«التحالف» يبحث عن «توازن» ميداني: صنعاء جاهزة لـ«الأسوأ»
يواصل «التحالف» السعودي سعيه في إيجاد ثغرة ينفذ منها إلى ساحة حركة «أنصار الله»، على طول الخط الممتد من الساحل الغربي لتعز، وصولاً إلى نهم على تخوم العاصمة صنعاء. المحاولات المستمرة حشدت لها السعودية ما تيسّر من قيادات وشخصيات «مؤتمرية»، إضافة إلى «تطويع» حزب «الإصلاح». في المقابل، تبدي «أنصار الله» استعدادها لصدّ أي خرق، وتجهّز خطة «تحشيد ضخمة» للمواجهة
أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن لا حلّ في اليمن إلا من خلال الحرب للقضاء على «أنصار الله». قالها الرئيس المقيم في الرياض أمام سفراء دول مجموعة الـ 19 «الداعمة لليمن»، الثلاثاء الماضي، بحضور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني. بالطبع، لم يكن إعلان هادي هذا حصيلة رؤيته الاستراتيجية لمسار الأوضاع السياسية والميدانية في اليمن والجوار، بل يمكن القول بيُسرٍ إنه نَطَق ما دُوِّن له بحبر ملَكي، سابغاً «شرعيته» على «الخطة المُحكَمة» التي يعدّها تحالف الرياض ــ أبو ظبي ليمن ما بعد صالح.
التحرّكات السعودية ــ الإماراتية على خطّ اليمن، منذ مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى اليوم، تشي بأن المملكة والإمارات أبرز المستفيدين من مقتل الرجُل. اليوم، يجري الحديث على نطاق واسع في صنعاء عن خطة يعدّها «التحالف» لكسر الجمود الميداني الحاصل، وفرض وقائع جديدة تمكّنه لاحقاً من الدخول في مسار التسوية السياسية بأوراق قوية.
«توريط الإصلاح» متواصل
لم تقتصر جهود السعودية والإمارات على محاولة استقطاب قيادات وشخصيات سياسية وعسكرية من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، فالتحرّك على خطّ حزب «الإصلاح» أثمر تقدّماً ميدانياً ملحوظاً في محافظة شبوة.
قادت الإمارات قبل أيام محاولات إشعال جبهة الساحل الغربي
الضوء الأخضر الذي منحته قيادة «الإصلاح» لمقاتليها أنتج سيطرةً على معظم أجزاء مديرية بيحان في شبوة، وآخر مواقع سيطرة الجيش واللجان الشعبية في مديرية عسيلان بالمنطقة نفسها (بيحان التي تضم 3 مديريات). تفعيل الانخراط «الإصلاحي» في الحرب إلى جانب القوات المدعومة من «التحالف»، جاء إثر اللقاء الذي جمع رئيس حزب «التجمّع اليمني للإصلاح» محمد اليدومي، والأمين العام للحزب عبد الوهاب الآنسي، بوَلي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، في الرياض الأسبوع الماضي. فيما تتحدّث المعلومات عن جولة جديدة مقبلة لليدومي والآنسي، على قصور «آل زايد» في الإمارات هذه المرّة.
«اللعب» السعودي ــ الإماراتي على خطّ حزب «المؤتمر»، أثمر انشقاق عضو اللجنة الدائمة للحزب، الشيخ أحمد الشليف، أحد مشايخ قبيلة نهم. انضمام الشليف، إلى القوات المدعومة من «التحالف»، ساعدها في التقدّم بشكل ملحوظ ونادر في مديرية نهم شرق صنعاء. إلا أن نجاح «التحالف» في استقطاب قيادات ومشايخ «مؤتمرية» مؤثرة، اكتسب أهميته في حالة الشليف، من كونه أحد المشايخ البارزين في إحدى قبائل طوق صنعاء التي يساهم استقرار رأيها حتى الساعة، في رجحان كفة «أنصار الله» في العاصمة، ووأد أي تحرّكات كانت السعودية تعوّل عليها إثر مقتل صالح.
