كيف تصــرف أحمد علي وعلي محسن وحراســهما مع الرئيس الجـــديد وحراســه في آخر زيارتين لهمــــا لمنزلـــه

حين يزوره أحدهما في منزله، يتوقع موظفوه وحراسه زيارة الآخر له في اليوم التالي. ويرافقهما عدد من الحراس أكبر من حراسه ويدخلان عليه مع حراسهما المدججين بالأسلحة والذين يفرضون سيطرتهم على فناء مقر إقامته بالعاصمة

وصل قائد الحرس الجمهوري في موكب ضخم من العربات المصفحة والسيارات المحملة بعشرات الجنود والمزودة بمدافع متوسطة الى منزل الرئيس عبدربه منصور هادي في شارع الستين غرب العاصمة صنعاء حوالي العاشرة والنصف من صباح الاثنين الماضي. وفي الفناء الداخلي للمنزل حيث استُقْبِل نجل الرئيس الأسبق في لقاء أمتد من 20 دقيقة الى نصف ساعة، جلس الرئيس الجديد محاطا بقلة من حراسه وعدد أكبر من حراس العميد احمد علي عبدالله صالح الذين دخلوا باسلحتهم الرشاشة (إف إن) اميريكية الصنع وظل بعضهم ممسكا بها في وضعية تأهب روتينية للإطلاق. "لو أرادو قتل الرئيس عبدربه، لأمكنهم ذلك بكل سهولة"، قال أحد الموظفين المدنيين لدى هادي، وأضاف: "وكذلك، لو أراد حراس علي محسن الأحمر".
زيارات نجل الرئيس السابق للرئيس الجديد في منزله تتكرر من حين لآخر، ويبدو أن موظفي وحراس الأخير اعتادوا التغيير الكبير الذي تحدثه هذه الزيارات في المشهد الروتيني للحياة اليومية امام البوابة الخارجية للمنزل حيث انتشر العديد من سيارات موكب احمد علي وحراسه فيما دخل آخرون مع سياراتهم الى الداخل بكل عتادهم، كما اعتادوا أيضا أن يكون توقيت هذه الزيارات بعد أو قبل زيارات قائد عسكري آخر هو اللواء علي محسن الأحمر.
ويبدو، بشكل عام، أن زيارة القائدين العسكريين المنتميين الى قرية بيت الاحمر في سنحان للرئيس الجديد في منزله تحدث بطريقة فظة توحي بأنهما لا يتعاملان معه كرئيس للجمهورية.
"لم يكن يسمح لحراس الرئيس عبدربه بالدخول هكذا بسلاحهم الى منزل الرئيس (السابق) علي عبدالله صالح"، قال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث الى الصحافة، وتابع: "اما إبنه فيدخل اليوم على الرئيس (الجديد) بعدد كبير من حراسه واسلحتهم".
ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، وفقا للمصدر الذي قال إن زيارة أحمد علي الاخيرة للرئيس هادي اتسمت بعدم الإحترام والتقدير للأخير وحرمة منزله. "لم يكتف الحراس بالدخول بسياراتهم وبسلاحهم وبأعداد كبيرة الى المنزل، بل انتشروا في الداخل وخلف المنزل بعدما شغلوا نوبات الحراسة المحيطة بالمنزل محتلين مواقع حراس الرئيس". واستقبل الرئيس هادي نجل الرئيس السابق في فناء منزله الداخلي حيث تبادلا حديثا لم تتوفر معلومات حول تفاصيله، لكن المصدر لم يستبعد أن يكون اللقاء قد تطرق الى زيارة علي محسن الأحمر الخصم العسكري لأحمد علي صباح اليوم السابق.
وكان الرئيس هادي استقبل قائد الفرقة الأولى مدرع قرابة العاشرة من صباح الأحد الماضي حيث التقاه في نفس المكان الذي التقى فيه قائد الحرس الجمهوري بفناء منزله الداخلي، واستمر لقاؤهما قرابة نصف ساعة، أي نفس المدة التي استمر فيه لقاؤه مع أحمد علي.
