحن مع الدولة المدنية العادلة وأي دولة مدنية وفق الضوابط الشرعية فنحن معها ", طبعاً الضوابط الشرعية التي يحددها الديلمي والزنداني علماء الإصلاح, فهنيئاً لشباب الثورة دولة اليدومي المدنية, سبق وحذرنا أن الإصلاح يتكلم عن الدولة المدنية ركوباً للموجة فقط, بينما في الواقع هو يسعى الى "دولة دينية " .
وبخصوص موقفهم من المرأة قال " نحن في الاصلاح نؤيد النشاط السياسي للمرأة اليمنية في ضل الضوابط الشرعية " وهنا يتكرر السؤال : من الذي يحدد الضوابط الشرعية, هل هو الزنداني الذي قال أنه سيخرج مسيرات مليونية اذا تم تحديد سن الزواج او تجريم زواج القاصرات ؟, تعبير الضوابط الشرعية فضفاض يغطون به مشاريعهم المستترة التي ستظهر عند قدرتهم على التحكم وحدهم في صنع القرار .
خامساً / في ما يخص موقفهم من قضية صعده :
قال ان الحوثيين صناعة صالح في تهمة مرسلة لا دليل عليها متناسياً اعتراف عبدالله الأحمر السابق ذكره بخصوص كيفية انشاء حزب الاصلاح والذي أوضح بما لا يدع مجالاً للشك من هو الصانع والمصنوع .
ومع ذلك فقد أقر اليدومي أن الهدف من حرب صعده هو اختلاس دول الخليج وعلى رأسهم السعودية وتخويفهم من المد الحوثي, مضيفاً أنهم رفضوا مشاركة صالح في الحرب معترفاً أنهم لم يعلنوا موقفهم ذلك بل ضل سراً, وأنا هنا لا أدري ما الغرض من السرية ؟ فالمتعارف عليه أن يشارك البعض في معارك بشكل سري لكن أن يرفضوا المشاركة سراً فذلك مستغرب, إلا أن المطلع على بواطن الأمور يعرف الهدف من السرية وهو ليتركوا مجالاً لعناصرهم وعلمائهم بالمشاركة في الحرب دن ان تقيدهم مواقف الرفض المعلنة, وفتوى الزنداني الشهيرة في اجتماع هيئة الفضيلة بتاريخ 15 / 7 / 2008 م التي طالب فيها نظام صالح بالحسم العسكري لتمرد الحوثيين على حد زعمه خير دليل على فوائد السرية في الرفض, كذلك دفع بيت الأحمر بما فيهم القيادي الاصلاحي حميد بالألاف من حاشد للقتال ضد الحوثيين وكانوا على وشك تشكيل جيش شعبي يتزعمه حسين الأحمر مكون من 20 ألف لقتال الحوثيين, صحيح أنه لا توجد بيانات رسمية صادرة عن الاصلاح تؤيد الحرب ليس بسبب مواقفه المبدئية إنما بسبب رفض الحزب الاشتراكي وبقية الاحزاب في اللقاء المشترك التغطية على الحرب و اعطاء صالح الشرعية, ولم يتجرأ الاصلاح بالخروج على هذا الاجماع الا انه وفي اطار تبادل الأدوار قام الزنداني وآل الأحمر وعلي محسن بالمهمة ولو كان الاصلاح ينطلق من المبادئ كما زعم اليدومي لأصدروا بيان ضد فتوى الزنداني بالحسم العسكري ورفض تصرفات آل الأحمر, كما أن موقفهم في اللقاء المشترك أدى الى حياده وعدم وجود ادانة واضحة للنظام من اللقاء المشترك تحمله مسؤوليه الحرب, فعطل المشترك عن اداء دوره الوطني, فاعتبر الاشتراكي ان مجرد منع الاصلاح من اعلان تأييده الرسمي للحرب يعتبر ضربة ضد صالح, كما أن الاصلاح اعتبر تحييده للقاء المشترك عن مساندة الحوثيين في مظلوميتهم وادانة صالح يعتبر نصر أيضاً ومساهمة غير مباشرة في دعم صالح, ولو كانت هناك مواقف واضحة من الحرب تحدد المسؤوليات بدقة ما استطاع صالح وعلي محسن القيام بكل تلك الجرائم ضد أبناء صعدة .
كذلك اتهم اليدومي الحوثيين قائلاً " أن الفكرة التي جاءوا بها متأثرة بالثقافة الإبليسية ثقافة أنا خير منه " وهذه هو موضوع الجزء الثاني من مقالي هذا والذي سينشر في عدد الغد ان شاء الله .
" نقلاً عن صحيفة الأولى "
- قرأت 670 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