السيد عبدالملك الحوثي في كلمته اليوم : اننا نسعى الى الحكومة العادلة والدولة المدنية
عمت احتفالات عيد الغدير العديد من محافظات الجمهورية أحتفالات وابتهاجا بهذة المناسبة الدينية تخلل هذة الاحتفالات الرقصات والزوامل والاهازيج الشعبية المعبرة عن هذة المناسبة .
وكان قد وجهة السيد عبدالملك الحوثي ليلة امس انصار الحركة بعدم استخدام الالعاب النارية في مراكز المحافظات حفاظا على السكينة العامة في تلك المدن .
وفي حفل الغدير الذي اقيم اليوم في محافظة صعدة أحياءاً وابتهاجاً بهذة المناسبة القاء السيد عبدالملك الحوثي كلمة خاطب فيها الجماهير المحتشدة كان ابرز ما فيها ( اننا نسعى الى الحكومة العادلة والدولة المدنية ).
ودعى الى نبذ الفرقة والابتعاد عن الفتنة .
هذا وقد حملت كلمته العديد من التوجيهات لانصاره أهمها : التحلي باخلاق الامام علي ابن ابي طالب في كل مناحي الحياة .
وقد تلقى الرابط نص خطاب السيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي في عيد ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه اليكم نصه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا وقائدنا وقدوتنا وحبيب قلوبنا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين أرسله الله إلى الخلق داعياً إلى الحق، يهدي إلى الصراط المستقيم.
اللهم صل وسلم وبارك وترحم وتحنن على خير خلقك وخاتم أنبيائك ورسلك محمد وعلى آله الطاهرين.
أيها الإخوة المؤمنون الأعزاء الشرفاء الأوفياء.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأرحب بكم في هذه المناسبة العزيزة والذكرى المجيدة، وأبارك لكم وأهنئكم وأسأل الله أن يكتب أجركم وأن يبارك فيكم وأن يتقبل منكم إنه سميع الدعاء.
أيها الإخوة المؤمنون الأعزاء :
في هذه المناسبة العزيزة التي أتت في ظرف مهم ومرحلة خطرة تعيشها أمتنا الإسلامية وشعبنا اليمني المسلم العزيز، أتت هذه الذكرى ( ذكرى يوم الولاية ) ذكرى لها شأن عظيم تجاه قضيةٍ أساسيةٍ بالنسبة للأمة الإسلامية، قضيةٍ مصيرية، قضية أساسية لدينها ودنياها.
أتت مناسبة يوم الولاية في مرحلة تسعى أمريكا فيها لفرض ولايتها على الأمة، الولاء في الموقف، والولايةَ في الأمر، والتدخل في كل شأن من شئون هذه الأمة، والتحكم بمصائر الشعوب الإسلامية والعربية، الأمر الذي يمثل خطورةً كبيرةً جداً على كل مسلم على دينه، وعلى دنياه، وعلى هويته الإسلامية، الأمر الذي ينسجم بحالٍ من الأحوال مع انتماء الإنسان المسلم لإسلامه، الإنسان المسلم الذي ينتمي إلى الإسلام ديناً وإلى أنبياء الله ورسله وخاتمهم محمد قدوةً وقادةً ومعلمين، وينتمي إلى نهج الله المقدس القرآن الكريم نور الله في عباده، لا ينسجم في بحالٍ من الأحوال أن يقبل أي فرد مسلم صادقٍ في انتمائه ثابتٍ على هويته بأن تحكمه أمريكا أو بأن يكون ولاؤه لها، أو تكون ولايتها عليه، إن الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ".
