هارتس الصهوينة : أمريكا تخشى إيقاف الحوثيين لحربها على الإرهاب

مدمرات أمريكية وكندية وبريطانية وفرنسية تقوم بدوريات في مضيق باب المندب ويمكن أن تتدخل عسكرياً لمنع سيطرتهم على المنطقة أمريكا تخشى إيقاف الحوثيين لحربها على الإرهاب

قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن الولايات المتحدة تخشى من أن النظام الجديد في اليمن قد يتوقف عن العمل معهم في حربهم ضد تنظيم القاعدة، منذ سيطرة جماعة الحوثيين على مراكز القوى العسكرية في البلد.

واستبعدت الصحيفة العبرية الناطقة بالإنجليزية، أن تقوم جماعة الحوثيين بالسيطرة على "باب المندب"، لكنها أشارت إلى أن "المدمرات الأمريكية والكندية والبريطانية والفرنسية أيضاً تقوم بدوريات في مضيق باب المندب، ويمكن أن تتدخل عسكرياً لمنع السيطرة على المنطقة".

"الأولى" بدورها، ترجمت التقرير الذي يحمل عنوان "الشيعة والسنة يمزقون اليمن إلى أشلاء"، وتنشره كما هو، وننوه إلى أنه يأتي تزامناً مع حملة إعلامية إسرائيلية لتسليط الضوء على جماعة الحوثيين، بعد مخاوف من أن يمثلوا خطراً "استراتيجياً" عليهم، فإلى التقرير:

توجد في جنوب الجزيرة العربية دولة تدعى اليمن. وفيها ما يقارب 24 مليون نسمة، نصفهم تحت خط الفقر، ويعاني حوالي 60% من الأطفال من سوء التغذية، ونحو 70% من الأسر تتلقى مساعدات من الحكومة والمنظمات الدولية.

اليمن، وهو أفقر بلد في الشرق الأوسط، موضوع تحت مراقبة الدول الغربية، واهتمام وسائل الإعلام. وهو آخر الدول التي بدأت بالانهيار بعد الربيع العربي، بعد ليبيا وسوريا. على الرغم من أنه يقع على الممر الاستراتيجي للبحر الأحمر، ولديه احتياطات من النفط تقدر بـ3 مليارات برميل، إلا أنه يعتمد بشكل كبير على المساعدات القادمة من المملكة العربية السعودية، والتي كانت تقدر بـ4 مليارات دولار عام 2012.

لكن السعودية تدرس مؤخراً خفض هذه المساعدات، التي تستخدم عادة لدعم الوقود للمواطنين، ويوشك حبل المشنقة الملتف على عنق اليمن أن يصبح أكثر إحكاماً مما كان عليه بكثير، وذلك لأن الحرب الدامية بين الأقلية الشيعية، والذين يمثلون 45% من السكان، والغالبية السنية، والتي بدأت في يوليو الماضي، بينما يبقى وجود الدولة المركزي نظرياً فقط. وهذه الحرب ليست دينية، بل سياسية. وفي الأخير هي كفاح من أجل الحقوق والفرص، وحصة الحكومة في الميزانيات.

ويختلف الشيعة في اليمن عن الشيعة في إيران أو العلويين في سوريا. وينتمي معظمهم إلى الطائفة الشيعية الزيدية، والتي تعتبر فصيلاً بعيداً من الشيعة، ويعتبرون الشيعة الإيرانيين كطائفة منحرفة. لكن لم تتم الحرب بين الطائفة الزيدية والطائفة السنية الرئيسة في اليمن أو الطائفة الوهابية المتطرفة (ينبغي عدم الخلط بين الزيدية في اليمن والإيزيدين في العراق الذين تعرضوا للاضطهاد والذبح على يد عناصر الدولة الإسلامية). لكن معظم أبناء الطائفة الزيدية موالون لقادة جماعة الحوثي، الذين يتخذون من صعدة الواقعة على الحدود السعودية، مركزاً لهم.

