نيويورك تايمز : أوباما ورومنى.. أيهما سيكون أذكى فى المناظرة الأخيرة؟
خُطَّة رومنى لـ«خداع» الشعب الأمريكى
بول كروجمان
ترجمة: محمود حسام
يتحدث ميت رومنى عن الوظائف.. لكن هل يملك خطة لخلق أى منها؟
يمكنك أن تدافع عن سجل الرئيس باراك أوباما الخاص بالوظائف، التعافى من أزمة مالية عنيفة دائما صعب، خصوصا عندما يقوم حزب المعارضة بأفضل ما لديه لتعطيل كل مبادرة سياسية تقترحها.
والأمور تغيرت تماما على مدار العام الماضى. تظل البطالة مرتفعة بعد كل تلك السنوات، ويمكن لمرشح يملك خطة حقيقية لتحسين الوضع أن يكون مقنعا بقوة لانتخابه.
لكن يتضح أن رومنى لا يملك خطة، هو فقط يزوِّر مثل هذه الخطة. وأنا عندما أقول هذا، فأنا لا أعنى أننى أختلف مع فلسفته الاقتصادية، أنا أختلف معها، لكن هذه مسألة منفصلة. أعنى أن حملة رومنى تقول أكاذيب، وتزعم أن أرقامها مرتفعة، والحقيقة أنها ليست كذلك، وتدّعى أن دراسات مستقلة تدعم مواقفها، بينما تلك الدراسات لا تفعل هذا.
أقبل أن انتقل إلى نقطة أخرى، دعنى آخذ دقيقة لأتحدث عن ادّعاء رومنى أنه يعرف كيف يعالج الاقتصاد لأنه كان رجل أعمال ناجحا. سيكون هذا ادعاء ملتبسا لو أنه كان يقدم سجله العملى بأمانة، لأن المهارات المطلوبة لإدارة شركة وتلك المطلوبة لإدارة سياسة اقتصادية مختلفتين للغاية. ومع هذا على أى حال، فإن تصويره لتجربته مضلل جدا لدرجة أنه يمكن أن يخدعك. بالنسبة إلى رومنى، فقد بدأ استشاريا فى مجال الأعمال، ثم انتقل إلى عالم الملكيات الخاصة العنيف، مصرا على تصوير نفسه على أنه رجل أعمال صغير شجاع.
أنا لا أبالغ فى هذا الأمر. فى مناظرة يوم الثلاثاء، أعلن رومنى، «جئت عبر شركة صغيرة. أدركت مدى صعوبة أن تبدأ شركة صغيرة»، فى خطابه فى المؤتمر العام للحزب الجمهورى أعلن: «عندما كنت فى الـ37 من العمر، أسهمت فى بدء شركة صغيرة».
إحم، صحيح أنه عندما بدأت شركة «باين كابيتال»، كان لدى الشركة فقط عدد صغير من الموظفين. لكن كان لديها تمويل بقيمة 37 مليون دولار، جُمعَت من مصادر تضمنت أثرياء أوروبيين يستثمرون فى شركات تمويه بنمية، وأباطرة مال من أمريكا الوسطى يعيشون فى ميامى بينما تعيث فرق موت على علاقة بعائلاتهم فسادا فى بلادهم. أنت! هل تملك كل شركة صغيرة لا تزال فى البدايات مثل هذا النوع من التمويل؟ لكن بالعودة إلى خطة رومنى لخلق الوظائف، فكما لاحظ كثير من الناس، الخطة تتضمن 5 نقاط لكنها لا تحتوى على أى أشياء محددة. ومع هذا، فمن خلال حديث فضفاض، تدعو الخطة لعودة سياسات بوش الاقتصادية: تخفيضات ضريبية لصالح الأغنياء مع حماية أضعف للبيئة.
ويقول رومنى إن الخطة سوف تخلق 12 مليون وظيفة على مدار السنوات الـ4 القادمة. من أين يأتى هذا الرقم؟ عندما تم الضغط على حملة رومنى، استشهدت الحملة بـ3 دراسات زعمت أنها تدعم تأكيداتها. والواقع أن الدراسات الـ3 لم تقل شيئا كهذا. فقط لوجه الأرقام، خلصت دراسة واحدة إلى أن أمريكا يمكن أن تربح مليونى وظيفة إذا توقفت الصين عن انتهاك براءات الاختراع وحقوق الملكية الأمريكية الأخرى، سيكون هذا جيدا، لكن رومنى لم يقترح أى شىء آخر يمكن أن يحقق الرقم المزعوم. ترجح دراسة أخرى أن النمو فى قطاع الطاقة ربما يخلق 3 ملايين وظيفة خلال السنوات القليلة القادمة، لكن هذا الرقم تم التنبؤ به فى ظل السياسة الحالية، والأمر أن هذه الأرقام ربما تتحق، بصرف النظر عن من يفوز بالانتخابات، لا نتيجة لخطة رومنى.