إننا من خلال إحيائنا لهذه المناسبة عندما نحييها بوعي وبفهم لمدلولها ونجعل منها منطلقاً أساسياً لترسيخ وتثبيت مبدأ الولاية بالمفهوم القرآنية فإننا نتحرك في الموقف الصحيح، عندما نرفض الولاية الأمريكية، الولاية في الأمر، الولاية في الشأن، التدخل في واقعنا وفي مصيرنا في شأن من شئوننا، والولاء لهم في الموقف، والولاء لهم فيما هم عليه من سياسات إجرامية وظالمة وهدامة لا تنسجم بحالٍ من الأحوال مع إسلامنا ولا مع قرآننا ولا مع أخلاقنا ولا مع مبادئنا، ننطلق مع هذا الموقف الذي هو نابعٌ من تمسكنا بكتاب الله سبحانه وتعالى، هو الموقف الطبيعي، الموقف الفطري، الموقف السليم، هم بأنفسهم ما كانوا ليقبلوا لا بولايتنا عليهم ولا بالولاء لنا من داخل شعوبهم.
فإحياؤنا لهذا اليوم هو واحد من تعبيرات رفضنا لولايتهم والولاء لهم وسعيٌ منا لتثبيت المبدأ الحق، الولايةُ لله سبحانه وتعالى، وعندما ننادي بهذا المبدأ القرآني ( ولاية الله ) فهو المبدأ الحق الذي تحتاج إليه الأمة حاجةً ماسة، حتى لا تكون أمةً مفصولة ً عن ربها ، عن نبيها ، عن قرآنها، عن نهجها، فتكون أمةً مغلوبة، لأن مبدأ الولاية هو المبدأ الذي يمكن أن يحفظ لأمتنا المسلمة كيانها وعزتها واستقلالها، إذا سقط هذا المبدأ فإن ورائه سقوط الأمة واختراقها وهيمنة أعداؤها عليها، أي ثقافة أو أي مبدأ أو أي فكر أو أي رؤية سياسية يمكن أن تحصن أمتنا الإسلامية من هيمنة أعدائها عليها من اليهود والنصارى ومن سيطرتهم على ولاية الأمر فيها والهيمنة عليها.
في هذه المناسبة العزيزة نحرص وبشكل كبير على تعميم حالة الوعي لمفهوم الولاية وفق الرؤية القرآنية وإدراكِ مدى أهميتها وما يترتب عليها، ونتحدث عن الموضوع كما قدمه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قال الله تعالى "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" هكذا.. إنما وليكم الله. الله، أراد لنا الله كأمةٍ مسلمة أن يكون هو ولينا، ما أعظمه من شرف، وما أسماه من تكريم، وما أسوأ وما أقبح وما ألئم من يبحثون عن البديل، من يبحثون عن بديل عن الله سبحانه وتعالى، وبديل عن ولايته جلَّ وعلا، أليس من الكفر بالنعمة ؟ أليس من اللؤم والخسة والدناءة. أي بديل عن ولاية الله سوى ولاية الشيطان، من يتولى أولياء الشيطان هو يتولى بذلك الشيطان " أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ".
وليكم الله يا مؤمنون .. يا أمة محمد .. يا شعبنا اليمني العزيز.. وليكم الله تتولونه، ترتبطون به هذا الإرتباط الوثيق، هذا الإرتباط الذي لا يمكن أن ينفصم والذي يترتب عليه كل خيرٍ وكل عزةٍ وكل فلاح، وكل خير في الدنيا والآخرة، وليكم الله يتولى كل شؤونكم، يتولى هدايتكم، يتولى تأييدكم بالنصر، يتولى رعايتكم، يتولى أمركم في كل شأنكم، فيما يرسمه من منهج، فيما يحدده من أعلام، في كل ما يدير به شأنكم كله، إنما وليكم الله، ولاية الله ولايةً شاملة فيها الرعاية فيها الهداية، ألم يقل الله ربنا سبحانه وتعالى " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" إنها الولاية الإلهية التي تخرج من تمسك بها واعتصم بها وثبت على نهجها من كل ظلمات التظليل ومن كل ظلمات الجهل ومن كل ظلمات الظلم، يمنحه الله النور فيكون في هذه الحياة عزيزاً ومستنيراً بنور الله، ينوِّر الله قلبه وينير له الطريق فيعجز كل الأعداء بكل وسائلهم التظليلية من إظلاله، ومن تجهيله، ومن التلعب به، ومن تظليله من مبدأه أو في رؤيته للواقع، والولاية الإلهية فيها نصر عندما نتولى الله ونكون في إطار الولاية الإلهية نكون في طريق النصر، في طريق العزة، في طريق القوة، الله سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" ثم يقول سبحانه وتعالى " وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ *أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ " ألم يقل سبحانه وتعالى في كتابه المجيد " قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ" سبحانه ما أعظمه، ما أقواه، سبحانه ما أجل كرمه، ما أعلى شأنه ويقول جل شأنه " وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ" هذه ولاية الله. ولاية الله هي هداية، ونصر، وعزة، رعاية شاملة، إدارة كاملة لكل واقع حياتنا من منطلق رحمته، من منطلق حكمته، من منطلق لطفه، من منطلق قوته وعزته، وولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" الولاية الأخرى. البديل عن الله هو الشيطان، البديل عن الرسول هو من.؟ رموز الطاغوت، رموز الشر، رموز الباطل يضلوهم وطواعيتهم وكبارهم إجراماً وفسقاً من أولياء الشيطان.
