عدن: فخٌ للسعودية وحلفائها أم بابٌ للحلّ؟

منذ تمكّنها وحلفاؤها من دخول عدن، تتصرّف السعودية بمنطق المنتشي بالنصر. عرقلت دبلوماسيتها الجهود السياسية التي كانت جارية في سلطنة عُمان الجارة. رفع عبد ربه منصور هادي وفريقه، سقف خطابهم السياسي ومطالبهم التعجيزية. على الأرض، وخصوصاً في عدن، لا تمتلك السعودية موطئ قدم آمن ومريح لتنفيذ مشروع "الحكومة الشرعية من قلب اليمن". فيما يتناهش الحلفاء الكثر السيطرة على عدن. حتى خرج مَن يقول إن السعودية أضاعت فرصة النزول عن الشجرة بعد دخولها عدن.

لم تكن السيطرة على عدن والعند بالأمر اليسير بالنسبة لتحالف السعودية، الإمارات، القاعدة، "أنصار الشريعة" الذي بايع زعيمه جلال بلعيدي تنظيم "داعش"، الاخوان المسلمين، ميليشات هادي، السفليين، "داعش" والحراك الجنوبي. مثلاً، احتاجت الإمارات الى عدد من الآليات والمدرعات بشكل أكبر من عدد قواتها الموجودين على الأرض، واحتاجت السعودية الى نحو 500 غارة على قاعدة العند في اليوم الواحد، فيما لزم الأمر لبقية الحلفاء آلاف القذائق الصاروخية وعددا كبيرا من القتلى.

قبل ملحمة عدن وخلالها وبعدها، كانت المفاوضات جارية بين صنعاء ومسقط والرياض. يتحدّث مطّلعون على سير المفاوضات، عن أن المتفاوضين توصّلوا الى ما يمكن اعتباره "حلاً وسطاً" بين كومة الشروط والشروط المضادة بين فريق صنعاء وفريق الرياض. تقول المصادر إن ما تم التوصّل إليه هو عبارة عن أرضية مشتركة يتمثّل بتشكيل حكومة تجمع الأطياف اليمنية كافة، على أن يكون لـ"أنصار الله" تمثيل مرْضيّ فيها. الأهم أن هذه الحكومة ستكون برئاسة خالد البحّاح من جديد، على ألا يكون للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، أيّ دور في الحياة السياسية في يمن ما بعد العدوان. تلفت المصادر الى أن شرط إقصاء هادي عن المشهد السياسي لليمن، مرّ بيُسرٍ لدى السعوديين الذين سيتولون، وفق الاتفاق هذا، ملف إعادة إعمار اليمن.

هذه الأفكار، وإن لم تكن نهائية، لاقت استحساناً لدى المتفاوضين وخصوصاً أعضاء وفد صنعاء، الذين أبدوا الاستعداد لخوض النقاشات في بعض تفاصيلها وطريقة إخراجها. في الأمس، تبدّلت الأجواء في الرياض، وضعت حكومة هادي، شروطاً جديدة أمام التسوية، يمكن وصفها بالتعجيزية. نقلت وسائل الإعلام المختلفة الشروط المستجدة وهي: أن يقبل "انصار الله" والرئيس علي عبدالله صالح بتنفيذ القرار الدولي 2216 فوراً وبشكل كامل. انسحاب الجيش واللجان الشعبية من كل المدن والمحافظات ومن صنعاء وصعدة. وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين قابلة للتجديد. يتم خلال وقف إطلاق النار حل اللجان الشعبية وتسليم أسلحتها. إضافة إلى الإفراج عن وزيري الدفاع والتعليم الفني. وتشكيل فريق من المراقبين العسكريين الدوليين للإشراف على تنفيذ الشروط. كما يتم تفعيل العقوبات الواردة في قرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة.

سبقت هذه الشروط وصول المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ إلى العاصمة العُمانية مسقط، ليطلع وفد صنعاء على نتيجة جولته الدبلوماسية الأخيرة. سبق الشروط وولد الشيخ معاً، حملة في الإعلام السعودي والخليجي تتحدّث عن استعداد "أنصار الله" وحلفائه للاستسلام مقابل شروط مدنية، تزامنت هذه التقارير مع أخرى تتحدث عن انتهاء الاستعدادات السعودية للهجوم على العاصمة صنعاء.

في هذا السياق، قالت مصادر "أنصار الله"، إن الشروط التي وضعتها حكومة هادي إنما هي شروط وأهداف العدوان السعودي، وإن هادي وفريقه ينفذون ما يُملى عليهم في الرياض. سخرت هذه المصادر مما يُشاع عن استسلام "أنصار الله"، وإذ وضعته في خانة "الحرب إعلامية ـ النفسية" التي تخاض على اليمنيين من أجل إخضاعهم، ذكّرت بالتطورات الميدانية الهامة التي حدثت في الأيام الأخيرة على الجبهة الحدودية، بداية من دخول القوات اليمنية واللجان الشعبية الى العمق السعودي في نجران وجيزان، وليس انتهاءً بإطلاق صاروخ بالستي من نوع "توشكا" على قاعدة "قوة الواجب" البحرية في جيزان، إحدى أهم القواعد العسكرية في المنطقة، مع ما يمثّله من تمكّن القوات اليمنية من إطلاق هذا النوع من الصواريخ الذي لا يمكن إطلاقه إلا بواسطة عربته الخاصة.

وفي مثال على مجريات الأمور ميدانياً، قال مصدر عسكري يمني أمس، إن مواجهات واقتحام مواقع وقرى وتفجير آليات داخل جيزان السعودية أدّت الى مقتل ما لا يقل عن 50 جندياً سعودياً. وعليه، يبقى رهان اليمنيين على الميدان، مؤكدين أن ما عجز العدوان عن تحقيقه بواسطة الحديد والنار، لن يحققه عبر المكائد السياسية.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
6 + 11 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.