المكان حين يكون انثى

صنعاء مدينة "آجورية" ،كثيفة الأنس ،تثير كليتك بالتفاتتهاالموهمة بالحميمية ،تأسرك كساحرات الأساطيراليونانية ،وبعد أن تستدرجك لغرابتها باندهاش وانبهار يستولي على بصيرتك _سرعان ماتلتفت إلى سائح آخر لا يهمه أن يقرأ ـعراقة المكان ومدنيّته ، وإنما يكتفي بالتقاط صور لمدينة غريبة الأطوار... أن تقرأفي أمكنتها "الآجورية""تقرير الى غريكو"لتتعرف أكثر على "كازنتزاكيس "فإذا بالكتاب لا يقدم لك أكثر مماقدمته لك رواياته ،عن سارد مليء بالقومية ،وبالروحية الصوفية ،وبالاوربية ،وبتعصب لا يخلو منه كل من التزم بقضية وطن تجاه جبروت الأتراك ، لهذا يمكنك ان تفهم تلك الترادفات في سردياته بين المسلم والتركي ،لأن الثاني جاء لابسا العباءة الايديولوجية لعقيدة استخدمها في "الفتح "و"للفتح "حسب المصطلح الأثير للأمبراطوريات الأسلامية ، وهي تسيطر على العالم !!!_مع ذلك تجد روح"كازنتزاكيس "حاضرة رغم التزاماته الوطنية ، , فاذا سأ ل شجرة اللوز :أين الله ، تجيب بلغة الأزهرار ......... في صنعاء القدية ،تلك المدينة التي التي تلوح لها مقبلا ، فلا تعبأسوى بالقادمين ، أما اولئك الذين يمكثون بها فإنهم يزعجونها باكتشاف سر غرابة اطوارها ... في صنعاء القديمة ،يمكنك أن تتعرف على أن "الحياة هي في مكان آخر "لتعيش مع كونديرا " المحاورة "التي تخلق موازاة بين المعرفة والأيمان ، كخطين متوازيين ، لا يلتقيان لكنهما ليسا على قطيعة وعداء ...ستقف مع ذلك المدرس الذي يعرف أن الأيمان لا يتم الوصول اليه بالعقل ،بل إن العقل ينفيه ، لكنه مؤمن !الله ما أروع تلك الحياة ،وذلك التجاور المتوازي بين العقل والأيمان ، المعرفة والدين ... في صنعاء القديمة يساعدك" بابلو نيرودا "على أن تعترف بأنك عشت حياة ليست مضافة الى ياء المتكلم ،كاعترافاته المنسوبة الى ذاته المتكلمة ...تساعدك على اعترافات خالية من الف ولام الأستغراق ، لكنها حياة سلبتك الخوف والحذر اللذين يحميانك من الخطر ، لتصبح عاشقا ومعوشقا ، ثم فقاعة تتلاشى ، لتستمر الطفلة في متعة اطلاق فقاقيع جديدة ... في صنعاء القديمة ، يساعدك كثافة التاريخ الآجوري على أن تقرأل"مارسيل غوشيه "حول الدين والديمقراطية داخل فرنسا ،أي تقرأالتباس العلاقة بين الديمقراطية والحريات الدينية التي يمكن ان تقضي على الديمقراطية والعلمانية الفرنسية ، وبالتالي تصبح الحريات المقفلة على نفسها والطاردة لغيرها وسيلة هدم للديمقراطية والعلامانية الفرنسية ، لتغادر في الأخير الديمقراطية والعلمانية الفرنسية فضاءتاريخها وثورتها وتحولاتها ... في صنعاء القديمة التقي بالانثى المماثلة ل"هيباتيا"فيلسوفة العقل الأسكندري ، بجمالها وعقلها التسامحي ، لكنها هيباتيا الشبيهة بالطفلة التي تحب استمرار العبث بالفقاقيع وليس التأمل في خفتها داخل مسارات الهواء .. تلك الأنثى التي تعشقك طالما كنت آخرا، فإذا ما تلاشت الأرواح والأجساد، شعرت بأن الجسد الواحد المتماهي مع نفسه، وإن تعددت روحه _يفقد الأحساس بالمؤتلف .هي لاتريد أن تفقد أناها المختلفة ، وفي نفس القت تعلن انتهاء سردية عاشقة .. في صنعاء القديمة ادير خصوماتي البسيطة ، وامارس القراءة لتاريخ الحرية ، وأعرف أن الحرية احتياج بشري نسبي وتاريخي لا يتوقف عن البحث في الحقيقة وقيودها .. وحين انتهي من القراءة ، مع اقتراب كرنفال الأذان الجماعي من مآذن صنعاء القديمة ، أكافؤني بكأسين من القهوة ثم ابدأ عاطفتي المحبة للجميع ........ لي قلب ازهر هنا ولا استطيع الاّ أن أمر علىهذا المكان كشاعر قديم يقف على ذكرياته متأملا المكان ،حيوات تكتبه شعرا ،فيكون خلود المكان جمالا .كان بشلا ر قد كتب كتابا بعنوان "جماليات المكان "،وكلما زرت صنعاء القديمة ،أوقرأت هذا البريد الذي هجر ته صاحبته ،استعيد روعة ذلك الكتاب ، ذلك أنه يتحدث عن امكنتي وجما لياتها ... بعض الأمكنة هي التي تحفر فينا احساسنا ،ومشاعرنا ،بعضها نتخلق فيها وبها ،... رسالة ما، مرسم ما ،سقف ما ،سيارة اجرة ،حا فلة، شارع ،كتاب ضحكة ،بكاء ،كل تلك الأشياء وغيرها هي التي تجعلنا نتأمل ونأمل ،نؤمن ونتماهى ، يحب الانسان مرة واحدة في حياته ،اتحدث عن الحب ،وليس عن الرغبات ،ذلك أنه لا يعيش ايضا سوى مرة واحدة ،لا ادري متى عشت انت الحب لكنني اعرف انني عشته معك وبك ، عندي يقين أن الحب هوشعور متبادل ،حاجة اشبه بالكيمياء ،لو لم يكن الطرف المكافيء موجود كمشاعر ،لماتحقق التفاعل بينهما ،ولماتحولوا الى صيغة ثالثة ... لا اشعر أني ضعيف أمامك ولا قويّ،اشعر أنني أنا ،اضعني على كتفك فأجد الكون باهيا بكل الوانه ،ارددك ككتاب يعطيني الخلود ... أريد ان استطرد بالكتابة ،لكنك اكثف من كل لغة استخدمتها ،لأفهم ما أنا ،فتظل اللغة التي لم أقلها هي أنت ،...سأ توقف فرحا بما لم اقله ،لكنه يحيطني ويتخللني ... لم يكن الشاعر القديم يخاطب صاحبا او ضميرا حاضر ، غير أناه التي تصبح صاحبا وحبيبا ،ذلك المتعدد الذي يتشظى كي يتوحد ويجسد ويشخصن ذكرياته ... أعلم أنك قلت لي أنك كحبيبة الشعراء العرب قديما ،ترتحلين من مكان الى مكان ومن واحة الى واحة ،لكنك قد تطلين على مكان دارس ،فتجدين اثرا ما لا يجيد قراءته سواك ، واذا لم فيكفي أن عابرين سيمرون على قصيدة ما ليقرؤا من خلالها قصة ، تؤكد لهم أن الانسان كائن عاشق

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
1 + 16 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.