تعليق ومعلقون

احتجاجا على محاولة اغتيال الشيخ عبد الواحد ابوراس وتداعياتها، قررت جماعة "أنصار الله" تعليق مشاركتها أربعا وعشرين ساعة. حضروا وكان التضامن رائعا بالقاعة، وأعلنوا تعليق مشاركتهم. لا شك أن هذا التعليق أراح البعض, وأخشى أن يستمر دفع الحوثي نحو الانسحاب بنفس الممارسات، وهذا أمر وارد .
بقدر ما كان التضامن واسعا مع الحوثي, كان البعض لديه تضامن ولكن من نوع آخر, خاصة أولئك الرافضين للحوار, لأسباب متفاوتة. أقصى تضامنهم كان الدعوة للانسحاب من الحوار، بحجة الحفاظ على حياة الناس، وربما هم لا يدركون أن هذا يخدم بالدرجة الأولى مخطط من قاموا بمحاولة الاغتيال. دعوني أكشف عن رغبة سعودية أمريكية كانت تريد عدم مشاركة الحوثي بالحوار. ولعل بعض الزملاء بالمؤتمر سمعوا هذا معي في اسطنبول من مشارك أجنبي، ولعل البعض يتذكر ما قاله حميد الأحمر ببرنامج "نقطة ساخنة"، حول هذا الأمر. وإذا فهمنا هذا جيدا سندرك أن وجود ومشاركة الحوثي تأتي ضد رغبات البعض بالداخل والخارج, واستجابة الحوثي للاستفزاز يخدم مخططا يمتد من "الحصبة" إلى الرياض إلى الدوائر الأمريكية وسياستها اللعينة بالمنطقة .
كان ثمة مخطط للاغتيالات موجود ومفروض يبدأ من قبل الحوار. ويمكن أن أستشهد بمعلومات وصلتني من زملاء وزميلات, بل وتحذيرات أيضا. والاغتيالات وإن كانت، في جزء منها، لها أبعاد شخصية, تتعلق بالهدف، لكنها تدخل أيضا في بوابة إرباك الحوار؛ لكن مع كل ذلك يجب علينا أن نعي أن بناء دولة مدنية، بأي حد, ليس في صالح القوى التقليدية ومراكز القوى والنفوذ, وأن علينا أن نواجه بقوة, وألا نستسلم بدعوى الخوف على الحياة.
صالح وعلي محسن وحميد، ومن معهم، لن يقبلوا بأن تزول امتيازاتهم بسهولة, وأن يكونوا مواطنين متساوين مع غيرهم، وسيستخدمون كل ما لديهم, ألم تتوحد قواهم قبل الحوار مع من يسمونهم بلاطجة صالح ووجهوا إنذارا للحوثي؟ ألم يجلب صالح المرتزقة والبلاطجة إلى قاعة المؤتمر ومن استخدمهم لإثارة النعرات الطائفية, بل والمتهمين بقتل الشباب أيضا، بينما جاء الحوثي بفريق حوار بصورة مدنية إلى صنعاء؟ أليس لهذه المفارقة قيمة في نظر من أعماهم عدم اختيارهم للمشاركة؟
أيها الزملاء، رويدا رويدا في أحكامكم على الحوار، تذكروا أن لديكم زملاء, ثقوا بهم واعتبروهم قوتكم داخل الحوار ووسيلة إثباتكم على صحة أعماله أو فشله. إنها معركة نخوضها اليوم محملين بأحلامنا جميعا، اعتبرونا أنفسكم, كما اعتبرنا سابقا زملاءنا باللجنة الفنية أنفسنا. ثقوا بهم, وسيكونون مكان المسؤولية, لا تتوحدوا -من حيث لا تشعرون- مع القوى التقليدية, وبصراحة أقول للبعض: بلاش أنانية وحسد وادعاء ومزايدة في تعليقاتكم .
مؤتمر الحوار يجمع كل التناقضات، يجمع كل الشتات. وأعترف أننا الأضعف، لا نملك غير أحلامنا بوطن، وهي أحلامكم, فلا تضعفوها, ولا تجعلوني أصدق وصف اليمنيين, هم على حالهم، شتاتا وغيا واختلافا كأمة وثنية .
الجلسات انقسمت اليوم إلى أربع جلسات، سنغادر الفضفضة إلى ورشات عمل كما قيل, ماذا فيها؟ لا أعلم, إنما أنا متأكد أن البرنامج مازال يراعي استكمال الوساطات وما تسفر عنه في الأيام القادمة، مستغلين حالة اهتمام البعض بالسندوتشات, وبحث البعض عن التقاط صورة إلى جانب هذا أو ذاك, في مشهد "ثوري" مخجل وغبي .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
4 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.