إعتصام صنعاء يعيد اليمن إلى مثاقيل الميزان الدولي ومعركة الجوف توحّد الخليج!!!
مصدر دبلومسي ’: خط ساخن يمني يربط العالم من مجلس الأمن إلى شبه القارة الهندية
وهكذا أصبح لمظلّاتٍ وبضع خيَم ملوّنةٍ في اليمن ثقلٌ في دفتر الحسابات الدولية. لم يكن أكثر المتفائلين، وحتى المتشائمين - كلٌ بحسب اتجاهه - يتصوّر أن هرولة شعبية في شوارع صنعاء ومحيطها مطالبة بالعدالة الاجتماعية سترفع يوماً حرارة الميزان الدولي.
لم يكن أحد في دوائر القرار العالمي يتوقع أن الحلقة الثانية من عودة اليمن إلى عناوين نشرات الأخبار ستأتي أبداً بعد إعلان توحيد اليمن قبل نحو 23 عاماً، حتى إن حدثاً على غرار استهداف المدمرة الأميركية "كول" في خليج عدن، قبل أكثر من عشر سنوات، لم يكن يستأهل أكثر من خبر في خانة المتفرقات.
اليوم، تطرق "الصرخة" الحوثية نوافذ مبنى مجلس الأمن في نيويورك، وصولاً إلى أبواب أروقة قصر الحمراء في موسكو، وما بينهما من جدران وشرفات وحدائق خلفية لمقرّات القرار الدولية والخليجية.
السعودية: لاستنساخ "صمود" السنيورة في مواجهة اعتصام وسط بيروت والأميركيون: "إياكم"
تشير مصادر سياسية يمنية مطلعة إلى أن الموافقة المعلنة للرئيس اليمني عبد ربه مصنور هادي على مطالب الحوثيين جاءت بناءً على نصيحة أميركية واضحة: "اجلبوا الحوثي إلى الحكومة...مهما كان الثمن"، لكن مضمون الموافقة والتي تم التعبير عنها بـ"مبادرة الحل الوطني" جاء تحت عنوان "أفضل الممكن" بعدما قالت الرياض كلمتها الوحيدة: "لا يرفّ جفنكم..دعوهم يتعفنون على الإسفلت".
لكن حركة "أنصار الله" - على أبواب مرحلتها التصعيدية الثالثة - ردّت على ما أسمته "تجويف مبادرة الحل من إمكانية الحل" بكلمة واحدة: الأمر لي.
وما إن أعلن قائد الحركة السيد عبد الملك الحوثي الإنتقال إلى العصيان المدني، تُرجم بقطع طرقات رئيسية داخل صنعاء، حتى بدأت الرياض ومعها عدد من الدول الخليجية بتجفيف عرق الجبين، ومحاولة تنشيط أجهزة الاتصالات الإقليمية والدولية قبل أن ينتقل "المبضع" الحوثي إلى المرحلة التصعيدية التالية، التي يحرص الحوثيون بشدّة على عدم الإفصاح عن شكلها وفحواها.
فجأة، هدأت حدّة الاتهامات لحركة أنصار الله بالتبعية للخارج وتنفيذ أجندات إقليمية، واستُبدلت بسياط ترهيب مباشرة من مجلس الأمن: اهدأوا وإما العقوبات.
يومٌ وبعض يوم، وخرجت روسيا - العضو الدائم في مجلس الأمن - لتقول: "إن الحراك الشعبي اليمني الحالي ليس إلا حقاً مشروعاً في المطالبة بالعدالة والمشاركة". قالت ذلك، واليد اليمنى داخل الجيب تمسك بورقة الفيتو بحال فرض التصويت على العقوبات. اتصال هاتفي أميركي بالرياض - بحسب المصدر السياسي نفسه - يقول بوضوح: لا تخسروا زمام المبادرة... عليكم باحتواء الحوثيين.
ردّت الصحف الخليجية في يوم واحد - راجع الصحف الخليجية يوم الثلاثاء 02 أيلول/سبتمبر: إما مبادرة "هيئة الاصطفاف الوطني" وإما الانزلاق نحو أتون حرب أهلية "طائفية".
معركة الجوف: نقاط ساخنة على حروف "بائتة"
على بعد عشرات الكيلومترات شرق العاصمة صنعاء، تنزلق معركة الجوف سريعاً نحو سيناريو عمران على الجهة الغربية المقابلة. مقتل ضابط أمن أثناء الاشتباكات مع حركة "أنصار الله" التي قررت عدم السكوت مجدداً عن أي "جريمة" يرتكبها حزب الإصلاح وحليفه تنظيم القاعدة في شمال اليمن، أعاد إلى الأذهان سريعاً مجريات ما حدث قبل شهر في عمران مع اللواء 310 بقيادة حميد القشيبي الذي لقي مصرعه أثناء مؤازرته مقاتلي "الإصلاح" في المعركة مع الحوثيين. والجوف التي تسيطر أنصار الله على 80% منها، تشير إلى مجريات أي حرب أهلية يهدد بعض الخليجيين بها، في ظل انقسام المزاج العام داخل الجيش اليمني بين قيادة ضعيفة تريد قتال الحوثيين مع بعض الجنود المنتمين قبلياً إلى أخصام الحوثي، وبين شريحة واسعة من الضباط والجنود التي لم تعد تطيق التمييز والعقلية الطبقية في التعاطي مع منح الهبات وتوزيع المناصب.
ومع الجوف، تخسر قطر، الداعمة لحزب الإصلاح، المزيد من نقاط نفوذها داخل اليمن. وبالتالي، ومع تصاعد التهديدات للمصلحة الحيوية السعودية في اليمن، لم يعد ثمّة مبرر لعناد الأطفال...فكان الانكفاء مجدداً تحت العباءة الخليجية وعودة سفراء السعودية والبحرين والإمارات إلى "فيلاتهم" في الدوحة، والبحث ضمن "اصطفاف خليجي" في وسائل مواجهة الحوثيين.
هنا مجدداً يتضح أن حسابات الحرب "الطائفية" ليست مشجعة داخل اليمن نظراً لميل ميزان القوى الداخلي وعدم مضمونية تداعيات تحريك درع الجزيرة على جنوب السعودية، كما حصل في حرب صعدة السادسة عام 2010.
لكن إضرام حرب "طائفية" مماثلة في مكان آخر - يقول مصدر دبلوماسي خليجي - قد يدفع بمن "يمون" على الحوثيين إلى فرملة المعتصمين في الشوارع، بل وإجبارهم على العودة إلى البيوت مجدداً وربما نهائياً. وهنا - يقول المصدر - لا بد من التأني في قراءة إعلان زعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري" نشوء حركة "للمجاهدين" في شبه القارة الهندية. فهناك ربما، بالقرب من الخاصرة الجنوبية الشرقية للجمهورية الاسلامية الإيرانية، تكون الحسابات الطائفية مشجعة أكثر لإضرام نيران "مذابح تفاوضية"، تشكل بالدم مرة أخرى بعد أحداث "الموصل" وما تلاها في العراق... معادلة ضغط جديدة.
- قرأت 591 مرة
- Send by email