وأخيرا، راجعت دراسة ثالثة تأثيرات خطة رومنى لخفض الضرائب ودفعت (بشكل غير معقول، لكن هذه مسألة أخرى) بأنها ستؤدى إلى زيادة كبيرة فى عدد الأمريكيين الذين يودون أن يعملوا. لكن كيف يساعد ذلك على علاج وضع يفوق فيه بالفعل عدد ملايين من الأمريكيين الباحثين عن عمل، الوظائف المتوفرة؟ إن هذا ليس له أى صلة بادعاءات رومنى.
إذن عندما تقول حملة رومنى إن تلك الدراسات الـ3 تدعم ادعاءاتها عن الوظائف، فهذا -دعنا نستخدم المصطلح الفنى- كذب، وهو نفس الشىء عندما تقول الحملة إن 6 دراسات مستقلة تدعم ادعاءاتها حول الضرائب (وهى ليست كذلك). ما الذى يعتقده مستشارو رومنى الاقتصاديون بالفعل؟ أفضل ما يمكننى قوله، أنهم يضعون إيمانهم بـ«خرافة الثقة»، اعتقادا منهم أن انتصار مرشحهم سوف يلهم طفرة فى التوظيف من دون الحاجة لأى تغيير حقيقى فى السياسة. الواقع أنه فى تصريح رومنى الشهير فى بوكا راتون (ولاية فلوريدا) عن الـ47% (قال إن 47% من الأمريكيين يعتمدون على المجتمع)، أكد بنفسه أنه سيعطى دفعة كبرى للاقتصاد ببساطة لمجرد انتخابه، «دون فعل أى شىء فى الواقع»، حسب قوله. وماذا عن الدليل القوى بأن الأمر بالنسبة إلى اقتصادنا ليس متعلقا بالثقة، بل إنه يتعلق بالدوار الذى أصابه من جراء أزمة مالية فظيعة؟ لا بأس. باختصار إذن، خطة رومنى الحقيقية هى خلق طفرة اقتصادية فقط من خلال قوة شخصية رومنى المهيبة! لكن حملته لا تجرؤ على أن تقول هذا، خوفا من أن يظن الناخبون -وهم محقون- أنها تافهة. إذن ما يقدَّم لنا بدلا من ذلك هو محاولة لقول ذلك عبر ادعاءات كاذبة مكشوفة.
ليس للوظائف خطة، هى فقط خطة لخداع الشعب الأمريكى.
أوباما فشل فى نزع قناع «السيد عادى» عن رومنى «الوحش»
جريجور بيتر شميتز
ترجمة: يسرا عمر الفاروق
فى المناظرة الثانية الثلاثاء الماضى، حسّن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أداءه كثيرا، لكنه ما زال غير قادر على إصابة الهدف بعد. فرغم محاولات حملته تصوير منافسه ميت رومنى فى إعلانات الدعاية الانتخابية كشخص رأسمالى بارد القلب، سمح أوباما لغريمه أن يقدم نفسه باعتباره «السيد عادى»، مما فتح الباب على مصراعيه أمام المنافس الجمهورى.
مساء الثلاثاء الماضى، كانت هناك شخصيتان لميت رومنى، ظهرت الأولى فى قاعة جامعة هوفسترا فى هيمبستد بنيويورك، للوقوف أمام الرئيس أوباما فى المناظرة المصورة التى تابعها نحو 60 مليون مشاهد، أما الشخصية الأخرى فقد رأيناها قبل وبعد انتهاء المناظرة فى حملات دعائية ردًا على الدعاية الهجومية المستمرة التى تشنها حملة أوباما منذ شهور.
يعتقد فريق الرئيس أنه نجح فى ترويض رومنى الأول ذلك الذى ظهر فى المناظرة. نادرًا ما كان لدينا رئيس أمريكى محدد فى ما سيخوضه فى مناظرة دعائية. فبعد فشله فى المناظرة الأولى فى دنفر، كان لا بد لأحد المستشارين أن يتحلى بالشجاعة اللازمة كى يقول لأقوى رجل فى العالم (أى أوباما) بأنه فى مناظرة حية، لا مانع من إظهار قليلا من الحيوية فى الأداء.
منذ الدقائق الأولى، لام أوباما على خصمه كونه ليس صادقًا ومضللًا، كما انتقد المرشح الجمهورى لوعده بتقديم نموذج لنظام الضرائب لا يمكن تطبيقه، واتهمه أيضا بانتقاد الصين كما لو كان مستثمرًا نشطا فى البلاد، فضلا عن مهاجمته لمحاولته جذب أصوات الناخبين من النساء.
مجمل القول، لقد سجل الرئيس بدقة تصوره عن ميت رومنى بكونه غير جدير بالثقة أو ربما بكونه سياسيًّا وقحًا. لقد صرح أوباما بوضوح أنه يرى رومنى أقل من المستوى المتوسط. لكن الرئيس ما زال يواجه مشكلة، فميت رومنى الذى استطاع أوباما قهره فى هيمبستد لا يقارن برومنى الذى تهاجمه إعلانات الديمقراطيين، ففى واقع الأمر، لا تتعامل حملة أوباما مع رومنى باعتباره «رجلا عاديا» بل باعتباره «وحش».
