«التحالف» يفشل في الإختباء خلف «الشرعية»: الصراع على الثروات
بعد قرابة الثلاث سنوات من الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، تأخذ المعركة منحى آخر تسعى فيه الإمارات إلى السيطرة على الموانئ البحرية والمناطق الإستراتيجية الغنية بالثروات الطبيعية والمعدنية.
الصراع على الثروات :
بعد أن وضعت الإمارات يدها على تراث اليمن، من خلال سيطرتها على مناطق وجزر إستراتيجية غنية بالثروات كجزيرة سقطرى التي تعتبر محمية طبيعية عالمياً، تضع يدها على حقول الغاز والنفط في بلد انهكته الحرب ومزقته الصراعات على مدى ثلاث سنوات، منذ بدء الحرب التي تقودها السعودية في اليمن بمشاركة إماراتية، ففي الوقت الذي يعاني فيه المواطن اليمني من انعدام الغاز المنزلي، تضاعفت منذ أكثر من أسبوع، تصدر الإمارات شحنات من الغاز المسال عبر ميناء بلحاف في محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن، إلى أراضيها.
مصادر مطلعة أكدت لـ«العربي»، إن الإمارات صدرت أول شحنة من الغاز المسال عبر ميناء بلحاف في شبوة، الأسبوع الماضي، عقب أكثر من ثلاثة أعوام من توقف التصدير.
وقالت المصادر في حديث إلى «العربي»، إن تصدير الغاز اليمني المسال، استؤنف إلى الإمارات، بدلاً من كوريا الجنوبية، صاحبة الإمتياز بموجب العقد الموقع مع الحكومة اليمنية منذ سنوات.
وأشارت المصادر، إلى أن الإمارات سعت منتصف العام الماضي، إلى التفاوض مع شركة النفط الكورية، لشراء حصة في ميناء بلحاف، وذلك بعد أزمة الخليج التي اندلعت بين قطر والإمارات، التي تستورد 30%، وأشرفت السلطات الإماراتية على تصدير شحنة الغاز اليمنية من ميناء بلحاف الذي يخضع منذ نهاية العام الماضي لسيطرة قواتها، وبمسانده من القوات الشبوانية اليمنية التي أنشأتها.
ونوهت المصادر، إلى أن تصدير أول شحنة غاز إلى الإمارات، عبر مينا بلحاف الواقع على ساحل البحر العربي في مديرية رضوم، أشرف عليها رئيس أركان الجيش الإماراتي، الفريق حمد الرميثي، الذي زار الميناء السبت الموافق في 3 من الشهر الحالي، والذي أطلع أيضاً خلال زيارته على معسكرات تدريب تقيمها الإمارات في قطاع بلحاف.
ووعد الرميثي، خلال لقائه قيادة النخبة الشبوانية، بتقديم المزيد من الدعم المالي والعتاد العسكري، بما يضمن انتشار النخبة في كافة مديريات المحافظة، وخصوصاً في المناطق التي يمر منها أنبوب الغاز والمناطق النفطية القريبة من حضرموت، في الوقت الذي توسع انتشارها الأمني على كافة البلوكات النفطية الواقعة ما بين شبوة وحضرموت.
في المقابل، نفت مصادر إعلامية موالية لأبو ظبي خبر تصدير الشحنة، وأكدت أن الإمارات لا تزال تسعى للسيطرة على كافة إمدادات الغاز الذي يمر من قطاع جنة 18 النفطي، الواقع تحت إدارة وسيطرة شركة صافر، إلى ميناء بلحاف الغازي بطول 320 كيلومتراً، فيما اتهمت حكومة الرئيس هادي الإمارات بالاستيلاء على غاز محطة بلحاف، وذلك تعويضاً عن الغاز القطري منذ اندلاع الأزمة الخليجيّة الأخيرة.
وقالت مصادر مقربة من حكومة هادي، في حديث إلى «العربي»، إن الإمارات لم تتمكن من السيطرة على حقول وقطاعات النفط والغاز في شبوة، إلا بعد أن تمكنت من اختراق القبيلة عبر استقطاب المئات من أبنائها في ميفعة وحبان والروضة ورضوم.
وأفادت المصادر إلى أن الإمارات سيطرت على مديرية ميفعة ومنطقة عزان ورضوم شبوة، وأحكمت سيطرتها على الميناء من دون أي تصادم مع تنظيم «القاعدة»، وبمساندة القبائل والقوات الشبوانية التي انتشرت من بلحاف إلى مثلث العين والمناطق المجاورة.
وأوضحت المصادر في حديثها إلى «العربي»، أن الإمارات منحت أبناء القبيلة إهتماماً أكبر، نظراً لوقوع عدد من القطاعات النفطية الهامة وميناء بلحاف في نطاق أراضي القبيلة، كما استقطب أكثر من 1200 عنصر من قبائل «بلعبيد»، التي تتواجد في مناطق عرماء والطلح ودهر.