عين «التحالف» على أرحب
التقدّم الذي أحرزته القوات المدعومة من «التحالف»، وضع السعودية على مشارف نقيل بن غيلان، على بُعد نحو 30 كلم من صنعاء. اليوم، يرمي «التحالف» بثقله في معركة نهم، في محاولة لتخطي نقيل بن غيلان، ليصبح على تخوم مديرية أرحب التي في حال نجاحه في الوصول إليها، فإنه سيحقق هدفين؛ الأول: يكون قد تجاوز التضاريس القاسية لمديرية نهم، ليصل إلى مديرية أرحب التي تمتاز بتضاريسها شبه المنبسطة، مقارنة بتلك الشديدة الوعورة التي تمتاز بها نهم.
الثاني: يكون «التحالف» قد ضمن العمل في بيئة شبه حاضنة، حيث تدين معظم قبائل أرحب بالولاء لحزب «الإصلاح». وإن وجدت قبائل، مثل قبيلة آل الحبّاري، تدين بالولاء لـ«أنصار الله»، إلا أن أرحب المدفوعة بخلفيات عقائدية صلبة، تعطي أغلبية أصواتها لـ«الإصلاح» منذ أول انتخابات تشريعية تشهدها اليمن بعد الوحدة عام 1993، على الرغم من الحضور القوي للرئيس علي عبدالله صالح وحزبه على الساحة اليمنية في حينه. فيما كان لافتاً «الحياد» الذي أبدته قبائل أرحب حيال التطوّرات التي رافقت محاولة انقلاب صالح، وتلَتها.
وعلى الرغم من أن الحلّ العسكري الذي يراهن عليه هادي، ومِن خلفه «التحالف» والسعودية، قد أثبت فشله، إلا أن الرياض، ومعها أبو ظبي، تبدو مقتنعة بأن الحاجة ماسّة إلى استراتيجية خروج من المستنقع اليمني، ما يتطلّب انتصاراً في جبهَتَي الساحل الغربي، وصولاً إلى الحديدة، وفي نهم وصولاً إلى صنعاء، أو في إحداهما على الأقل. وعليه، قادت الإمارات قبل أيام محاولات إشعال جبهة الساحل الغربي، عبر القوات التي درّبتها وسلّحتها جيداً، إلا أن تقدّمها اقتصر على بعض المواقع في الخوخة، أولى مديريات محافظة الحديدة بفعل المقاومة الفعّالة التي مارسها مقاتلو «أنصار الله».
خطة تحشيد ومواجهة
في المقابل، تقرأ حركة «أنصار الله» مستجدات المشهد بتمعّن. تقول مصادر الحركة إنها تأخذ في الحسبان «حاجة السعودية الماسّة إلى انتصار ولو معنوي». وعليه، فإنها تتوقّع «استمرار المحاولات السعودية لإيجاد ثغرة تدخل منها صنعاء، عبر مرتزقتها»، لكنها تؤكد أنها «أعدّت ما يكفي من العدّة والعديد لمواصلة صدّ العدوان، وإحباط محاولاته المتكررة».
وفي هذا السياق، تتحدّث معلومات عن عملية تحشيد ضخمة تقوم بها حركة «أنصار الله»، ليس فقط على مستوى قبائل الطوق، بل امتدت نحو ذمار وإبّ، استعداداً لمواجهة أي تحرّك معادٍ على جبهة نهم.
إضافة إلى ذلك، مثّل صاروخ «اليمامة» نقطة تحوّل في قراءة «أنصار الله» للمشهد العام، عنوانها العريض ما أعلنه السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه الأخير: «معادلة ردع جديدة» بـ«مدى صواريخ متوسّع ومستمر».
إعلان «التحالف» أمس، عن استمرار فتح ميناء الحديدة لمدة 30 يوماً، تضعه «أنصار الله» في إطار تلبية السعودية للمطالب الغربية الملحّة تحت عناوين «إنسانية» من جهة، ومن جهة أخرى «كمهلة قد تسبق التحرّك السعودي على خطّ تنفيذ آخر محاولات تغيير الوضع الميداني، بما يعطي التحالف ومرتزقته وضعاً مناسباً للاستثمار في مرحلة المفاوضات السياسية، التي بدأت أميركا وبريطانيا وفرنسا منذ مدّة التحرّك على خطّها في العواصم المعنية مع انسداد أفق الميدان».
- قرأت 822 مرة
- Send by email