كاتب تونسي يكتب عن الشهيد القائد السيد حسين الحوثي
أنصح بالاطلاع على ما ترك حسين بدر الدين الحوثي من نصوص ومحاضرات. يبدو ما تركه بسيطا جدا مقارنة بما قد تقع عليه اليد من كتب ولكنّ البسيط زمن التّعقيد المعمّم قيمة عظيمة.
لا أعتقد أنّه كتب ما كتب وقال ما قال لينافس جهابذة الفكر والنظرية والايديولوجيا. هو سلك لينفذ ويفعل ويغيّر وأرى أنّه ينجح في ذلك بعد موته نجاحا بعيدا. لو كان اتقان الكتب وتخيّر المصطلحات وابتكار المفردات ممّا يضمن الفعل ويحرّك لأنجزنا ثورات كلّ دقيقة ولكننا بين عطالة وعجز. هو تقريبا يعود الى الاصل القرآني ليستنطقه لزمنه الماثل وجغرافيته المحايثة ولا يحرص كثير حرص على استحضار زمنية اسلامية بكلّ ما رسّخت من أفكار وخلاف وجدل . هو يقفز على ما كان ويربط بين قرآن وهنا وآن.
في خلفية هذا المنهج رؤية والرؤية التي تتأسس على البسيط أكثر وضوحا وأقدر على الفعل والانجاز بينما تتأسّس على المعقّد ومنه رؤية مشوّشة وان كانت بديعة وجاذبة التركيب. رؤية التعقيد تجعلك تغرق فيها وتنفق كلّ طاقتك في تفكيك وإعادة تركيب ما يزهّد في الحركة والفعل. المشكل أنّ المرء لا يملك أن يكون بسبطا حتى وإن اقتنع بفضائل البسيط.
هو إذا تشرّب المعقّد بيئة وعقلا وذهنا وذوقا يعيد إنتاج التعقيد. اليمن بسيط ولا يزال يحتفظ بكثير من العذرية. نلمس هذا على الوجوه وفي النبرة والمحافظة على قيم وتقاليد تأتي من بعيد. وعليه فليست صدفة أن يكون حسين بدر الدين الحوثي بسيطا. زمن التعقيد تكون البساطة عبقرية معجزة ثمّ إنّ الحكمة يمنية. وما الحكمة؟ أعتقد أنّها الإهتداء إلى الحقيقة بلغة الفطرة والفطرة بسيطة لأنها جامعة انسانية.
وليست العبرة بما نبلغه بالفطرة البسيطة وانما العبرة في اعتمادنا الفطرة البسيطة منهجا. اذا كان منّا هذا بلّغتنا هذه الفطرة كلّ حقيقة وزادت ففتحت لنا أبواب الفعل. نقول عن القرآن أنه كتاب عظيم وننسى أنّ جلّ حديثه عن شمس وقمر ونجوم وزرع وحصاد: صور الوجود الاولى ووقائعه العابرة للجغرافيا والتاريخ.
يبدو اليمن مسكينا عندما ننظر إليه من أبراج الخليج العالية المتطاولة ولكن من يعلو يغفل عن العمق. عن عمقه الذي زهد فيه أولا وعن عمق اليمنيين ثانيا. من عمق هؤلاء يكون بركان ويخصب التاريخ. تعود في ما ترك هذا العبقري المجهول مفردة النفس وكلّ جهده في تحويل الهاجس التاريخي مبحثا نفسيا.
هو من هذه الزاوية باطني وحسنا فعل عندما ادرك أولوية النفس. النتيجة أنه ربي جيلا من النوعيين يدكون قريبا عرش آل سعود. شخصيا أجد هندسة التصوف النظرية في فكره ولكن التصوف الحوثي تصوف حركي. هذا، في أدنى الاحوال، يثبت أنّ التصوف يمكن أن يتحوّل حركة وحركية. إذا كان إذن يكون.
* كاتب تونسي
- قرأت 137 مرة
- Send by email