يحيى عبد القادر شرف الدين "ذو الفقار" تجسيدا للإرادة اليمنية التي تأخذك إلى النصر!
نحن الآن نقترب من نقطة البداية لخطوط النار الأشد إشتعالا في المحور الجبلي من جبهة نجران وعلينا الإستعداد للنزول من وسيلة النقل التي أوصلتنا ووداع الأخ قائد ريثما يصل دليلنا إلى خارج الحدود المفترضة للبلاد، ولم تكد أقدامنا تطأ الأرض حتى يبرز رجل بلحية بيضاء هو تقريبا في العقد السابع من عمره، يتبادل التحية مع "قايد " ويفعل ذلك معنا _في هذه الرحلة كنت برفقة الزميل العزيز والإعلامي المتميز مرتضى المتوكل والأخ الكاتب والصحفي عبد الفتاح حيدرة_ تساؤلان أو أكثر أفصحت لي عن مهمة العم (ذو الفقار) في ميدان الجهاد، أقفل قائد عائدا إلى موقعه في مؤخرة الجبهة وتقدمنا نحن يسبقنا ذو الفقار إلى خندقه ومترسه في المكان ، والسؤال يدور ما الذي دعا هذا العجوز إلى تجشم معاناة المواجهة والمعركة
هنا، وسريعا أعود إلى ميدي استذكر في نفسي رجلا سبعينيا كنت قد قابلته قبالة الموسم يأخذ في خطوط التماس موقع ابنه الشهيد ، ثم قطع كل شيئ وصول دليلنا أنور
ونداؤه ياذا الفقار ..ياذا الفقار،ولباه ذو الفقار ونهضنا وسرنا في طريقنا وقد عبرنا الخط الحدودي لكننا لم نغادر اليمن وبعد أن تركنا المسافة الأكبر من هضبة الشرفة وراءنا وقد إدلهم الليل قال دليلنا أنور سنقضي الليلة هنا وسنمضي في الجبهة في مواقعها المتقدمة كل الوقت الذي كان بالإمكان أن نقضيه والحكايات كثيرة وأهمها
إطلالتنا برفقة المجاهدين على نجران وأهم
منها ملاحم البطولة التي خاضهاالمجاهدون هنا،لكن هذه المقالة لذي الفقار الذي عدنا
في نهاية الرحلة إليه ، كان الوقت الصباح
الباكر حين هرولت مع الزميل مرتضى المتوكل من مرتفعات ومواقع حرس الحدود اليمني إلى موقع ذي الفقار الذي كان يشاهدنا ونحن نهرول إليه ونحادثه بأصوات
عالية وحين وصلنا إليه كان رجال المدد قد حطوا شيئا من زاد المجاهدين ولنا معه ذكرى لاتنسى ، اترك للمرتضى روايتها ...
(2) الفطور مع ذي الفقار !...
توقفت برفقة صاحب القلم الرائع،مع وصول رجال الإمداد في موقع ذي الفقار المجاهد السبعيني الذي خرج لاستقبالنا من عرينه بلحية بيضاء قصيرة وتظهر عليه آثار إكمال الحلاقة يبدأ يوما جهاديا جديدا منتعشا بعنفوان المقاتل ، تقدم ذو الفقار يأخذ زاده من المدد وعقب ذلك عبر عن غضبه تجاه عدم توفر بعض ماكان يتطلع إليه ويلزمها
ذو الفقار كما أخبرنا يُحب أكل الطعام دافئا وفي حال كان ذلك متاحا، في تلك اللحظة بادر رفيقي عبدالحميد الغرباني بجمع بعض الحطب من الأشجار في المكان ، العم ذو الفقار بدوره يحدد له مكان إشعال النار بالقرب من صخرةٍ كبيرة ، فهمتُ المقصد وذهبت لإحضار بعض البصل والطماطم لتجهيزها، بدى التفاؤل يظهر على العم ذي الفقار ذهب لإحضار المقلى وكتلي الشاي التي حرص أن تتوفر معه في الجبهة وهذا أمر شبه نادر ، وبدأت بتقطيع البصل والطماط وطباختها مع قطع اللحم (المقصدر) وصنع ما يعرف بــ(المقصقص) ووضعنا الشاي على بقايا الفحم المشتعل وكان ذو الفقار في تلك اللحظات هو الموجه لنا في كل تصرف أثناء الطباخة لأنه يريد كل شيء كما يهواه و أتذكر هنا أن ذا الفقار سجل على الزميل عبد الحميد إشعال الحطب قبل أن انتهي من تقطيع اللحم والطماط ، لحظات أصبح كل شيء جاهزا تناولنا طعام الإفطار ونحن نتبادل أطراف الحديث ، لم ينس ذو الفقار أن يُبدي ملاحظاته على الإفطار المطبوخ من قبلي وزميلي عبد الحميد، لكن الأهم بالنسبة لي ولرفيقي لم يكن مذاق الإفطار الذي كان مذاقه رائعا ليس لأننا من قمنا به ولكن بسبب الأجواء التي كنا فيها ولأنه أعاد غضب ذي الفقار إلى غمده (صدره) ورسم ابتسامةً لن تنسى ، لقد شعرنا بالسعادة والإرتياح مع كبير المجاهدين بنجران وبعد الفطور صعدنا أنا وزميلي عبد الحميد الغرباني فوق صخرةٍ إلى جانب مترس ذي الفقار وكنا قد حرصنا على غسل الأواني التي اُستخدمت لكي لا نُخرج غضب ذي الفقار ثانية فهو يهتم بالتفاصيل وبالترتيب
ويضع لكل شيئ اعتبار هو يمدك بنشاط وحيوية وراحة بال تحت سماء من طائرات الإستطلاع وغيرها من الطائرات الحربية التي لايخشاها ذو الفقار ويواجها بالتسبيح
وقبل أن يعود مداد الكلام إلى الزميل عبد الحميد الغرباني أود أن أقول بأن ذا الفقار كان قصةً من تفاصيل كثيرة في رحلتنا إلى نجران، وسيأتي وقت روايتها كمافعل استشهاد السبعيني المجاهد ذي الفقار ...
