(التفاصيـل الكاملة) عن رفع حميد الأحمر قضية ضد الحكومة أمام محكمة فرنسية لتعويضه بمليار دولار
تنظر هيئة التحكيم في غرفة تجارة باريس في فرنسا, في قضية تعويضات مرفوعة ضد الحكومة اليمنية من قبل الشيخ حميد الأحمر, وبمبلغ يصل إلى مليار دولار.
وقالت لصحيفة "الأولى" مصادر وثيقة الاطلاع إن القضية التي تحاط بتكتم كبير , رفعتها قبل أسابيع شركة "سبأفون" للاتصالات التي يملكها الأحمر, وذلك أمام هيئة التحكيم في غرفة تجارة باريس, أحد أشهر مركز التحكم الدولية, ويطالب الأحمر في الدعوى التي رفعها محامو الشركة, بتعويضات من الحكومة اليمنية عن أضرار لحقت بالشركة خلال الأزمة السياسية والثورة الشعبية العام 2011.
مبالغ التعويضات التي يطالب بها الأحمر عبارة عن 300 مليون دولار تعويضا عن "خسائر" لحقت بـ "سبأفون" بسبب إجراءات حكومية, و700 مليون دولار تعويضاً لـ "سبأفون" نفسها عن الأرباح التي كان يفترض أن تحققها, لكنها فاتت عليها بسبب إجراءات الحكومة أيضا (إجمالي مبلغ يعادل ما يزيد عن 200 مليون ريال يمني).
وكانت الحكومة قد أوقفت بعض خدمات شركة سبأفون مع بداية الاحتجاجات الشعبية, مطلع العام الماضي, وبينها خدمة الإنترنت والاتصالات الدولية واستندت الحكومة في إيقاف هاتين الخدمتين إلى ما تقول إنه إخلال من جانب "سبأفون" ببند في اتفاقية الترخيص الموقعة بينها وبين الحكومة, وهو البند الخاص بالسماح للحكومة بمراقبة المكالمات التي تستخدم خطوط الشركة, وهو ما ترفضة الشركة.
ومع تشكيل حكومة الوفاق الوطنية برئاسة محمد سالم باسندوة, تمت إعادة الخدمات المقطوعة إلى "سبأفون", قبل أن تتوجه الأخيرة إلى باريس بهدف الحصول على تعويضات "الأضرار" التي لحقت بها كما تقول.
وتلقت الحكومة, عبر وزارة الشؤون القانونية, إعلاما من غرفة تجارة باريس بالدعوى المرفوعة ضدها من قبل الأحمر.
وبحسب مصادر "الأولى" فقد التقى ممثلون من الشؤون القانونية بمسؤولين في وزارة الاتصالات بتجهيز الملفات والبيانات المطلوبة اللرد على الدعوى عبر تكليف محام للحكومة بالترفع.
غير أن مخاوف واسعة لدى أوساط وشخصيات, بينها جهات دولية مانحة ومعنية بالتنمية في اليمن, من أن تتساهل الحكومة في الرد بجدية على دعوى الأحمر", ما قد يؤدي إلى أن يصدر الحكم في القضية لمصلحة الأحمر ، وربما يكلف الخزينة العامة مبلغا ضخما "يكفي لحل مشكلة الجوع في اليمن" طبقا لتعبير أحد مصادر "الأولى" نقلا عن مسؤولين في البنك الدولي.
ومرد هذه المخاوف هو واقع "النفوذ" الذي يتمتع بها الشيخ حميد الأحمر داخل حكومة الوفاق و"ضغوطا" للحؤول دون قيام الحكومة بـ "ترافع جاد" ضد دعواه.
يعزز المخاوف أيضا واقع التكتم الشديد المحاط بهذه القضية, بحيث لم يتسرب عنها حتى الآن إلى الرأي العام أية معلومة, وفوجئت "الأولى" وهي تتواصل مع مختلف الجهات الحكومية المعنية, بحجم التكتم والتردد في الإفضاح عن تفاصيل القضية, مع تأكد هذه الجهات وجود القضية من حيث المبدأ.