واندلعت نزاعات عنيفة بين "أسرة" الحوثيين وزعيمهم عبدالملك الحوثي البالغ من العمر 35 عاماً، والذي قاد المعركة الأخيرة ضد النظام اليمني، ويبدو أنه حكم الجماعة بقبضة من حديد. والحوثيون هم من يشاركون في الحرب الحالية، مع تنظيم القاعدة السني، ويطلقون على أنفسهم لقب "أنصار الله". بينما ينغمس حزب المؤتمر الشعبي العام، الحاكم في اليمن، في صراع داخلي مرير بين الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، والرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي. وتشارك المملكة العربية السعودية في هذا الصراع الداخلي، بالوقوف إلى جانب النظام. ويبدو أن إيران من جانبها تقوم بدعم ومساعدة الحوثيين. وفوق كل هؤلاء، تحوم الطائرات الأمريكية بدون طيار، لمهاجمة قواعد لتنظيم القاعدة في البلاد. لكن، وبالرغم من أن اليمن يظهر على أنه مثال للدول التي جزأتها الثورات في الشرق الأوسط، إلا أنه مجزأ -فعلاً- قبل فترة طويلة، لأنه يعتمد على ائتلاف قبلي هش، واتفاقات تنفق فيها أموال طائلة، وخصومات تاريخية بين الجنوب والشمال، مع بصيص من الأمل، استيقظ بعد ثورات الربيع العربي، وأحدث تغييراً في الحكومة، التي تحولت العام الماضي إلى ساحة معركة ممتدة بعد أن اجتاح الحوثيون العاصمة، والعديد من المناطق الأخرى، من خلال تمرد مسلح في سبتمبر الماضي. وكانت قبلها نجحت محاولة استرضاء الحوثيين وعقد حوار معهم. وفي غضون فترة زمنية قصيرة، استطاع الحوثيون إنشاء نظام لهم موازٍ للحكومة اليمنية الرسمية، وإقامة نقاط تفتيش في العاصمة. كما أنشأوا مؤسساتهم القانونية الخاصة، وشرطتهم المستقلة، وفي نفس الوقت لديهم حوالي 6 وزراء في الحكومة الرسمية. كما أنهم يسيطرون على أنظمة الدفاع الجوي، ووضع كبار ضباط الجيش تحت الإقامة الجبرية، وسيطروا على قواعد عسكرية مهمة.

والخميس الماضي، اختطفوا يحيى المروني، المسؤول في الاستخبارات، والقائد السابق لها في محافظة صعدة، معقل الحوثيين. وكانت الحكومة اليمنية أدت اليمين الدستورية في وقت مبكر من شهر نوفمبر، وتشكلت من 36 وزيراً، وتعمل الآن بموجب توجيهات من الحوثيين، الذين يطالبون بإعادة تقييم الميزانية الوطنية، بعد أن أجبروا رئيس الوزراء على إلغاء خفض الدعم على الوقود، والذي دخل حيز التنفيذ في يوليو الماضي. وما بدأ في العام 2004 على أنه تمرد ضد تمييز عميق، أصبحت جماعة الحوثيين الشمالية المضطهدة جزءاً من انتفاضة شعبية واسعة، والتي يمكن أن تجبر الحكومة على تنفيذ مطالبها، لكن الحكومة مع ذلك قد لا يكون لديها من الموارد المتاحة، ما يمكنها من الوفاء بوعودها.

من ناحية أخرى، فإن الحوثيين خصوم عقائديون لعناصر تنظيم القاعدة، ويقولون إنهم يتعاونون مع السلطات اليمنية للحد من نفوذ التنظيم. ولهذا السبب فإن مسؤولين أمريكيين ينظرون إليهم كقوة إيجابية في المنطقة، لكن مع ذلك يشتبه أيضاً بكونهم وكلاء لإيران في اليمن، بسبب التشابه في معتقداتهم الدينية. وبالقرب من هذا، يخشى السعوديون ودول الخليج العربي من أن يشجع هذا تمرداً شيعياً في أراضيها، مثل الذي وقع في البحرين عام 2011.