(3) ذو الفقار يتحدث على وقع نغم القحوم !
بعد أن تناولنا الفطور بدأنا بمضغ وريقات القات وسماع زوامل الشهيد لطف القحوم وسريعا ما تجاذبنا أطراف الحديث بعد أن انظم إلينا العم ذو الفقار وكان ممارددته عليه "كان بإمكانك أن تدفع أولادك للمشاركة في معركة التحرير "، يرد العم ذو الفقار "جميعنا لبّى النداء، استشهد اثنان من أولادي الحسين وعبد القادر و سأواصل حضورهما في المعركة ونواجه التصعيد بالتصعيد" .. إلى جانب مشاعر الولاء لله والوطن والقائد التي تفيض منه وتعبي روحك وجدت الوالد يحيى عبد القادر شرف الدين (ذو الفقار ) تجسيدا حقيقا للإرادة اليمنية التي تأخذك إلى النصر ..
هذا الزخم المتدفق في فضاء الكفاح من أجل اليمن المستقل والكبير والمتمثل هنا في ذي الفقار يؤكد "اليمن لن يعيش حياة مليئة بالذل والدم والدموع والإنكسار " ففي سوح الوغى ذو الفقار يتوثب ثورة لمواجهة التحديات والعواصف ولانحتاج هنا إلى سردية توضح خلفية إندفاع "ذي الفقار " إلى جبهات القتال هو والعشرات من أمثاله فمجزرة واحدة للعدوان تكفي وازعا كبيرا يدفع كل الأحرار إلى حمل السلاح وإعلان الصولة على عدوان السعودية وأمريكا ..
مع ذلك يبقى ذو الفقار حالة إستثنائية
ذو الفقار في أرض المعركة مقاتل بضطلاعه بالدور الأساسي الذي أوكل إليه ، وهو في الميدان بلحيته البيضاء كالثلج نداء يحفز كل من يختار المواقع الخلفية أو تحبسه الأعذار ، ... وذو الفقار في المعركة _وقد قدما نجليه شهيدين _قوة معنوية لكل المحاربين في الميدان وشاهد حاضر على تحمل المعاناة والصبر و قوة العزيمة لمن قد يداهمه الخذلان ...
ثم أن ذا الفقار يؤكد بشيبته وشهادته أن الأوطان يحميها ابناؤها وأن المحارب الطاعن في السن إلى جانب الشاب المقاتل يعبران بالفعل _ لا القول _عن قوة إنتماء اليمني لأرضه وقيمه وثوابت الوطن وإلى أي مدى سيدافع اليمنيون عن كرامتهم ..
ذو الفقار أخبرني بربك من استنهض لديك هذه الروح القتالية الباسلة في مواجهة الخطر ؟ ارجع إلينا فالطائر القاتل يحلق !
ويبدو أن عينه على موقعك هنا ياذا الفقار
يمضي الرجل ولايأبه لتحذيري ولايستدير إلى الخلف، ونتبادل أنا وزميلي مرتضى الضحك ثم لاحقا يختلف تصرفنا وموقفنا
حين حاولت طائرة إستطلاع التقاط صورة
سلفي معي والعزيز مرتضى المتوكل كما وصف الحادثة ، وكنا قبل ذلك قد ودعنا ذا الفقار وقفلنا عائدين إلى صعدة وقد أخبرنا موقفه أن لاطريق سالكة للغزاة في اليمن وأن ليس بإمكان الغزاة أن يفرضوا علينا “الحلّ” و”البديل”مهما حاربوا وشوّهوا خيارنا الوطني واي تكن المتغيرات فبالدم تحمى الدماء وتنقلب بها المعادلات وهي جسر العبور إلى الانتصار الكبير الذي سيطوي كل
المتغيرات ، وهاهو ذو الفقار وقد ارتقى في الميدان الأشرف لوح لنا بشارة النصر وقرب
موعده مؤكدا للجميع أن ثمة ثمة فرق بين أن تصنع التاريخ أو تكن غباراً على صفحاته..
- قرأت 1505 مرات
- Send by email