رويترز : مقاتلو القاعدة يبدون مرونة في اليمن رغم توالي عمليات الجيش
تشير هجمات على أهداف حكومية يمنية كبرى يعتقد أن تنظيم القاعدة وراءها إلى أن الحملة النشطة التي يشنها الجيش لمكافحة الإرهاب لم تنل من قدرة المتشددين على إذلال السلطات بأعمال عنف تنم عن التحدي.
وبعد هجمات شنها المتشددون على قوات الأمن وأجانب ومسؤولين حكوميين على مدى أشهر بدأ الجيش اليمني في أواخر الشهر الماضي حملة منسقة استخدم فيها قواته الجوية والبرية لمهاجمة معاقل المتشددين في محافظتي أبين وشبوة.
وجاءت الحملة في أعقاب سلسلة من الهجمات بطائرات بلا طيار يعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة نفذتها ضد أهداف لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلال شهر أبريل نيسان.
وأدت الحملة إلى إخراج المتشددين من بعض المعاقل في الجنوب لكن الحكومة أخفقت في منع ما يبدو أنها موجة من الهجمات الانتقامية من جانب المتشددين.
وقال ماجنوس رانستورب خبير الإرهاب في كلية الدفاع الوطني السويدية إن المتشددين "يريدون ضمان أن يدرك السكان أن بوسعهم الرد وأنه مازال لهم وجود.
"أن بوسعهم الرد حتى وهم يتعرضون للهجوم. الأمر كله يتعلق بارسال رسائل... خاصة للأنصار وغيرهم أنهم مازالوا قوة يعتد بها."
ووقع اشتباك مع المتشددين قرب القصر الجمهوري في صنعاء يوم الجمعة أسفر عن مقتل أربعة جنود ونجا وزير الدفاع من محاولة اغتيال فيما يبدو عندما جرى إطلاق النار قرب موكبه في شبوة. وقالت تقارير رسمية في وقت لاحق إن إطلاق النار كان لاسباب احتفالية.
ويوم الأحد حاول مهاجمون من المتشددين فيما يبدو اقتحام حاجز تفتيش أمني في المنطقة نفسها في العاصمة وقتل ثلاثة منهم. وفي اليوم نفسه اقتحم مهاجم انتحاري بسيارته المليئة بالمتفجرات مبنى للشرطة العسكرية في مدينة المكلا الساحلية وقتل عشرة جنود على الأقل ومدني.
وتتابع هذه التطورات عن كثب أجهزة مكافحة الإرهاب الغربية التي تحرص على مساعدة الجيش اليمني للتغلب على ما يعانيه من ضعف في العتاد والمعنويات.
وتخشى واشنطن أن يستخدم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب اليمن قاعدة لشن هجمات على الغرب مستقبلا. وكان التنظيم دبر هجمات تم احباطها لتنفيذ عمليات ضد طائرات تابعة لشركات أجنبية في الماضي.
وبعض أعضاء تنظيم القاعدة من السعودية التي تشترك في حدود طويلة مع اليمن وأحد أهداف التنظيم الإطاحة بحكم آل سعود.
* انقسام قوى الأمن
وتحمل حملة الجيش أوجه شبه كبيرة لهجوم مماثل وقع عام 2012 عندما أخرج الجيش جماعة أنصار الشريعة التي خرجت من عباءة القاعدة من معاقلها في أبين وشبوة.
وكانت تلك الحملة ردا على سعي القاعدة توسيع نطاق نفوذها بينما كانت الدولة مشغولة بالاحتجاجات المطالبة بعزل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتمكن المتشددون من الاحتفاظ بالأرض لنحو عام وأعلنوا الكثير من المدن إمارات اسلامية قبل أن يطردهم منها الجيش في نهاية المطاف.
وبعد عامين تقريبا وجد الجيش نفسه يخوض حملة مشابهة على مقاتلي القاعدة الذين تمكنوا من تجميع أنفسهم في الشهور التي انقضت منذ الحملة السابقة التي شنها الجيش.
