تفاصيل أفظع جرائم القوات الأميركية بحق آثار العراق
أحد, 10/04/2016 - 6:09مساء
تسمرت الإلهة عشتار، الأم البابلية القديمة، أمام دبابات القوات الأميركية وهي تسحق مدن العراق التي سار في طرقاتها ملوك وكهنة البابليين وتحويل رقمهم المزخرفة باللغة المسمارية وأوانيهم النفيسة إلى متارب لسواتر جنود المارينز، قبل 13 عام على سقوط نظام دكتاتور العراق صدام حسين.
في صبيحة التاسع من نيسان/إبريل 2003، انتشرت القوات الأميركية في بغداد، العاصمة العراقية، مُعلنة إنهاء حكم حزب البعث ونظام صدام حسين، وشاركت العراقيين في تدمير تمثال صدام في وسط عاصمتهم، خافية نواياها في تدمير التاريخ الإنساني العراقي تحت ذريعة امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.
وأعاد العراقيون ذاكرتهم إلى هذا اليوم، متباينين ما بين المؤيد لإسقاط نظام صدام، والمتحسر على أيامه، والمندد بالمؤيدين والمكتفي بمقارنة العنف المستمر في العراق منذ دخول القوات الأميركية التي ما وطأت أقدامها ظهر تنظيم القاعدة وتمدد إلى داعش المسيطر على كُبرى مُدن شمال وغرب العراق منذ 2014.
ورصدت "سبوتنيك" استذكار العراقيين لهذا اليوم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما فيسبوك وتويتر، اشترك أغلبهم بلوم الولايات المتحدة الأميركية التي اتخذت من إسقاط النظام العراقي حجة لاحتلال العراق عمداً وتدمير حياة الشعب العراقي وتاريخه الإنساني.
أغلب صفحات العراقيين تناولت صور إسقاط تمثال صدام حسين على يد العراقيين، ويتوسطهم جندي أميركي، والجنود الأميركيين وهم يتلذذون بتعذيب وتعرية سجناء عراقيين ومعاملتهم كالكلاب وجرهم بحبال ربطت بأعناقهم وسراويلهم التحتية ملفوفة على وجوههم.
ورغم مضي 13 سنة على الاجتياح الأميركي للعراق، لم تتقدم الولايات المتحدة الأميركية باعتذار سري أو معلن أمام الشعب، حتى اللحظة عن أكبر جريمة لها في العالم بأرض وادي الرافدين، والتي تمثلت بتدمير التاريخ الإنساني العراقي.
ويقول منقب الآثار العراقي البارز، عامر عبد الرزاق، "بعد أن احتلت القوات الأميركية العراق في نهاية آذار/ مارس من عام 2003، حدث ما لم يكن متوقع كان مفاجأة كبرى لنا كمختصين بالآثار وللشعب العراقي والعالم بأن يتعرض المتحف العراقي الوطني في بغداد إلى أكبر عملية سرقة في التاريخ".
وقال عبد الرزاق، "دخل أشخاص منهم من أهل البلد ومن الخارج، المتحف العراقي في منطقة العلاوي وسط بغداد، وسرقة ما يمكن سرقته، وتهشيم ما لا يستطيعون سرقته، كله حدث على مرأى ومسمع من القوات الأميركية التي كانت قريبة من المتحف حيث تمركزت قطعات الجيش الأميركي في ساحة المتحف ولم يمنعوا اللصوص من دخول المتحف.
ونقل عبد الرزاق، عن شهود عيان على اقتحام المتحف، كان هناك سارقون عرب ومن جنسيات أجنبية مختلفة شاركوا بسرقة الآثار العراقية وتدميرها، وبعضهم لديه الدراية ماذا يسرق وماذا يترك، أما القوات الأمريكية فكانت تشاهد كل ما يحدث وكأنها خططت له مسبقاً في إحدى غرف البيت الأبيض وهي ترى ما يسعدها ويشفي الغليل لديها.
وأضاف، أن تداعيات وجود القوات الأمريكية لم تقتصر على سرقة المتحف العراقي فقط بل كانت أشد وأدهى وأكثر مرارة وتدمير لحضارة وادي الرافدين حيث تعرض ما يقارب من خمسة عشر ألف موقع اثري للسرقة والنبش, ونهب أهم وأغنى آثاره وأستمر هذا النهب المنظم والسرقات الكبيرة لأكثر من ستة أشهر على الرغم من أن القوات الأميركية تجوب العراق في كل مكان وتحمي المؤسسات النفطية والأمنية إلا المواقع والمدن الأثرية بقيت بلا حماية فأنها خارج اهتمامهم أو ربما كان الأمر مقصوداً!.
وذكر، أن تجار كبار لتهريب الآثار دخلوا العراق من دول الجوار، وجمعوا ملايين القطع الأثرية وقاموا بتهريبها خارج حدود البلد، مؤكداً في الوقت نفسه، أن الأمر كان مقصوداً وبتدبير أميركي والدليل واضحاً عندما قامت القوات الأميركية بسلاح الجو بضرب مدينة أور الآثرية عاصمة السومريين في جنوب العراق، بإحدى الصواريخ المدمرة، عام 1991.
