خلافات الحلفاء.. انفصاليو الإمارات يسعون لقطع ذراع السعودية باليمن

الخلافات تحتدم داخل معسكر «العدوان السعودي».. انفصاليو الإمارات يسعون إلى قطع ذراع السعودية، معارك دامية شهدتها مدينة عدن خلال الساعات الماضية، البعض رأى فيها حربا بالإنابة وترجمه لصراع متجدد بين قطبي تحالف العدوان السعودي الإماراتي، والبعض الآخر اعتبره محاولات من الرياض وأبوظبي للتخطيط لمرحلة ما بعد وقف الحرب في اليمن، خاصة مع زيادة الضغوط الدولية على التحالف السعودي الإماراتي، وعلى الرغم من أن المحافظة تسودها حاليًا أجواء من الهدوء الحذر، فإن تبادل الاتهامات والملاسنات بين الطرفين لاتزال جارية، الأمر الذي يشير إلى بقاء نيران الحرب بين الطرفين مشتعلة أسفل الرماد، وأن خطر انفجار الأوضاع في المدينة لا يزال قائمًا بشكل كبير، بل إن البعض يرى أن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد.

عدن فوق فوهة بركان

هدوء حذر يسيطر على المشهد السياسي في مدينة عدن منذ ساعات، وذلك بعد أن دعا رئيس الحكومة المدعومة من السعودية أحمد بن دغر، جميع الوحدات العسكرية إلى وقف إطلاق النار فورًا، مطالبًا التحالف السعودي بالتدخل مباشرة لإحباط ما أسماها “المؤامرة الخارجية والانقلاب ضد حكومته في عدن”، وقال بن دغر: “على جميع الوحدات العسكرية وقف إطلاق النار فورًا، وأن تعود جميع القوات إلى ثكناتها، وإخلاء المواقع التي تم احتلالها من الطرفين دون قيد أو شرط”، فيما دعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلى وقف فوري لإطلاق النار في عدن.

وعلى إثر دعوة بن دغر، تدخلت السعودية سريعًا في الخلافات المشتعلة في عدن، وحذرت في بيان نشر على صحيفة “عكاظ” السعودية الرسمية، مما أسمته “محاولات انقلابية تستهدف حكومة بن دغر” التابعة لها، فيما دعا قياديو التحالف العربي في اليمن، جميع المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية إلى التهدئة وضبط النفس والتمسك بلغة الحوار الهادئ وتلافي أي أسباب تؤدي إلى الفرقة.

تأتي دعوات التهدئة السابقة في محاولة للسيطرة على الوضع الذي اشتعل قبل أيام قليلة في مدينة عدن، حيث اندلعت اشتباكات، أمس الأحد، في محيط القصر الرئاسي ومناطق أخرى بمدينة عدن جنوبي اليمن، بين مسلحين تابعين للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، المدعوم من السعودية، ومسلحين انفصاليين تابعين لما يسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من الإمارات والذين يطلق عليهم “قوات الحزام الأمني”، وأفادت الإحصائيات الأولية بأن هذه الاشتباكات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصا وإصابة العشرات.

أكدت بعض التقارير أن الاشتباكات اندلعت على خلفية محاولة قوات تابعة لما يسمى بـ”الحزام الأمني” بقيادة عيدروس الزبيدي، السيطرة على معسكر للواء الثاني التابع لما يسمى “قوات الحماية الرئاسية” التابعة لهادي، في جبل حديد بعدن، وهنا بدأ إطلاق النار والكر والفر في محيط المعسكر، فيما أكدت مصادر سياسية يمنية أن الاشتباكات بدأت بعدما تجمع مئات من الانفصاليين التابعين لـ”الزبيدي” أمس الأحد، في ساحة العروض بمدينة عدن للمطالبة بإسقاط حكومة الرئيس الهارب هادي، وحاولت “قوات الحماية الرئاسية” تفريق هؤلاء المتظاهرين، ليسقط من بينهم قتلى وجرحى، لتتطور الاشتباكات فيما بعد وتمتد من مديرية “خور مكسر” إلى مديرية “كريتر”، التي يقع فيها قصر “المعاشيق” مقر إقامة الحكومة.