وقال محللون إن من بين مشاكل الجيش عدم كفاية المعدات والتدريب وانقسام أجهزة الامن بالاضافة إلى غياب استراتيجية طويلة الاجل للتعامل مع المناطق التي يتم تطهيرها من المتشددين.
وتفاقمت الانقسامات في الجيش بعد أن هرب اللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى من قوات المشاة المدرعة في الاضطرابات التي سادت عام 2011 وأدت في نهاية الأمر إلى إنهاء حكم الرئيس صالح.
وقال أستاذ العلوم السياسية عبد الغني الارياني "أعتقد أن مشكلة انقسام الجيش ... مازالت معنا. ربما بدرجة أقل مما كانت قبل عامين. الانقسامات داخل القوات مازالت قائمة وهناك ولاءات منقسمة. البعض ليس موضع ثقة للمشاركة في هذه الحملة."
وأضاف الارياني إنه رغم أن هذه الحملة تكرار لحملة عام 2012 من حيث الاستراتيجية والأسلوب والأثر فإن الظروف السياسية مختلفة.
وتابع "في عام 2012 لم يكن ثمة نية لخوض الحرب حتى النهاية... لذلك فكل ما فعلوه هو تفريق القاعدة من أبين وخلقوا بذلك مشاكل في البيضاء وحضرموت وغيرها من الأماكن. أما هذه المرة فأنا أعتقد أنها مخططة بدقة أكبر وأعتقد أنهم سيلاحقونهم حتى النهاية."
وقال إنه يرجو أن تحقق هذه المرة نتائج أفضل "لكني لا أعتقد أن الخيار العسكري قابل للتطبيق في مكافحة الإرهاب. إذ يتعين عليك أن تقوم بالكثير من عمل الشرطة على الأرض وعلى مدى فترة من الوقت وفي الوقت نفسه تتعامل مع الاسباب الأساسية للتشدد."
* لا استراتيجية أكبر
قال مسؤول أمني كبير لرويترز إن قوات الأمن تعمل ببطء للتغلب على انقسامات عام 2011.
لكنه أضاف أن ذلك لا يعني أن اليمن لا يحتاج لمزيد من قوات مكافحة الإرهاب. وقال "لدينا المئات من هذه القوات لكنها ليست كافية. نحتاج لتدريب مزيد من الافراد ونحتاج لمزيد من الأسلحة الفتاكة لزيادة كفاءة هذه القوات التي أثبتت فعاليتها في التصدي للقاعدة."
ولم يحدد المسؤول المعدات المطلوبة لكن خبراء عسكريين يقولون إن الجيش اليمني يحتاج أسلحة ومعدات حديثة لمواجهة التشدد مثل نظارات الرؤية الليلية.
وكما حدث في المرة السابقة هرب المتشددون إلى حد كبير من التجمعات العمرانية إلى مناطق أكثر وعورة يصعب الوصول إليها. وتقول ابريل لونجلي ألي كبيرة خبراء اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية إن إحدى المشاكل الأساسية هي ما خطة الجيش للمناطق التي أخرج منها المتشددين.
وقالت ألي "ما هي الخطة لمنع القاعدة من إعادة تنظيم صفوفها في تلك المناطق أو قربها؟ ... لا يوجد جهد منسق للحديث عن الخطوة التالية."
وأضافت أنه لا توجد خطة واضحة لكيفية تعزيز انفاذ القانون على المستوى المحلي في تلك المناطق أو لتنفيذ استراتيجيات تنمية في المناطق المعرضة لأن تصبح قاعدة للمتشددين مرة أخرى.
وفي الماضي بدا أن تنظيم القاعدة استغل غياب التنمية واخفاق الحكومة في توفير الخدمات الاساسية لكسب بعض التأييد في بعض المناطق الفقيرة.
وقالت ألي "يقول اليمنيون في الجنوب إن الفقر وإخفاق الحكومة في توفير الأمن والخدمات الاساسية والتعليم كلها عوامل تصب في صالح القاعدة. وهم يزعمون أن القاعدة تمكنت على نحو متزايد من استغلال الوضع بتجنيد الشبان المحبطين في صفوفها."
- قرأت 1173 مرة
- Send by email