فى الإعلانات المناهضة لرومنى، يتهم الديمقراطيون المرشح الجمهورى بشكل غير مباشر بأنه لم يحقق شيئًا عندما قام ببيع وشراء شركات إبان توليه رئاسة شركة «بين كابيتال» ( شركة استثمارية أسسها رومنى وآخرون)، كما اتهموه أيضا بكونه سياسيا ساخرا يتجاهل ببساطة مخاوف نصف الناخبين، ولا يجد حرجًا فى دفع معدل ضريبى منخفض عن المتوسط الحكومى.
إنهم يصورونه كمنافق يدعو لأمريكا الجميلة بينما يضخ ملايينه فى البلاد المعروفة بنسب الضرائب القليلة حول العالم.
لكن هل استطاع أوباما إظهار «ميت رمنى بهذه الصورة فى المناظرة؟ الإجابة لا، وهنا يكمن فشله الأكبر.
عندما تهرب رومنى الذى تقدر ثروته بنحو 250 مليون دولار من السؤال حول مبررات معدل ضرائبه المنخفض، لم يقم الرئيس أوباما باستغلال الفرصة ومتابعة هذا الأمر. لقد فشل فى كسب نقاط بالحديث عن المصعد الخاص بسيارة رومنى فى بيته الشاطئى فى «لا جولا» بكاليفورنيا، أو بالإشارة للخيول باهظة الثمن التى تمتلكها زوجته، حتى إنه انتظر حتى النهاية كى يذكر مقطع الفيديو السرى الذى اتهم فيه رومنى 47% من الشعب الأمريكى بالكسل.
إن رومنى الشرير الذى يظهر فى إعلانات حملة أوباما لم يكن مكشوفًا فى مناظرة الثلاثاء الماضى.
ربما استطاع أوباما أن يكسب بعض النقاط فى المناظرة، لكنه رغم ذلك لم يتبع خطة حملته الهجومية. فقد كان واضحًا منذ بداية المنافسة الانتخابية أن الرئيس لا يستطيع الفوز بولاية ثانية اعتمادًا على قوة إنجازاته فقط فى البيت الأبيض، فسجله مختلط بشدة، بدلا من ذلك، قرر مستشاروه رسم صورة لرومنى كرأس مالى بارد لا يمكن للأمريكيين الوثوق به.
إنها استراتيجية سعى بها جورج بوش إلى الكمال فى 2004، حتى ذلك الحين لم يكن بوش الابن يحظى بشعبية، لكن منافسه الديمقراطى جون كيرى لم يستطع الاستفادة من ذلك، لأن حملة بوش الابن نجحت فى رسم صورة لكيرى كشخص متقلب.
خلال حملته الانتخابية، حافظ بوش على إيصال هذه الرسالة حتى فى أثناء المناظرات، لكن أوباما يبدو أنه ينحرف عنها ذهابًا وإيابا. خلال المناظرة الأولى، لم يقترب أوباما من تصوير رومنى كـ«وحش» وفى الثانية فعل ذلك بفتور، فلو أن أوباما ظل وفيًّا لنهج حملته الهجومى ضد رومنى كما حدث فى الإعلانات المناهضة له، لدفع الجمهور إلى التساؤل إذا كان رومنى بالفعل بارد القلب، مرشح الـ0.1 % الذى سيقسم أمريكا.
ثمة مساحة كبيرة للشكوك حول ما إذا كان رومنى يملك إجابات جيدة على هذا الهجوم، فقد تردد مرات عدة عند مناقشته عن السياسة الخارجية الأمريكية فى ليبيا على سبيل المثال. لكن فى ظل عدم استمرار هجوم أوباما، صار لرومنى وقت كافى لاتهام الرئيس بعدم بذل ما يكفى من جهود لتحقيق النمو الاقتصادى والأهم من ذلك تقديم نفسه على أنه نقيض للبرود. وكلما فعل رومنى ذلك أكثر زاد الترحيب الذى يلقاه من الأمريكيين.
إذا نظرنا للتاريخ سنجد موقفًا مشابها لذلك السيناريو، ففى عام 1980، كان الرئيس الديمقراطى جيمى كارتر فى مأزق، نظرًا لارتفاع أسعار الغاز ومعدلات البطالة، فضلا عن احتجاز الرهائن الأمريكيين فى إيران. مع ذلك، ظل كارتر متقدمًا حتى قرب النهاية وفقا لاستطلاعات الرأى وذلك لأن الأمريكيين لم يثقوا فى منافسه آنذاك رونالد ريجان الذى لم تكل حملة كارتر عن تصويره كمحارب بارد لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. لكن فى المناظرات التليفزيونية، ظهر ريجان فى صورة مخالفة لتلك التى روجتها له حملة كارتر واستطاع الفوز فى النهاية.
من غير المرجح، أن ينتهى الأمر هكذا عند ذهاب الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع فى السادس من نوفمبر القادم، فأوباما كرئيس أقوى مما كان عليه كارتر، وكذلك رومنى أضعف من ريجان، لذلك سيكون الخط الفاصل يوم الانتخابات رفيع جدا، جزئيا لأن رومنى لديه مهمة أسهل فهو ليس عليه أن يقدم نفسه فى صورة المسيح السياسى الجديد، مثلما يفعل منافسه أوباما الذى يسعى إلى ولاية ثانية. وبالنسبة لرومنى التوقف عن إخافة الناخبين سيكون كافيًا.