يا مؤمنون " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" وولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي امتدادٌ لولاية الله سبحانه وتعالى والله قال " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ " ولاية الرسول هادياً، قائداً للأمة، زعيماً للأمة، مديراً لشئون الأمة، يعمل على هدايتها، وتزكيتها، وبنائها، وإصلاحها، وتعليمها، وله الحق الطاعة وحق الولاء " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ "، " كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ"، " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " الذين آمنوا . الإمام علي عليه السلام بمؤهلاته الإيمانية الراقية والذي في مثل هذا اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم عائدٌ من حجة الوداع وفي وادي خم بلَّغ ما أمره الله بإبلاغه بهذه الولاية.
الإمام علي عليه السلام ولايته هي امتداد لولاية الرسول قائداً من بعده للأمة قائداً، معلماً، مرشداً، زعيماً يعمل على هداية الأمة، يواصل مشوار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بناء الأمة، في هدايتها، في إدارة شؤونها، في تطبيق دينها وفقاً لمسئولتها العظيمة ودورها العظيم، الإمام علي عليه السلام أبلغ الرسول أمته في بلاغه الشهير والذي نحرص من خلال إحيائنا لهذه المناسبة أن نحافظ على ذلك البلاغ ليبقى للأمة عبر الأجيال، شهادة للرسول بالبلاغ وإكمالاً للحجة وإتماماً لها على الناس، الرسول خطب في الثامن عشر وقال في خطابه المشهور عندما وصل إلى الموضوع المطلوب (يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) الإمام علي بمؤهلاته الإيمانية والربانية كان هو الجدير بهذا الموقع، كان لديه الكفاءة اللازمة لمسئولية بهذا الحجم، مسئولية عظيمة أن يخلف النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ويتولى من بعده الموقع الأول في الأمة، هادياً ومربياً ومعلماً وزعيماً ومرشداً وبانياً لهذه الأمة.
الإمام علي بمؤهلاته التي كانت معروفة ومشهورة وتحدث عنها النبي صلوات الله عليه وعلى آله في مقامات متعددة، منها في مقام خيبر عندما قال صلى الله عليه وعلى آله (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار يفتح الله على يديه) تجلى في ذلك المقام مستوى أهلية الإمام علي عليه السلام لتلك المسئولية العظيمة، رجلاً في مستوى المسئولية، رجلاً لديه الجدار لبناء هذه الأمة بالإرتقاء بها، بتعليمها، بقيادتها في مواجهة أعدائها مهما كانوا ومهما كانت إمكانياتهم، لديه هذا المستوى العالي من الإيمان، منزلةٌ، عظيمةٌ، ساميةٌ، رفيعةٌ عند الله العظيم (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) هذا الرجل العظيم الذي يحبه الله ورسوله أليس جديراً منا بالمحبة.؟ أليس جديراً منا بأن نتولاه.؟ أليس جديراً بالمقام العظيم في قيادة الأمة وهداية الأمة.
