اللجنة الثورية الرقابية والطابور الخامس
لماذا قد نؤمن بالعدوان الغاشم على اليمن وندين بالولاء لأصحاب القصص الأسطورية وحكايات الصمود الخرافية لمرتزقة العدو وعملاء الغرب كما نتنكر لتلك المجموعة التي تواجه عدوانا من نوع آخر وليته كان ظاهرا وجها لوجه؛ إنه عدوان مغلّف بالمحبة ومؤطّر بالولاء تحت طاولة (نحن معكم ونعمل من خلفكم).
نعم، أعني اللجنة الثورية الرقابية وليس دفاعا عن نفسي إنما إيمانا بمهامها الصعبة وأهدافها الحرة فهي تعمل جاهدة في اتجاهات مختلفة وتواجه أجناسا متنوعة من البشر غير واضحة المعالم ومنطوية على خبايا لا يعلمها إلا اللطيف الخبير، ولا أعني على الإطلاق بل لا يشرفني الحديث عن أولئك الذين حرفوا مسارهم خطأ أو عمدا عن المسيرة التي بذلنا أنفسنا وأموالنا وأولادنا وتجارة اقترفناها دفاعا عن مبادئها السمحة وفكرها الرشيد، نعم هم فئة جديدة وبلاء آخر ليبلوكم أيكم أحسن عملا.
ألا ترى الفاسد ترتعد فرائصه حين يسمع عن تصحيح الاختلالات ورفع الظلم ومكافحة الفساد، وتقوم الدنيا ولا تقعد حين يتجرأ شخص ما ويسأل عن أمور إدارية أو مالية، والأخيرة أكثر وجعا وأشد وطأة وبها تكون قد طلبت المحظور ورفعت الستر عن المستور، وكما يقول المثل المصري: (اللي على راسه بطحة يتحسس عليها)، لكن ما يؤرقني هو كيف استطاع أفراد الطابور الخامس التسلل إلى أوساط اللجنة الثورية والنيل من أسرارها والتنديد بأفعالها، كيف استطاع المداهن أن يلبس ثوب الناصح الأمين ويتحدث بلغة الحق المبين لينزغ بين أفرادها واحدا تلو الآخر!!! أين وضعت الحقيقة أوراقها في تلك اللحظة تنفض عنها وعثاء الفساد.
وبالطبع، فما يؤمن به الموظف في وزارة أو مدرسة أو مؤسسة ما هي أن أفعال الخير جاءت صدفة دون تدخل البشرية تماما كعقيدة الملحدين الذين يردون كل شيء إلى الطبيعة الساحرة فهي الخالق المدبر؛ فيما تصدر أفعال الشر من تلك اللجنة التي يحاك لها المكر وتدبّر ضدها المكائد، ولا خير فيها فقد عمدت إلى بعث الأفراد من سبات عميق وخلق المهام من الرميم، وهذا ما لا يليق بعدد من الناس إذ كيف له أن يستيقظ كالآخرين ويبذل جهدا في الوصول إلى مقر عمله هناك حيث يتوجب عليه الالتزام بالحضور والانصراف بل قد يُكلّف بعمل ما وهو غارق -كغيره سواء حضروا أو لم يحضروا- في نشر البلبلة وإذاعة الشائعات وتثبيط الكائنات والعمل على تجسيم الهزيمة النفسية لدى الناس، لا بد أن ثمة روابط لهم مع المنافقين الذين استطاعوا التغلغل في صفوف المسلمين بالأمس وآذوا النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- بمكرهم وتقديم العون والمساعدة لأعدائهم على طبق من فضة.
نحن في غنى عن كل الأجهزة الرقابية فيما لو تعهد كل فرد بمراقبة نفسه وانتهت كل تلك القضايا المنتشرة لا سيما في الدوائر الحكومية؛ تخيلوا معي فلا رواتب وهمية ولا بطائق مزورة ولا نصف الراتب لي ونصفه لك ولا فواتير متفنن في غشها وتزويرها ولا سرقة ولا اختلاس ولا إهدار للمال العام أو الوقت المخصص للعمل ولا احتكار لدورات ومكافآت وبعثات ولا هضم لمستحقات، وبدلا من التذمر من عدم المساواة بين موظفي مؤسسة ما جميعا نرى كادرا منضبطا يديره رب العمل بمبدأ المساواة والعدالة ويطبق على الجميع مبدأ الثواب ويراعي الله ويخشاه قبل كل شيء ويسعى للارتقاء؛ ألم يكن هذا هو الهدف الرئيس من الثورات قديما وحديثا؟!!! إنها المواطنة المتساوية.
حين تتحقق هذه الأمنية ويصدق هذا الحلم يمكن للجان الثورية الخانقة لجيوبكم الجاثمة على صدوركم حزم حقائبها والانخراط في المجتمع مواطنا عاديا له ما لكم وعليه ما عليكم؛ وهذه تحية تقدير وإجلال للمخلصين فقط من رؤساء وأعضاء اللجان الثورية الرقابية، وكان الله معكم و"إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"، وأبشروا "نصر من الله وفتح قريب".
- قرأت 921 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