وكانت الإمارات في العام 2016، قد سيطرت على قرابة 60% من منابع وحقول نفط حضرموت. مصادر من حكومة هادي أكدت في حديث إلى «العربي»، أن الإماراتيين يستعملون ميناء «الضبة» الحضرمي، لتصدير شحنات نفطية من حضرموت، من دون إذن حكومة هادي أو ترخيصها، منذ ما يزيد عن عام ونصف العام.
وقالت المصادر إنه عندما اتجهت حكومة هادي نحو استئناف إنتاج النفط في عدد من المحافظات الجنوبية، عملت الإمارات عبر قواتها المتمركزة في ميناء الضبة النفطي، على السيطرة على حقول النفط، ورفضت السماح بنقل كمية النفط المخزنة في منشآت الميناء إلى الأسواق العالمية.
إلى ذلك، أكد مراقبون أن محافظتي شبوة وحضرموت 35 قطاع نفطي، تشكل دافع للإمارات لتعزيز وجودها في المحافظتين، ففي حضرموت، أكبر المحافظات اليمنية، يتواجد 22 قطاعاً نفطياً إنتاجياً ممتداً على مختلف مديرياتها، والكثير من تلك القطاعات تقع في حدود المحافظتين، أبرزها القطاعات النفطية رقم 14 والقطاع 53 والقطاع 32 والقطاع 51 والقطاع 14 في منطقة المسيلة، والقطاع 53 والقطاع 43 والقطاع رقم 9 والقطاع رقم 13.
الثروات في متناول يد «التحالف»!
تشير التقارير إلى أن اليمن يمتلك من الثروات الطبيعية ما يؤهله لأن يكون من أغنى الدول في العالم، إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح خالٍ من مظاهر الفساد، حيث لا تتعدى نسبة ما تم استغلاله حتى اليوم 10% فقط.
وتؤكد التقارير، أن اليمن يمتلك أكبر مخزون إحتياطي من الجرانيت والرخام على مستوى الشرق الأوسط، ومن أجودها عالمياً، حيث تتعدد ألوانه من 10 - 15 لوناً، فضلاً عن صلابته النادرة، إلى جانب ذلك، يمتلك مخزوناً هائلاً من المعادن النقية والثمينة، أهمها: البازلت واللفت والدولاميت، والرصاص والزنك، والتيتانيوم والحديد والفناديون، بالإضافة إلى الجبس، حيث يقدر إحتياطي اليمن منه بـ4,6 بليون طن، وبنسبة نقاء تصل لـ97,5%، إضافة إلى إحتياطات ضخمة من الكاؤلين تبلغ 4 ملايين متر مكعب، حيث تتواجد هذه الأحجار في كميات كبيرة في محافظة الجوف ومأرب وشبوة.
أما في ما يتعلق بالثروات المعدينة الباطنية كالنفط والغاز، فتشير التقارير إلى أن اليمن يمتلك مخزوناً نفطياً يبلغ 9.10 مليارات برميل، دون حقل «واعد» النفطي شمالي الجوف، الذي تم إيقاف التنقب فيه للإبقاء على الحصة الكاملة للسعودية، التي استفردت بإستخراجه من الجزء الواقع داخل أرضيها.
ويعد اليمن الدولة الثانية والثلاثون عالمياً في كمية احتياطي الغاز الطبيعي، الذي يقُدر بــ 2.18 تريليون قدم مكعبة.
كما تعتبر جزيرة سقطرى، التي تسيطر عليها الإمارات، أيضاً من المحميات الطبيعية، وتعد من أغنى المناطق في العالم بالأعشاب النادرة والشعاب المرجانية الكثيرة والمناظر الطبيعية الخلابة،
وكانت وثيقة أرسلها الرئيس هادي إلى محافظ سقطرى أحمد عبد الله حمدون، في يناير العام الحالي، عن أوامر رئاسية للمحافظ بالكف عن التدخل في الاختصاصات العليا للدولة.
وتفضي الوثيقة بتوجيه الرئيس هادي لـ«حمدون»، بضرورة العملية الممنهجة التي تقوم بها أبو ظبي لنقل ثروات سقطرى عبر مينائها.
وكان ناشطون اتهموا محافظ سقطرى بتسهيل الإجراءات للإماراتي خلفان المزروعي، الملقب بأبي مبارك، للسيطرة على سقطرى.
كما لا ينبغي إغفال أنه يوجد في اليمن، أكثر من 350 نوعاً من الأسماك والأحياء البحرية، وشريطاً ساحلياً يبلغ 2500 كيلومتراً، ما يجعله مؤهلاً لأن يكون لدولة الأولى في إنتاج الأسماك بين دول المنطقة العربية.
فهل الصراع والحرب الذي تقودها السعودية في اليمن سيشهد تطورات جديدة في العام الرابع الذي يفصلنا عنه أيام قليلة؟ وهل الصراع بين دول «التحالف» سيشتد لتخرجها عن هدفها الرامي لاستعادة «الشرعية» لتُغرق في وحول الطمع والإقتتال على الثروات والمواقع؟
- قرأت 1048 مرة
- Send by email