وارتفعت المخاوف من النفوذ الإيراني بشكل أكبر بعد سيطرة الحوثيين على ميناء مدينة الحديدة، الذي يبعد 200 كيلومتر غرب العاصمة صنعاء، ومن خلاله تستورد اليمن حوالي 70% من بضائعها. والاستيلاء على هذه المدينة المهمة -دون أية مقاومة- يعطي الحوثيين منفذاً على البحر الأحمر، والذي من خلاله يمكنهم الحصول على مساعدات عسكرية إيرانية. وفي الأثناء، يبدو أنهم لا ينوون توسيع سيطرتهم على مضيق باب المندب، ويرجع ذلك أساساً لأن أغلبية سنية تعيش في المناطق الجنوبية من اليمن، حيث الجماعات الوهابية، جنباً إلى جنب مع عناصر تنظيم القاعدة، وتنشط هناك. وتقوم المدمرات الأمريكية والكندية والبريطانية والفرنسية أيضاً بدوريات في مضيق باب المندب، ويمكن أن تتدخل عسكرياً لمنع السيطرة على المنطقة.

وحتى الآن، يبدو أن الحوثيين يحاولون تجنب تصوير صراعهم على أنه عرقي أو ديني، ويصفون مطالبهم بأنها تنشد العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي من خلالها يسعون إلى حماية الفقراء والمضطهدين، وإعادة توزيع موارد الدولة دون تمييز. وينكرون بشدة أن يكونوا يتلقون دعماً من إيران، ويطالبون بإلغاء تقسيم اليمن إلى مناطق اتحادية، مدعين أن هذا سيستبعدهم من المناطق الغنية بالنفط، ومن ثم سرقتها. ويقول الحوثيون أيضاً إنهم لا يعارضون قراراً صادراً عن الأمم المتحدة، يدعوهم للانسحاب من صنعاء، وإزالة نقاط التفتيش التي كانوا وضعوها، وإرجاع الأسلحة التي استولوا عليها. ووعد قادتهم بتحقيق تلك المطالب، لكنهم لم يحددوا موعداً زمنياً لفعل ذلك.

وحتى الآن، تجنبت القوى العظمى الغربية التدخل في الوضع في اليمن. الولايات المتحدة، التي أعطت اليمن حوالي 900 مليون دولار منذ عام 2011، تنتظر لترى ما سوف يتطور في الحكومة اليمنية، حيث لعب الحوثيون دورا رئيسيا. ويخشى الأميركيون أن النظام اليمني الجديد سوف يتوقف عن العمل معهم في الحرب ضد تنظيم القاعدة، منذ سيطر الحوثيون على مراكز القوة العسكرية. ومن جهة أخرى، فمن المرجح أن الحوثيين يمكن أن يتحولوا إلى حلفاء فاعلين، وعلى وجه التحديد بسبب قوتهم ومنافستهم في محاربة تنظيم القاعدة والحركات الإسلامية المتطرفة. وكما هو الحال في العراق وأفغانستان وسوريا، تستطيع الولايات المتحدة أن تجد نفسها متعاونة مع المليشيات والعشائر المحلية، بدلاً عن الحكومة، من أجل تنفيذ سياساتها في الحرب على الإرهاب. وكما حدث في تلك البلدان، يمكن للصراعات الداخلية، وعلى رأسها الفقر الشديد، أن تشكل عقبة رئيسية في النضال المشترك ضد الجماعات الإرهابية. لكن من المشكوك فيه ما إذا كانت هناك أية قوة عظمى أو ائتلاف عالمي سيعمل على معالجة الوضع الاقتصادي في اليمن. إلى جانب أن العراق وسوريا، هما الأكثر إثارة للاهتمام من ذلك بكثير، ويمثلان أكثر من تهديد. أما اليمن فسيكون على الخط من كل ذلك.