عن الرسوم المسيئة لليمن في ماليزيا.. عن طالب ضيع في التبادل الثقافي عمره

نذر حياته للعلم، وانتزع التفوق من بين أهداب الليالي، التي حرم نفسه فيها من النوم؛ ليكون جديرا بالحصول على منحة؛ تؤهله لدراسة التخصص، الذي يعرف أنه سيتميز فيه، ويعود لبلاده، مرفوع الهامة، حاملا (الشهادة الكبيرة) بين ذراعيه.
يعرف الذي جرب الغربة أي تضحية كبيرة يجترحها هذا الطالب الطموح، كم لحظة من عمره أفلت دون أن يتقاسمها وأهله، ومحبيه، كم مناسبة عائلية مرت دون أن يشارك أهله فرحتها، أو غصتها، ولادات كثيرة لم يشهدها، والأصعب أنه قد يعود وقد غاب عن أسرته أحد الوالدين، أو قريب حميم، أو صديق وفي، ساعتها يكتشف كم كانت تضحيته فادحة الثمن.. لكنه وهو في خضم الحلم بالشهادة المرتجاة التي تغدو كأنما هي فتاة أحلامه، يبذل لها ما تشاء، ويرهن أوقاته وبرامجه لما تريده.
في كل دول العالم يكتفي الدارسون بهذا القسط من البذل والتضحية؛ إلا في بلادي، ففيها، وفيها فقط، يعاقب الطلبة المتفوقون على طموحهم، وتنقلب المنحة الصغيرة إلى محنة كبيرة.. غالبا ما يريق الطالب اليمني في الخارج ماء وجهه لدى المؤجر، واصحاب البقالات؛ وجهات شتى؛ ولكن طلابنا في ماليزيا – وربما في أماكن أخرى- يحظون بنصيب مضاعف من المهانة، فقد قيض لهم الله في وزارة التعليم العالي مَنْ سقف أخلاقه الواطي يجعله يتلاعب بمصائرهم، ويزدري حلمهم النبيل، من خلال إرسالهم عبر التبادل الثقافي، الذي يشاكل الغول، والعنقاء، والخل الوفي في وهميته، وخرافة وجوده، والمؤلم أكثر أنه لا يتم إرسال الجميع على هذا التبادل الأسطوري؛ إنما يرسل المتفوقون ممن ليسوا أبناء مشايخ، أو محسوبين على أحزاب، أو شخصيات نافذة، هؤلاء لا يملكون سوى تفوقهم؛ لذا يرسلونهم إلى جحيم التبادل الثقافي، الذي لا وجود له إلا في وزارة التعليم العالي بصنعاء، ثم تتراكم الرسوم، ولا من يحل المشكلة، تقوم ثورة، و يسقط رئيس، ويحدث شبه تغيير في الحكومة، يذهب وزير، ويأتي آخر، والمسؤول الثقافي (يشخط وجهه) للجامعات الماليزية التي تطالب بتسديد رسوم الدارسين اليمنيين فيها، يتآكل وجه المسؤول الثقافي من كثرة المرات التي (شخطه) فيها، والمشكلة لا تُحل، وتمارس كل جهة معنية بإنقاذ مستقبل الدارسين، وسمعة البلد، تمارس كلها، طرائق النعامة في مواجهة القضية.
باقي من الزمن شهران، سيدخل الدارسون من كل صوب لجامعاتهم لأداء الامتحان يكرم منهم من يكرم، ويهان من يهان، إلا الدارس اليمني في ماليزيا فهو مهان منذ البدء، لا بلد ينتشله من المهانة، وهو مهيأ لتجاهل هوان أمره في مقابل أمل أخير بتسديد الرسوم المتراكمة ليدخل الامتحان، كي لا يصبح تفوقه لعنة، ويمنيته عار لا يغتفر..
رسائل قصيرة:
إلى رئيس وزراء حكومة الوفاق: إن لم يصلك خبر معاناة طلابنا في ماليزيا فتلك مصيبة ستبكيك، لا ريب، وإن وصلك الخبر فعلى البلاد بأسرها أن تبكي، والبكاء يا سيدي لن يحل القضية، حلها في تسديد الرسوم، ومحاسبة الذين يقذفون بملفات أبنائنا -المستندين على تفوقهم وحده- إلى وهم تبادل ثقافي هم أدرى الناس بعدم وجوده.
إلى وزير التعليم العالي:  طلابنا في ماليزيا، أليس فيهم ابن لك أو ابنة؟؟
لو كان أحد من أبنائك هناك لعلمت أي مهانة يقاسونها، ولحاسبت المتسبب/ين، فيها من وزارتكم الموقرة. أليس حراما أن ترسلوا أولادكم إلى جامعات لا يستحقونها وتتجاهلون حق المتفوقين من أبناء البلد الذين بفضلهم سميتم في مناصبكم لخدمتهم؟؟ ولولا حاجة الطلاب لمن يخدمهم ما كانت الوزارة، ولا كنت وزيرا يا صاحب المعالي..
إلى جميع المسؤولين: أوقفوا هذه المهانة، وأعيدوا كرامة اليمن عبر إعادة حق المبتعثين، في ماليزيا وفي غير ماليزيا، والحفاظ على كرامتهم.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.