مصدر "الأولى" ذو العلاقة بجهات تنموية دولية, أشار إلى أن مجموعة من الأسئلة المشروعة تثيرها القضية؛ أهمها هو: لماذا وافقت الحكومة من البداية, وحين وقعت اتفاقية ترخيص "سبأفون" مع حميد الأحمر, على أن يتم الرجوع في حال حدوث خلافات بين الطرفين, إلى "التحكيم الدولي", مع أن "سبأفون" شركة محلية, وبفترض أن المعنى بحل إي نزاع بينها وبين الحكومة, وهو القضاء اليمني؟
لافتا إلى أن موضوع "التحكيم الدولي" بين الشركات والحكومات, هو أحد مواطن "الفساد", إذ يوفر فرصا كبيرة للشركاات ولمسؤولين الحكومات ما بتحقيق عوائد كبيرة من أحكام قضائية ذات طابع دولي تكسبها الشركات لمصلحتها بفعل تواطؤ من ورائه على مبالغ مالية طائلة من قبل الشركات, على حساب التفريط بـ "أموال الشعب".
يشار إلى أن آخر قضية واجهتها الحكومة مع هيئة التحكم في غرفة تجارة باريس, كانت القضية التي انتهت بحكم لمصلحة شركة "خط الصحراء" التي يملكها التاجر أحمد بن فريد الصريمة, وهو الحكم الذي ألزن الحكومة بدفع مبلغ 27 مليون دولار للصريمة, وذلك تعويضا عن عجز الحكومة, عن سداد فواتير تنفيذه شبكة طرق في اليمن.
وبينما يشير متابعون إلى أن الحكم الذي حصل عليه الصريمة قبل أعوام قليلة, كان حكما "مستحقا" بفعل ثبوت عدم تنفيذ الحكومة التزاماتها المنصوص عليها في عقدها مع شركة الصريمة, فإن قضايا أخرى كسبها تجار وشركات أجنبية ضد حكومة اليمن, ظهر فيها الفساد بشكل واضح.
ووافقت "الألى" عبر مصادرها على نماذج من قضايا التواطؤ بين مسؤولي الحكومة والشركات الأجنبية في "التحكم الدولي", وبين هذه القضايا قضية شركة إس آند ديفس, وهي شركة حبوب أمريكية رفعت دعوى ضد الحكومة اليمنية, عام 2003, أمام محكمة أمريكية, وقد انتهى التقاضي بصدور حكم يلزم الحكومة بمبلغ 17 مليون دولار, وجاء الحكم بعد أن كانت الشركة اتفقت مع الحكومة بعد أن كانت الشركة اتفقت مع الحكومة على حل ودي يتمثل في أعادة توريد الشركة كميات من القمح إلى اليمن بأسعار معقولة, ولكن مسؤولين في صنعاء تواطأوا مع الشركة, وجعلوها تعدل عن موافقتها على الحل الودي, وتقوم برفع القضية في أمريكا, ليكفوا الخزينة العامة في النهاية هذا المبلغ كاملا, والذي دفع بشيك من قبل وزير المالية آنذاك علوي السلامي, وعن طريق على بن علي مقصع, وسط الشركة الدولية.
وبالمثل قضية أخرى, هي قضية الشركة الإيطالية التي نفذت , أواخر التسعينات, مشروع "وادي سهام", وتعد هذه القضية إحدى أبرز صور الفساد المتواطأ عليه بين المسؤولين في صنعاء وبين الشركات الأجنبية, إذ إنه, وبيتما كانت الشركة الإيطالية تطالب الحكومة اليمنية بحوالي 700 ألف دولار فقط, إلا أن "التحكيم الدولي" مكنها من الحصول على 47 مليون دولار.
ويمكن لقضية حميد الإحمر المرفوعة الآن في باريس أن تنتهي إلى منحه حكما بكامل المبلغ الذي يطالب به كتعويضات لشركته (مليار دولار ).
وذلك حين لا تقوم حكومة باسندوة بدورها في حماية المال العام والدفاع عنه بترافع جاد وعبر محامين محترفين.
مصادر للـ "الأولى" تقول أن مباحثات جرت خلال الأيام القليلة الماضية لحل القضية "وديا" إلا أن الاتجاه العام الآن في وزارة الشؤون القانونية يمضي نحو توكيل محام للترافع في القضية.
الجدير بالذكّر أن الأحكام الصادرة عن هيئة التحكيم في غرفة تجارة باريس, هي أحكام "نهائية" و "غير قابلة للاستئناف".
نقلا عن صحيفة "الأولى"
- قرأت 597 مرة
- Send by email