أوباما ورومنى.. أيهما سيكون أذكى فى المناظرة الأخيرة؟
ديبورا تانين
ترجمة: سماح الخطيب
«أنا معتاد على أن تتم مقاطعتى» هذا ما قاله الرئيس أوباما مساء الثلاثاء فى مناظرته الثانية مع ميت رومنى، الحدث الذى قام فيه كل مرشح بمقاطعة الآخر فى أثناء حديثه مرارا.
قد يكون أكثر ما يجعل مناظرات هذا العام لا تنسى، هو التكرار والشراسة التى قاطع بها كل مرشح نظيره. يبدو أن كل المعلقين على هذه الظاهرة تقريبا يفترضون أنه كان أمرا بديهيا حين حدثت مقاطعة ما ومن كان على خطأ، كما يفترضون أن المقاطعة انتهاك لقواعد الحوار. ولكن مثلما تتغير الأنماط الحوارية على نطاق واسع حسب الجنس والعرق والجغرافيا والطبقة والعمر، تختلف الأفكار بشأن ما يشكل المقاطعات فى أثناء الحوار، ومتى تكون جيدة أو سيئة.
الإعلاميون المشرفون على إدارة المناظرات يعلمون ذلك، فقد لام النقاد المحاور الإعلامى جيم ليهرر لعدم مقاطعته المرشحين بشكل أكبر، إذ رأوا عدم قيامه بذلك دليلا على أنه فقد السيطرة، لكن وظيفته هى أن يدفع المرشحين للتفاعل معا، ومن ثم فكلما قاطع كلاهما الآخر أكثر، كان نجاحه أكبر.
إن نظرة الناس للمقاطعة فى أثناء الحديث لا تنفصل عن إحساسهم بقوة نسبية. هذا حقيقى جزئيا فى نمط المناظرات التى تقام فى حرم جامعة المدينة، حيث يكون الخط الفاصل رفيعا جدا بين التمسك بالحقوق فى أثناء الحوار، والاعتداء على حق الآخر. وقف أوباما ورومنى كثيرا يوم الثلاثاء فى محاولة لأخذ الكلمة، أما موقف رومنى الهجومى فى مناظرة مساء الثلاثاء، الذى كان حادا بالنسبة إلى موقف أوباما الهادئ، فكان فيه مخاطرة بإزعاج المشاهدين، لأنه كان حاكما سابقا لولاية يواجه الرئيس الحالى، كما أنه رجل أبيض يعارض رجلا أسود.
مما لا شك فيه أن المناظرة تتعلق بالأداء والخطابة (بالإضافة إلى الجمل القصيرة السريعة والمفاجئة) بقدر ما تتعلق بالحوار الهادف. بينما تشكل أفكارنا حول المحادثة والحوار حتما الكيفية التى ننظر بها إلى المناظرات، حيث يعنى هذا -على سبيل المثال- أن ما يبدو مقاطعة لمشاهد ما، قد يكون مجرد مداخلة اعتراضية لمشاهد آخر. فالحوار تبادل للأدوار، وأن تأخذ دورك يعنى أن لك الحق فى اعتلاء المنصة حتى تنتهى مما تريد قوله. لذا، فالمقاطعة ليست انتهاكا إذا لم تكن سرقة لحق الكلام أو التعبير.
فعندما تحدث النائب بول رايان إلى نائب الرئيس جوزيف بايدن قائلا: «فى بعض الأحيان لا تخرج الكلمات منك بالشكل اللائق» رد بايدن بحسم قائلا: «لكننى دائما أقول ما أعنيه حقا»، اعتبر بعض المشاهدين ذلك بلا شك مداخلة لا مقاطعة.
يستطيع المتحدثون استغلال الشعور بأن لهم الحق فى إنهاء دورهم، بينما قد تأتى كثرة المطالبة بهذا الحق بنتائج عكسية، فعندما قال رومنى لأوباما «ستأخذ فرصتك فى لحظة ما. ما زلت أتحدث»، حبس أشخاص من الجمهور أنفاسهم متشوقين، حيث إن طلبا مهذبا كقول «من فضلك، دعنى أكمل حديثى» كان أفضل وفى صالحه أكثر.
إلى أى مدى يمكن لمستمع أن يتكلم ويبقى مستمعا بدلا من أن يكون طامحا إلى الحديث أو المقاطعة؟ بالنسبة إلى البعض، الحد المسموح به هو كلمة أو عبارة مثل «بالضبط» أو «نعم، صحيح» أو حتى «أعرف ما تقصده». لكن بالنسبة إلى آخرين يمكن أن يكون أكثر من ذلك بكثير، مثل «أعلم، فالأمر ذاته حدث معى»، أو حتى قصة قصيرة توضح موضوعا أثاره متحدث آخر.
ربما تعتقد أن المقاطعة هى حين يبدأ شخص آخر فى التحدث قبل أن يتوقف الآخر عن الكلام. ولكن ما المدة التى يعنى فيها التوقف المؤقت للمتحدث فى أثناء حديثه «انتهيت من كلامى» بدلا من «أنا ألتقط أنفاسى»؟ هذا أيضا يختلف حسب المنطقة والثقافة، ومن الممكن أن يؤدى هذا الاختلاف إلى مقاطعات غير مقصودة.