في مقامٍ آخر والرسول يؤكد مكانة علي في الأمة ودورة المستقبلي الكبير من بعده قال صلى الله عليه وآله وسلم (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) مقام علي من محمد في أمة محمد مثل مقام هارون من موسى في أمة موسى، كيف يمكن للبعض أن يضع في هذا المقام غير علي وقد وضعه الله في المقام اللائق على لسان نبيه، علي بهذه المنزلة، من هذا الموقع كشخصيةٍ بعد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ليس هناك في كل الأمة من هو في مستواه ولا في مقامه، عليٌ بمؤهلاته الكبرى في كل المجالات، في مجال العلم ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) .. علي قرين القرآن بل القرآن الناطق المهتدي بالقرآن، المستوعب للقرآن، المتمسك بالقرآن، الهادي بالقرآن، قال عنه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (علي مع القرآن والقرآن مع علي) علي الذي هو على الحق متمسك بالحق، ثابتً على الحق، عاملاً بالحق، يهدي الأمة إلى الحق ويسير بها في طريق الحق قال عنه الرسول (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار) علي بمؤهلاته، بكماله، بموقعه العظيم بعد رسول الله محمد أراد الله له أن يكون هو بكل تلك المؤهلات من يقود الأمة بعد نبيها، وأن تتولاه الأمة، لأنه النموذج الراقي لمن يلي أمر الأمة وعندما قال الرسول (فهذا عليٌ مولاه) هذا تعني .. هذا هو اللائق بهذه الأمة التي يراد لها أن تكون أمةً عظيم، يناط بها مهام عظيمة وجسيمة، هذا هو اللائق بهذا الدين العظيم، بأمة عظيمة برسول عظيم، وبمهام عظيمة، رجل لديه المؤهلات كلها في نفسه وتجاه الأمة، حكمة ورحمة، تحدث القرآن ونطق برحمة علي، بإخلاص علي، برأفة علي، الإمام علي عليه السلام الذي تصدق بخاتمه وهو راكع عندما دخل سائل إلى مسجد النبي وطلب من الناس أن يتساعدوا، لم يتعاون أحدٌ معه ممن كان حاضراً في المسجد، والإمام علي كان يصلي في أعظم لحظاته، اللحظات التي يعيش فيها خشوعه وإقباله إلى الله، وفي أهم لحظة وأعز لحظة وأكثرها انشغالاً بقلبه، إلتفاتاً إلى الله وخشوعاً إلى الله وهو في تلك اللحظة الأهم إنتبه لذلك الفقير الذي لم يتعاون معه أحد، وأشار إليه بخاتمه ليأخذه، نفسيةٌ ممتلئةٌ بالرحمة للناس والرأفة بهم والحرص عليهم، علي عليه السلام الذي آثر على نفسه وهو في أمس الحاجة إلى الطعام بعد إتمام صيامه ولا يوجد في البيت غير ذلك الطعام الجاهز للعشاء "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" هذا الرجل العظيم الرباني قرين القرآن تلميذ محمد، من هو بمنزلة هارون من موسى أراد الله له أن يكون هو ولياً لهذه الأمة المسلمة بعد نبيها، وفعلاً عندما آل إليه أمر الخلافة بعد فترة زمنية معروفة ثبت أنه عليه السلام بمستوى المسئولية، كان في مستوى المسئولية يتعامل من موقعه في الخلافة، يشعر بالمسئولية لا طامعاً ولا يعتبرها مغنماً، لا يعتبر السلطة ولا ولاية الأمر مغنماً ومكسباً للتسلط وجمع الثروة.. كلا. يعتبرها مسئولية لإحقاق الحق في إقامة العدل، لبناء الأمة، لهداية الأمة، لتزكية أنفسها، لبنائها بناءً عظيماً. قال عبد الله ابن العباس : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي : (ما قيمة هذا النعل ) فقلت : لا قيمة لها. فقال عليه السلام : ( والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً) لا قيمة للسلطة إلا إذا كانت وسيلة لخدمة الأمة، إذا كانت للرحمة بالناس، إذا كانت لهداية الناس بعيداً كل البعد عن الظلم، متورعاً يخشى الله، يخشى الله في عباده ورحيماً بالناس وهو القائل (والله لأن أبيت على حسك السعدان مسعداً وأجرَّ في الأغلال مصفداً، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد أو غاصباً لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يسرع