لمن لا يعرف السعودية ..سأحكي لكم حكايتي !!

كنت طفلاً يومها في نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي في الصف الثامن و أنا أستمع إلى حديثٍ جمع والدي رحمه الله و بعض أصدقائه . كانوا يتحدثون عن الوضع الإقتصادي و حالة الرخاء السائدة في ذلك الوقت و عن كيفية إعادة سعر صرف الريال اليمني ليتساوى مع الريال السعودي بعد أن كان سعر الريال السعودي يومها قد تجاوز الثلاثة ريال يمني . إنتهى ذلك اللقاء و قد أجمع المتحدثون على أنه بمجئ الوحدة اليمنية و تحقيقها فإن ذلك كفيلاً بأن يعيد الريال اليمني إلى ما كان عليه قبل سنوات . في الواقع لم أكن أستوعب شيئاً من ذلك كله خاصةً و أن كل ما كان يعنيني هو الخمسة الريال التي كان يعطيني والدي مصروفاً للمدرسة فأشتري بريال واحد عدد 2 ( سندويتشات ) و بنصف ريال كأس شاي و في فترة الراحة أشتري بريالٍ واحدٍ قارورة (سينالكو) و بريالٍ آخر بسكويت (ماري) لأعود إلى البيت و قد وفرت ريالاً و نصف أضعها في حصالة من الصفيح حتى إذا ما جمعت خمساً و عشرين ريالاً ذهبت إلى ميدان التحرير لأشتري بها كرة قدم سرعان ما كنت أفقدها قبل أن أتمكن من جمع قيمة الأخرى ..

 

و جاءت الوحدة اليمنية و فرح الشعب اليمني بها فرحاً عظيماً و تذكرت ذلك الحديث الذي دار بين والدي و لفيفٍ من أصدقائه ورحت أنتظر بفارغ الصبر متى يعود الريال اليمني ليتساوى في قيمته مع الريال السعودي لأتمكن من توفير أكبر قدر من النقود بسبب تحسن سعر الشراء إلا أنه لم يمضِ على الوحدة سوى ثلاثة أشهر حتى بدأ الغزو العراقي للكويت و ما خلفته من تداعيات سلبية ..

 

كان الموقف اليمني صائباً في نظري و أنا الطالب يومها في الصف التاسع فقد كان نابعاً من رفض غزو العراق للكويت و كذلك التواجد الأجنبي في المنطقة و ضرب العراق ..

 

السعودية و كأنها و هي الدولة التي كانت ترفض فكرة الوحدة اليمنية قد وجدت في الموقف اليمني ضالتها للرد على واقع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية فذهبت تؤّل الموقف اليمني تأويلاً مغرضاً كيدياً، و فجأة حلت الكارثة ..

 

لقد تعمَّد النظام السعودي أن يصيب الإقتصاد اليمني في مقتل و الذي كان يعتمد بالدرجة الأولى على تحويلات المغتربين من العملة الصعبة، فقام و بجرة قلم بطرد أكثر من ثلاثة مليون مغترب يمني دفعةً واحدة و كأنهم بذلك قد أرادوا معاقبة الشعب اليمني كله في حياته المعيشية ..

 

مازلت أتذكر تلك الصور للمغتربين اليمنيين العائدين زرافاتٍ طرداً من أراضي المملكة و قد باعوا هناك محلاتهم و ممتلكاتهم مضطرين بأبخس الأثمان و منهم من تركهن و عاد بدون أن يستطيع حتى التصرف ببيعهن !!

 

منذ ذلك اليوم والنكبات الإقتصادية تحل باليمن واحدةً تلو أخرى، لقد كان ذلك الإجراء السعودي كبيراً جداً لدرجة أن الحكومة و الشعب اليمني لم يستطيعوا أن يتلافوا تداعياته و آثاره…

 

لم يكتفي السعوديون بذلك، بل ذهبوا إلى دعم و تمويل حركة الإنفصال و التي إنتهت بحرب صيف 94 بين الإخوة شركاء الوحدة و التي كلفت الخزينة اليمنية مليارات الدولارات، ليزداد الوضع الأقتصادي سوءاً و تعقيدا…

 

كل تلك الأحداث كنت أنا شاهداً عليها وكلما كَبُرت حاملاً آمالاً و أحلاما كبُرَ التآمر السعودي على اليمن و أتضحت معالمه أكثر فأكثر لديَّ، فتصطدم كل آمالي بواقع البلاد المؤلم و الصعب…

 

مرت الأيام و السنون، و جاء العدوان السعودي  الغاشم على بلادنا معللاً ذلك بنصرة الشعب اليمني و إنقاذه من أبناءه مطالباً مني أن أكون في صفه و ضمن جنوده و كأنه يريد مني أن أقوم بإستكمال مخططه في الإجهاز على ما تبقى من حطام وطني المنهار بفعل الحقد السعودي المتراكم منذ عقود..

 

ألتفت إلى يميني و أنا أستمع إلى خطاب شن العدوان ، فاذا بصديقي الذي كان أبوه و أعمامه أصحاب أملاكٍ و عقارات في السعودية و ضاعت مرةً واحدةً بمرسومٍ ملكيٍ غير سامٍ ليصارعوا الفقر و شظف العيش منذ أن تم طردهم قسراً، ثم إلتفت إلى يساري، فإذا بصديقي الآخر الذي تسلل يوماً إلى السعودية لطلب الرزق فألُقي القبض عليه و تم إيداعه السجن بتهمة ( مجهول ) و تجريده من كل ما كان بحوزته مما كسبته يمينه ثم ترحيله بعد مدة، ثم قررت أن لا أُخدع هذه المرة كما خُدَع الذين من قبلي، فالسعودية لم و لن تكون لنا صديقاً قط بدليل أكثر من ثمانين سنة من المؤمرات على اليمن هي كلها عُمْر المملكة السعودية…

#معركة_القواصم

_____________________________

للإشتراك في قناة الرابط تيليجرام على الرابط التالي :
http://telegram.me/thelinkyemen

 

 

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.