المعارضون والداعمون لحرب الیمن .. تباين في المصالح وخوفاً من إبداء المواقف

لم تعد الخلافات بين الأمراء السعوديين، محدودة علی مطامعهم الرامية إلی الجلوس علی عرش المملكة فحسب، بل تجاوزت ذلك، لتصل هذه الخلافات هذه الايام، الی قضية الحرب علی الیمن وقضايا مصيرية اخری تتعلق باستمرار او انهيار الحكم الملكي في البلاد. وبات الكل يعرف أن الحرب المفتوحة علی الیمن، أصبحت تكلّف النظام السعودي مبالغ مالیة طائلة وادت الی شلل إقتصادي كبير في الإقتصاد السعودي، قل ما شهد القطاع الإقتصاد السعودي، مثل هذا الشلل منذ عقود متمادية. ونظرا للمخاطر الإستراتيجية التي تكمن في قضية الحرب الیمنية علی مستقبل النظام السعودي، زادت هذه المخاطر، حدة المخاوف و الخلافات بين الامراء السعوديين، تجاه المستقبل الضبابي الذي باتت تواجهه الرياض. فئة تريد استمرار الحرب ضد الیمنيين، وفئة أخری، تری في ذلك مزيدا من الغرق داخل المستنقع الیمني. لذا فان الحرب السعودية علی الیمن التي فشلت في أهدافها، من الممكن أن تؤدي الی صراع طاحن داخل الاسرة الحاكمة في السعودية. إذن من هم المعارضون والداعمون لهذه الحرب؟

 

وبعد أن كتبت الصحافة العالمية خلال الشهور الماضية أن الملك «سلمان بن عبدالعزيز» عزل ولي العهد السابق «الامير مقرن بن عبدالعزيز» بسبب معارضته للحرب علی الیمن، أصبحت الیوم لدينا الكثير من المعلومات التي تشير الی أن هنالك داخل الإسرة الملكية في السعودية، خلافات حادة حول إيقاف عمليات الحرب في الیمن أو الاستمرار بها. وسربت مصادر معلوماتية واستخباراتية مطلعة رسالة جديدة تم توقيعها من قبل ١٦ أميرا سعوديا، حذر خلالها الموقعون، الملك السعودي من المخاطر التي ستواجه السعودية بسبب الاخفاق في محاربة داعش والفشل الناجم عن الحرب السعودية في الیمن.

 

ومن بين الموقعين علی هذه الرسالة يمكن الإشارة الی ولي العهد السابق السعودي، الامير مقرن بن عبدالعزيز، وكذلك وزير الداخلية في عهد الملك الراحل «عبدالله بن عبدالعزيز»، الأمير «أحمد بن عبدالعزيز». حيث اتهم هؤلاء الامراء في هذه الرسالة، ولي ولي العهد «محمد بن سلمان»، بانه هو الذي تسبب في إدخال المملكة في مستنقع الحرب الیمنية، دون أن يمتلك خطط واضحة لكسب هذه المعركة، او اي مشروع واضح لإنهاء هذه الحرب الفاشلة، لحفظ ماء وجه النظام السعودي.

 

كما أتهم موقعوا هذه الرسالة، «محمد بن نايف» بانه المسؤول الأول عن دخول تنظيم داعش الإرهابي الی السعودية. وتشير المعلمومات الی أن ولي العهد السعودي محمد بن نايف يعارض بالخفاء استمرار الحرب السعودية علی الیمن بسبب معرفته بالنتائج الخطيرة التي ستترتب علی السعودية، خلال الفترة القادمة. لكن رغم هذه المعارضة من قبل بن نايف، فانه يمتنع عن الكشف علنيا عن هذه المعارضة وذلك بسبب خوفه من محمد بن سلمان، الذي من المحتمل أن يطيح به من منصب ولي العهد، في حال عارض الحرب الیمنية والذي يعتبر بن سلمان هو من أشعل فتيلها.

 

وفي هذا السياق يحاول محمد بن سلمان التخلص من محمد بن نايف من خلال اتهامه بالفشل في محاربة داعش، باعتباره وزيرا للداخلية السعودية، وهو المسؤول الأمني الأهم في البلاد. وبالاضافة الی هذا الفشل، فان محمد بن نايف بات معرّض لشتی الضغوطات من قبل خصومه خاصة محمد بن سلمان، بعد حادث منی الكارثي الذي اودی بارواح الآلاف من حجاج بيت الله الحرام، خلال موسم الحج هذا العام. حيث يعتبر محمد بن نايف المتهم الرئيسي في وقوع هذه الكارثة المأساوية وذلك نظراً لتوليه رئاسة لجنة الحج العلیا في السعودية. إذن أصبح من الواضح جدا، فهم هذه القضية أن ولي العهد السعودي، محمد بن نايف، بات يدرك الخطر الذي تواجهه السعودية إثر استمرارها في مغامرة الحرب علی الیمن، لكنه بسبب فشل سياساته في مواجهة داعش وتنظيمه الفاشل في مناسك حج هذا العالم، يمتنع عن الوقوف بحزم بوجه محمد بن سلمان، لانقاذ السعودية من الحرب الاستنزافية في الیمن.

 

وباتت هذه الخلافات المتجذرة في السعودية تخيف الأمريكيين أنفسهم، وذلك بسبب إحتمال ظهورها للعلن، حيث ستؤدي الی صدامات خطيرة داخل الإسرة الحاكمة في السعودية، حيث ستعرّض استمرار الحكم الملكي في البلاد الی مخاطر غير محمودة العواقب، خاصة في حال توفي الملك سلمان الذي يعاني من الشيخوخة والزهايمر والعديد من الأمراض الاخری.

 

إذن، فان نظام الحكم في السعودية بات يسير علی بركان من المتفجرات والخلافات بين الأمراء، بالاضافة الی مشاكله داخليا بسبب الاحتجاجات في المناطق الشرقية، وانخفاض أسعار النفط. فضلا عن أن الحرب السعودية باتت تعتبر الیوم أهم التحديات التي يواجهها النظام السعودي. إذن لابد من القول في النهاية أنه ليس من المبالغة إذا ما قيل أن العالم بات يقترب من نهاية الحكم الفردي والتوريثي في السعودية.