إلى البِلا قفورها ويطول بالثرا حلولها) وهو القائل (والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت . ما فعلت) عدل حقيقي، الأمة التي ترزح تحت الظلم، الأمة الإسلامية التي تعاني من ظلم ما حل بمثلها على أمةٍ من الأمم، ما حل بمثل ذلك الظلم الذي تعاني منه لأنها ابتعدت عن ذوي العدل، عن ذوي الرحمة حتى صار وضعها على ما هو عليه، وعندما كان يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين لم يقاتل لتثبيت سلطان، ولا طمعاً في جاه، ولا طمعاً في مال، وهو القائل ( اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسةً في سلطان، ولا التماس شيء من فُضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك) وحينما كان ينادي في الأمة يدعوها لنصره، لتثبيت العدل، لإقامة الحق، للتأسيس لمستقبلٍ قائم على العدل والحق والخير لهذه الأمة فيتخاذل عنه الكثير من الناس ولا يستجيبون صم بكم عميٌ، كان عليه السلام يدعو الله فيقول ( اللهم أيما عبد من عبادك سمع مقالتنا العادلة غير الجائرة، والمصلحة في الدين والدنيا غير المفسدة، فأبى بعد سماعه لها إلا النكوص عن نصرتك والإبطاء عن نصر دينك فإنا نستشهدك عليه بأكبر الشاهدين شهادة، ونستشهد عليه جميع من أسكنته أرضك وسماواتك، ثم أنت بعد المغني عن نصره والآخذ له بذنبه) وهكذا كان عليه السلام في مستوى المسئولية واعياً بها، لا طامعاً بحكم ولا معتبراً لها مغنماً، من هنا نفهم أهمية ولاية الأمر في الإسلام وأنها يجب أن تكون امتداداً لولاية الله خاضعةً للمعايير والمؤهلات التي حددها الله، من يلي أمر الأمة، هذه أمة مسلمة نحن مسلمون من يلي أمرنا يجب أن تكون عنده رحمة، وحكمة، يجب أن يكون عارفاً كيف يربي الأمة، كيف يبني الأمة، كيف يطور حياتها، كيف ينمي اقتصادها، كيف يزكي أنفسها، كيف يواجه أعدائها، وعلى أساس دينها، وعلى أساس منهج ربها، لأن لولاية الأمر صلة وثيقة بإقامة الدين ولهذا قال الله لنبيه محمد "وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ".
عندما أيها الإخوة الأعزاء نتأمل في واقع أمتنا اليوم، في واقع شعوبنا العربية المظلومة المقهورة المعانية عناءً لا نظير له في الأرض، نرى النتائج السلبية لعدم فهم ولاية الأمر وأهميتها وصلتها بواقع حياة الناس، وبدينهم ودنياهم، ولاية الأمر لها صلة بكل شؤون حياتنا، بكل شؤون حياتنا، إقتصادنا، عزتنا، أمننا، سلامنا، هدايتنا، ديننا، دنيانا، هكذا هي ولاية الأمر هي الأساس لبناء الأمة، هي أساس عزها، هي أساس بنائها، أساس قوتها، كل ذلك في صلاح ولاية أمرها، فكيف هو الوضع القائم.؟ ليس هناك أي معايير ولا مؤهلات لا قرآنية ولا إنسانية يعتمد عليها الحكام أو تعتمد عليها الحكومات التي تحكم على الشعوب العربية، لا أي مؤهلات ولا أي معايير ذات صلة بطبيعة المسئولية في ولاية الأمر، في أمتنا الإسلامية، في شعوبنا العربية يحكمنا حكومات جائرة، ظالمة، باغية، تذل الأمة، تقهر الأمة، وتجعل من الأمة أمةً مستعبدةً لأعدائها، خاضعةً مقهورةً مستذلةً لليهود والنصارى، ولاة أمر ليس لهم أي مؤهل، لا إنساني ولا قرآني ولا فطري ولا أي شيء، ولاة أمر وحكومات ظالمون مجرمون، طغاة، مستبدون، لم يفعلوا للأمة شيئاً، لا بنو اقتصاد الأمة، أمتنا الإسلامية في اقتصادها تعيش أسوأ من أي وضع لأي أمةٍ أخرى على الأرض، ولا بنو عزة الأمة، بل أذلوا الأمة، ولم يواجهوا أعدائها، ولم يدافعوا عنها، ولم يوفروا لها الحماية، وضعٌ مؤسف اعتمدت المسألة من دون أي مؤهلات، الحكومة سواءً في اليمن أو في أي شعب عربي لا تحتاج إلى أي مؤهلات لا رحمة، ولا حكمة، ولا دين، ولا ضمير، ولا شرف، يعتمدون على التغلب، وعلى التسلط، وعلى الانتهازية، وعلى فرض الأمر الواقع ليسطروا على الشعوب ولينفذوا في هذه الأمة أجندة الخارج المعادي.
