الخروج من النفق عبر مشروع وطني :

حين تم التوقيع على التسوية الأممية التي صاغها بن عمر شعرت بزحزحة للخروج من الهاوية ...وحين صوت مجلس النواب على قانون الحصانة لعلي صالح ومن عمل معه ،يعني علي محسن وحمير وغيرهم ...،شعرت إيضا بانفراجة أخرى ...,حين قال صالح أنه سيعود ليسلم الرئاسة لنائبه ،مرشح التوافق ،قلت نحن مستمرون في الخروج من نفق الموت ...

لكن النهج الذي نسير فيه ،هو سياق مختلف عن التسوية ،فما سمي "بثورة المؤسسات "يصب في طريق مضاد للتسوية الأممية ،فالتسوية تعني الخروج باليمن عبر حوار وطني نصت عليه تلك التسوية الأممية ،يتم فيه تشخيص القضية اليمنية ووضع المعالجات والحلول المناسبة ،لكل الاختلالات المتراكمة عبر العقود .نحتاج إلى رؤية وطنية حول مفهوم الدولة ورؤيتنا لها ،يصاغ من خلالها رؤية واضحة لمفهوم العدالة الاجتماعية ،الذي تم تأجيله منذ رفعت اهداف سبتمبر وأكتوبر ،ورؤية للاقتصاد تتأسس على مفهوم العدالة الاجتماعية ،والعدالة هنا مفهومها يختلف عن مفهوم الصدقات والشفقة ،والجمعيات الخيرية ،ومؤسسة الصالح ،وجمعية الاصلاح الخيرية ...وفلسفة للاقتصاد تختلف عن نظام المرابحة ...عبر الحوار الوطني نستطيع أن نتفق على بناء جيش وطني ،بعقيدة وطنية ،وهو هدف سرنا في طريق مغاير له منذ جمهورية 5نوفمبر 1967م فالجيش ليس سوى إقطاع عسكري وقبلي ومذهبي وعائلي ...عبر الحوار الوطني نستطيع أن نخرج برؤية جامعة وعقد مشترك لبناء مفهوم الوحدة ،التي كانت في عام 1990م مجرد تذاكي وإفراغ لمحتواها وتربص بالشريك ،تحول خلال ثلاث سنوات للوحدة إلى طريق معبد بالاغتيالات وصولا إلى وحدة 1994م ،التي جسدت مفهوم الوحدة وفقا لرؤية مؤسسي مؤتمر خمر الذين يرون الوحدة ليست أكثر من عودة الفرع للأصل ...عبر الحوار الوطني نستطيع أن نتجاوز الكثير من تراكم المظالم والحقوق السياسية المستلبة عبر الفيد والاقصاء ،ونستطيع ان نعيد العلاقة مع القضية الجنوبية ،وقضية صعدة ضمن معالجة القضية اليمنية بشكل جامع وليس مفرق ،وفق شراكة وطنية، كانت المصالحة مع الملكيين قد نصت عليها،ووفق اتفاقية العهد والاتفاق ،ووثائق اللقاء المشترك ،ومؤتمر الحوار الوطني ،وما يسمى بالحراك الجنوبي ،والمشروع السياسي لما يسمى بالحوثيين ...لقد تم إقصاء الملكيين بعد المصالحة والاتفاق معهم بطريقة مشابهة لتلك التي حدثت مع الحزب الاشتراكي ،عبر الاغتيال والنفي ،لكن للحزب الاشتراكي دولة كان لا يكفي معه الاغتيالات ،فكان لا بد أن يكلل نهج الاقصاء بالحرب والضم والالحاق ...عبر الحوار الوطني يمكننا أن نصيغ رؤية عقلانية للخطاب الاسلامي ،المطلوب توفره كوسطية عقلانية وعلمانية للاسلام ،تخرجه من أسر الاستخدام السياسي ،واعتماده "كرباج "وأداة ترهيب وتخويف ضد المختلف في الرؤية والاجتهاد ...