ماذا بشأن اختلاف الجنس؟ وثقت الدراسات أن النساء معتادات على مقاطعتهن أكثر من الرجال، ووثقت الدراسة كذلك أن النساء اللائى يقاطعن الآخرين يُعتبرن أكثر سلبية من الرجال الذين يفعلون ذلك.
فى مناظرة رئاسية، يكون من الصعب الفصل بين المواقف تجاه المقاطعة عن المواقف تجاه المتحاورين. أضف إلى ذلك أن الأنماط التحاورية للمشاهدين قد تحدد ما إذا كانوا سيغضبون بهدوء أم سيصرخون أمام شاشة التلفزيون. ينبغى للمرشحين أن يعوضوا الاستفادة بدقيقة أو دقيقتين من الوقت الإضافى بدلا من المخاطرة بتنفير المشاهدين. أما المشاهدون فى الولايات الحاسمة المختلفة كولاية كولورادو وفلوريدا وأوهايو وفيرجينيا، فمن الصعب التنبؤ بكيفية استجابتهم للتبارز اللفظى.
سيكون على رومنى وأوباما أن يأخذا كل ذلك فى حسبانهما فى مناظرتهما الأخيرة يوم الإثنين المقبل. قد يكون الفائز هو الشخص الذى سيدرك على أفضل وجه عندما تكون المقاطعة تأكيدا صريحا لحقوقه الحوارية، لا انتهاكا غير مقبول لحقوق منافسه.
المليونير لم يقدم حتى الآن خطة للقضاء على «جيوب الفقر»
آدم ديفيدسون
ترجمة: أميرة عبدالفتاح
باق من الزمن بضعة أسابيع فقط حتى الانتخابات، إلا أنه لا يزال من غير الواضح كيف سيقوم ميت رومنى بإدارة أزمة البطالة وخلق فرص العمل. ليس هناك عديد من الدروس المستفادة من فترة ولايته كحاكم لولاية ماساتشوستس حيث كان الاقتصاد قويا نسبيا فى ذلك الوقت، ومعدل البطالة كان منخفضًا إلى حد ما.
يحدد برنامج رومنى الاقتصادى الحالى عددًا من المبادئ العامة (المبدأ رقم 1: أن لا يكون باراك أوباما) ولكن هل نرى التفاصيل بوضوح؟. رومنى وعد باستغلال عقود من خبراته وحنكته فى إدارة الأعمال لخلق فرص عمل، لذا فالسؤال التالى هو: كيف يمكن تطبيق استراتيجية إدارة الأعمال (البيزنس) لإدارة أزمة البطالة؟ فلا يوجد أى عمل تجارى يمكنه أن يعتبر خلْق فرص العمل هدفًا له. بل إنه عندما تضرب الأزمة، سيكون رد فعل عديد من المديرين التنفيذيين تسريح العاملين.
وعندما أطرح سؤالى على محللى الأعمال والبيزنس، يشير كثير منهم باتجاه ولاية لويزيانا، التى طبقت عددًا من مبادئ رومنى. حيث ركز المحافظ، بوبى جندال، مستشار ماكينزى وشركاه السابق على جعل ولايته أكثر جاذبية للشركات. ومنذ توليه منصبه عام 2009، ساعد على خفض الضرائب العتيقة (مثل تلك الموجودة على آلات مصانع معينة) وقام بتبسيط الأعباء التنظيمية (مثل إجراءات التصاريح المطولة).
وقام أيضا هو وستيفن موريه، سكرتيره للتنمية الاقتصادية (أحد رجال ماكينزى سابقا)، باستخدام حوافز ضريبة الدولة بطرق مبتكرة. وقبل بضع سنوات كان لا يوجد تقريبا فى لويزيانا أى مصممى ألعاب فيديو، واليوم، فإن وسائط الإعلام الرقمى تسهم بنحو 5٪ من اقتصاد الولاية. فى عام 2011، وفقا لمجلة «تنمية الأعمال الجنوبية»، فإن لويزيانا جذبت مشروعات واستثمارات جديدة أكثر من أى ولاية أخرى فى الجنوب، وأصبحت معدلات البطالة بها أقل من المعدل الوطنى. ومن المفترض أن يشجع هذا المثال رومنى لاستخدامه كمقارنة.
غير أننى فوجئت، رغم ذلك، عندما تطوع موريه بالإشارة إلى أن بعض ما قام به فى ولايته خلال الأزمة لا يمكن تطبيقه على المستوى الوطنى. فيمكن للحكومة أن تقوم بإقناع الشركات للانتقال إلى ولاية لويزيانا ومنع تلك الموجودة هناك بالفعل من الخروج، ولكن هذا لن يكون له تأثير على معدل البطالة على المستوى القومى. وفى النهاية، يمكن للويزيانا أن تأخذ حصة أكبر من الكعكة، لكنها لا يمكن أن تجعل الكعكة أكبر.