عندما نتأمل المستوى والواقع الذي وصلت إليه أمتنا المسلمة فإنه كارثة كبيرى، كارثة كبرى أصبح من يقرر ولاية أمرها هي أمريكا، بمعايير أمريكا، بالمؤهلات التي تراها أمريكا والتي تكفل وتضمن قيام حكومات انتهازية على مستوى فضيع من الإنحطاط والظلم, والإنتهازية والإجرام، قادرة على تنفيذ مخططات الأعداء، فأصبحت أمريكا هي من تفرض حكومات، وهي من تقرر ولاة وتعين رؤساء، وتصادق حتى على الموظفين والمسئولين، ووفق معاييرها التي تضمن قيام حكومات متسلطة تنفذ أجندتها بعيداً عن كل المعايير الإلهية.
وهكذا وبأي حق، بأي حق تمتلك أمريكا التحكم في ولاية أمر الأمة الإسلامية وبأي معايير وبأي مؤهلات، من يستطيع أن يقول أن أمريكا تحرص وتسعى إلى أن نكون أمةً عزيزة، أمةً قوية، أمةً مستقرة، أمةً في مستوى مسئوليتها، وهل سيحرص الأمريكي حينما يعين حكومة أو يفرض سلطةً معينة على بناء قيمنا.؟ على بناء ديننا.؟ على بناء أخلاقنا.؟ هل لدى الأمريكي قواسم مشتركة معنا.؟ حتى يفوض هو في أن يقرر ولاية الأمر على حسب ما يشاء ويريد.؟
الأنظمة القائمة تتعامل مع ولاية الأمر على أنها مغنم مادي كبير وموقع للتسلط وللاقتدار للممارسة العدوان بحق الآخرين، يعني الحكومات القائمة يعتبرون السلطة ليس لخدمة الأمة وليست السلطة عندهم للدفاع عن الأمة، وليس السلطة عندهم من أجل بناء الأمة ولا من أجل بناء اقتصادها، ولا من أجل أمنها، ولا من أجل استقرارها، السلطة عندهم وسيلة للحصول على ثروات الشعوب من خلال وزارة المالية من خلال النفط، من خلال مصالح الشعوب التي ينهبونها، وسيلة للسيطرة والتغلب وممارسة التسلط والقهر والعدوان من خلال استغلال الجيوش ومن خلال استغلال المؤسسات العسكرية، السلطة عندهم إرضاء للنزعة التسلطية وهواية المناصب وعشق المناصب.
هكذا نرى ما يسمى بحكومة الوفاق، أثبتت ذلك وكشفت حقيقة بعض القوى المتلبسة بالدين الذي ما إن وصل إلى السلطة حتى تسابق موظفوه ومسئولوه للسطو على المال العام وعلى الوظيفة العامة وجعلوها نهباً وجعلوها مغنماً وليست مسئولية ولا قداسة لها ولا أهمية لديها سوى هذا.
