"شعب الجنوب" ينتفض في وجه الاحتلال، وَنواة المقاومة المسلحة على طريق التشكّل (قراءة تحليلية)
منذُ دُخُولِ قوات الغزو إلى جنوب الـيَـمَـن، والأيامُ تكشِفُ لأبناء الجنوب زيْفَ وعود قادة التحالف، والتي رسمت واقعاً سيأخُذُهم إلى مُدُنِ المستقبل، والمعيشة الرغدة، أثناءَ عَزْف سيمفونية التحرُّر من استعمار أبناء جلدتهم، مَن كانوا حجر عثرةٍ في طريق بناء هذه الأحلام.
هكذا تمت عملية تخدير عقول أبناء الجنوب، بواسطة أمصال هذه الوعود الزائفة التي ما لبثت أن تزول، بِفِعْلِ مأساوية الإفاقة على الخراب، وأن أحلامَ تلك المدن ورفاهية العيش المُرتجى، لم تكن سوى مجرد إعلانات وخرائطَ هندسية صمَّمتها وسائلُ إعلامهم المضلل.
أدرك أبناء الجنوب مؤخراً، أن مفهومَ سيادة القانون والدولة المنشودة، التي كانت تتحدث عنها الإمارات والسعودية، لم تكن سوى شريعة القاعدة، والدولة الإسلامية (داعش)، وبأن الأمان في قاموس تلك الدول، عبارةٌ عن رعبٍ مغلفٍ بأكياس المعونة التي توزعها عليهم جمعياتهم الخيرية.
ومع هذا الإدراك، بات من الطبيعي جداً أن يتحرك أحرار جنوب الوطن، في هبةٍ شعبيةٍ لطرد الغزاة من أراضيهم ووطنهم، كما فعل آباؤهم في خمسينيات القرن المنصرم بقوات الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
شرارة المقاومة ضد الاحْتِلَال
وفي أولى مؤشرات هذا التحرك، خطابُ القيادي الجنوبي "أحمد القنع" في مسيرة الجمعة في العاصمة صنعاء المندّدة بقصف العاصمة والمحافظات الـيَـمَـنية بالقنابل العنقودية والأَسْلحَة المحرَّمة، والذي أكد فيه أن وقتَ الصمت على جرائم الاحْتِلَال وتنظيماتهم الإجرامية ومرتزقتهم في جنوب الوطن قد انتهى، وحانت ساعةُ معركة الخلاص من هذا الاحْتِلَال، الذي لم يجلب للجنوب سوى الدمار والفوضى والقتل والنهب، ملمحاً لقُربِ الإعلان عن "حركةٍ مقاومةٍ ضد قوات الاحْتِلَال في جنوب الـيَـمَـن".
وفي قراءةٍ تحليليةٍ لما وراء هذا الخطاب الذي كان مفاجأةً من العيار الثقيل ونكسةً أخرى نزلت على رأس قادة التحالف، إذ اعتقدوا بأن الأمر قد استتب لهم في المحافظات الجنوبية، ضامنين ذلك عبر ترهيب وإرهاب أدواتهم الممثلة بالقاعدة وداعش في قمعهم الوحشي والدموي لكل من تسول له نفسَه من أبناء الجنوب معارَضة مندوبي دول التحالف الساميين "حُكام عدن الجدد"، أو الخروج في تظاهرةٍ احتجاجيةٍ لتردي الأوضاع والمطالبة بأية حقوقٍ أو حتى التساؤل وإن كان من باب العفوية، عن معنى وماهيّة عملية "إعادة الأمل"، والتي لم ترسخ في مدن الجنوب، سوى الألم.
واستناداً لمفهوم تحليل الخطابات والتصريحات للشخصيات القيادية، تتضح لنا أمورٌ عدّة، أهمها:
أولاً: أن قرب الإعلان عن أية حركةٍ مقاومةٍ لأي احْتِلَال، سواءٌ أكانت مسلحةً أو عبر النضال السلمي، فلا يتم إلا بعد اكتمال تأسيس نواةٍ لهذه الحركة بالاعتماد على مدى انتشار الحاضنة الشعبية لها في الجغرافية المستهدفة.
وهذا يعني أن نواة المقاومة للاحْتِلَال في جنوب الـيَـمَـن قد تشكلت أو أصبحت على وشك التشكل على الأقل؛ ونظراً لما تعيشه عدن ومحافظات الجنوب من فوضى دمويةٍ عارمةٍ تبتلع حياة المواطنين هناك شيئاً بعد شيء، وأوضاعهم وأحوالهم المعيشية والأمنية والصحية تنهار يوماً بعد يوم حتى كادت تصل إلى مستوى الانعدام، فمن المؤكد أنها ستولّد موجاتٍ من الغضب والسخط لديهم تجاه قوات الغزو ومرتزقتهم؛ كونهم المتسبب والجالب لشقائهم وويلاتهم، مما يجعلهم حاضنةً مثاليةً لأية حركةٍ مقاومةٍ ومناهضةٍ لهذا الاحْتِلَال.
ثانياً: ايحاءات الخطاب كانت تحملُ عنواناً بارزاً، وهو التخطيط المدروس والدقيق لتنشئة هذه الحركة وفق آليةٍ وضعت كُلّ الاحتمالات وكل مصادر الدعم عين الاعتبار وتمت دراستها بعناية، دليل هذا العنوان كان من واقع تحليل الجدول الزمني، فالمدة التي مرت على احْتِلَال جنوب الـيَـمَـن ليست بالقليلة، والإعلان عن هذه الحركة في هذا التوقيت، يؤكد أن هذه المسافة الزمنية لم تكن مجرد انتظار للوصول لقناعةٍ ذاتية، بل كانت للتخطيط والتأسيس.
وبقية المؤشرات حتماً ستكون الأيام القادمة كفيلةً بالإنباء عنها، وصولاً حتى ساعة الصفر التي يعلن فيها أبناء الجنوب عن بداية معركة التحرير الحقيقي للوطن، ومن المؤكد أن هذه الشرارة لو انطلقت لن تستثني أحداً من أبناء الـيَـمَـن الأحرار، الذين سيهبون من كُلّ فجٍ وصوب باتجاه ساحات المعركة لمشاركة إخوتهم في الجنوب لتحرير وطن الجميع.
_____________________________
للإشتراك في قناة الرابط تيليجرام على الرابط التالي :
http://telegram.me/thelinkyemen
- قرأت 2017 مرة
- Send by email