اليمن ثورة منتصرة وبداية تغيير المعادلات الكبرى رغم أنف السعودية

الضخ الإعلامي المتصاعد عن هامشية اللجان الثورية في اليمن وعدم  فاعليتها عبر وسائل الإعلام الممولة والمملوكة من بني سعود ، تذكرنا بالحملة المشابهة التي رافقت ولادة إمارة داعش وتسميتها بثورة أهل السنة ضد حكم المالكي وهيمنة إيران ، ويذكرنا بما قيل عن سوريا خلال ثلاث سنوات عن هامشية الجيش السوري وإنضمامه لما سموه ثوره وأن من يقاتل  هم الإيرانيون ومناصروهم من لبنان والعراق ، فما يقال اليوم يصف المشهد بإنتشار مجموعة مسلحين بلا شعبية ، يقف الشعب ضدهم في كل مكان ، وأغلبهم غير يمنيين من عناصر الحرس الثوري الإيراني ، وأن القضية  كلها هي  غياب تحرك خليجي ودولي ينهي الوضع .
لو كان الأمر كذلك لما تردد بنو سعود عن تمويل و تنظيم مواجهة عسكرية مدعومة شعبيا تنهي الحالة التي  خلقتها الثورة في العاصمة صنعاء على الأقل ، والأهم لماذا لم يمنعوا قيامها ، وقد سيطر السعوديون منذ تسلم منصور هادي الرئاسة برعايتهم مقاليد القرار اليمني خوصصا الأمني والعسكري ، وها هما وزيرا الداخلية والدفاع في الحكومة المستقيلة يتصدران اللجنة العسكرية والأمنية في التشكيلة التي صاغتها الثورة .
يكفي إسترجاع مشهد العاصمة صنعاء يوم دخلها الثوار في شهر أيلول  من العام الماضي ، من مدينة عمران المجاورة ولم  تسقط نقطة دم واحدة ، وسيطر الثوار في ساعات على كامل أحياء ومؤسسات وشوارع العاصمة ، ويكفي إسترجاع سقف مطالبهم يومها قياسا لفائض القوة الشعبي والعسكري الذي  ظهر في تحركهم ، مساندا بالإتقان والدقة  والحكمة والشجاعة ، وكيفية ولادة إتفاق السلم والشراكة والتباطؤ بتطبيقه بأوامر سعودية للرئيس  منصور  هادي ، وصولا لدفعه لإصدار مسودة دستور منافية لمضمون الإتفاق ما إستدعى الإنتفاضة الثانية في كانون الأول من العام الماضي  حتى رضخ منصور هادي لتعديل المسودة ، قبل أن يجبره السعوديون على الإستقاله مع حكومته ، لرمي كرة الفوضى بوجه الثوار ، فكانت مهلة الأيام الثلاثة وتلاها بسبب تمييع جماعة السعودية للمفاوضات لتشكيل مجلس رئاسي توافقي ، الإعلان الدستوري و ما تضمنه من مشروع مجلس وطني إنتقالي ومجلس رئاسي وحكومة كفاءات .
ثمة معارضين للثورة ، هذا امر طبيعي وبديهي ، ثمة مناطق ستتمرد على الثورة ، هذا اقل  ما يمكن توقعه ، لكن ميزان القوى مختل بوضوح لحساب الثوار ، والعاصمة تحت قبضتهم ، ومؤسسات الدولة المركزية تحت سيطرتهم ، وكل عمل معارض لا يتخطى حدود ما واجهته كل ثورات الدنيا من قبل .
اليمن دخل مرحلة جديدة ، عنوانها الثورة المنتصرة ، رغم أنف السعودية ، والتغيير الإقليمي الكبير يبدأ من هناك ، من تحجيم السعودية في عقر دارها ، والمتابع البسيط يعرف أن سيطرة الثوار  على اليمن أشد قوة من سيطرة حكومة كييف في أوكرانيا ، التي أرداها الغرب خنجرا في عقر دار روسيا .
روسيا تكفلت فرنسا وألمانيا لتنهي الحرب الأوكرانية ، بتسوية  تعبر عن تطلعاتها ، و إيران تكفلت حرب العراق  على داعش ، لقطع طريق الإبتزاز الأميركي السعودي التركي بمقايضة الدعم السياسي والعسكري بشروط مقابلة ، وسوريا تتكفل إسقاط  الدور التركي الإقليمي بإسقاط الميليشيات التركية ، والمقاومة في لبنان تكفلت إسقاط  الردع الإسرائيلي ، وكل ذلك  يتسارع مع إقتراب  نهاية الشهر ، موعد إحتساب الغلال بعد الحصاد  لتشكيل المعادلات الإقليمية والدولية الجديدة ، ومن يريد حلا لليمن عليه أن يسارع للتحدث مع قيادة الثورة قبل نهاية هذا الشهر ، فبعد إعلان المجلس الرئاسي غير ما قبله