لذلك أيها الإخوة الأعزاء نرى ضرورة أن تستمر الثورات الشعبية لأنها بداية تحرك في الإتجاه الصحيح، نحن شعوب مسلمة من حقنا أن نطالب بالعدل، وأن نُصرّ على إقامة حكومات عادلة، حكومات تقيم العدل فينا، حكومات تدافع عن الشعوب، لا تفتح بلدان شعوبها للعدوان والمعتدين، حكومات ترى عزة الأمة فوق كل اعتبار، لا تسعى للتسلط ولا للإذلال ولا للقهر. المعايير الإلهية هي معايير لمصلحة الناس، الله يريد للناس العدل فينبغي أن يكونوا هم من يتفاعلون مع ذلك ويحرصون على إقامته.
يجب أن تستمر الثورات ولو أن هناك جهود كبيرة لإفشال الثورات العربية واحتوائها وإعادة الشعوب إلى أسوأ من الوضع الماضي، هكذا يحرص الأمريكيون على إعادة الشعوب إلى أسوأ من الوضع السابق، يجب أن تستمر الشعوب في ثوراتها حتى يتحقق في واقعها ولاية أمر بشكل سليم وفق المعايير الإلهية، قائمة على العدل والرحمة والمؤهلات القرآنية، بدلاً من المؤهلات الأمريكية وما يحقق للأمة أن تتحول إلى أمة غالبة، قوية، عزيزة، متماسكة هو مبدأ الولاية " وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ".
يتحقق لنا يا أمة الإسلام، يتحقق لنا يا شعبنا اليمني العزيز، يتحقق لنا أيها المؤمنون كل مكاسب الولاية الإلهي إذا نحن تحركنا على هذا الأساس، إذا نحن تولينا الله، تولينا رسوله، تولينا الإمام علي، تولينا الذين آمنوا، التولي الصحيح، التولي لله الذي هو قائمٌ على أساس إيمان، وثقة، ومسئولية، وجهاد، وعمل، وطاعة، وتصديق، وثقةً قويةً بالله سبحانه وتعالى.
التولي للرسول إقتداءً به، تمسكاً به، سيراً على هديه، تمسكاً بنهجه، تولياً للإمام علي عليه السلام كرمزٍ للأمة بعد نبيها، وولياً لها من عند الله بعد نبيها صلوات الله عليه وعلى آله، هذا هو ما يفيد الأمة ويضمن لها من الله النصر والتأييد والعزة وفق هذا الوعد الإلهي الذي لا يتخلف أبداً لأن الله لا يخلف وعده، ولا يبدل قوله وهو جل شانه هكذا قال " وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ".
إن أمتنا المسلمة اليوم في ظل الهجمة الأمريكية والإسرائيلية عليها وهجمة دول الكفر عليها بين خيارين، وبين مسارين، وبين اتجاهين إما طريق تكون فيها غالبة، قاهرة، قوية، عزيزة، مؤيدةً من الله، منصورةً من الله، مسددةً من الله، وإما طريق تكون فيها الأمة مقهورة، مغلوبة، مستغلة، مهانة، الطريقان واضحان إما طريق الولاء لأعداء الإسلام الذي نتيجته الخسران وإما طريق التولي الحقيقي لله سبحانه وتعالى.
ونحن في هذا اليوم وفي هذه المناسبة نعلن ونؤكد مسارنا الذي كنا ولا زلنا عليه كمؤمنين مسار التولي لله، والتولي لرسوله، والتولي للإمام علي، والتولي لآل محمد صلوات الله عليه وعلى آله، والسير في نهج القرآن والإعتصام بالله، والتوكل عليه، والتمسك بنهجه، ولهذا رددوا معي دعاء التولي ( اللهم إنا نتولاك، ونتولى رسولك، ونتولى الإمام علي، اللهم تقبل منا يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نبرأ إليك من أعداءك، ونبرأ إليك من أعداء رسولك، ونبرأ إليك من أعداء الإمام علي، اللهم ثبتنا بالقول الثابت، في الحياة الدنيا وفي الآخرة، واهدنا بكتابك الكريم، انصرنا بنصرك، وأيدنا بتأييدك، واجعلنا معتصمين بك، متوكلين عليك، إنك سميع الدعاء).
أشكر لكم هذا الحضور فأنتم إن شاء الله من أولياء الله وأولياء رسوله وأولياء الإمام علي عليه السلام
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- قرأت 1186 مرة
- Send by email