المملكة و اشكالية السيطرة على الداخل " قراءة في القرار السعودي "
تدرك المملكة السعودية جيدا انها من الصعب عليها ان تفرض رهابها على كل من اعلنتهم منظمات ارهابيه . إذ يخفي قرارها حاجة ملحة واستراتيجية للتقوقع داخل ذاتها و اغلاق منافذ التهديدات المحتملة و الواقعية التي ستنتج عن الخطوات المقبلة داخل المملكه . و المترتبة على سقوط مشروعها في سوريا و ارتداداته السياسية والامنية .
الصراع الذي لم يعد خافيا بين الامراء المتوثبين للانقضاض على تاج الملك يبدو انه قد حسم لمصلحة الامير محمد بن نايف و ابناء الملك عبدالله وبدعم اميركي مقابل خسارة المعسكر الاخر الذي يقوده ابناء الراحل سلطان و جناحه المؤلف من بندر بن سلطان واشقائه الذي سحبت من يده كل الملفات الامنية والاستخباراتية مؤخرا و الى جانبه وزير الخارجية سعود الفيصل .
وتقوم الاستراتيجية السعودية في المرحلة المقبله على تحصين الجبهة الداخلية ضد كل الاطراف التي تشكل تهديدا محتملا عند البدء بتنفيذ مقتضيات المرحله المقبله التي تشكل رأس الامر وذروة سنامه في حقيقة ما يجري ويحضر له ، وهو نقل السلطة الى ملك جديد تم التوافق عليه ربما قبل وفاة الملك عبدالله . فالصراع المرتقب على الملك سيكون اكثر حدة في حال ترك الامر الى مابعد وفاة الملك عبدالله وهو امر يدركه الاميركي و كل القلقين على مصالحهم داخل المملكة .
وفي هذا السياق يشكل شيوخ الدين ومريدوهم من المحسوبين على تيار الاخوان خطرا حقيقيا على مخطط نقل السلطه الى طرف اكثر منهم تطرفا وإيغالا في تمجيد ولي الامر و المتمثل بالسلفية الرافضة لفكرة الاصلاح السياسي في المملكة ، والذين يشنون حملة شرسة في وسائل الاعلام بتفويض رسمي من السلطات السعودية ضد مشائخ الدين من اصحاب الميول الاخوانية امثال العريفي و الفوزان والعوده وهم من درج معارضيهم على تسميتهم بشيوخ الاسلام السياسي وضد من يدعمهم من امراء و دول في مقدمتها تركيا وقطر حسب ماتؤكده السلطات السعوديه.
وينطلق خوف الادارة الامنية الجديده من معرفتها بان كل المقاتلين الذين يرسلون للقتال في سوريا او اي مكان آخر هم ذخيرة و سلاح من اعدهم وصاغهم و جيشهم و مولهم واستخدمهم ، وان كل هؤلاء المقاتلين يدينون بالولاء لبندر بن سلطان و المشائخ الذين حثوهم للذهاب للقتال في اكثر من مكان . اي ان هذا الجيش من المقاتلين خاصة السعوديين والذين كانو يمسكون بتلابيب القيادة في اغلب التنظيمات والتشكيلات المقاتله في صفوف داعش والنصره و غيرها من مسميات القاعده وكتائبها سيكون من الممكن اعادتهم وبنفس الطريقة التي غادرو بها الى داخل المملكة محتفظين بقدراتهم و اطرهم القيادية وتشكيلاتهم التنظيمية ، ما يعني ان بندر بن سلطان وحلفائه من رجال الدين يملكون جيشا قادرا على مواجهة التشكيلات العسكرية النظامية داخل المملكة ، بل ويتفوقون عليهم في الخبرة و التدريب واجادة حرب العصابات والاقتحامات للمدن و البلدات ، مايشكل خطر حقيقيا على بقية اجنحة الصراع داخل المملكة و يجعل مخاوفهم حقيقية ومبرره ، حتى وان سقطت فرضية الترتيبات لتنصيب محمد بن نايف قبل وفاة الملك عبد الله .
من اجل ذلك اتخذت تدابير هجومية في شكلها لكنها دفاعية في اصلها ومضمونها ، و يأتي ذلك وسط تقارير تؤكد عدم قدرة التشريعات الجديدة في كبح و ايقاف عمليات التدفق للسعوديين الذين يسافرون للقتال في سوريا والعراق ، اذ تؤكد مصادر سعوديه سفر قرابة 1200 شاب سعودي الى هذه الجبهات منذ صدور التشريعات القاضية بمنع ومعاقبة من يغادر اليها بالسجن لفترات تتراوح بين 3 الى 25 سنه .
توسيع دائرة الاستهداف للجماعات المعلنة كمنظمات ارهابية و المبالغة في تصنيف الافعال المجرمة في التعاون مع هذه المنظمات الى حد تجريم التعاطف او المشاركة في مؤتمرات او كتابات او مشاركات اعلامية في الاعلام المرئي او المسموع و المقروء وحتى مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد هستيرية الخوف و حجم القلق و كم الارهاب الذي يراد توجيهه لخلق اعلى قدر من السيطرة على الداخل السعودي و فرض عقوبات لتجفيف اي مصادر دعم خارجي لمعارضي الداخل من المشائخ او المثقفين او الشباب و حتى الامراء الطامحين الى نصيب اكبر في السلطة وحضور اوسع في الحكم .
اي ان القرار السعودي هو قرار لارهاب الداخل وليس لمحاربة الارهاب خارج الحدود و ليس له علاقة على الاطلاق بمبررات حماية السلم الدولي . و تاريخ المملكة سافر ولا يغطيه قناع او تراب متقادم ،، ففعلها مستمر و متواصل ومعلن في دعم الجماعات المتطرفة والارهابية التي اعلنتها اليوم ارهابية كما في حالة داعش والنصره و القاعده و اغلب التشكيلات المقاتله في سوريا و العراق و الكامنة تحت الرماد في لبنان والتي تسعى لاشعال لهيب الاحتراب الطائفي هناك .
القرار السعودي ابقى لنفسه الحق في الاستمرار بتحديث قائمة منظماته الارهابية حسب الحاجة و مقتضيات التطورات و استثمر التوقيت و خانات الفراغ الكثيره لحشر جماعات لا تربطها بالنظام السعودي اي علاقات او سابق تهديد بما من الممكن ان تجعل من ادراجها في القائمة مجدي امنيا او سياسيا او اقتصاديا لكنها قامت بذلك تحصينا لجبهتها الداخليه من امتدادات فكرية قد تحرق اطرافها الجنوبية في نجران وجيزان فاقدمت على ضم جماعة الحوثيين انصار الله في اليمن الى القائمه و على ذات النسج و للحد من الاحتجاجات التي تلهب المنطقة الشرقية في القطيف سمت حزب الله السعودي في قائمتها وهو حزب غير معروف او متداول تمهيدا للزج بالمعارضين الشيعة تحت هذا الاسم بنية اذكاء دورات قمع عنيف سيوجه لهم رغم عدم حاجة السلطات السعودية الى ذلك الا من باب الشرعنة لاشرس الاجراءات القمعية بحق المعارضين الشيعة من ابناء المملكه ..
- قرأت 443 مرة
- Send by email