كيف خسرت اليمن 360 ألف كم مربع بتحكيم قبلي!
خسرت اليمن نجران بسبب عوامل عدة أنهاها الإمام يحيى بن حميد الدين بتحكيم الملك عبد العزيز آل سعود للفصل في الخلاف حول هذه الأرض. تصوروا؛ الإمام حكَّم الملك عبد العزيز في 360 ألف كم مربع! وأحمر العين لم يقصر: حكم بأن تكون نجران من نصيبه. وقد تضمنت المادة الرابعة من "معاهدة الطائف" ما نصه: "... وما ذكر من نجران ويام والحضن وزور وادعة وسائر من هو في نجران من وائلة فهو بناءً على ما كان من تحكيم جلالة الإمام يحيى لجلالة الملك عبد العزيز في يام، والحكم من جلالة الملك عبد العزيز بأن جميعها تتبع المملكة العربية السعودية".
تعامل الإمام يحيى بعقلية قبيلي، وهو تعامل يعكس سذاجة بالغة. خلال المفاوضات، التي سبقت توقيع المعاهدة، عام 1934م، فاجأ الملك عبد العزيز الإمام يحيى بمطالبته إياه بسحب قواته من نجران، التي كان نجله أحمد دخلها، عام 1933، وهزم جيش ولي عهد الملك عبد العزيز (سعود) على هذه الجبهة خلال حرب 1934.
ترك الإمام يحيى نجران سائبة، منذ تسلمه السلطة في اليمن، عقب "صلح دعان"، في أكتوبر 1911، الذي خرج الأتراك بموجبه من اليمن. وعام 1933، استولى عليها ولي عهده أحمد، بعد مقاومة أهلها لجيشه. اتجه عدد من وجهاء نجران إلى الملك عبد العزيز واحتموا به؛ خوفاً من التنكيل الذي سبق أن أوقعه الإمام يحيى في أبناء طائفتهم (الإسماعيليين) القاطنين في حراز وعراس، الذين هرب كثير منهم، جراء ذلك، إلى نجران. والطريف أن عبد العزيز لم يكن لديه حجة في الضغط على انسحاب الإمام من نجران؛ غير أنه لا يُمكن له، كملك عربي، إلا أن يقف مع أهالي نجران الذين استنجدوا به!
أبدى أهل نجران استعدادهم للدخول تحت حكم الملك عبد العزيز، وقاتلوا معه ضد الإمام، الذي كان يطلب من أبناء طائفتهم أن "يدخلوا الإسلام مجدداً، ويلتزموا المذهب الزيدي، أو أحد المذاهب الأربعة". قبل الحرب بين البلدين، طلب عبد العزيز من الإمام يحيى سحب قواته من نجران، فرفض هذا؛ لأن الأخيرة أرض يمنية. وبعد الحرب كانت المفاوضات تدور حول التنازل عن الحقوق التارخية اليمنية التي كان يرفعها الإمام لبسط سلطته على عسير باسم وحدة الأراضي اليمانية، مقابل انسحاب الجيش السعودي من الحديدة؛ غير أن الملك السعودي طرح قضية نجران بشكل مفاجئ.
يسكن نجران الياميون والهمدانيون الذين يعتنقون المذهب الإسماعيلي. وكانت مخاوفهم مازالت قائمة بقوة من التنكيل الذي شنه الإمام يحيى على الإسماعيليين في حراز وعراس، وهذا كان السبب الأساسي في خسارتنا لنجران. كان الإمام يحيى تعبيراً عن هوية طائفية، وطاغية مستبداً يفتقد لأبسط متطلبات المشروع الوطني. هذا ما يُبرر قتال أهل نجران اليمنيين في صفوف الجيش السعودي ضد الجيش اليمني. والأمر ذاته يُبرر قتال كثير من أهالي تهامة مع الجيش السعودي ضد جيش الإمام المنسحب.
- قرأت 577 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