وقد تلقى جندال الثناء من دعاة السوق الحرة. إلا أن بعض الاقتصاديين يجادلون بأن النمو الاقتصادى القوى فى لويزيانا ناتج عن أنه فى أعقاب إعصار كاترينا عام 2005، تلقت لويزيانا حوافز فى شكل مليارات من الدولارات فى مدفوعات التأمين الفيدرالية التى استخدمت فى مشروعات لإنعاش الاقتصاد. وبينما يقول موريه إن أموال كاترينا كانت قد جفت تقريبا حتى قبل أن يتولى جندال منصبه، فإن كثير من الاقتصاديين يؤكدون أن الفوائد المترتبة على أى حافز تدوم لفترة أطول بعد الإنفاق الفعلى.
وبغض النظر عما إذا تم تحقيق هذا النمو من خلال تدخلات فيدرالية أو بسبب سياسات المحافظين (أو مزيج من الاثنين معا)، فإنه ليس من الواضح أن ذلك سينجح بالضرورة على المستوى القومى. وقد قام موريه بالإشارة إلى قصة نجاح حدثت مؤخرا، وهى افتتاح شركة جديدة للبرمجيات الكهربائية فى نيو أورليانز.
ومع ذلك، فإن هذا المشروع سيوظف فى الأغلب مهندسى كمبيوتر، ومطورى برمجيات، وغيرهم من المهنيين فى مجال تكنولوجيا المعلومات. لذا فإنه من غير المحتمل أن يكون له أى تأثير كبير على السكان الأكثر فقرًا فى المدينة.
موريه يؤكد أن النمو، بغض النظر عن المكان الذى بدأ فيه فى الاقتصاد، فسوف يؤثر فى نهاية المطاف على الجميع.
وكما يقول «إذا استطعنا النمو بشكل أسرع سنتمكن من تحقيق فائض من الإيرادات الضريبية، دون رفع معدلات الضرائب، التى يمكننا استثمارها فى التعليم». ولكن عندما ضغطت عليه فى كيف يمكن لزيادة فرص العمل بين المبرمجين فى باتون روج أو المهندسين فى منطقة جاردن ديستريكت أن تعزز حياة العاطلين عن العمل فى ناينث وورد؟ قال موريه «نحن لسنا هناك حتى الآن». الدولة جندت بنجاح بعض الصناعات التحويلية والشركات ومراكز الاتصالات التى توظف خريجى المدارس الثانوية. ومع ذلك، فإن هذه الوظائف، من غير المرجح أن تصل إلى فقراء لويزيانا الحقيقيين. وأضاف «لم نعمل بما فيه الكفاية للوصول إلى المعدل الذى نريده فى ما يتعلق بالحد من الفقر».
موريه لا يزال على ثقة من أنه خلال بضع سنوات فقط، ستحقق لويزيانا النجاح المطلوب. ولكن عديدًا من النقاد، مثل جان مولر، مدير مشروع ميزانية لويزيانا، وهى مجموعة تهدف إلى مناصرة فقراء الولاية، أعربوا عن مخاوف من أن خفض الضرائب، وخفض الإنفاق الحكومى سيضمن حياة مريحة للأثرياء واستمرار معاناة للفقراء. وكما أكد لى «أن نهج التخفيضات أضر بولاية لويزيانا أكثر مما ساعدها».
الولايات المتحدة تضم دائما جيوبًا مستدامة للفقر، ولكن طوال تاريخها، كان الجميع تقريبا، وفى كل مكان، حتى ضعاف التعليم، يشاركون فى نمو البلاد الاقتصادى بشكل واسع النطاق. للأسف، لم يعد هذا هو الحال. ووفقا لكثير من الاقتصاديين، فإن التقدم التكنولوجى والمنافسة مع الدول ذات الأجور المتدنية، هى من بين عوامل أخرى، تنذر أمريكا، بما فى ذلك 85 مليون شخصا تجاوزوا الـ25 دون تدريب ما بعد المرحلة الثانوية، بأنها ستشهد مزيدًا من الانخفاض بينما يتزايد الطلب على مصممى البرمجيات والمهندسين فى مجال التكنولوجيا الحيوية. إذا كان ذلك صحيحا، فمن المتوقع أن 1 من كل 3 عمال أمريكيين سينخفض مستوى معيشتهم ويتآكل على مدار حياتهم.
هذه التوقعات تشير إلى أنه فى مصلحة الجميع توجيه بعض فوائد الشركات ذات النمو المرتفع نحو إعداد غير المتعلمين أو ذوى التعليم المحدود للتحديات الجديدة للقرن الـ21. هذه ليست مشكلات يمكن لأى مدير للأعمال التنفيذية التعامل معها. فعندما يكون هناك أفراد أو أقسام فى شركة ما دون مستوى الأداء المطلوب، فإنه عادة ما يتم تسريحهم. إلا أنه، وبطبيعة الحال، هذا ليس خيارًا متاحًا للرئيس.
فى المناظرة الثانية.. عاد «المحارب» الغائب
مارك مارديل
ترجمة: ابتهال فؤاد
«عاد المحارب الغائب، افتدى الرئيس باراك أوباما نفسه». لقد كان الأمر مختلفا عن المناظرة الأولى، وكان يمكن أن يكون رئيسا مختلفا على خشبة المسرح. عندما وجه مصوّتو نيويورك تساؤلاتهم وازدادت حدة النقاش، وظهرت التصريحات واضحة فى ما يتعلق بسياسة كلا المرشحين.
