عبدربه يبدأ التفاوض مع ايران ..!! : مصطفى المنصور

خطب فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي قبل ايام قليلة في الكلية الحربية (مصنع الرجال) امام القادة العسكريين والضباط متهددا ايران بفضح تدخلها في اليمن وانتهاكها للسيادة الوطنية في لقاءه بالقيادات العسكرية مشيرا الى وجود محتجزين لديه متورطين بالتجسس ووثائق تدين ايران وتثبت تورطها في اليمن !!..

صدق الغالبية من الناس هذا الخطاب كما كانوا يصدقوه من سلفه المخلوع علي عبدالله صالح ، فقد كانت ايران هي الشماعة التي يلقي عليها اللوم في هزائمه وجرائمه وحلفاءه في الحروب الست شمال اليمن وبعد خلع علي صالح استمرت نغمة اتهام ايران بدعم الحراك السلمي في الجنوب وأنصار الله الحوثيين في الشمال والتيار التحرري اليساري القومي العربي في الوسط . ويتناسى فخامة الرئيس هادي رئيس هيئة رئاسة الحوار الوطني ان اللجان الوطنية المشكلة بقضيتي الجنوب وصعده أُثبت بما لا يدع مجالاً للشك ان هذا الاتهام كاذب وبأن سياسات الأزمات والظلم والقمع والجريمة المنظمة والإقصاء والتخوين التي انتهجها نظام المخلوع علي عبدالله صالح هي السبب واقترحت هذه اللجان حلولا جذرية لهذه القضايا وتوصيات أقرها جميع الفرقاء السياسيين وتوافقت جميع المكونات المشاركة في الحوار الوطني عليها وبهذا الإنجاز ذاته فخامة عبدربه يتغنى ، ولكن اذا كان عبدربه يستطيع ان يثبت ما عجز عنه المخلوع علي عبدالله صالح سابقاً فليفعل ذلك بدون تهديد ولا وعيد وليفضح ايران وانتهاكها القديم والجديد للسيادة الوطنية . هذا الفرس وهذا الميدان ..

لكن الحكاية وما فيها ان الرجل يحتاج للتموضع في موقع يمكنه من التفاوض امام القوة النووية الصاعدة ايران التي تقود محور المقاومة في المنطقة العربية ، فالجميع يعلم ان اليمن من الدول التي وضعت في الفلك الامريكي من زمااااان قوي منذ التسعينات ولكن اخبار القرار السياسي اليمني الخاضع للإرادة الامريكية ظل متخفياً لفترة طويلة حتى انفجرت الأزمة السياسية في 2011 التي مثلت نقطة تحول في الحياة السياسية اليمنية وانقسم النظام الفاسد التابع للسعودي والأمريكي على نفسه بعد تبادل الاتهامات بالفشل والخيانة والتآمر والاستئثار بالسلطة وإقصاء الحلفاء التاريخيين المتفقين على مرجعية السعودية ولجنتها الخاصة في اليمن .

اضطر الامريكي ان يكشف عن وجوده ورعايته وتبنيه لليمن وبسبب مخاوفه من سقوط أزلامها باليمن وانفلات الاوضاع باليمن كليا من قبضته فوضع البلد تحت الوصاية الدولية بتوافق عملاء خدمت أمريكا والسعودية طوال فترة حياتها ولا زالت حتى اليوم تخدمه ،،

الحكاية وما فيها ان التصريحات الاخيرة لفخامة الرئيس هي حجر ألقاه عبدربه في بركة مياه العلاقات اليمنية الإيرانية لتحريكها فقط ، فهو يدرك كحلفائه السعوديين والأمريكيين المتغيرات في العالم والمنطقة العربية ، لزوم التفاوض يا سادة يا كرام لزوم التفاوض ليس أكثر ..