توترت العلاقات مؤخرًا بين مسلحي هادي، ومسلحي “المجلس الجنوبي” الساعين إلى انفصال الجنوب اليمني عن الشمال، وذلك بعد أن اتفق الطرفان على دعم كل منهما الآخر في جنوب اليمن، لكن يبدو أن أهداف وغايات الطرفين اجتمعت على مبدأ تقسيم اليمن وشرذمته، لكنها اختلفت في تفاصيل التقسيم، حيث اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، الجمعة الماضية، حكومة هادي بـ”الفساد وضعف الكفاءة وتسخير كل إمكانياتها وطاقاتها لمواجهة الجنوب وشعبه ومشروعه الوطني”، وأعطى المجلس الرئيس اليمني المستقيل مهلة انتهت أمس الأحد، لحل مجلس الوزراء برئاسة أحمد عبيد بن دغر، فيما حذرت حكومة هادي مسلحي المجلس من المضي في التمرد عليها في عدن.

هدوء ما قبل العاصفة

على الرغم من تأكيد وزارة الداخلية اليمنية، مساء أمس الأحد، على أن القوات الحكومية تمكنت من السيطرة على الوضع الأمني في العاصمة المؤقتة عدن، داعية “مختلف فئات وشرائح المجتمع في مدينة عدن إلى ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي”، مؤكدة على أنه “لا داعي للخوف والقلق”، فإن المؤشرات الحقيقية تشير إلى أن خطر تصعيد القتال وتجدد القصف بين مسلحي الطرفين لا يزال قائمًا، خاصة في ظل تبادل الطرفين الاتهامات وتحميل كل منهما للآخر مسؤولية الاشتباكات الدامية التي وقعت أمس الأحد، حيث اتهم مجلس الوزراء اليمني، المجلس الانتقالي الجنوبي بالقيام بأعمال تخريب في عدن للمساس بالشرعية المتمثلة في الحكومة، ووصفت الحكومة اليمنية عناصر “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذين شاركوا في الاشتباكات مع القوات الحكومية في عدن، بـ”الخارجين عن النظام والقانون”، مشددة على أن جماعة “أنصار الله” هي المستفيد الأول من حالة الانفلات الأمني والفوضى في جنوب اليمن، ودعا مجلس الوزراء إلى مواصلة العمل مع التحالف العربي من أجل التركيز على هزيمة جماعة أنصار الله.

من جانبه أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بيانًا بشأن التطورات الأخيرة في العاصمة المؤقتة عدن، حمل فيه الحكومة برئاسة أحمد عبيد بن دغر، كامل المسؤولية عن الوضع في المدينة، مؤكدًا على أن “ما حدث في عدن جاء بتوجيهات من دغر شخصيًا، ووزير الداخلية ضد الشعب الذي خرج سلميًا للتعبير عن مطالبه العادلة بالعيش الكريم، والاحتجاج على فساد الحكومة، وهو ما دفع قوات الأمن التابعة له إلى التدخل لحماية المواطنين”، وأكد المجلس تمسكه بالخيار السلمي الذي التزم به منذ البداية، مشددًا على استعداده لحماية المكتسبات التي حققها شعب الجنوب من أي اعتداء، وجدّد المجلس مطالبته منصور هادي، بـ”إقالة حكومة الفساد قبل أن يخرج الأمر عن السيطرة”، داعيًا إياه إلى “تحكيم العقل والمنطق والاستماع إلى مطالب شعبه في الجنوب”.

وفي مؤشر آخر على تصعيد محتمل، استقدمت القوات المؤيدة للانفصاليين الجنوبيين في اليمن “قوات الحزام الأمني، اليوم الإثنين، تعزيزات عسكرية إلى عدن من محافظتي أبين والضالع القريبتين، حيث أشارت مصادر سياسية إلى أن القوات الموالية لمنصور، اشتبكت مع تلك القوات القادمة من “أبين” في محاولة لمنعها من التقدم إلا أنها عجزت عن ذلك، حيث باتت قوات الحزام الأمني تتقاسم السيطرة على أحياء المدينة مع القوات الموالية لمنصور وذلك بعد أن سيطرت قوات “الحزام الأمني” على مقر الحكومة وعدة أحياء في المدينة.