فاز أوباما هذه المرة ولم يخسر، فقد قام بما يتوجب عليه فعله، وربما أكثر من ذلك. لقد كان واثقا بنفسه، عدوانيا وقويا، الأمر الذى جعل مؤيديه يشعرون أنه قد عاد.
ولكن لن يشعر مؤيدو رومنى بخيبة أمل فى نفس الوقت. فقد أجاد الأداء هو أيضا هذه المرة، تقريبا كما فعل فى المرة السابقة، ولكنه لم يبذل مجهودا لتحسين الطريقة التى ينافس بها، ولم يحصل على خشبة المسرح هذه المرة.
تناول رومنى عديدا من نقاط المناقشة التى سمعناها عشرات المرات، عندما تحدث عن أنه يعرف كيفية إدارة الأعمال، ثلاث مرات فى إجابة واحدة. ولكن لغة الجسد كانت رائعة. اثنان من الرجال الناجحين بدرجة عالية، اعتاد كلاهما الفوز، وأن تكون له الكلمة الأخيرة.
وقف كلاهما فى بداية المناظرة على خشبة المسرح فى مواجهة الآخر، متقاربَين بشكل غير مريح، داهم كل منهما مساحة الآخر الشخصية، وارتفعت الأيدى بطريقة مثيرة كأنها تقول «تَوقَّف، أنا أتحدث».
بعد هذا اللقاء الصعب، انسحب أحدهما قليلا للجلوس على مقعده غير المريح، بينما يتحدث الرجل الآخر ويتمشى. ولكن ظهرت الرغبة فى مقاطعة الحديث مرارا وتكرارا خلال المناظرة.
تراوحت الـ11 سؤالا التى وُجّهت من قِبل الجمهور ما بين الاقتصاد والغموض المتعلق بهجوم ليبيا والهجرة، ولكن كان التركيز الأساسى على الاقتصاد، وتَعلّق الصدام الدرامى الكبير بما حدث فى ليبيا، ومقتل السفير الأمريكى وثلاثة الأمريكيين الآخرين، عندما تحدث رومنى عن مباشرة أوباما العمل مع حملته فى اليوم التالى.
اتهم أوباما رومنى بتسييس المناظرة وقال إنه من المجحف أن يقول إنه لا يهتم، وإن تسييس القضية لا يمكن أن يصدر عن رئيس محتمَل. وبعد ذلك كانت المشاحنة الأكثر غرابة فى هذه الليلة عندما أصر رومنى على أن أوباما لم يصف الهجوم على القنصلية الأمريكية فى ليبيا بأنه عمل إرهابى، بينما أصر كل من أوباما والصحفية كاندى كرول على أنه قام بهذا.
فى الواقع، استخدم أوباما مصطلح «عمل إرهابى» بطريقة عابرة فى اليوم التالى للهجوم، بينما أشار أيضا إلى أنه جاء نتيجة للفيديوهات المعادية للإسلام.
يصر الجمهوريون على الحديث عن ليبيا منطقة مثمرة للهجوم على أوباما، على الرغم من أنه يتركنى حائرا ولا أعلم سبب رؤيتهم الأمر على أنه بهذه الأهمية. بالإضافة إلى أن وسائل الإعلام الأمريكية قبلت الآن فكرة أن الهجوم لا علاقة له بالفيديو على الإطلاق.
أتذكر أن كل شخص فى ذلك الوقت، حتى الصحفيين الموجودين على الساحة، اعتقدوا أنه فعل هذا، لأن التمييز بين هجوم «القاعدة» وهجوم المتشددين الإسلاميين يبدو ساذجا واصطناعيا. ولكن لا يوجد شك أن الصحفية كاندى كرول التى تدير المناظرة جاءت فى صف أوباما فى ما يتعلق بهذه القضية.
قد ينزعج حزب المحافظين من هذه المناظرة، حينما تم إقصاؤه مرارا وتكرارا عندما طالب بالكلمة الأخيرة وبعض التساؤلات، فى ما يتعلق بحقوق المرأة والتحكم فى السلاح والهجرة، مما يمكن أن يكون فى صالح أوباما، وعلى الرغم من أهمية تلك القضايا لحزب اليمين.
على كل حال، لقد كان الأمر تذكيرا بأن المناظرة الأولى كانت نادرة. ولكن انتجت المناظرة الثانية هذه المرة فائزا واضحا وخاسرا واضحا، لأن السياسة تقع دائما فى المقام الأول. ولكن من المرجح أن تزيد المنافسة فى هذا السباق على نحو لا يمكن التنبؤ به.
حتى الآن لم يتخلَّ أوباما عن «إرث» بوش
جيف جاكوبي
ترجمة: سلافة قنديل
قبل أربع سنوات، كنتم ليبراليين متحمسين ومحافظين، مفتونين بسيرة باراك أوباما الذاتية ومستلهمين خطاباته، وصوتُّم له بكل فخر. احتضنتم وعوده بالأمل والتغيير. كنتم متحركا وراءه بالتقدم العنصرى الذى يرمز إليه. لكن قبل كل شىء صوتم لصالحه لأنه قدم آراء مستنيرة.