يحتاج السعودي والأمريكي الى التفاوض مع الإيراني في اليمن والسبب ان حلفاء ﻣﺤﻮﺭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻻﻭﺳﻂ الجديد ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﻠﻨﺖ ﻋﻦ ﻣﺨﺎﺿﻪ ﻛﻮﻧﺪﺍﻟﻴﺰﺍ ﺭﺍﻳﺲ ﻭﺯﻳﺮﺓ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻣﺮﻳﻜﺎ ﻓﻲ 2006 ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺍ ايران ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻧﺼﺎﺭﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﻞ الدول ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎسية ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪﺓ ﻟﻤﺤﻮﺭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ سياسيا في اليمن ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ هم القوة الصاعدة في اليمن ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻭﻣﺼﺮ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻣﻲ ﻭﺗﻮﺳﻊ ﻭﺑﺪﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺣﻠﻔﺎء ﻣﺤﻮﺭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻤﺎﺳﻜﺎ ﻭﺛﺒﺎﺗﺎ ﻭﻗﻮﺓ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﻠﻔﺎء ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻣﻦ ﺍلأنظمة ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟسياسية ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻛﺎﻹﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻭﺗﻮﻧﺲ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ في ﺍﻧﺤﺪﺍﺭ وانهزام ﻭﺍﻧﺪﺣﺎﺭ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ ﺳﻮﺍء في ﺳﻮﺭﻳﺎ ﺍﻭ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻭ ﺍﻟﻴﻤﻦ ولكم ﻓﻴ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﺴﻮﺭﻳﺎ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ ﻭﺩﺍﻋﺶ ﻭﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺤﺮ ﻋﺒﺮﺓ ، ولكم ﻓﻲ ﺍﺧﻮﺍﻥ ﻣﺼﺮ ﻋﺒﺮﺓ ، ﻭلكم ﻓﻲ ﺗﻜﻔﻴﺮﻳﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻋﺒﺮﺓ ﺍﻳﻀﺎ ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺃﺯﻣﺎﺕ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻭﺍﺧﻮﺍﻧﻬﺎ ، ﻭﺧﻼﻑ ﻗﻄﺮ مع ﺷﻘﻴﻘﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺎﺕ وانهيار ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻻﺧﻮﺍﻥ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻓﻘﻂ من ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ . 

كل ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻄﻴﺎﺕ ﺗﻌﺪ ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﻟﻘﻴﺎﺱ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻻﻧﺤﺪﺍﺭ ﻭﺳﺮﻋﺔ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻭﺣﺠﻢ ﺍﻟﺨﻄﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺸﺎﻩ ﺣﻠﻔﺎء ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﻣﻦ ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﻓﻠﻜﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ والجماعات ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ، ﻓﺎليمن ﺗﻌﺪ من ﺍﻟﺪﻭﻝ الأكثر تأثيرا ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﺣﻠﻔﺎء ﻣﺤﻮﺭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﻛﺜﺮ كسباً على جميع المستويات السياسية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وووو خلال الخمس سنوات الماضية ولم تستطع اي قوة اجنبية او محلية وقف هذا النمو والتوسع والازدهار الطبيعي لقوة صاعدة فاقت إنجازاتها كل توقعات خصومها العاجزين عن إدانتها بالفساد في اي موقف بالرغم من حملات التشهير الإعلامي والضجيج الذي يتبناه احزاب اللقاء المشترك وعلى رأسهم حزب الاخوان المسلمين المتصاغر في المنطقة العربية والعالم .

لا تخشوا من هذه التصريحات ولا تقلقوا منها أبدا ، فهي محاولة يمنية بطلب سعودي وأبعاد أمريكي لإثارة انتباه ايران لفتح ملف اليمن والتفاوض عليه لوقف القوة الصاعدة من النمو بعد ان تأكد اللاعبين الدوليين في اليمن ان المجتمع اليمني اقرب لمن يتبنى قضايا الأمة العربية والإسلامية من دول مثل سوريا وإيران وقوى سياسية وشعبية وحركات مقاومة كحزب الله في لبنان وسوريا وأنصار الله في اليمن ، ويعتقدون ان سبب شقاء اليمن وبلائها يكمن في ولاء النخب الحاكمة للسعوديين والأمريكيين حلفاء الصهاينة المحتلين الذين ينتهكون المقدسات العربية والإسلامية ..

يظن عبدربه ومن يحركه ان تصريحاته ضد ايران قد تغير في الواقع شيئا ولكنه واهم ..

في القريب العاجل ستتغير لغة الخطاب الرئاسي بعد زيارة الوفد الإيراني الرفيع الذي سيذيب جبال الجليد بين الدولتين ويكشف الأوراق فيما يتعلق بالعلاقات الإيرانية الدولية والعربية التي بدأت ملامحها تتضح اكثر فاكثر في اتجاه الانفتاح الاوروبي والأمريكي مع ايران من جهة ومع عمان ومصر وقريبا السعودية واليمن من جهة اخرى..

ستشهد اليمن التغيير الملموس في الدبلوماسية والعلاقات الدولية بالتزامن مع التغيير الحكومي وتعديل صيغة الشراكة السياسية في الحكومة الجديدة . والأسابيع القليلة القادمة ستثبت ذلك .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
10 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.