ما يحدث فيما يسمى بثورة المؤسسات هو من وجهة نظري يصب في إطار محاولة إذابة طرف مهزوم في إطار الطرف المنتصر ،وهذا لعمري ليس سوى استمرار بالغي ،والهرولة نحو الانهيار الكامل ...كيف يمكن تصحيح فساد المؤسسات ونحن ليس لدينا نيابة إدارية ،ولا محاكم إدارية ،ولا نائب عام محايد ،ولا مجلس قضاء خارج التحيزات للأطراف المتصارعة ؟حين يوجدمشروع جامع ،تصيغه كافة القوى السياسية والاجتماعية ،والتجارية ،وقتها سيكون ذلك المشروع هو الصيغة العقلانية لذوبان خصوصية الأطراف المتصارعة،ولمعالجة شروخات الوحدة الوطنية ،التي تحتاج إلى رؤية ثقافية تبني الرؤية الوطنية والدولة والوحدة ...ما يحدث في المؤسسات الاعلامية ،لا يعكس هما وطنيا ونجاحا للتحولات بقد ما يخدم تمترس المتصارعين وإعادة اللحمة لخياراتهم .ليست المسألة أهدافا تحذف من ترويسة صحيفة الثورة ،أو إضاءة تلغى من ترويسة صحيفة الجمهورية ،ولا ترويسة تتغير في الفضائية اليمنية ...بقدر ما يعكس هذا النوع من التفكير حرص المتحاربين على السير في طريق الحفاظ على وجودهم كأطراف متحاصصة ،وهذا نهج يشكل إعاقة لمؤتمر حوار وطني ،يفترض به أن يكون مؤتمر انقاذ ،وولوج إلى يمن جديد ،ليس فيه محاصصة ،وليس فيه إقطاع عسكري ،وليس فيه تشظيات للجغرافية اليمنية ،مؤتمر انقاذ يوصلنا إلى مفهوم للتسامح المعرفي الذي يحدث قطيعة مع كل موروث سلبي للجمهورية العربية اليمنية ،وجمهورية اليمن الديمقراطية والمملكة المتوكلية .مؤتمر انقاذ يتسع برؤية رحبة لكل اليمنيين ،وجغرافيتهم المتلاحمة ...في ظل رؤية وبرنامج وطني ،نخرج به من مؤتمر الحوار ،ولن نكون وقتها بحاجة إلى الاصطفافات والتحالفات التي نشأت في إطار نظام الحكم السابق ،مما يعني أن اصطفاف المؤتر الشعبي وأحزابه ،واللقاء المشترك سيكون من صيغ الصراع وليس التنافس ،نحتاج إلى صيغة مشتركة للتنافس وليس للمحاصصات ،تنافس مبني على الشراكة الوطنية ،فالرؤية الوطنية تتأسس على التحالفات التنافسية ،وليس على المحاصصة المتحايلة على الديمقراطية ،والخوف من الآخر .في هذا السياق يصبح التفكيربجعل اللقاء المشترك ممتد لثلاث فترات انتخابية ،هو من وجهة نظري التفاف على صيغة التنافس الوطني ،لصالح المحاصصات الغير وطنية ،ولهذا كنت قد كتبت في الاسبوع الثالث من "الثورة"أن اللقاء المشترك ،لن يكون صالحا لما بعد "الثورة"خاصة وأنه تأسس ضمن الصراع والخصومة مع طرف سياسي آخر ،فبسقوط فكرة الخصومة ،تسقط أدواتها ووسائلها ...يفترض بالثورة ان تنقلنا إلى صيغة الشراكة التنافسية ،وفقا للأنفع ،وتكافؤ الفرص ،لا مصادرة الفرص واحتكار ها ضمن الأطراف التي استحوذت خلال العقود الماضية على السلطة والثروة ،واحتكار الدين ،وتأويله وفقا لمصالح المسيطرين على مقاليد الأمور .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.