لمدة ثمانى سنوات، كنت غاضبا من جرائم جورج دبليو بوش ضد الدستور، والآن فى النهاية، اعتقدت أنك كنت تدعم الرئيس الذى ستكون الحريات المدنية عنده لها أولوية لا تتزعزع. الرئيس الذى لن يكون مدينا بالفضل لـ«وول ستريت» وسيولته النقدية، والذى سيواصل الحرب على الإرهاب دون التخلى عن القيم الأمريكية الأساسية أو يدوس حقوق الإنسان الأساسية، الرئيس الذى سوف تعمل إدارته فى ضوء الشمس، جوهرة الشفافية، والمساءلة، والإجراءات القانونية الواجبة.
الرئيس الذى كنت تتوقعه. لم يكن الرئيس الذى حصلت عليه.
قال أوباما فى عام 2007 فى حملة ترشيح الحزب الديموقراطى «سأوضح أن أيام المساس بقيمنا قد انتهت»، فى خطاب وجهه إلى مركز وودرو ويلسون، منتقدا بشدة طريقة بوش فى مكافحة الأرهاب، تجاوز قانون باتريوت، والتنصت على المكالمات الهاتفية دون إذن قضائى، واحتجاز المشتبه بهم من الإرهابيين إلى أجل غير مسمًّى، لأنه يعكس «اختيارا خاطئا بين الحريات التى نعتز بها والأمن الذى نطلبه». فى ظل إدارة أوباما تعهد بأن الأمور قد اختلفت.
حتى الآن الرئيس الذى صوّتّ له لم يتخلَّ عن إرث بوش المناهض للإرهاب، ليس على المدى الطويل. منذ تولى أوباما منصبه، فقد ارتفعت نسبة التنصت دون إذن قضائى على اتصالات الأمريكيين المحلية، وبدلا من إلغاء قانون باتريوت، وقع أوباما تمديد القانون حتى عام 2015.
الرئيس الذى كان على وشك إغلاق سجن جوانتانامو الأمريكى الآن ينفق ملايين من الدولارات لتطويره. بدلا من التخلص من المحاكمات أمام اللجان العسكرية، أمر باستئنافها. التقدمى الذى تعهد بالتراجع عن تجاوزات بوش بعد 9/11 أصبح تقريبا صورة كاريكاتورية لما كان يدينه. فهو يجتمع بانتظام لمراجعة «قائمة قتل» الإرهابيين المشتبه بهم وتقرير من الذى يجب أن يكون مستهدفا بالموت. سعى بشكل كبير لإطالة الحرب التى بدأتها بوش، إلقاء الصواريخ على البلدان التى لسنا فى حالة حرب معها، وقتل مئات من الضحايا الأبرياء. مدهش، حتى إنه أعلن ممارسة سلطة الأمر بالقتل خارج النطاق القضائى لمواطنين أميركيين يعتقد أنهم نشطاء إرهابيون.
قد يكون صقور المحافظين الجدد لا يلتفتون إلى مثل هذه الأشياء، ولكن دائما الليبراليون أصحاب الضمير دائما ما يفزعون منهم. قال أوباما المرشح «لقد قمنا بتسوية أثمن قيمنا». هل أنت مستعد للتنازل عن قيمك عن طريق التصويت له مرة أخرى؟
وماذا عن كل تلك القيم الأخرى التى تعوّل على أن أوباما سيتبناها؟
فى أثناء الحملة الانتخابية، كانت أولوياته فى تمرير قانون الإجهاض. أعلن أوباما «أول شىء سأفعله كرئيس هو التوقيع على قانون حرية الاختيار». بمجرد توليه المنصب سقط هذا من جدول أعماله.
أنت كنت واثقا ب أوباما عندما قال أن إدارته ستكون «الأكثر انفتاحا وشفافية فى التاريخ». بدلا من ذلك شُنّت حملة غير مسبوقة على المبلغين والتسريبات، وتراجع إلى فقاعة «المساءلة».
عندما قمتم بالتصويت لأوباما فى عام 2008، هل كان يمكنكم تصور أنه سوف يمدد تخفيضات بوش للضرائب؟ وأنه سوف يورط القوات الأمريكية فى الحرب على ليبيا دون موافقة الكونجرس بعد أن قال إن القانون مُلزِم؟ وأنه سيكون غير مكترث بالمظاهرات المعارضة للديمقراطيين والاحتجاجات التى تقاوم الظلم؟ وأنه سوف يطرد 1.2 مليون مهاجر لا يحملون وثائق فى ثلاث سنوات، أكثر من أى رئيس منذ الخمسينيات؟ وأنه سريعا سوف يحمّل إدارته بمجموعات الضغط السابقة، بعد أن وعد بعدم فعل هذا؟
إذا كان الرئيس الجمهورى يجمع مثل هذا الرقم القياسى الفظيع، كنت ستفعل كل ما فى وسعك لمنع إعادة انتخابه؟ هل يمكنك التصويت بضمير صالح للحزب الديمقراطى بهذه الأرقام القياسية؟
- قرأت 561 مرة
- Send by email