تقارير : التواطؤ الغربي يفاقم الأزمات الإنسانية في اليمن

نشر موقع “أوبن ديموكراسي” البريطاني، مقالا للكاتب ستيفن مكلوسكي، يؤكد أن التواطؤ الغربي مع السعودية وحلفائها، يدفع السكان المحاصرون في اليمن إلى حافة المجاعة.

 

وأوضح المقال أنه كما الحال مع الحصار الإسرائيلي الذي دام عشر سنوات على قطاع غزة، نشهد الآن عقابا جماعيا للسكان المدنيين في اليمن لتحقيق أغراض سياسية.

 

وأضاف أنه في 26 ديسمبر الماضي، تعرض سوق مزدحم في منطقة الحيمة في اليمن لضربات جوية من التحالف الذي يقوده السعوديون، أسفر عن مقتل 54 مدنيا، من بينهم ثمانية أطفال وأصيب 32 آخرون.

 

وكانت الواقعة آخر حلقة دموية في نزاع مستمر على مدى ألف يوم، وأودى بحياة 10 آلاف شخص، كما أن 20 مليون آخرين من السكان البالغ عددهم 28 مليون نسمة، بحاجة ماسة إلى المساعدة.

 

 

وصف منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لليمن، جيمي ماكجولدريك، الصراع بأنه “سخيف وغير مجد، وتدمير للبلاد ومعاناة غير متناسبة للشعب اليمني”.

 

وبدأت الغارات الجوية للتحالف السعودي في مارس 2015؛ ردا على سيطرة حركة أنصار الله على أجزاء كبيرة من اليمن في أواخر عام 2014، وكان هناك خيبة أمل واسعة النطاق في اليمن من الرئيس المدعوم من السعودية عبد ربه منصور هادي، التي عانت إدارته الانتقالية من الفساد والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.

 

وأجبرت انتفاضة الشعب اليمني بقيادة أنصار الله، هادي إلى الفرار خارج البلاد في مارس 2015، وكان التاريخ بداية الضربات الجوية السعودية، وعلى خلفية أكبر للعلاقات في الشرق الأوسط والتوترات الحالية، يتهم السعوديون حركة أنصار الله بأنها وكيلا لإيران الشيعية، منافستها الإقليمية الرئيسية.

استهداف المدنيين

 

وجد السكان المدنيون الفقراء في اليمن أنفسهم في منتصف العدوان والضربات الهجومية، حيث خلصت منظمة هيومن رايتس ووتش في عام 2016، إلى أن 60% من الوفيات بين المدنيين نتجت عن الغارات الجوية.

 

وأفادت “هيومن رايتس ووتش” بأن “الغارات الجوية ألحقت أضرارا أو دمرت العديد من الأصول المدنية بما فيها المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس، فضلا عن المؤسسات التجارية، مما يشكل انتهاكا صريحا للقانون الدولي”.

 

ويستند تقييم المنظمة الحقوقية على رصد الهجمات التي “لا تميز بين الأهداف العسكرية والأصول المدنية”، وأضاف أن “الهجمات مجتمعة” على المصانع وغيرها من الهياكل الاقتصادية المدنية تثير مخاوف جدية بأن التحالف الذي تقوده السعودية، سعى عمدا إلى إلحاق أضرار واسعة النطاق بالقدرة الإنتاجية لليمن”.

 

وتفاقمت آثار النزاع بفعل الحصار الجوي والبحري والبحري، الذي فرضته الرياض في نوفمبر 2017 بزعم “وقف تدفق الأسلحة إلى أنصار الله من إيران”.

 

وكان الحصار المفروض على ميناء الحديدة في اليمن على وجه الخصوص كارثيا بالنسبة لبلد تعتمد بنسبة 90% على الواردات و70% منها يأتي عبر هذا الميناء.

 

ودفعت الحرب والحصار ما يقرب من سبعة ملايين شخص إلى حافة المجاعة، وتركت ما يقرب من 900 ألف مصابين بالكوليرا.