وأمضت عربة مصفحة تابعة لقوات الفرقة الأولى مدرع النصف ساعة تلك وهي تتحرك ذهابا وإيابا بدون توقف في المنطقة الواقعة أمام منزل الرئيس الجديد من شارع الستين حيث كان المكان يعج بالمسلحين العسكريين والمدنيين والعربات. وكانت هذه العربة هي إحدى عربات الحماية التي رافقت موكب اللواء الاحمر الى منزل الرئيس هادي الذي تألف أيضا من حوالي 14 سيارة محملة بالمسلحين العسكريين والمدنيين.
وأوضح المصدر أن موكب الأحمر تألف من سيارتين فورد رصاصيتي اللون مزودتين بمدفعين 14\5، اربع مواصير (شيلكا)، وسيارتي جيب بدون سقف مزودتين بقاذفتين بي 10 وثلاث سيارات لاندكروزر مزودتين بثلاث رشاشات 12\7 (دوشكا) وسيارتين لاندكروزر آخريين تحملان على متنيهما العديد من المسلحين المدنيين فضلا عن خمس سيارات مونيكا محملة بالعديد من المسلحين الآخرين الى جانب اللواء الأحمر. "كان عددهم اكثر من 70 جنديا ومسلحا، أي أكثر من عدد حراس الرئيس"، قال المصدر مضيفا: "عدد حراس علي محسن الذين يأتون معه يتفوقون علينا عددا وعدة". باستثناء السلاح الشخصي، تتكون الحماية الثابتة لمنزل الرئيس هادي من ثلاث سيارات لاندكروزر مزودة بثلاثة مدافع 12\7 (دوشكا) تقف امام البوابة الخارجية وداخلها، وفقا للمصدر الذي قال إن أيا من هذه السيارات لا ترافق موكب الرئيس الجديد في تحركاته اليومية: "موكبه يتكون عادة من خمس سيارات تحمل عددا من الحراس المسلحين باسلحة شخصية".
وفي حين بدت حراسة الرئيس الجديد المتحركة مع الثابتة في حديثه أقل عددا وعتادا من حراسة أي من القائدين العسكريين اللدودين، أفاد المصدر أن موكب العميد أحمد علي كان أكبر من حيث عدد السيارات والحراس والأسلحة. ولم يستبعد المصدر أن يكون السبب في زيادة عدد سيارات وحراس موكب الأخير متمثلا في وجود منزل الرئيس الجديد في منطقة نفوذ وسيطرة علي محسن. ولا يقع منزل الرئيس هادي في منطقة نفوذ علي محسن فقط، وإنما تحت حمايته أيضا. يقول: "هناك قرابة 200 جنديا من قوات الفرقة يتواجدون أمام وفي محيط منزل الرئيس بصورة دائمة كحماية للمنزل". لكن المصدر استبعد أن يكون سبب تواجدهم هو الحماية قدرما يبدو له سببا آخر: "اعتقد ان السبب يتمثل في فرض نوع من السيطرة على الرئيس ومنزله".
ويبدو أن زيارات كلا القائدين العسكريين لمنزل الرئيس الجديد تتم بنفس الطريقة الفظة، لكن المصدر خص زيارات أحمد علي بالقول إنها تتم بطريقة أشد فظاظة من طريقة خصمه، ومنها تحديدا الأخيرة التي شهدت انتشارا وتمركزا لحراسه في نوبات الحراسة الخاصة بهادي. وتساعد طريقة كلا القائدين في زيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي في تشكيل صورة عامة عن مستقبل اتفاق نقل السلطة في اليمن خلال العامين القادمين، وهي صورة تبدو قاتمة بالنسبة الى النقاش الذي يدور على الارجح وسط موظفي وحراس هادي. يقول المصدر: "مع وجود هذين الرجلين، أعتقد أن الاوضاع لن تنتهي بخير". ------------------ •
نقلا عن يومية "الأولى"، السبت 17 مارس 2012