تدمير أور
عندما ضربت إحدى الطائرات الأميركية منطقة المعابد في أور وعملت حفره كبيرة وقامت شظايا الصاروخ بتهشيم واجهة زقورة أور المطلة على معبد "كيك ــ بار ــ كو" ولا تزال حفرة الصاروخ موجودة إلى الآن ولا تزال آثار تهشم وتشقق جدار الزقورة إلى هذه اللحظة بدون أي استنكار محلي أو عالمي لهذا العمل التخريبي الذي وصفه الباحث، بالبربري الذي ليست له أي صله بالإنسانية التي كنا دائما ما نسمع إن الأمريكان يتحلون بها وكان الأمر عبارة عن تدمير تلك الحضارة ربما غيرة وحسدا إننا نملك تلك الحضارة ونتفاخر بها.
وانتهكت القوات الأميركية، مدينة أور الأثرية، إلى ثكنة عسكرية لتجول دباباتهم ومدرعاتهم وسيارات الهمر الضخمة، قرب الزقورة، وأعلى المعابد السومرية، انتهاك صارخ، ولم يُسمح لنا نحن في دائرة آثار ذي قار، الدخول لأور من قبل هذه القوات.
وروى عبد الرزاق، في أحد الأيام زار وفد من الهيئة العامة للآثار والتراث العراقية برئاسة الدكتور عباس الحسيني رئيس الهيئة وأنا كنت معه مع مجموعة من الأثاريين ففوجئنا برفض القوات الأمريكية والجنرال المسئول على الموقع بدخول مدينة أور ومعرفة ما يجري بها، التي لم تُدمر وحدها فقط، بل دُمر أيضا ًمتحف الناصرية الذي يعد من أهم الصروح الحضارية للمدينة.
وتابع، استوطنت القوات الأميركية متحف الناصرية وحولته إلى ثكنة عسكرية نصبت فيه الجنود القناصة، وراداراتهم، وغرفه لمبيت الجنود وطبخهم وكعامهم ونفاياتهم التي شاهدتها بأم عيني عند زيارتي للمتحف وكأنه خربة.
وندد عبد الرزاق، عدم احتجاج أي مسؤول في الحكومات ما بعد 2003، على تلك الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأميركية التي استخدمت المتاحف والمواقع الأثرية مقرات ومعسكرات لها في العراق.
انتهاك بابل ومقدسات السومريين
بابل كانت المحطة الأكثر ضرراً، تحولت المدينة الأثرية إلى قاعدة عسكرية أمريكية, وشارع الموكب الذي سار به ملوك بابل وشعبها وكهنتها سارت به أيضا الدبابات الأميركية التي دمرت أرضيته وهشمت القطع الأثرية على جانبية، وامتلأت المتارب الأمنية التي جلبوها كسواتر لهم بقطع الفخار وأجزاء الرقم الطينية المسمارية.
ومع أور وبابل، أكد عبد الرزاق، أن القوات الأميركية، استخدمت موقع كيش الآثري، إحدى أهم المدن السومرية، قاعدة لتدريب الجيش الأميركي وهبوط طائراته على هذه المدينة المقدسة تاريخياً.
وكذلك مدينة النمرود الأثرية إحدى العواصم الآشورية الأربعة، في الموصل التي أنهى تنظيم "داعش" تدميرها قبل نحو عامين، إتماماً لما بدأت به القوات الأميركية عام 2003، وحولتها إلى ثكنة عسكرية أيضاً.
واستنكر عبد الرزاق، استخدام القوات الأميركية عشرات المواقع الأثرية في شمال وجنوب العراق، ثكنات عسكرية لها، وتدمير التاريخ الإنساني للعراق، دون أن يقدم أي مسؤول أمريكي اعتذارا ً رسميا ً عن هذه الانتهاكات وهذه النكبة الحضارية.
دعوى لمقاضاة القوات الأميركية
وشدد عبد الرزاق، منبها ً "بعد أن انتهى الاحتلال وخرج آخر جندي أميركي في الأول من يناير عام 2012، على الحكومة العراقية أن تقدم بدعوتين قضائيتين دوليتين، الأولى ضد قوات الاحتلال الأميركي لعدم حماية المتحف الوطني في بغداد وعدم توفير الحماية الأزمة للمواقع الأثرية, والثانية على ضرب مدينة أور بصواريخ الطائرات وتهشيم إحدى واجهات زقورة أور وأضرار منطقة المعابد.
وأختتم المنقب الآثاري عامر عبد الرزاق، مطالباً السلطة الأميركية "البيت الأبيض" بتقديم اعتذار رسمي للشعب العراقي لما تعرضت له المواقع الأثرية والمتحف الوطني وتحويل بعض المدن الأثرية إلى ثكنات عسكرية.
- قرأت 725 مرة
- Send by email