 

وقال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة الطارئة للأمم المتحدة، مارك لوكوك، إنه في ظل غياب المساعدات الإنسانية العاجلة، سيكون اليمن معرضا “للمجاعة الكبرى التي شهدها العالم منذ عقود مع ملايين الضحايا”.

 

ونفي جيمي ماكجولدريك، أن أنصار الله اليمنيين يهربون الأسلحة عبر ميناء الحديدة، قائلا: إن “آليات التحقق والمراقبة التابعة للأمم المتحدة لم تجد أبدا أي أسلحة على متن السفن”.

 

وكما الحال مع الحصار الإسرائيلي الذي دام عشر سنوات على قطاع غزة، نشهد الآن عقابا جماعيا للسكان المدنيين في اليمن لتحقيق أغراض سياسية سعودية.

 

الحصار المفروض على كل من غزة واليمن، يسبب معاناة إنسانية، وكوارث ضخمة من صنع الإنسان يمكن بسهولة رفعها بإرادة سياسية.

التواطؤ الغربي

 

عملت الحكومات الغربية على تأجيج الأزمة اليمنية من خلال صفقات بيع أسلحة مربحة إلى الرياض، تم استخدامها في حملة القصف السعودية المستمرة على مدار ثلاث سنوات.

 

وأعلنت منظمة العفو الدولية أن “دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا يواصلون تزويد أعضاء التحالف بالأسلحة التي تسمح للسعودية وحلفائها بانتهاك القانون الدولي بشكل صارخ ويخاطرون بالتواطؤ في انتهاكات جسيمة بما فيها جرائم الحرب”.

 

وتحث منظمة العفو الدولية هذه الدول على “التوقف الفوري لضخ الأسلحة والمساعدة العسكرية إلى أعضاء التحالف الذي تقوده السعودية لاستخدامه في اليمن، ويشمل ذلك أي معدات أو دعم لوجستي يستخدم للحفاظ على هذا الحصار”.

 

وكانت المملكة المتحدة رخصت مبيعات أسلحة بقيمة 4.6 مليار دولار للنظام السعودي، وهي علاقة تم وصفها بـ”المخزية” من قبل حملة مكافحة تجارة الأسلحة، نظرا لسجل الرياض “كواحد من أكثر الأنظمة الاستبدادية في العالم”.

 

وباعت فرنسا أيضا بقيمة 9 مليارات يورو من الأسلحة إلى السعودية في الفترة من 2010- 2016، والتي تصل إلى 15-20% من صادرات فرنسا السنوية من الأسلحة.

 

وتفاوضت الولايات المتحدة على حزمة صفقات أسلحة تبلغ قيمتها الإجمالية 110 مليارات دولار مع الرياض في عام 2017، بعد أن وافقت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، على مبيعات أسلحة بقيمة 115 مليار دولار في عام 2009.

 

 

وأكد التقرير العالمي لـ”هيومن رايتس ووتش” لعام 2017، الذي يحذر من الاعتداء العالمي على حقوق الإنسان، أن حالات الصراع والاستهداف المتعمد والعشوائي والإجرامي للمدنيين والهياكل المدنية مثل المستشفيات والمدارس، يمثل أدنى مستوى لاحترام القوانين والمعايير الإنسانية الأساسية.

 

حجم الأزمة اليمنية يجب أن يرن أجراس الإنذارات الدولية، ويثير إجراءات فورية لإنهاء الضربات الجوية والحصار السعودي، فقد تم دفع السكان المحاصرين إلى حافة المجاعة، وبالفعل عرضة للملاريا وحمى الضنك والدفتيريا والكوليرا.

 

ويجب على المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، إعادة تقييم علاقتها مع السعودية ووقف هذا التسمم الدبلوماسي والإنساني الناجم عن تجارتهم في الأسلحة مع الرياض.